تتجه مصر بقوة حالياً نحو الاقتصاد الأخضر، إذ تتبنى الدولة المصرية فى هذا الاتجاه، عدد من المبادرات والاستراتيجيات الهامة التى تم وضع خطة متكاملة لكل منها حتى عام 2050، كما تحرص الدولة فى كل عام مالى عند إعداد الموازنة العامة على توجيه نسبة كبيرة من الموازنة لخطتها الاستثمارية الخضراء وللمشروعات الخضراء المقرر تنفيذها فى كل قطاع بالدولة، بل تزيد من تلك المخصصات المالية الموجهة للاقتصاد الأخضر عاماً بعد عام.
ومن أبرز تلك المبادرات والاستراتيجيات الخضراء التى تتبناها الدولة، مبادرة إنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصة بعد أن أصبح الهيدروجين يلعب دورًا حاسمًا فى التحوّل بمجال الطاقة، وإزالة الكربون من قطاعات لا يمكنها الاعتماد فيها على الكهرباء، مثل الطيران، والملاحة البحرية، والصناعات التى تتطلّب درجات حرارة عالية، كما بات إنتاج الهيدروجين الأخضر ضرورة وخطوة هامة تجاه التحول للطاقة النظيفة، والتى من شأنها المساهمة فى تقليل نسبة التلوث من خلال خفض حدة الإنبعاثات الناجمة عن أنواع الوقود الحالية.
وفى هذا الإطار، قامت الدولة المصرية باتخاذ العديد من الخطوات، جاء أبرزها إطلاق الدولة بالتعاون مع بلجيكا للمنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد، والذى أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دى كرو، خلال مائدة مستديرة رفيعة المستوى عُقدت مؤخرًا ضمن فعاليات قمة شرم الشيخ لتغيرات المناخ COP27.
حيث سيُعد المنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد، منصة تجمع جميع أصحاب المصلحة المتعددين لتيسير عملية إنتاج واستخدامات الهيدروجين المُتجدد، بما يُسهم فى خفض الانبعاثات الكربونية، والإسراع نحو الانتقال العادل للطاقة المُتجددة، والاستفادة من المنافع البيئية والاجتماعية والاقتصادية التى يوفرها الاقتصاد العالمى للهيدروجين الأخضر، وتحديد أفضل الأدوات التى تُسهم فى تعزيز تجارة الهيدروجين الأخضر العابرة للحدود بين الدول النامية الغنية بالطاقة المُتجددة والدول المتقدمة.
وبحسب البيان المشترك الذى أُعلن مؤخرا من مصر وبلجيكا، يهدف المنتدى العالمى للهيدروجين الأخضر، تسهيل تطوير ممرات تجارة الهيدروجين، وضمان تحقيق التوازن بين العرض والطلب المتوقع، واستكشاف الأسواق المحتملة وضمان تلبية الاحتياجات العالمية للطاقة المتجددة، بما فى ذلك العمل على إزالة العوائق التنظيمية.
كما يستهدف المنتدى، تعزيز الانتقال العادل للطاقة المُتجددة من خلال دفع الاستثمارات فى مشاريع الهيدروجين المتجددة فى الدول النامية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وتعزيز النمو المستدام، وضمان توجه الجميع إلى الطاقة المتجددة، وتوفير فرص عمل نظيفة، وتحقيق الاستفادة المادية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية، هذا بجانب، تحديد آليات التحفيز الملاءمة للتوسع فى إنتاج الهيدروجين المُتجدد واستخداماته، وخفض التكلفة بما يُسهم فى الحد من الانبعاثات الكربونية.
ومن أبرز الخطوات التى اتخذتها الدولة المصرية أيضًا نحو طريق إنتاج الهيدروجين الأخضر وتوطين صناعته، توقيع عدد من العقود لتنفيذ العديد من المشروعات فى هذا الإطار، حيث قامت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمقرر أن تكون مركزًا إقليميًا رائدًا فى صناعات الهيدروجين الأخضر، منذ أيام قليلة بتوقيع عقود عدد من المشروعات المقرر تنفيذها خلال السنوات المقبلة بالمنطقة، حيث تمثلت تلك المشروعات فى عقد أميا باور الإماراتية والذى يتضمن إنتاج 390 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًّا، ومن المقرر أن يبدأ التشغيل التجريبى لهذا المشروع بنهاية 2025.
كما تم توقيع عقد تحالف شركتى "زيرو ويست" المصرية و"إى دى إف رينيوابلز" الفرنسية لإنتاج الوقود الأخضر، حيث سيتم إقامة المشروع بمنطقة السخنة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج 350 ألف طن من الوقود الأخضر، هذا بالإضافة إلى، العقد الخاص بتحالف "توتال" الفرنسية و"إنارة كابيتال" المصرية الذى تم توقيعه لإنتاج 300 ألف طن من الأمونيا الخضراء بمنطقة السخنة.
وبتوقيع العقود الأخيرة، يكون عدد المشروعات المقرر تنفيذها فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، قد ارتفع إلى نحو 15 مشروعًا، هذا بخلاف ما قامت الدولة بتوقيعه من مذكرات تفاهم فى إطار التوسع فى مشروعات إنتاج وصناعة الهيدروجين الأخضر تهدف إلى إقامة العديد من المنشآت الخاصة بإنتاج الوقود الأخضر "الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء" لأغراض التصدير للخارج وخدمات تموين السفن.
هذا بالإضافة إلى ما أطلقته الدولة من خطة وطنية للهيدروجين بقيمة تخطت 40 مليار دولار بالتزامن مع استعدادات قمة المناخ والتى تم عقدها خلال الفترة من 8- 18 نوفمبر الجارى، وقد تمثلت أبرز ملامح تلك الخطة، فيما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى من إطلاق للمرحلة الأولى لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى العين السخنة بقدرة 100 ميجاوات.
كما أنه من المتوقع أن تصل تكلفة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر - دون بنية تحتية إضافية - حوالى 20 مليار دولار، على مدار السنوات المقبلة المحددة لتنفيذ خطة إنتاجه الوطنية، والمقرر لها فترة متوسطة المدى حتى عام 2030، وطويلة المدى حتى عام 2050، إذ يحظى الهيدروجين الأخضر فى مصر باهتمام كبير ومتزايد، خاصة مع توافر إمكانات الطاقة المتجددة، علاوة على، الاهتمام الكبير فى الوقت الراهن بالمشروعات الخضراء، وبالأخص إنتاج الهيدروجين الأخضر.