تعد مشاكل المحليات من أكبر المشكلات التى تؤرق مؤسسات الدولة بل تعتبر بمثابة "صداع مستمر" فى رأس الحكومة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بوجود فساد أو تقصير، وهو ما ينعكس بالسلب على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ ترتبط المحليات ارتباطًا كبيرًا بمصالح المواطنين والخدمات التى يحتاجونها يوميًا فى إطار متطلبات الحياة العامة.
وبالرغم من الجهود الكثيفة والسعى الدائم من الحكومة لتطوير المحليات والسيطرة على مشكلاتها، إلا أن مشاكل المحليات لا تزال مستمرة، وهو ما دفع عدد من النواب خلال الأيام القليلة الماضية، لتوجيه عدد من طلبات الإحاطة لوزير التنمية المحلية، وذلك بسبب الإهمال وغياب الدور الرقابى للوحدات المحلية بالمحافظات، على حد قولهم.
حيث تقدمت النائبة أمل زكريا بطلب إحاطة لللمستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لمناقشة هذا الأمر، موضحة إنها تقدمت بهذا الطلب بسبب غياب دور الوحدات المحلية بمحافظات مصر عن رقابة ومتابعة إنشاء وتركيب أبراج وشبكات المحمول على أسطح العقارات السكنية، ومخالفة بعض الشركات للاشتراطات الفنية المتبعة فى هذا الشأن مما يسبب أخطار جسيمة على حياة المواطنين.
وهو ما أكده أيضًا النائب محمد الحسينى، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، والذى أوضح أن غياب دور الوحدات المحلية فى الرقابة يعتبر جريمة، كونهم يهدرون المال العام ويضربون كل محاولات الدولة لرفع كفاءة المنشآت والجهات الحكومية بما يعود على المواطن البسيط بالضرر.
هذا الأمر جاء بالتزامن مع قيام وزير التنمية المحلية بعمل حركة تنقلات محدودة ببعض المحافظات، حيث أعلن اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية، اليوم الأربعاء، حركة محليات محدودة لعدد من سكرتيرى عموم وسكرتيري عموم مساعدين المحافظات تضمنت تنقلات وتعيينات لحوالي 6 قيادات محلية بمحافظات البحيرة والقاهرة والدقهلية والغربية والشرقية وبنى سويف.
وشدد "آمنة" على أن الوزارة بقطاعاتها المختلفة ستواصل متابعة وتقييم أداء جميع قيادات الإدارة المحلية ورؤساء المدن بمختلف المحافظات، مؤكدًا حرص الوزارة على استبعاد المقصرين ونقلهم إلى وظائف إدارية بعيداً عن قطاعات خدمة المواطنين واختيار أفضل العناصر والدفع بها للمناصب القيادية المطلوبة خلال الفترة المقبلة.
كما أشار الوزير إلى، قيام الوزارة بصورة مستمرة بتصعيد الكوادر والقيادات المحلية المتميزة القادرة التي تتميز بالنزاهة والشفافية لتولى المسئولية في المناصب القيادية، بما يساهم في الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين.
وفى هذا الإطار أيضًا، تسعى الحكومة دائمًا بمزيد من الجهد لتطوير قطاع المحليات لينعكس على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إذ تحرص الحكومة كل عام مالى على رفع المخصصات الموجهة لقطاع التنمية المحلية، هذا بالإضافة إلى، إطلاق برامج تنموية على مستوى جميع المحافظات للارتقاء بجودة الخدمات العامة.
ففي موازنة العام المالى الحالي، تضاعفت المخصصات الموجهة لقطاع المحليات حوالى 4 مرات مقارنة بمخصصات العام المالى 2017/2018، بالغة 25 مليار جنيه في الموازنة الحالية بارتفاع 19% عن العام السابق، هذا بجانب ما أطلقته الدولة من برامج تنموية هذا العام لتطوير القطاع وخدماته، جاء أبرزها برنامج "تدعيم احتياجات الوحدات المحلية"، والذى خُصص له استثمارات بقيمة 2.4 مليار جنيه.
هذا بالإضافة إلى، برنامج "الكبارى والأنفاق ورصف الطرق" بمخصصات استثمارية بنحو 8.3 مليار جنيه، وبرنامج "مد وتدعيم شبكات الكهرباء"، باستثمارات تبلغ قيمتها نحو 2.1 مليار جنيه، علاوة على، "برنامج تحسين البيئة"، والذى خُصصت له استثمارات بقيمة 3.4 مليار جنيه.
ولأن التطوير يحتاج لتكاتف من كافة الجهات والمؤسسات بالدولة، كان البرلمان قد قدم خلال مناقشته لخطة التنمية للدولة للعام المالى الحالي 22/23 خلال دور الانعقاد الثانى،"روشتة" توجيهات متكاملة لتطوير المحليات وتحسين الخدمات المقدمة منها للمواطنين، وذلك من خلال عدد من التوصيات التي عرضها تقرير لجنة الخطة والموازنة آنذاك حول الخطة العامة للدولة للسنة المالية الحالية.
فقد أوصى البرلمان بضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية والتدريب لزيادة معدلات التشغيل ورفع كفاءة العمل الإنتاجية بزيادة الاعتمادات المالية لتطوير مركز تدريب التنمية المحلية "سقارة" لسرعة تفعيل أدائه التنموى، هذا بجانب، التعاقد مع العمالة ذات الخبرات في التخصصات النادرة إعمالا لنص المادة رقم 16 من القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية.
كما أوصى البرلمان، بزيادة الاعتمادات المالية المدرجة لإنهاء أعمال رصف الطرق الداخلية بين القرى ومشروعات المرافق "الصرف الصحى، مياه الشرب، الكهرباء.. وغيرها"، علاوة على، ترشيد المصروفات وضبط النفقات إلى أقصى الحدود الممكنة بشكل يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بالوحدات المحلية وديوان عام وزارة التنمية المحلية، والواقعية فى تقدير الإيرادات العامة المستهدفة، وذلك فى ضوء القدرة التكليفية للمجتمع الضريبى ومؤشرات الأداء الاقتصادى ومعدلات النمو المستهدفة فى قطاعات الدولة.
وتضمنت التوصيات البرلمانية أيضَا، ضرورة زيادة مخصصات الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية لتوفير أكبر قدر من الحماية والرعاية اللائقة لجميع شرائح المجتمع وخاصة، الطبقات الأقل دخلًا والأولى بالرعاية من خلال اتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة من الناحية الجغرافية، فضلًا عن، تعظيم العائد على أصول الدولة من خلال تبنى سياسات اقتصادية سليمة مثل التسعير الذى يغطى تكلفة إتاحة السلع والخدمات ومدخلات الإنتاج.
ومن أبرز التوصيات التى أوصى البرلمان المحليات بها أيضًا، ضرورة تفعيل دور قطاع التفتيش بوزارة التنمية المحلية لتقييم أداء العاملين بالمحليات ومحاربة الفساد، وذلك من خلال فحص ومراجعة عدد من المحاور أهمها، "التعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات البناء، التفتيش المالى والإدارى ورصد متابعة المشروعات المتعثرة بالمحافظات واستمرارية المشروعات"، هذا بجانب، زيادة موارد المحافظات من خلال عوائد ومتحصلات "استرداد حق الشعب" كتقنين أوضاع واضعى اليد على أملاك الدولة والإعلانات والتصالح فى بعض مخالفات البناء، وتنظيم انتظار المركبات فى الشوارع العامة.
هذا بالإضافة إلى، زيادة المخصصات الموجهة للمحليات لتطوير الخدمات المحلية المقدمة للمواطنين فى ضوء تنفيذ أحكام الدستور مع الأخذ فى الاعتبار زيادة المخصصات المالية المدرجة بالموازنة العامة لسداد فواتير المياه والإنارة والوقود لمواجهة الزيادات التى تتم فى أسعار تلك السلع والخدمات، ولضمان قدرة أجهزة دواوين عموم المحافظات على سداد تلك المستحقات بشكل منتظم، فضلًا عن، تفعيل التوازنات الكلية من موارد واستخدامات المحافظات والرشدة فى تقدير النفقات المالية لأقل الحدود الممكنة بشكل يضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وخفض نسبة الدين العام والعجز الكلى لأجهزة الموازنة.