مع تزايد حدة التنافس بين دول العالم على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخصوصًا بعد تفاقم المخاوف من حدوث ركود تضخمى إثر التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، والزيادات الحالية والمتوقعة لأسعار الفائدة العالمية، بات من الضرورى تسارع حكومات الدول إلى تنفيذ خطط متكاملة لتحسين مناخ الاستثمار بمختلف مكوناته السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والمؤسسية أيضًا، وهو ما تقدم به حزب مستقبل وطن، حيث أعد النائب ياسر زكى، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب ووكيل لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بالمجلس، دراسة بمثابة "روشتة" حول العوامل اللازمة لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر جذب الاستثمارات الأجنبية.
أوصى النائب فى دراسته بعدد من العناصر التى يجب مراعاتها عند وضع وتنفيذ خطة تحسين مناخ الاستثمار، وتمثلت أولى تلك التوصيات فى، ضرورة العمل على وضع إستراتيجية متكاملة لتحديد نوع الاستثمار الأجنبى المستهدف من خلال التركيز على القطاعات التى ستساهم فى تطوير الاقتصاد المصرى، بهدف تحديد المجالات ذات الأولوية، والتى تزيد من فعالية الاستثمارات الأجنبية للدولة، هذا بجانب ضرورة تحديد خريطة استثمارية تعتمد على المميزات التنافسية المتاحة فقط فى مصر، مثل استخدام مورد طبيعى يندر وجوده فى باقى دول العالم، أو مثل الاستفادة من موقع مصر الإستراتيجى القريب من أوروبا، أو وفرة مصادر الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية.
وتضمنت التوصيات أيضًا، ضرورة العمل على التركيز على احتياجات المستثمر الأجنبى، من خلال عمل دراسات استطلاعية، تشمل كبار المسئولين التنفيذيين بالشركات الأجنبية فى مصر وعمل مقابلات مع ممثلى الشركات لمناقشة المناخ الاستثمارى الأمثل من وجهة نظر المستثمرين الأجانب، وتحليل توقعاتهم وحل مشاكلهم وتيسير أعمالهم، علاوة على، البدء الفورى فى إجراءات الإصلاح، وذلك بأن يتم تحديد أولويات الإصلاح الجاذبة للاستثمار، بعد دراسة وضع الدولة فى المؤشرات الدولية المختلفة كمؤشر "مدركات الفساد، سهولة الأعمال، الابتكار".
كما تناول النائب ياسر زكى فى دراسته حول تحسين مناخ الاستثمار فى مصر، عدد آخر من التوصيات اللازم مراعاتها عند وضع وتنفيذ خطة التحسين، جاء أهمها متمثلًا فى، ضرورة تسريع الحكومة من وتيرة خدماتها الإلكترونية بشكل يواكب ما تقدمه الدول الأخرى الجاذبة للاستثمار، لأن ذلك يعد سبيل مهم لتقليل العنصر البشرى، مما يساهم فى إزالة البيروقراطية ويقلل من معدلات الفساد، ويحسن الترتيب بمؤشر سهولة الأعمال، هذا بالإضافة إلى، تنمية مهارات موظفى هيئات الترويج للاستثمار، من خلال توسيع فرص بناء القدرات وتعزيز التعلم من الهيئات الناجحة للترويج بالدول الأخرى من خلال المشاركة فى المنتديات الدولية.
وتضمنت التوصيات ايضًا، ضرورة إسناد مهمة الترويج للاستثمار فى مصر ومتابعة المشكلات والعوائق التى يواجهها المستثمرين، إلى هيئة عليا تابعة إداريًا لمؤسسة الرئاسة فى إطار رؤية مصر 2030، ينبثق منها لجان فرعية من أصحاب التخصص، وتعمل تلك اللجان تحت إشراف ومشورة خبراء دوليين استشاريين سبق لهم الإشراف على تجارب ناجحة فى دول أخرى، كما إنه من الممكن أن يكون لهذه الهيئة مكاتب فرعية فى أكبر 5 دول مهتمة بابالاستثمار بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، علاوة على، تفعيل دور جديد للسفارات المصرية بالخارج، بإدراج إدارات للترويج للسياحة والاستثمار فى مصر، حيث تقوم بعرض الفرص الواعدة لصناعات جديدة أو قائمة على المستثمرين، خاصة أن مصر تمتلك نحو 123 سفارة فى مختلف دول العالم، يمكن استغلالها بشكل يُدر مورد للعملات الأجنبية فى مصر.
هذا بجانب، استضافة المعراض والمؤتمرات رفيعة المستوى بشكل، دورى، حيث يجتمع بها المستثمرون والمؤثرون من كل دول العالم خلال الأحداث العالمية المتنوعة، مع السعى لخلق شراكات اقتصادية دولية جديدة، لتشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر فى الخدمات الأساسية مثل، محطات تحلية المياه، والكهرباء من الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، ومعالجة النفايات، وبناء الطرق، والنقل، وأيضًا، من الضرورى رفع كفاءة وإنتاجية العمالة المدربة، بالتوسع فى المدارس المهنية والتفاوض مع الدول المتميزة فى هذا المجال للتواجد فى مصر.
ولم تقتصر التوصيات التى قدمها عضو مجلس الشيوخ عن حزب "مستقبل وطن"، فى دراسته حول تحسين المناخ فى مصر، على ما سبق ذكره فقط، ولكن تضمنت عدد آخر من التوصيات، تمثلت فى، ضرورة تبنى الدولة إنشاء هيئة عليا لدعم إنشاء نقاط علمية مضيئة متخصصة بالبحوث والتطوير، مثل مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وتقديم حوافز للمستثمرين المهتمين بالبحوث والتطوير متمثلة فى إعفاءات ضريبية على أنشطة البحوث والتطوير وعلى المبانى المستخدمة فى هذا المجال، علاوة على، إبرام اتفاقيات لحماية وتشجيع المستثمرين من المخاطر غير التجارية، مثل التأميم والمصادرة والحجز القضائى، والتجمد، مع التأكيد على تحويل الأرباح والعائدات الأخرى.
هذا بجانب، قيام الدولة بإنشاء منصة بيانات موحدة للمستثمرين لعرض أهم النتائج الاقتصادية للدولة بشكل دورى، ولعرض الفرص الاستثمارية الواعدة بالقطاعات المختلفة والحوافز الاستثمارية المقدمة لها، وذلك بعد التنسيق الكامل بين الجهات المصدرة للبيانات داخل الدولة، وتوحيد منهجياتها وفق المعايير الدولية، مع تعزيز التواصل مع الجهات الدولية لتحسين ترتيب وأداء الدولة فى التقارير والمؤشرات العالمية الصادرة عنها.
كل هذا يجب أن يراعى، بالتوازى مع العمل على تحقيق خطة مصر الخضراء، بتقديم حوافز للمنشآت التى تحد من انبعاثات الكربون وغيرها، من الغازات الضارة، هذا بالإضافة إلى، التعامل مع تحسين مناخ الاستثمار على إنه عملية ديناميكية مستمرة ومتعددة الجوانب ومرتبطة بالدول المنافسة والتغيرات التى تطرأ على عوامل جذب المستثمرين، مع ضرورة تقييم نتائج الخطة وتعديلها كلما تطلب ذلك، علاوة على، قياس أثر الاستثمارات الأجنبية على القيمة المضافة والتشغيل ونقل التكنولوجيا.