تجدد الحديث عن أزمة هجرة الأطباء المصريين للعمل خارج حدود الوطن، ولكن هذه المرة فى مواجهة بين الحكومة ومجلس الشيوخ بعدما أطلق نائب صرخة فى وجه الحكومة بأن المتبقى من الأطباء فى مصر يجعلنا أقل من 50% من المعدلات العالمية لعدد الأطباء المطلوبون لاداء الخدمة الطبية للمواطن، واستمرار رصد بحث الأطباء عن فرص للهجرة وهو ما يعد تهديدا للأمن القومى لمصر.
وحذرت لجنة الصحة بمجلس الشيوخ من هجرة الأطباء المصريين معتبرين الأمر بمثابة أزمة كبيرة داخل أروقة المستشفيات الحكومية، مطالبة بسرعة تحسين بيئة عمل جميع الأطقم الطبية، مؤكدين أن ملف الصحة يُعد مؤشرًا لأداء الحكومة والنظام السياسى فى إرضاء المجتمع.
وشدد أعضاء لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، على أن هجرة الأطباء تُهدد تطبيق مشروع التأمين الصحى الشامل الذى يعدّ المشروع الأكبر الذى تسعى القيادة السياسية لتنفيذه، نظراً لأن عدد الأطباء لن يكون كافى فى بعض المحافظات لتشغيل المنظومة، بسبب ارتفاع معدل هجرة الاطباء، الأمر الذى يستوجب البحث الجاد عن حلول لمعالجة هذه المشكلة، ويجب على الحكومة التدخل لحل تلك الأزمة والتصدى لها من خلال تعديل هيكل رواتب الأطباء وإيجاد بيئة العمل المناسبة لجميع الكوادر الطبية.
وأوصت اللجنة، بسرعة اتخاذ الحكومة كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتحسين بيئة العمل داخل مصر واستبقاء الأطباء للعمل وعدم سفرهم، علاوة على تنفيذ ما اتخذته الحكومة من إجراءات لتحسين بيئة عمل جميع الطواقم الطبية داخل مصر ومتابعة تنفيذ هذه الإجراءات ومراقبتها، لضمان الحد من ظاهرة هجرة الأطباء.
توصيات اللجنة جاءت خلال مناقشة الاقتراح برغبة المقدم من النائب الدكتور محمد صلاح البدرى بشأن: "استبقاء الأطباء للعمل داخل مصر والإجراءات الحكومية لتحسين بيئة العمل داخليا"، وذلك بحضور الحكومة ممثلة فى مسؤولى وزارة الصحة والسكان على رأسهم الدكتور حازم الفيل، رئيس قطاع الرعاية العلاجية بالوزارة، والدكتورة علا خير الله، رئيس قطاع التدريب والبحوث بالوزارة، والدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان.
وقال النائب الدكتور محمد صلاح البدرى مقدم الاقتراح برغبة، إن العنصر البشرى يُعد أحد أهم أضلاع المنظومة الطبية، مؤكدًا أننا نعانى منذ فترة طويلة من نقص فى عدد الأطباء العاملين على أرض الواقع وليس فى العدد الإجمالى، وأن الأمر يعود إلى هجرة عدد ليس بالقليل من الأطباء للعمل بالخارج لأسباب متعددة أهمها دون شك هو تدنى العائد المادى للطبيب فى مصر فضلاً عن اختلاف بيئة العمل.
وأوضح البدرى، أن الدراسات الإحصائية تشير إلى أن هناك عجزًا حقيقيًا فى عدد الأطباء بالنسبة لعدد السكان تم رصده فى مـصر مؤخرًا، حيث نجد أن المعدل الطبيعى هو طبيب لكل 334 مواطنًا، بينما وصلت النسبة فى مصر إلى طبيب لكل 1162 مواطنًا، وما يثير القلق أن دول العالم أصبحت تتكالب على الطبيب المصرى، الذى أثبت جدارة وتفوقًا ملحوظًا بامتلاكه خلفية علمية متميزة وقدرة على الإبداع والتفوق، وهو ما يؤثر بشدة على الأمن القومى المصرى، بالإضافة إلى رصد عدد ليس بالقليل من شباب الأطباء يسعون إلى معادلة شهاداتهم والبحث عن فرص عمل فى الدول الأوروبية والعربية، وأن أزمة فيروس كوفيد (19) المستجد كانت كاشفة لأهمية القوة البشرية فى مجال الرعاية الصحية.
وأضاف النائب، أن هذا الأمر هو الذى استدعى معظم دول العالم لاتخاذ إجراءات من شأنها الحفاظ على الأطباء العاملين بها ومحاولة استقطاب المزيد للعمل على أراضيها، وحيث أن خطط الجذب وإجراءات الإبقاء للأطقم الطبية قد أصبحت متنوعة ومختلفة على مستوى العالم فوجود خطة محكمة للعمل على هذا الملف قد باتت ضرورية بل وعاجلة، مطالبًا الحكومة باتخاذ كافة الإجراءات لتحسين بيئة عمل الطواقم الطبية واستبقائهم للعمل داخل حدود الوطن.
ومن جانبهم أوضح ممثلو الحكومة، أن هيئة الرعاية الصحية تسعى إلى توفير الحافز المادى المُناسب للأطباء بتعليمات مِن القيادة السياسية بإعادة النظر فى جداول الأجور، وهذا ما حدث فى المحافظات التى تم تنفيذ منظومة التأمين الصحى الشامل بها برفع أجور الأطقم الطبية بشكلٍ كبيرٍ بما يتناسب مع عملهم، وأنّ التقدير المعنوى أصبح موجودًا فى مصر الآن لكُلّ الأطقم الطّبيّة، خاصّة بعد جائحة "كورونا" التى أكّدت دورهم الإنسانى الكبير.
وتابع ممثلو الحكومة، أنه بشأن التطوير الطّبى المُستمر نجد أن هيئة الرّعاية الصّحيّة تنسّق باستمرارٍ مع الزمالة المصرية والجامعات فى مصر لاستمرار التعليم الطّبى للأطباء، كما شدّدت الهيئة فى شروط تعيين رؤساء الأقسام بمستشفيات المنظّمة الجديدة للتأمين الصحى على أن يكون حاصلًا على درجة الدكتوراه أو الزمالة المصرية لكى نضمن أن يكون هناك تدريبٌ داخل المنشأة الصّحيّة.
