فى الوقت الذى يقوم فيها الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى بجولة مكوكية تستهدف عدد من العواصم الأوروبية فى مقدمتها لندن وباريس، فى محاولة منه لحشد الدعم لمنحه طائرات حربية تسانده للنصر على روسيا، عادت قضية إعادة إعمار أوكرانيا للواجهة مرة أخرى وسط تحركات جدية لاستخدام أصول روسيا المجمدة لدى الغرب فى هذا الهدف.
وخلال زيارة زيلينسكى لبريطانيا تم الإعلان عن استضافة المملكة المتحدة مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار أوكرانيا فى شهر يونيو المقبل.
وقالت بريطانيا، إنها تعمل مع أوكرانيا ودول أخرى من أجل استضافة مؤتمر العام المقبل وإنها ستكون عضوا فى مجلس إشرافى مهمته المساعدة فى التنسيق بين أوكرانيا وحلفائها حول إجراءات التعافي. وسيتم إنشاء مكتب فى لندن لهذا الغرض.
وبالتزامن مع هذا الإعلان دعا مقترح قانون جديد لوجوب مصادرة أصول الدولة الروسية المجمدة فى بريطانيا، واستخدامها للمساعدة فى إعادة إعمار أوكرانيا.
ووفقا لوكالة (بى أيه ميديا) البريطانية، أنه وصل إلى مسامع أعضاء البرلمان البريطانى أن أوكرانيا تقدر أن روسيا تسببت فى أضرار بقيمة تريليون دولار منذ بداية الغزو الشامل فى فبراير 2022، والتى لا تشمل التكاليف المرتبطة بالأراضى التى تم غزوها فى عام 2014.
وقال الوزير السابق كريس براينت -النائب عن حزب العمال- إن أوكرانيا أو حلفاءها يمكن أن يدفعوا التكاليف، لكن من المتوقع أن تسهم روسيا.
وتابع وهو يقدم تشريعه المقترح أمام مجلس العموم أن"مشروع القانون الذى تقدمت به يطلب ببساطة من الحكومة البريطانية تقديم خطط لمصادرة الأصول التابعة لروسيا والتى تم تجميدها بالفعل بسبب العقوبات التى فرضناها فى المملكة المتحدة. وتخصيصها لأوكرانيا والشعب الأوكراني".
وأضاف براينت "تم تجميد ما يقرب من 350 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزى الروسى من قبل الدول الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم، وتم تجميد 26 مليار جنيه استرلينى (31 مليار دولار) فى المملكة المتحدة".
وطلب براينت أن يحصل مشروع القانون على قراءة ثانية فى 24 فبراير الجارى، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يحرز مزيدا من التقدم بسبب ضيق الوقت البرلمانى فى الدورة الحالية.
وأعلن رئيس البنك الدولى ديفيد مالباس أن كلفة إعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء النزاع ستتجاوز الـ350 مليار دولار على الأرجح.وأضاف أن ما سيتطلب نفقات كبيرة هو إعادة إعمار البنية التحتية الأوكرانية، وخاصة منظومة الطاقة.
ويبدو أن استخدام أموال روسيا المجمدة فكرة متفق عليها بين الغرب، فخلال يناير الماضى أذن المدعى العام الأمريكى ميريك جارلاند بنقل الأصول المصادرة من الملياردير الروسى كونستانتين مالوفيف لإعادة إعمار أوكرانيا.
تجاوز المبلغ الإجمالى للأضرار التى ألحقتها روسيا بأوكرانيا بالفعل 750 مليار دولار، وهى آخذة فى الازدياد.
تبلغ قيمة أصول مالوفيف المصادرة فى الولايات المتحدة، والمقرر إرسالها رسميًا إلى إعادة إعمار أوكرانيا، حوالى 5.4 مليون دولار. هذا هو أول تحويل من نوعه لأصول روسية مصادرة فى التاريخ.
وتم استلام الأموال من قبل وزارة الخارجية وسوف تستخدم بشكل أكبر لدعم الشعب الأوكراني. ويبلغ المبلغ التقريبى لجميع الأصول الأجنبية التى يمتلكها الاتحاد الروسى ما يقرب من 580 مليار دولار، منها حوالى 300 مليار دولار تمت مصادرتها.
وأعلن الاتّحاد الأوروبى بداية فبراير أنّه يعتزم تكثيف جهوده الرامية لإيجاد طريقة تتيح له استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا.
وقال رئيس المجلس الأوروبى شارل ميشال ورئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين فى بيان صدر فى كييف فى ختام قمّة جمعتهما بالرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى إنّ "الاتّحاد الأوروبى سيكثّف جهوده لاستخدام الأصول الروسية المجمّدة لدعم إعادة إعمار أوكرانيا ولدفع تعويضات، وفقاً للقانونين الأوروبى والدولى".
وحض ميشيل زعماء دول الاتحاد الأوروبى على المضى قدماً فى محادثات بشأن استخدام أصول البنك المركزى الروسى المصادرة، معتبراً أن "الأمر يتعلق بالعدالة والإنصاف ويجب أن يتم بما يتماشى مع المبادئ القانونية".
التحركات الغربية تتم وسط مراقبة حثيثة من الجانب الروسى، الذى حذر بوضوح من مغبة تلك الخطوة، و فى مطلع يناير، حذّر الكرملين الدول الغربية من "مصادرة" أصول روسيا المجمدة، متوعداً بـ"إجراءات عقابية مماثلة".
وقال رئيس البرلمان الروسى فياتشيسلاف فولودين، فى تصريحات عبر "تليجرام" خلال وقت سابق، إنه "يحق لروسيا فى حال مصادرة أصولها اتخاذ إجراءات مماثلة تجاه الدول التى ستتخذ قرارات كهذه".
ولفت إلى أن عدداً من الدول على رأسها ألمانيا "تُخطط لمصادرة الأصول الروسية لإعادة إعمار أوكرانيا".
وأضاف: "لدينا الحق فى اتخاذ إجراءات مماثلة فى ما يتعلق بأصول ألمانيا والدول الأخرى".
وحَمَّل فولودين ألمانيا وفرنسا المسؤولية عن اندلاع الحرب مشيراً إلى أن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى السابق فرانسوا أولاند وقعا على اتفاقية مينسك عام 2015 فقط لخداع روسيا والمجتمع الدولى، وقال إن الأوروبيين لم تكن لديهم أبداً النية فى تنفيذ الاتفاقية.
وتابع فولودين: "الحكومة الألمانية قررت الآن تحويل المشاكل التى خلفها أسلافها إلى بلادنا" لافتاً إلى أن برلين تخطط لمصادرة الممتلكات الروسية وتخصيصها لإعادة إعمار أوكرانيا، وقال إن هذا سيتبعه إجراءات مضادة فى روسيا.
ووصف رئيس لجنة مجلس الدوما الروسى للشؤون الدولية ليونيد سلوتسكى، بيان الاتحاد الأوروبى حول إعداد إطار قانونى لتوظيف الأصول الروسية المجمدة بإعادة إعمار أوكرانيا، بأنه خطوة منافقة.
ووفقا لروسيا اليوم، قال رئيس لجنة مجلس الدوما الروسى للشؤون الدولية، إن المسؤولين الأوروبيين يبتعدون أكثر فأكثر عن مبادئهم ومستعدون لإضفاء الشرعية على نزع الملكية.
وتابع رئيس لجنة مجلس الدوما الروسى للشؤون الدولية، أن هذا يعنى أن حق الملكية فى أوروبا صالح فقط لأولئك الذين يعترفون بوصاية واشنطن وبروكسل، وهذا نفاق كبير.