رصد الائتلاف المصرى للتنمية وحقوق الإنسان، في تقرير حديث صادر عنه، عددا من المحاور المتعلقة بالإرهاب الإلكترونى، والذى وصفه بـ"الخطر الصامت" في مواقع التواصل الاجتماعى، حيث أوضح التقرير طرق استخدام الإنترنت فى الأعمال الإرهابية، وما دور مواقع التواصل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ فى ﻧﺸر الفكر المتطرف بين الشباب؟، كما استعرض التقرير الحقوقى، أسباب استخدام الجماعات المتطرفة لمواقع التواصل الاجتماعى والأساليب المتبعة في تجنيد الشباب من خلال مواقع التواصل.
وتناول التقرير أيضًا، كيفية استغلال الألعاب الإلكترونية فى الإرهاب والتجنيد، وتوضيح ما هى لعبة صليل الصوارم، وشرح تأثير تلك الألعاب على تنامى السلوكيات الإرهابية لدى الشباب والأطفال، مع تحديد آليات مواجهة ظاهرة تجنيد الشباب في الجماعات الإرهابية، والتعرف على الجهود الدولية والعربية المبذولة لمكافحة الإرهاب الإلكترونى، كما قدم التقرير الحقوقى بعض التوصيات لمعالجة هذا الخطر الذى يهدد العالم بأسره.
وأكد الائتلاف المصرى في تقريره، أن الإرهاب الإلكترونى يعتبر من أبشع وأخطر الجرائم التي تُرتكب عبر الإنترنت وتهدد العالم بعصره الآلي، فهو يستغل الساحة المعلوماتية أو الفضاء الإلكتروني من خلال إنشاء حسابات خاصة بالإرهاب في مواقع الإنترنت لنشر التطرف والفكر الإرهابي في العالم والتواصل بين أعضائها حول كيفية اختراق وتدمير المواقع ونشر الفيروسات والتجسس على الدول لكشف أسرارها وابتزازها لتحقيق أغراض إرهابية والحصول على تمويل نشاطها الإرهابي وتدمير البنية التحتية للدول.
كما يعتبر هذا الإرهاب المعاصر النسخة الإلكترونية للإرهاب التقليدي، إذ أن الإرهابيين باتوا على قدر كبير من الحنكة في استغلالهم لتكنولوجيات الاتصالات للاتصال ببعضهم البعض دون الكشف عن هوياتهم عند التخطيط لأعمال إرهابية، فقد يستخدم الإرهابيون حساب بريد إلكتروني بسيط الإبداع من خلال رسائل في صندوق بريد إلكترونى أو افتراضى، ويقصد بذلك كتابة رسائل دون إرسالها، بحيث لا تخلف وراءها إلا الحد الأدنى من الآثار الإلكترونية، ويمكن الاطلاع عليها في أي جهاز متصل بالإنترنت في جميع أنحاء العالم من قبل أفراد متعددين يعرفون كلمة السر الخاصة بهذا الحساب.
وأضاف الائتلاف في تقريره، أن السمات التى يتميز بها الإنترنت من طبيعة تفاعلية وفورية وقدرة على الوصول لفئات مختلفة من الأفراد في مختلف أنحاء العالم، تساعد الجماعات المتطرفة والإرهابية على توظيفه للوصول إلى مصادر لتمويلها ودعمها ماليًا، ما يظهر في عدة أشكال تتبعها مواقع هذه الجماعات، كما تستخدم الجماعات المتطرفة والإرهابية شبكة الإنترنت في كسب تعاطف وتأييد الآخرين خاصة من الشباب وفي محاولة تجنيدهم والحصول على مساعداتهم ودعمهم.
وﺳﺎهمت مواقع اﻟتواصل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋى فى ﻧشر مجموعة من اﻟﺴلوكيات اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ بين اﻟﺸﺒﺎب ﺟﻌﻠتهم عرﺿًﺔ لما ﻳﺴﻤﻲ بـ"الجمود الفكرى" وعدم ﺗﻘﺒﻞ الآخر، كما ﺳاهمت فى ﻧﺸر ﺛﻘﺎﻓﺔ التخوين بين أفراد المجتمع الواحد، وباﻟﺘﺎلى أصبحت تربة ﺧﺼﺒﺔ وبيئة ﻣﺘﻨﺎﻣﻴﺔ لنشر الفكر الإرهابى المتطرف، وقد بين التقرير أيضًا أن الجماعات الإرهابية المتطرفة تعمل على جذب الشباب، بما تستخدمه من إستراتيجية إعلامية جاذبة، والتي تستطيع من خلالها الحصول على تعاطف الكثيرين.
ويجرى استهداف فئة الشباب من مختلف الأعمار وبمختلف مستوياتهم العلمية والدراسية من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، واستدراجهم ومن ثم تجنيدهم في تلك الجماعات الإرهابية العابرة للدول والقارات، وبحسب التقرير، استطاعت ألعاب الفيديو الإلكترونية تحقيق انتشار كبير بلعبها على وتر "غمر" اللاعبين في واقع بديل وتجريبي لبناء هوياتهم، إلا أن الإرهابيين والمتطرفين استغلوا هذه النقطة لتجنيد "وقود" لحروبهم، والاستفادة من تلك المنصات للتخطيط لعملياتهم، والتواصل فيما بينهم.
كما وصف التقرير الألعاب الإلكترونية أيضًا بإنها أداة لتعميق الاغتراب ووسيلة للانطواء من خلال إبعاد الأطفال عن ذواتهم وواقعهم، وذلك لأن أغلب الحوارات التي تدور عند ممارستهم لألعاب القتل والمغامرة، تتجه إلى التعبير عن الانتماء إلى جماعات اجتماعية جديدة حقيقية في الواقع، تستلهم مُثلها وقيمها ومرجعاتها الثقافية من ثقافة العنف والحرب والتدمير، التي لا تقوم على مبادئ الشرف والحرية والعدالة والتسامح بقدر ما تنادي بالقوة والانتهازية والسيطرة، وتنشئة الأطفال على عدم التقيد بالنظام والعمل به، وإكسابهم الاتجاهات السلبية نحو المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة وهذه القيم تكرس الإرهاب.
وفى هذا الإطار، أوصى التقرير الحقوقى، بعدد من التوصيات لمواجهة خطر الإرهاب الإلكترونى، جاء أبرزها متمثلًا في ضرورة بدء الحكوﻣﺎت فى تحديد ووﺿﻊ خطوات ﺟﺎدة لتطوير الخطاب الدينى لمقاومة الأفكار التى ﺗﺴﻌﻲ الجماعات اﻹرﻫﺎبية إلى ﻧﺸرﻫﺎ، علاوة على، رعاية مشروع وطنى ﻹﻧﺘﺎج أﻟﻌﺎب إلكترونية مصرية لمواجهة اﻹرﻫﺎب وزرع القيم الوطنية لدى اﻟﺸﺒﺎب، مع توحيد الجهود العربية نحو وضع تشريعات داخلية صارمة لمكافحة الجرائم المتعلقة بالإرهاب الإلكترونى.
كما تضمنت توصيات الائتلاف المصرى للتنمية وحقوق الإنسان، ضرورة متابعة الآباء والمعلمين للأطفال والشباب عند استخدامهم لتقنيات المعلومات وخاصة شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" للتأكد من سلامة الاستخدام وشرعيته، وتوجيهم وتبصيرهم، هذا بجانب، اهتمام الأسرة - بما فيها الوالدين - بمراقبة أطفالهم مراقبة منتظمة ومستمرة وتجنيبهم مشاهدة الألعاب الإلكترونية المحتوية على عنف والتى قد تؤدى إلى حدوث صدمات لدى الأطفال أو قيامهم بتقليد العنف في الحياة الواقعية.
وأوصى الائتلاف فى تقريره أيضًا، بضرورة تشجيع نشر الألعاب التعليمية والتثقيفية المناسبة للطفل والتقليل من ألعاب العنف، على أن تتولى المؤسسات الثقافية والإعلامية هذه المهمة مع وزارة التربية والتعليم، كما تقوم بوضع تصنيف للألعاب الإلكترونية وتحديد نوعها "تثقيفى، تعليمى، علاجى، تسلية، عنف" مع تحديد درجة المخاطر الناجمة منها أثناء وبعد اللعب.
هذا بالإضافة إلى تشجيع المبرمجين والمبتكرين والمفكرين التربويين على القيام بتصميمات وبرمجيات ألعاب إلكترونية تراعي الجوانب التعليمية والتثقيفية والتربوية في تكوين الطفل والشاب بنفس القدر الذي يكون فيه حرصها على حضور عناصر التشويق والتسلية والإثارة،.
كما أوصى التقرير بضرورة عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل وحلقات النقاش حول ظاهرة الإرهاب بصفة عامة والإرهاب الإلكتروني بصفة خاصة، وذلك للتعرف على مصادرها ومناهجها وأسبابها ودوافعها ومخاطرها ووضع الحلول الفعالة لمواجهتها والحد من انتشارها، هذا بجانب ﺗﻌﺎون الحكوﻣﺎت ﻣﻊ المؤﺳﺴﺎت المسئولة عن مواقع التواصل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ لرصد وتحديد الحسابات التابعة للجماعات اﻹرهابية، والعمل على ﻣﻨﻊ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ.