وقعت الأوساط العراقية وخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي فى جدلا كبير، بعد أن دخل قانون منع استيراد المواد الكحولية حيز التنفيذ قبل أيام قليلة، على الرغم من تصديق البرلمان العراقى على التشريع قبل سبع سنوات، مما طرح أسئلة كثيرة حول توقيت بدء تطبيق القانون.
التشريع العراقى الذى دخل حيز التنفيذ وقع بين مؤيد ومعارض له، ففى حين رأى فئة من العراقيين أن حظر استيراد المواد الكحولية له مزايا عديدة أولها أنه يتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي والذى يدين به أغلب السكان، فى حين اعتبره أخرون مؤشرا على توجه الدولة نحو التشدد الدينى وتضييق الحريات.
وكانت السلطات الجمركية العراقية قد أعلنت السبت منع استيراد المشروبات الكحولية تنفيذا للقانون، وفي بيان عبر فيسبوك قالت هيئة الجمارك إنها وجهت "المناطق والمراكز الجمركية كافة بمنع دخول المشروبات الكحولية بكافة أنواعها".
وقالت الهيئة إن توجيهها "جاء استنادا إلى قانون واردات البلدية"، في إشارة إلى المادة 14 من القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية في 20 فبراير، وتنص على "حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها".
ويفرض القانون غرامة على المخالفين تتراوح بين 10 ملايين و25 مليون دينار عراقي (أي بين 7 آلاف إلى 19 ألف دولار).
وجاء التصويت على هذا القانون في العام 2016، لكن لم يُنشر في الجريدة الرسمية وبالتالي لم يدخل حيز التنفيذ. وأثار الموضوع حينها جدلاً في البلاد واعتبره نواب ومراقبون مخالفا للدستور.
وتباينت ردود الفعل على قرار حظر المشروبات الكحولية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في العراق، وقال البعض أن مثل تلك القوانين "تجعل المجتمع رهينة قوى دينية مسيطرة على مقاليد الحكم في البلد، كما أنه "يتناقض مع حقوق الإنسان ولن يؤدي إلى امتناع الناس عن تناولها… بل يحرم الدولة من مصدر قوي للدخل فقط، ويشجع عمليات تهريبه".
وفى المقابل رأى آخرون أن القانون الجديد في محله لأن "الإسلام دين الدولة"، وهي "محرمة في القرآن الكريم"، مشيدين "بجهود كل من سعى لتشريع قانون لتحريم شرب الخمر وبيعه وتداوله".
فيما اعتبر مغردون أن للقرار تبعات إيجابية من بينها التشجيع على الصنع المحلي رخيص الثمن والحد من هدر الدولارات خارج البلاد للاستيراد.
وحاليا فى العراق تمنح تراخيص بيع المشروبات الكحولية لغير المسلمين فقط، وشرب الكحول بالأماكن العامة غير محظور لكنه مستهجن.
الجدل لم يقف فقط عند حد مواقع التواصل الاجتماعي بل انتقل إلى قبة البرلمان الحالى والذى لم يشارك فى صياغة التشريع والتصويت عليه، حيث عارض المشرعين المسيحيون والأقليات في العراق حظر الكحول لعام 2016 الذي دخل حيز التنفيذ رسميًا ، بحجة أنه يميز ضد المجتمعات غير المسلمة.
ورفع المشرعون المسيحيون في البرلمان العراقي – الذين يشغلون خمسة مقاعد فقط من بين 329 مقعدًا – دعوى قضائية زعموا أن الحظر غير ديمقراطي ويستهدف الأقليات وكذلك الشركات التي تعتمد على بيع الكحول.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، إن العراق "لم ولن يكون دولة دينية"، وذلك بعد قرار اتخذته الحكومة بمنع استيراد المشروبات الكحولية.
وكتب شنكالي تغريدة على "تويتر" جاء فيها: "دولة غالبيتها من المسلمين لا تعني مطلقاً انها دولة اسلامية لذلك على من بيدهم ادارة الدولة ان يفرقوا بين غالبية مسلمة ونظام اسلامي".
وأضاف شنكالي، أن "العراق لم ولن يكون دولة دينية شاء من شاء وابى من أبى".
وقال النائب عن الأقلية المسيحية في البرلمان العراقي أسوان الكلداني إن الحظر يتعارض مع الحريات التي يكفلها الدستور الديمقراطي وإنه تقدم بدعوى أمام المحكمة العليا.
فيما قال المحلل السياسي المقيم في بغداد علي الصاحب "العراق يوجد فيه مختلف الطوائف والأديان، بعض الأديان تسمح بشرب الكحول والحكومة لا تستطيع فرض رأي معين أو أيديولوجية على الآخرين".
ورغم الجدل بين رفض وقبول القانون إلا أنه سيظل ساريا ما لم تحكم المحكمة، وفقا للقضية ضده، بعدم دستوريته، ولكن بعد سقوط العراق لسنوات فى براثن تنظيم داعش الإرهابى أصبحت المخاوف من توجه الدولة للتشدد الدينى أكبر من أى وقت مضى، وهو الدافع وراء من هاجموا القانون.