أصدرت محكمة أسرة وادى النطرون الجزئية، مأمورية استئناف عالى دمنهور، حكما فريدا من نوعه، يهم الأباء المتضررين، بتمكين الأب من رؤية صغاره مرة كل أسبوعين، والإستضافة مرة كل أسبوعين أيام الدراسة، وأسبوع من كل شهر في الأجازة المدرسية، واصطحابهم أيام العيد.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 264 لسنة 2021 أسرة وادى النطرون، لصالح المحامى عبدالله هلال داوود، برئاسة المستشار شريف قنديل، وعضوية المستشارين محمد أبو صغير، وعلاء الدين أسامة، وبحضور كل من وكيل النيابة سيف وحيد، وأمانة سر محمد قطب.
الوقائع.. نزاع بين الأب والأم أدى للطلاق.. والأب يطالب برؤية صغاره
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة ورأي نيابة شئون الأسرة والمداولة قانوناً حيث تخلص واقعات الدعوي في أن المدعي قام برفعها بموجب صحيفة موقعه من محامي أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25 يوليو 2021 واعلنت قانونا للمدعي عليها طلب في ختامها الحكم عليها بإلزام المدعي عليها أولا: بتمكينه من رؤية الصغيرين "ف" و"ع" يوم الجمعة من كل أسبوع من الساعة الثانية إلى الساعة خامسة مساءا، ثانيا: تمكينه من استضافة الصغار مرة كل أسبوعين والمبيت معه من الساعة السادسة مساء يوم الخميس وحتى الساعة السادسة مساء يوم الجمعة مرة كل أسبوعين خلال العام الدراسي، وكذا استضافتهما أسبوع كامل من كل شهر خلال فترة الإجازة الدراسية، وكذا استضافتهما في الأعياد مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وذلك على سند من القول أن المدعى زوج المدعي عليها يصحيح العقد المؤرخ 20 أغسطس 2018، وأنجت منه على فراش الزوجية الصغار "ف" مواليد 20 يوليو 2016 "ع" مواليد 9 يونيو 2019 وقد حدثت خلافات بين طرفي التداعي وتركت مسكن الزوجية وبرفقتها الصغار وحيث أن المدعى طالب المدعى عليها وديا أكثر من مرة برؤية صغاره، ولكنها رفضت بدون وجه حق، مما حدا بالمدعي إلى اللجوء لمكتب التسوية المنازعات الأسرية إلا أنه تعذرت التسوية الودية للنزاع، مما حدا بالمدعى إلى إقامة الدعوي الماثلة واختصام المدعى عليها للحكم عليها بالطلبات الواردة بختام صحيفة الدعوى.
الأب يطالب المحكمة بـ 4 طلبات
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوي بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث مثل المدعي بوكيل عنه – محام - وأودع الخبيرين النفسي والاجتماعي تقريرهما، وقد انتهيا فيه إلى رأي مؤداه اجابة المدعى إلى طلبه على أن يكون مكان الرؤية مركز شباب الناصرية بالعامرية، كما أودع تقريرهما أن مسكن الاستضافة والرؤية مناسب وملائم، والمحكمة عرضت الصلح فرفض، والنيابة فوضت الرأي للمحكمة.
أما عن موضوع الدعوي، قالت "المحكمة": فلما كان من المقرر بنص المادة رقم 20/2، 3، 4 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1939 المستبدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 أنه: "ولكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقا نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسياً ولا ينقذ حكم الرؤية فهرا، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز القاضي يحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة بقدرها".
كيف حفظ القانون حقوق الصغير في رؤية والديه؟
وبحسب "المحكمة": ونصت المادة رقم 67 من القاون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه: " ينفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في أحد الأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير الشئون الاجتماعية، وذلك ما لم ينفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان آخر ويشترط فى جميع الأحوال أن يتوفر في المكان ما يشبع الطمأنينة في نفس الصغير"، ويثبت الحق في رؤية الصغير ذكراً أو أنثى للأبوين فيثبت للأب أثناء حضانة الأم له سواء كانت الحضانة فى مدتها الوجوبية أو الجوازية، ويثبت للأم أثناء حضانة الأب للصغير في مرحلتها الأولى أو بعد إنتهاء حضانتها له وضمه إليه.
ووفقا لـ"المحكمة": ويثبت هذا الحق للأجداد في حالة عدم وجود الأبوين، فيكون للجد لاب، وإن علا في حالة عدم وجود الأب وللجدة لأم وإن علت في حالة عدم وجود الأم والمقصود بعبارة عدم وجود الأبوين عدم وجودهما بالبلدة التي بها مسكن الحضانة أو عدم وجودهما على قيد الحياة، وإذا تعذر تنظيم الرؤية إتفاقا بأن اختلف الطرفان على هذا التنظيم أو امتنع من بيده الصغير عن تمكين من له حق الرؤية من رؤيته أصلا تولى القاضى تنظيم الرؤية أو تمكين من له الحق في الرؤية ومكان الرؤية يكون في البلد الذى تقيم فيه الحاضنة مع الصغير إذا كان الأب صاحب الحق في الرؤية وفى البلد الذى يقيم فيه الأب مع الصغير إذا كانت الأم صاحبة الحق في الرؤية، فلا يجبر من بيده الصغير على نقله إلى محل إقامة من له حق الرؤية ليراه.
رؤية الصغير حق ثابت لكل من والديه شرعاً
وتضيف "المحكمة": ورؤية الصغير حق ثابت لكل من والديه شرعاً وفي حرمان أحدهما من ذلك ضرر منهى عنه بعموم النص الكريم في قوله تعالى: " لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده"، ولا يجبر من بيده الصغير نقله إلى الأخر ليراه إلا أنه لا يمنعه من ذلك فقد جاء في أحكام الصغار أنه إذا كان الغلام والجارية عند الأم فليس لها أن تمنع الأب عن تعهدهما وإذا صاراً إلى الأب فليس له أن تمنع الأم من تعهدهما والنظر اليهما، وقد نظم الفقهاء حق الرؤية ولم يطلقوه، ورؤية الصغير حق شرعى للأب فله أن يرى إبنه الصغير في أي وقت يشاء ولا يصح للحاضنة منعه من ذلك، لأن الطفل في حاجة شديدة إلى رعاية والده ومن الظلم أن يحرم الولد من أبيه أو يحرم الأأب من رؤية ولده من ما هو مفطور عليه من الشفقة والحنو عليه، وأنه لا يجوز للقاضى أن يحكم للطرف غير الحاضن باستضافة أبنائه يوما كل أسبوع ومدة مناسبة الأجازات المدرسية ونهاية العام والمناسبات طالما أن الهدف تحقيق الهدف من الحضانة ورعاية المحضون على الوجه الأكمل.
وحرى بالبيان أيضا أنه ولئن كان القانون لم يتناول قواعد محدده لمبيت الصغير خارج مسكن الحضانة وإستضافته لفترة زمنية لدى من شرع له حق رؤيته وفق القواعد المنظمة لها فإنه من المستقر عليه أن جميع قوانين الأحوال الشخصية والشرائع السماوية وهى بصدد وضع تشريع لتنظيم العلاقة في حالة نشوب نزاع بين الأب والأم قد عنيت بمصلحة الصغير والحافظ على حياته وحمايته عضويا ونفسيا، فأول المخاطر هو مصلحة الصغير كونها هي المصلحة الأولى المعتبرة عند وضع القواعد الشرعية المنظمة لها، فلا يجوز الاتفاق بما قد يلحق ضررا بالصغير كما لا يعتد بأى تنازل قد يؤثر في حقوق الصغير، وقد تواترت جميع التشريعات الخاصة على هذا النهج، وذلك المفهوم الصحيح والذى يوافق جميع التشريعات السماوية.
الإتفاقية الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة
كما نصت الاتفاقيات على حق الصغير مثل الإتفاقية الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة والنافذة إعتبارا من سبتمبر 1990 والتي وقعت عليها مصر وأصبحت ملزمة لها حيث نصت المادة 9/3 منها على السماح بإستضافة الأطفال لمن ليس بيده الحضانة، حيث جرت على وجوب إحترام الدول الأطراف حق الطفل في الإحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية وإتصالات مباشرة بكل من والديه – كما أوجبت تلك الإتفاقية على الدول الأطراف فيها وجوب إتخاذ كافة التدابير التشريعية وغيرها لإقرار هذا الحق، وقد وقعت مصر على هذه الإتفاقية وأقرها مجلس النواب وأضحت في قوة القانون عملا بنص المادة 151 من الدستور المصرى، كما سايرتها المادة الأولى من قانون الطفل الرقيم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 والتي جرت على وجوب – أن تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة، كما تكفل كحد أدنى حقوق الطفل الوارده بإتفاقية حقوق الطفل وغيرها من القوانين الدولية النافذة في مصر.
وأما عن الإستضافة فاستندت المحكمة على أحكام محكمة الإستئناف أبرزها حكم محكمة استئناف الإسكندرية الذى جاء في حيثيات الحكم بأحقية الأب في استضافة ومبيت صغاره لديه بجانب حقه في الرؤية، وذلك بقولها: "إذا تعذر تنظيم الرؤية نظمها القاضي على أن تتحدد في مكان لا يضر بالصغير والصغيرة نفسيا وكان ذلك النص أو غيره لم ينظم قواعد المبيت للصغير، وكان من المستقر عليه في مقاصد الشريعة الغراء في تكوين الأسرة ورعاية النشأ تنشأتهم نشأة صحيحة بدنيا ونفسيا ودينيا وفكريا وتدعوا في جميع قواعدها إلى ترابط الأسرة والتواصل بين الأباء والأبناء، وكانت المحكمة ترى في طلب المبيت ما يتوافق مع مقاصد الشريعة الغراء ولا يتعارض مع التنظيم القانوني في شأن رؤية الصغير، وإذ يعتبر المبيت التجسيد العملى لمغزى رؤية الصغير من توطيد الصلة بين الأإبن وأبويه وبه تتحقق مصلحة الصغير في نشأته النفسية والإجتماعية الصحيحة سيما وأن ظروف إنفصال الوالدين تقضى من باب ادعى إلى توفير حد أدنى من ذلك التواصل بمبيت الصغير طرف والده لمرة واحدة في كل يوم خميس وجمعه من أول شهر تبدأ عقب إنتهاء اليوم الدراسى يوم الخميس في الساعة الثالثة عصرا وتنتهى في الساعة الخامسة من يوم الجمعة.
فلهذه الأسباب: حكمت المحكمة
أولا: بتمكين المدعى من رؤية الصغار يوم الجمعة من الأسبوع الأول والثالث من كل شهر ميلادى من الساعة الثانية مساءا وحتى الساعة الخامسة مساء.
ثانيا: تمكينه من اصطحاب الصغار سالفى الذكر للمبيت معه يومى الخميس والجمعة من الأأسبوع الثانى والرابع من كل شهر ميلادى على أن يبدأ ميعاد استلام الصغار من الساعة السادسة مساء يوم الخميس، ويتم تسليم الصغار للمدعى عليها الساعة السادسة مساء يوم الجمعة، وذلك خلال العام الدراسى بنفس المكان المحدد للرؤية سلفا.
ثالثا: تمكينه من اصطحاب الصغار سالفى الذكر في أوقات الأعياد كالآتى: ثانى أيام عيد الفطر، وثانى وثالث أيام عيد الأضحى على أن يتم استلام الصغار الساعة التاسعة صباحا وتسلميهم للمدعى عليها الساعة السادسة مساء، ويتم ذلك بمكان الرؤية المحدد سلفا.
رابعا: تمكينه من استلام الصغار سالفى الذكر في الأسبوع الأول من أجازة نصف العام الدراسى، وكذا استلامهم بالاجازة الصيفية لمدة أسبوع في كل شهر من شهور الاجازة الصيفية "شهرى يوليو، أغسطس من كل عام" على أن يتم ذلك استلامهم وردهم للمدعى عليها بمكان الرؤية المحدد سلفا وعلى جميع الجهات الأإدارية المنوط بها ذلك معاونته.