خطوات استفزازية متصاعدة اتخذتها حكومة إسرائيل منذ تولى قيادتها بنيامين نتنياهو تجاه الفلسطينيين، ما يُنذر بتخوف من انفجار الأوضاع فى قطاع غزة والضفة الغربية، بعد أن طفح الكيل من الكنيست الاسرائيلى الذى يوجه كل يوم سهامة التشريعية نحو الفلسطينيين.
وجاء خطوةُ الكنيست، الثلاثاء، بإلغاء بنودٍ فى قانون الانفصال الأحادى فى الضفة الغربية وغزة المسمى بـ"فك الارتباط" بعد 18 عامًا من إقراره بمثابة عودة للوراء، وضربة جديدة توجهها إسرائيل لمساعى السلام والتهدئة مع الفلسطينيين.
وصوت البرلمان الإسرائيلى على إلغاء قانون "فك الارتباط"، وهو القانون الذى سُن عام 2005 وتم فى إطاره إخلاء المستوطنات من قطاع غزة، و4 مستوطنات شمالى الضفة الغربية.
وعام 2005 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك أرييل شارون - ضمن مساعيه لإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية - خطة أُحادية الجانب لإخلاء 4 مستوطنات وهى حومش، جانيم، كاديم، ترسلّه، ومعسكر "دوتان - عرابة" للجيش الإسرائيلى فى شمال الضفة الغربية، و4 مستوطنات أخرى فى قطاع غزة.
ولم يعد وجود المستوطنين بتلك المستوطنات - وفقا للقرار الجديد الذى صوت عليه الكنيست الثلاثاء - مخالفا للقانون الإسرائيلى، ولكن هذه العودة - وفق مختصين بالشأن الإسرائيلى - مرهونة بموافقة عسكرية، حيث إن أى قرار يصدر عن الكنيست يحتاج لموافقة عسكرية من قائد المنطقة لتنفيذه، وهذا يتطلب أن تكون المنطقة آمنة.
ويأتى القانون فى ظل تصعيد غير مبرر من جانب تل أبيب وحكومتها ضد الفلسطينيين، فمنذ فبراير الماضى، شنت إسرائيل غارات جوية على القطاع، واقتحامات متتالية للخليل ونابلس والمسجد الأقصى.
ويفسر مراقبون هذا التصعيد من جانب إسرائيل بأنه محاولة لتصدير الأزمة الداخلية التى تعانيها حكومة نتنياهو، حيث اشتعلت المظاهرات احتجاجا على الإصلاحات القضائية التى يسعى إليها تحالف رئيس الوزراء نتنياهو، المؤلف من أحزاب دينية وقومية.
وتسببت حزمة الإصلاحات القضائية فى اندلاع مظاهرات غير مسبوقة فى الشوارع منذ أسابيع، وأثارت مخاوف بين الحلفاء الغربيين، الذين يرون أنها تمثل تهديدا لاستقلال النظام القضائى فى إسرائيل.
من جهتها استدعت الخارجية الأمريكية، مساء الثلاثاء، سفير إسرائيل لدى واشنطن مايكل هرتصوغ، بعد سماح الكنيست بالعودة إلى 4 مستوطنات تم إخلاؤها عام 2005 شمالى الضفة الغربية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء: "فى خطوة استثنائية بين البلدين، استدعت وزارة الخارجية فى واشنطن الليلة الماضية سفير إسرائيل فيها مايكل هرتصوغ لمحادثة توبيخ، عقب إقرار الكنيست إلغاء قانون الانفصال فى شمال الضفة الغربية".
وأعربت الولايات المتحدة عن "قلقها البالغ" إثر إلغاء البرلمان الإسرائيلى جزءً من قانون يمنع المستوطنين من الإقامة فى مناطق فى الضفة الغربية المحتلة كانت الحكومة الإسرائيلية قد أخلتها فى 2005، معتبرة أن القرار "استفزازى".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، إن "الولايات المتحدة قلقة بشدة حيال تبنى الكنيست الإسرائيلى قانونا يلغى أجزاء مهمة من قانون فك الارتباط العائد إلى العام 2005".
وأضاف: "التغييرات التشريعية التى أعلنت اليوم استفزازية، وتأتى بنتائج عكسية على الجهود المبذولة لاستعادة بعض الهدوء مع اقترابنا من شهر رمضان وعيد الفصح".
وأشار باتيل، إلى أن الخطوة تظهر "تناقضا واضحا" مع الوعود التى قدمها رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون للرئيس الأميركى آنذاك جورج دبليو بوش، وكذلك الضمانات التى قدمتها قبل يومين فقط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتابع: "تدعو الولايات المتحدة إسرائيل إلى الامتناع عن السماح بعودة مستوطنين إلى المنطقة التى يشملها التشريع، بما يتوافق مع (وعود) رئيس الوزراء الأسبق شارون، والتزام الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه الولايات المتحدة".
كما أدان الاتحاد الأوروبى قرار الكنيست الإسرائيلى، وأكد أن هذه الخطوة من شأنها أن تُعرقل جهود وقف التصعيد.
وجاء فى بيان صحفى نشرته دائرة العمل الخارجى التابعة للاتحاد الأوروبى، عبر موقعها الرسمى قبل ساعات، أن قرار الكنيست يأتى بنتائج عكسية لجهود التهدئة ويعيق إمكانية متابعة إجراءات بناء الثقة وتهيئة أفق سياسى للحوار.
وأضاف البيان، أن إسرائيل أعادت تأكيد التزامها بالجهود المبذولة للحد من التوترات مؤخرًا، من خلال البيانين المشتركين اللذين صدرا عقب اجتماعات العقبة 26 فبراير وشرم الشيخ فى 19 مارس.
وأكد الاتحاد الأوروبى، فى بيانه، من جديد أنه يعتبر أن المستوطنات هى وضع غير قانونى بموجب القانون الدولى، بل وتُشكل عقبة رئيسية أمام السلام وتهدد قابلية حل الدولتين للحياة..وذكر أن: قانون فك الارتباط عن غزة لعام 2005 ومواده المتعلقة بشمال الضفة الغربية كان يمثل خطوة مهمة نحو حل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى وقرار الكنيست ما هو إلا خطوة واضحة إلى الوراء.
ودعا الاتحاد، فى ختام البيان، إسرائيل إلى العدول عن هذه الخطوة واتخاذ إجراءات تسهم فى تهدئة الوضع المتوتر للغاية بالفعل.