نار لا تنطفئ فى مضيق تايوان، ما تكاد أن تخبوا حتى يتطاير الشرر من جديد لتشتعل مرة آخرى، ولكن ما حدث على مدار 24 ساعة بين الصين وتايوان حبس أنفاس العالم أجمع، خوفا من اندلاع حرب غير مأمونة العواقب.
الاشتعال فى مضيق تايوان جاءت شرارته هذه المرة من كاليفورنيا، عندما قامت رئيسة تايوان تساي إينغ-وين البالغة 66 عاما، بلقاء رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري كيفن مكارثي في كاليفورنيا الأربعاء، على الرغم من تلويح الصين بردود انتقامية.
وأكد مكارثي أن العلاقات بين تايبيه وواشنطن "أقوى" مما كانت عليه "طوال حياته".وعقد الاجتماع بين مكارثي وتساي في مكتبة رونالد ريجان الرئاسية بمدينة "سيمي فالي"، وحضره حشد كبير من البرلمانيين الجمهوريين والديمقراطيين.
وقالت رئيسة تايوان إن "حضورهم ودعمهم الراسخ يطمئنان شعب تايوان إلى أننا لسنا معزولين ولسنا وحيدين".
وزيارة رئيسة تايوان إلى الولايات المتحدة ليست رسمية، بل مجرد محطة عبور "ترانزيت" في طريق عودتها إلى بلادها من جولة في أمريكا اللاتينية.
تلك الزيارة اشعلت نار الغضب الصينى، حيث أجرت بكين أمس الأحد مناورات عسكرية تضمنت محاكاة "تطويق" تايوان، ومحاكاة لضربات دقيقة ضد أهداف رئيسية في تايوان والمياه المحيطة بها، وتؤكد بكين أن المناورات تحذير جدي بعد لقاء الرئيسة تساي إينغ وين مع مسؤول أمريكي كبير
التوتر بين الصين والولايات المتحدة مع تنفيذ بكين .
فقد أدانت الصين انتهاك سفينة حربية أمريكية "بصورة غير قانوني" لمنطقة في بحر الصين الجنوبي تطالب بها بكين.
أعلنت الصين، اليوم الاثنين، أنها أنجزت بنجاح مناوراتها العسكرية في محيط تايوان التي استمرت ثلاثة أيام وقامت خلالها بمحاكاة تطويق الجزيرة، وحذرت من أن استقلال تايوان يتعارض والسلام في مضيق تايوان.
وقال وانغ وينبين الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية خلال بيان : "استقلال تايوان والسلام في مضيق تايوان نقيضان"، مضيفًا "إذا أردنا حماية السلام والاستقرار في مضيق تايوان علينا أن نعارض بحزم أي شكل من أشكال الانفصال المؤدي إلى استقلال تايوان".
وتعتبر تايوان نفسها دولة ذات سيادة ولديها دستورها، بينما تعتبرها الصين جزيرة انفصالية سوف تعود إلى سيطرة بكين - ولو بالقوة إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وقالت تايوان يوم الاثنين إنها رصدت 70 طائرة حربية و11 سفينة أخرى في المياه المحيطة بها.
وأظهرت خريطة لمسارات الطيران، نشرتها وزارة الدفاع التايوانية، تحليق أربع طائرات مقاتلة من طراز جيه-15 في شرقي الجزيرة، مما يشير إلى أن الجيش الصيني يحاكي لأول مرة تنفيذ ضربات من الشرق بدلا من الغرب حيث البر الرئيسي للصين.
وردا على موقف الصين قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول، إنَّ ردة فعل الصين على زيارة رئيسة تايوان للولايات المتحدة وبعثة المشرعين الأمريكيين الي الجزيرة متوقعة.
وأضاف ماكول، في تصريحات أوردتها قناة الحرة الأمريكية، أن الممارسات التي تقوم بها الصين تهدف الى الترهيب، مؤكدا أنها تزيد من إصرار الولايات المتحدة على تعزيز التزاماتها تجاه تايوان.
فى حين تباينت ردود الفعل الدولية حيث أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضرورة عدم الدخول في منطق الكتلة مقابل الكتلة.
وقال لصحيفة ليزيكو الاقتصادية الفرنسية، إنّ أوروبا يجب أن لا تكون تابعة للولايات المتحدة أو للصين في ما يتعلّق بتايوان.
فيما عبر الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين عن قلقه بشأن التدريبات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان، وقال إنه لا ينبغي تغيير وضع الجزيرة بالقوة وأن أي تصعيد أو حادث أو استخدام للقوة هناك سيكون له تداعياته الهائلة على الصعيد العالمي.
وأكد أن أي زعزعة للاستقرار في المضيق نتيجة لتصعيد أو حادث أو استخدام للقوة ستكون لها تداعيات اقتصادية وأمنية هائلة على المنطقة وعلى الصعيد العالمي”.
فيما أيد الكرملين، اليوم الاثنين، بالكامل المناورات العسكرية التي أجرتها الصين في محيط تايوان، معتبراً أن بكين تتعرض "لاستفزازات" من جانب الولايات المتحدة الداعمة للجزيرة.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين: "تملك الصين حقاً سيادياً في التحرك رداً على هذه التصرفات الاستفزازية، ولا سيما عبر إجراء مناورات".
ورغم أن المناورات العسكرية الصينية قد انتهت اليوم فى مضيق تايوان، إلا أن النار ستظل خامدة تحت الرماد فى انتظار أى شرارة جديدة لتعود للاشتعال.
