قضية الزيادة السكانية كانت من أولى القضايا التى اشتبكت معها جلسات الحوار الوطنى، حيث شهدت لجنة القضية السكانية بالحوار الوطنى، الاشتباك مع القضية وأسبابها وآليات مواجهاتها من خلال إجراءات فاعلة، وقد انتهت اللجنة فى اجتماعها أمس إلى إصدار عدد من التوصيات كان أبرزها تحديد السن المناسب للزواج، حيث طالب عدد من المشاركين برفع سن الزواج.
ومن جانبها قالت النائبة أميرة العادلى، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن القضية السكانية إحدى التحديات الكبيرة والمعوقات التى تواجه الدولة المصرية، فمعدل الزيادة السكانية منذ عام 1980 إلى 2020 هو 59 مليونًا، وهو رقم ضخم جدا ويجب التوقف عنده وتحليله، سواء على مستوى خطط الدولة لضبط النمو السكانى أو على مستوى الأداء الإعلامى والوعى أو الموروث الثقافى والدينى.
وأضافت العادلى، أن استمرار معدلات الإنجاب بهذا الحجم يمثل قنبلة موقوتة تمتد آثارها لأجيال كثيرة قادمة، مشيرة إلى أن الاستمرار فى الزيادة السكانية لن يعرقل التنمية فقط بل سيأكل الأخضر واليابس، موضحة أنه بالفعل هناك تجارب دولية نجحت فى حل هذه القضية فلم يعد الأمر اختياريا للدولة والمواطن، بل لزم أن يكون إجبارى ومن هذه الدول (تركيا، وتونس، وإيران، وبنجلادش، وإندونيسيا) وذلك على سبيل المثال لا الحصر، وهذه الدول نجحت حين وضعت قوانين صارمة وحوافز سواء إيجابية أو سلبية، وخطط وإطار مؤسسى.
وأشارت العادلى، إلى أنه انطلاقا من الدستور فى المادة (41) والتى تلزم الدولة بعمل برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، فإنها توصى بضرورة وجود تشريع لضبط النمو السكانى بما يتناسب مع موارد الدولة.
ودعت النائبة، إلى ضرورة إيجاد حوافز إيجابية وسلبية، مشيرةً إلى أن الحوافز الإيجابية يمكن أن تكون كخفض الوعاء الضريبى للأسرة المكونة من طفلين، والحصول على قروض ميسرة، ومنح تعليمية، وغيرها من المزايا، بينما الحوافز السلبية من الممكن أن تكون عبارة عن زيادة رسوم الولادة بعد الطفل الثانى، أو الخروج من الدعم وغيرها من الإجراءات، وهناك العديد من التجارب الدولية التى نفذت تلك الحوافز ونجحت.
وأوصت عضو مجلس النواب عن التنسيقية، برفع سن الزواج إلى 21 سنة وتجريم وحظر زواج الأطفال، مؤكدة أن رفع سن الزواج سيكون له تأثير إيجابى وفورى فى تقليل الزيادة السكانية، كما دعت إلى تمكين المرأة اقتصاديا، وإدخال ثقافة السكان والصحة الإنجابية فى المناهج الدراسية للمدارس والجامعات، مطالبة تضمين السياسات والبرامج السكانية ضمن خطط التنمية المستدامة وتوفير التمويل اللازم لها.
كما أوصت بضرورة تجديد الخطاب الدينى فيما يخص تنظيم الأسرة وسن الزواج، كما دعت إلى إعداد المقبلين على الزواج وتعريفهم بأهمية الأسرة الصغيرة والآثار الصحية والنفسية والاجتماعية لعدم تنظيم الأسرة وكثرة الإنجاب.
كما أوصت النائبة أميرة العادلى، بإلزام ولى الأمر بحصول الأطفال على التعليم الأساسى والقضاء على التسرب من التعليم، داعية إلى وجود مؤشر لقياس الأداء وأثر السياسات السكانية لمتابعتها وتقييمها، داعية إلى تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة المعنية والمجتمع المدنى على مستوى حملات التوعية أو تقديم الدعم المادى والمعنوى.
ومن جانبها أكدت النائبة غادة الضبع، عضو مجلس النواب، أنها اقترحت فى وقت سابق رفع سن زواج الفتيات لأنه يحقق فائدة على جانبين أساسيين، الأول مواجهة الزيادة السكانية، والثانى أنه يسمح للمتزوجة بتحمل أعباء الحياة الزوجية وما تتطلبه من مسؤوليات كبيرة تحتاج إلى نضوج عقلى وجسدى، وحتى تكون الفتاة مدركة لحجم المهام الملقاة على عاتقها من مسؤولية "بيت وأولاد وزوج" وهو ما يساهم فى تماسك الأسرة المصرية.
وقالت الضبع، إن الطلاق الذى يقع نتيجة عدم نضج الفتاة بالشكل الكافى تقع أضراره على الأطفال فقط ولا يعرف المجتمع معالجة آثاره مهما تمّ من تشريع قوانين لتعويضهم عن التفكك الأسرى الذى يعانون منه طوال العمر، موضحة أن هذا المقترح كان استجابة لتوجيهات القيادة السياسية بسرعة سنّ تشريع يقضى على ظاهرة الزواج المبكر وأيضا زواج القاصرات المنتشر فى الأرياف.
وبدوره قال النائب أحمد عبد الماجد، عضو الهيئة العليا لحزب الشعب الجمهورى، وأمين سر لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، إن المشكلة السكانية تعد أخطر التهديدات التى تواجه الأمن القومى المصرى لما لها من تأثير مباشر على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.
وأضاف عبد الماجد، أن هناك عوامل السلبية تقضى على الجهود الكبيرة التى تبذلها القيادة السياسية فى تنمية موارد الدولة بجانب أن أبسط مفهوم للمشكلة السكانية هو اختلال التوازن بين النمو السكانى وحجم الموارد الطبيعية والاقتصادية المتاحة مما يؤدى الى ارتفاع معدالت الفقر والبطالة والأمية.
وأوضح عبد الماجد، أن القضية السكانية تواجة العديد من التحديات ومنها ضعف الإطار المؤسسى المتمثل فى المجلس القومى للسكان وتعدد الجهات المسئولة عن مواجهة القضية السكانية، بجانب ضعف التنسيق بين الجهات والوزارات المعنية بالعمل السكانى، وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة وكافية يمكن االعتماد عليها فى تقييم الموقف التنفيذى الاستراتيجية القومية للسكان، عدم تفعيل القوانين ذات الصلة بالزيادة السكانية (عمالة االطفال – التسرب من التعليم – زواج القاصرات),
واستكمل: "التأثر السلبى لآراء بعض رجال الدين المناهضة لفكرة تنظيم الأسرة، ووجود مناطق محرومة من خدمات تنظيم الأسرة والرائدات الريفيات، ونقص عدد طبيبات وأطباء تقديم خدمات تنظيم الأسرة، وتراجع دور القطاع المدنى فى المساهمة فى إتاحة خدمات تنظيم الأسرة، واختزال القضية السكانية فى بعد تنظيم الأسرة فقط وتجاهل الأبعاد الأخرى للمشكلة السكانية مثل ( جودة الحياة – تنمية الانسان المصرى )، ضعف الميزانية المخصصة لألنشطة السكانية، التغير المستمر فى تبعية المجلس القومى للسكان أثر سلباً على منظومة العمل بالمجلس وعالقاته الداخلية والخارجية".
واقترح النائب عدد توصيات لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، منها توفير وتيسير الحصول على خدمات تنظيم الأسرة، وإشراك جميع المستشفيات فى برنامج تنظيم الأسرة، وزيادة عدد الأطباء المتخصصين فى تنظيم الأسرة وتأهيل أفراد هيئة التمريض لسداد العجز فى إعداد الأطباء، و زيادة عدد الرائدات الريفيات واعتماد حوافز لهن.
وتابع: "ضرورة حصول الأم على كارت متابعة بعد الوالدة للمتابعة والتوعية وإشراك الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية لتقديم الخدمة والمشورة للأسرة الأكثر احتاجا، ووضع حوافز تشجيعية لألسر الفقيرة للحد من عمالة الأطفال والتسرب من التعليم، ومنح الأسر النموذجية كارت ذكى لتقديم بعض الخدمات لها وتخصيص نسبة لقضاء فريضة الحج لألبوين فى الأسر النموذجية، وتخصيص نسبة من الإسكان الاجتماعى للأسر النموذجية، وحوافز تشجيعية للفريق الطبى فى حال تحقيق المستهدف".
كما طرح عدة توصيات عامة منها ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى تكون تحت مسمى الهيئة القومية للسكان وتنمية الأسرة، وتكون الهيئة تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة، بجانب أن تؤول للهيئة لها اختصاصات قطاع السكان فى وزارة الصحة والسكان وينتقل لها جميع العاملين بالمجلس القومى للسكان ويضم لها كل العاملين بالوزارات والهيئات المختلفة القائمين بالعمل السكانى، وتكون قرارات الهيئة نهائية وملزمة ونافذة على جميع الوزارات والهيئات العامة.