يناقش مجلس الشيوخ، خلال جلستيه العامة يومى الأحد والاثنين، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، تقرير لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار عن مشروع قانون باعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2023/2024.
وأكدت اللجنة، فى تقريرها، أن الخطة جاءت صريحة ولكن بعض مؤشراتها شابها أحيانا الغموض وفى أحيان أخرى عکست واقعاً حقيقياً وإنجازات ملموسة، إلا أن الاستثمار وما يعانيه حتى الآن لا زال يحتاج إلى تعزيز الجهود حتى يمكن تحفيزه وجذبه من كل دول العالم وربما يستدعى هذا إعادة النظر فى منظومة التشريعات الخاصة بذلك إلى جانب القطاعات الأخرى التى تأثرت كثيرا بفعل الأزمات.
فى هذا السياق، ترى اللجنة ضرورة الأخذ بالتوصيات والعمل بالسياسات المقترحة خاصة مع تزايد استمرار حالة عدم اليقين وفى ظل استمرار التحوط والتخوف من حدوث ركود تضخمى والزيادات الحالية لأسعار الفائدة العالمية، وضعف السيولة من النقد الأجنبى وزيادة مؤشرات الدين الخارجى والداخلى وتراجع جذب الاستثمارات الأجنبية، فقد بات من الضرورى أخذ الحكومة فى الاعتبار التوصيات والسياسات القابلة للتنفيذ على النحو المعروض.
وأكدت اللجنة على استمرار الأخذ فى الاعتبار التداعيات والظروف الاقتصادية الاستثنائية التى يمر بها الاقتصاد العالمى ويتأثر بها الاقتصاد المصرى، وتعتقد أن التحديات التى تواجه المواطن والدولة لا زالت تمثل أهم متطلبات الدولة فى المرحلة الحالية، داعيةً جميع مؤسسات الدولة الوطنية من أجل التصدى للأزمات غير المسبوقة، وتعتقد اللجنة أن توجه الدولة فى خطتها الاقتصادية نحو استراتيجية إعادة بناء الإنسان ووضع خطط وإجراءات تحسين جودته يُعد من أهم آليات ومتطلبات مواجهة الأزمات إذا ما تحقق الهدف والغاية من الاستراتيجية الإيجابية والطموحة.
كما تؤكد اللجنة، على أن توالى الأزمات يعطى مؤشرًا هاما لقدرة الدولة على التخطيط والتصدى للأزمات الطارئة، وبالتالى تدعو اللجنة إلى إعادة إحياء النموذج التنموى القائم على استعادة دور الدولة لتعمل جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتدعيم القدرة على مواجهة الأزمات ووضع خطط المواجهة وتحسين أحوال الاقتصاد من خلال تلك الخطط.
وأوصت اللجنة، بضرورة قيام الحكومة من خلال أجهزتها وهيئاتها المختصة بوضع خطة استثمارية واضحة المعالم، ومستقرة على المستويين القطاعى والجغرافى لتحديد أولويات مشروعات الاستثمار الخاص المستهدفة بما يتفق مع السياسة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونظم الاستثمار المطبقة.
وشددت اللجنة، على أهمية قيام الحكومة من خلال أجهزتها وهيئاتها المختصة بوضع خطة إصلاح استراتيجية تفصيلية محددة بشأن الإطار العام للإصلاح التشريعى والإدارى والمؤسسى لبيئة الاستثمار على المستوى العام والقطاعى والجغرافى، ووضع خطة عمل تنفيذية لتنفيذ كل من الخطة الاستثمارية، وخطة الإصلاح الاستراتيجية، واعتمادها من المجلس الأعلى للاستثمار فى أسرع وقت ممكن إعمالا لأحكام قانون الاستثمار.
وأكدت اللجنة، أهمية قيام الحكومة بتشكيل مجموعة عمل دائمة لمتابعة تطور تصنيف مصر وترتيبها فى التقارير والمؤشرات الدولية الخاصة بالاستثمار، واقتراح ومتابعة تنفيذ كافة الإجراءات التنظيمية واللائحية والتشريعية اللازمة، وعرض هذا التقرير بشكل دورى على المجلس الأعلى للاستثمار، على أن تشكل المجموعة وتبدأ فى تنفيذ مهامها فى أسرع وقت ممكن للعمل المستمر على تحصين بيئة ومناخ الاستثمار الخاص.
فضلا عن، تسريع وتيرة خدمات الحكومة الإلكترونية فى المجالات الخدمية والإنتاجية المختلفة بشكل يواكب ما تقدمه الدول الأخرى الجاذبة للاستثمار، وذلك بغرض سرعة القضاء على البيروقراطية وتسهيل الأعمال والعمل على تطبيق مبادئ الحوكمة والإفصاح.
ووضع الحكومة لبرنامج تنفيذى محدد لتسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود المعرقلة وخاصة فى المجال الجمركى من خلال آليات ربط منظومة (نافذة) إلكترونياً مع شبكات سلاسل الإمداد الدولية والتى تعمل بالتكنولوجيا الحديثة والمؤمنة، ووضع النظم الإلكترونية اللازمة الحصول على بيانات الشحنات ومستنداتها إلكترونياً من المصدر والخط الملاحى مباشرة قبل التحميل والشحن من ميناء التصدير، وذلك بهدف القضاء على ظاهرة الشحنات المهملة بالموانئ، وإتاحة بيانات الشحنة لجهات الفحص.
وأشار التقرير البرلمانى، إلى أن الأحداث والأزمات العالمية المتتابعة وما صاحبها من ارتفاع أسعار الواردات والسلع واضطراب السلاسل التجارية، أكدت على الدور الحيوى والرئيسى للصناعة المحلية وخاصة الصناعات المغذية للصناعات الرئيسية بهدف تخفيض قيمة الواردات وتقليل الضغط على النقد الأجنبى، وهو الأمر الذى يجب أن يكون على أولويات استراتيجية الاستثمار وخطته.
وقد أوصت اللجنة، بتكليف الحكومة بإعداد خطة عمل تنفيذية خاصة بخلق بيئة داعمة للمنافسة تعتمد من المجلس الأعلى للاستثمار وتعتمد على المحاور الآتية:
1- العمل على التنسيق مع البنك المركزى والقطاع المصرفى لزيادة نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص من القطاع المصرفى ترفع نصيب الائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى 50% خلال الخمس سنوات القادمة.
2- الإسراع بتطوير البنية المعلوماتية على مستوى المحافظات لدعم التجارة الإلكترونية.
3- الحد من عمليات الإسناد المباشر للشركات العامة والجهات الحكومية، على أن تكون عمليات الإسناد المباشر للشركات العامة فى حدود الضوابط والأوضاع التى تحددها الدولة. 4- تسهيل الإجراءات الخاصة بإصدار التراخيص والموافقات الأمنية مع تحديد حد أقصى زمنى لإصدار الموافقة.
وأوصت اللجنة أيضا بتكليف الحكومة بوضع خطة تنفيذية سريعة بشأن ترويج الاستثمار فى ضوء الخطة الاستثمارية القومية، وإعادة هيكلة دور مكاتب التمثيل التجارى التابعة لوزارة التجارة والصناعة لتلعب دوراً فعالاً فى خطة الترويج.
وأشار التقرير، إلى أهمية إعداد تقرير فورى من خلال الهيئة العامة للاستثمار عن كافة النصوص التشريعية غير المفعلة فى قانون الاستثمار خاصة تلك المتعلقة بتخصيص الأراضى وتطبيق حوافز الاستثمار وضماناته، وتسوية منازعات الاستثمار، وفض المنازعات، وفرض الرسوم، وسحب التراخيص وتلك النصوص الخاصة بالنصوص العقابية والتى تحظر تحريك الدعاوى الجنائية على ممثلى الشركات إلا بشروط محددة، ووضع خطة تنفيذية وبرنامج زمنى محدد لتفعيل هذه النصوص وإنقاذها ورفع هذا التقرير إلى المجلس الأعلى للاستثمار فى أسرع وقت ممكن لمتابعة التنفيذ.
وأوصت اللجنة، بوضع مجموعة من الاستراتيجيات لدعم التحول للاقتصاد الأخضر والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية أهمها على سبيل المثال لا الحصر، وضع استراتيجية وطنية لإرساء إطار البنية التحتية الخضراء والتمويل الأخضر، والمركبات الخضراء، وإزالة الكربون.
فضلا عن التعامل مع تحسين مناخ الاستثمار على أنه عملية ديناميكية مستمرة ومتعددة الجوانب ومرتبطة بالدول المنافسة والتغييرات التى تطرأ على عوامل جذب المستثمرين، مع ضرورة تقييم نتائج الخطة الاستثمارية سنوياً، وتعديلها كلما تطلب الأمر ذلك مع أهمية قياس أثر الاستثمارات الأجنبية على القيمة المضافة والتصدير والسياحة ونقل التكنولوجيا والصناعات التحويلية والقطاع الزراعى والنقل مع رصد الآثار السلبية على البيئة والاستهلاك المفرط للموارد.
وأوضحت اللجنة، فى تقريرها، أن الدين العام الداخلى والخارجى لا زال يمثل أحد أهم المشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى، كما أن عبء الدين لا زال يشكل عبئًا على كافة قطاعات الدولة.
وفى هذا الصدد أكدت اللجنة على ضرورة تعزيز الشفافية المالية فى إدارة الدين العام، وكذا الإفصاح عن المعلومات بشكل كامل وشفاف بما يعزز الثقة فى الأسواق المالية وجذب الاستثمار، والعمل على تطوير أسواق المال لضمان جذب مستثمرين وتوفير أدوات التمويل الجيدة، وتحسين إدارة الدين العام وتحصين القدرة على تنسيق أدواته بشكل فعال وبما يضمن التحكم فيه وجدولته.
كما أكدت اللجنة، على ضرورة العمل الجاد لتخفيف الأعباء التضخمية من خلال سلسلة من البرامج المجتمعية المختلفة، وزيادة الحد الأدنى للأجور ومعاش تكافل وكرامة باعتبارها حلولاً قصيرة المدى ولكنها تنعكس على المواطنين بشكل إيجابى.
وترى اللجنة، أن ما يواجه الاقتصاد المصرى من تحديات وسط مؤشرات خارجية غير مسبوقة، ورغم كافة الجهود المبذولة، إلا أن تراجع تصنيف مصر فى مؤشرات وكالات التصنيف الائتمانى الدولية يحتم على الدولة ضرورة معالجة تعرض الاقتصاد للأزمات بإجراءات حكومية فاعلة تدعم الاقتصاد والمواطن مع العمل على الحفاظ على مكتسبات خطة الإصلاح الاقتصادى.
وأكدت اللجنة، على الاستمرار فى دعم الدولة لدمج القطاع غير الرسمى فى القطاع الرسمى فى إطار تطبيق معايير الشمول المالى، وترى اللجنة، أن سياسة الاعتماد على الذات فى الإنتاج والتمويل والتشغيل واستخدام التكنولوجيا والطاقات المبدعة الخلاقة ستمكن من زيادة قدرة الاقتصاد المحلى والمنافسة الخارجية فى ظل الظروف والأزمات التى يمر بها اقتصاد العالم.