كشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن الدولة حرصت على الخروج من عباءة الحماية الاجتماعية بمفهومها الضيق إلى العدالة الاجتماعية بمفهومها الأوسع؛ إذ يرتبط مفهوم الحماية بإغاثة المواطن في حال حدوث أزمة محلية أو عالمية لتخفيف العبء عن كاهله، وذلك بتقديم إجراءات حماية عاجلة سواء بتقديم الدعم النقدي أو الدعم العيني، وهو ما توسعت فيه الدولة بالفعل من خلال الزيادة المستمرة لمخصصات الحماية الاجتماعية.
وأكدت أن العدالة الاجتماعية تمثل المفهوم الأوسع الذي تسعى الدولة إلى إرسائه لتحويل المواطن من متلقٍ للدعم إلى مشارك فعّال في المجتمع، بما يحقق استدامة التنمية، وتشتمل ركائز العدالة الاجتماعية على بناء أطر تشريعية داعمة، وتمكين الفئات الأضعف، وتحقيق السكن الكريم، بجانب الاستثمار في صحة الإنسان”. وقد اهتمت الدولة بتلك الملفات كلٍ على حدة بالتوازي؛ لتحقيق الغاية الكبرى في إرساء مبادئ العدالة وعدم التمييز.
وارتكزت جهود العدالة الاجتماعية على بنود الدعم والحماية وتوسيع عدد المستفيدين تحت مظلة الحماية الاجتماعية، إضافة إلى العدالة في وصول كل مواطن إلى خدمات الصحة والتعليم والإسكان والمرافق وغيرها وفق معايير متفق عليها للجودة؛ بمثابة تجديد لالتزام الدولة تجاه المواطن المصري بتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية للارتقاء بمستوى حياته وتعزيز قدراته وإمكاناته.
ورصدت الدراسة، ما قامت به الدولة المصرية من جهود رامية إلى تحقيق السكن اللائق بنظرة أكثر شمولية، بدايتها كانت بتطوير المناطق العشوائية غير المخططة وغير الآمنة إذ نجحت الدولة عام 2021 في تطوير جميع المناطق العشوائية غير الآمنة والتي بلغ عددها 357 منطقة، من خلال مشاركة جهات الدولة المختلفة، ومنها صندوق تطوير المناطق العشوائية، والذي تغيرت مهامه بعد إعلان تطوير جميع المناطق الخطرة في مصر وأصبح معنيا بتطوير المناطق الأخرى غير المخططة، كما أطلق مشروع “سكن لكل المصريين” بمبادرة من رئيس الجمهورية وجهت بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية في المدن الكبرى والمحافظات على مستوى الجمهورية. وفي عام 2022 تم الانتهاء من تنفيذ 612 ألف وحدة سكنية، وتسليم نحو 500 ألف وحدة.
وبلغت مساحة المناطق العشوائية غير المخططة قرابة 152 ألف فدان في عام 2014، وعملت الدولة على تطوير ورفع كفاءة تلك المناطق فأسفرت تلك الجهود عن تطوير 53 منطقة بمساحة 4616 فدانًا حتى عام 2020، بتكلفة قدرت بـ 318 مليار جنيه، فيما افتتحت الدولة عددًا من المشروعات التي تحقق تقديم السكن اللائق للمواطن منذ عام 2014 كان أبرزها: مشروع “بشاير الخير” بمراحله الثلاث بمحافظة الإسكندرية، ومشروع حي الأسمرات بالقاهرة، إضافة إلى مشروع المحروسة 1 بمدينة النهضة لحي السلام.
ويتم نقل المواطنين من المناطق العشوائية غير الآمنة وغير المخططة بثلاث طرق على حسب رغبة المنتقل دون إجبار: أولًا الانتقال الفوري إلى منزل في منطقة حديثة التطوير في نفس المدينة، ثانيًا تعويض مالي لإيجاد سكن بديل خلال فترة التطوير مع تخصيص وحدة مماثلة بعد الانتهاء من المنطقة، ثالثًا التعويض المالي المناسب لإيجاد سكن بديل في منطقة أخرى.
كما شملت مرتكزات ترسيخ حق السكن الكريم لمحدودي الدخل، إذ أُعلن في عام 2014 عن إنشاء مليون وحدة سكنية لدعم أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، وصدر القرار الجمهوري رقم 33/2014 والمعدل برقم 93/2018 بشأن الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، ومنذ عام 2014، جرى طرح أكثر من 700 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، سُلّم منها أكثر من 420 ألف وحدة تخدم متوسط مليوني مواطن حتى مايو 2022.
وأكدت أنه قد بلغت تقديرات الاعتمادات المدرجة لدعم برنامج الإسكان الاجتماعي في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022-2023 نحو 7 مليارات جنيه بدلًا من مليارين و62 مليون جنيه عن الاعتماد المدرج بموازنة 2021-2022. ويمثل التوجيه بتخصيص 10.2 مليار جنيه للإسكان الاجتماعي في الموازنة الجديدة 2023-2024 بمثابة طفرة في تحقيق السكن اللائق الذي يعد أحد المحاور الأساسية لحقوق الإنسان.
وعلى مستوى استيعاب “الزيادة السكانية المستمرة” من خلال المدن الجديدة، تعمل الدولة على إنشاء 26 مدينة جديدة من المدن الذكية من “الجيل الرابع”، وتقدر الكثافة السكانية المنتظر استيعابها عقب الانتهاء من إنشاء المدن الجديدة، 30مليون نسمة، وتتم بـ18 محافظة من أصل 27 محافظة، وتضم ” العاصمة الإدارية الجديدة – تجمع جنوب القاهرة الجديدة- مدينة 6 أكتوبر الجديدة – مدينة حدائق أكتوبر – مدينة سفنكس الجديدة – مدينة امتداد الشيخ زايد – تجمع الوراق الجديدة – مدينة العبور الجديدة- مدينة العلمين الجديدة- مدينة الإسكندرية الجديدة- مدينة المنصورة الجديدة- امتداد النوبارية الجديدة- مدينة الإسماعيلية الجديدة – مدينة شرق بورسعيد- مدينة غرب بورسعيد- مدينة السويس الجديدة – مدينة بئر عبد الجديدة” شمال سيناء”- مدينة الفشن الجديدة – مدينة ملوي الجديدة – مدينة بني مزار الجديدة- مدينة غرب أسيوط- مدينة غرب قنا الجديدة- مدينة اسوان الجديدة- مدينة الأقصر الجديدة – مدينة توشكي الجديدة.
وعلى مستوى البنية التحتية، ذكرت الدراسة أنه يتم العمل على توسيع نطاق تغطية مرافق المياه والصرف الصحي، إذ تبذل الدولة المصرية جهودًا مستمرة في ذلك المجال بارتفاع نسبة التغطية لمياه الشرب على مستوى الجمهورية لتصل إلى 98.7%، في عام 2020. (100% على مستوى الحضر و97.4% على مستوى الريف) مقارنة بنسبة بلغت 97% عام 2014، وارتفعت نسبة التغطية لمياه الصرف الصحي إلى نحو 65% في 2020، (79% بالنسبة للحضر و37.5% على مستوى الريف) مقارنة بنسبة بلغت 50% عام 2014، كما تم تنفيذ 1131 مشروعًا لمياه الشرب والصرف الصحي بتكلفة 124 مليار من عام 2014-2020، وإجمالي ما أنفق بقطاع المياه والصرف الصحي 174 مليار جنيه من عام 2014-2020.