تشهد أوروبا موجة حر غير مسبوقة أثرت على العديد من القطاعات، وخاصة السياحة، حيث إن تغير المناخ بدأ فى تغير خريطة السياحة فى القارة العجوز، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والحرائق فى بعض المدن الأوروبية.
وأشارت صحيفة "ديارى ودى سيبيا" الإسبانية إلى أن بعض الدول الأوروبية فقدت أهميتها كوجهة مفضلة للسياحة، فقد فقدت إسبانيا أهميتها بالنسبة للبريطانيين، حيث أنه لم يعد الكثير من السياح الذين كانوا يبحثون عن وجهة فى إسبانيا للهروب من الأزمات التى تواجه بلدانهم، بإمكانهم التوجه لإسبانيا بسبب دراجات الحرارة المرتفعة، وهو الأمر الذى سيكون له عواقبه الاقتصادية على إسبانيا.
وأصبحت التغييرات فى السياحة بالفعل حقيقة واقعة، حيث وفقًا لأحدث البيانات فقد انخفض عدد المسافرين الذين خططوا لقضاء عطلاتهم فى اليونان أو إسبانيا أو البرتغال بين يونيو ونوفمبر من هذا العام بنسبة 4%.
وأكدت وكالة موديز Moody's الائتمانية، التى تركز على إسبانيا بالإشارة إلى أن الزيادة المتوقعة فى الظواهر الجوية المتطرفة فى السنوات المقبلة "سيكون لها آثار سلبية، بما فى ذلك انخفاض جاذبية دول البحر الأبيض المتوسط ، مثل إسبانيا".
وأشارت صحيفة "الجورنال" الإيطالية درجات الحرارة المرتفعة أدت إلى حرائق كبيرة حولت المبانى التاريخية إلى غبار، حيث تحولت أقدم كنيسة فى عاصمة الجزيرة منذ القرن الخامس عشر إلى رماد، وابتلعت النيران واجهات المنازل وأحاطت بالطرق السريعة ومطار باليرمو الذى ظل مغلقا لعدة ساعات، تم العثور على أول ضحيتين محاصرين فى هذه المنطقة.
وأعرب نيلو موسوميسى وزير الحماية المدنية والحاكم السابق لصقلية عن قلقه من الآثار المدمرة لتغير المناخ فى إيطاليا، مشيرا إلى أنه من الصعب تقييم الأضرار التى سببتها النيران، ولكن وفقًا للحماية المدنية، دمر ما يقرب من 340 حريقًا - تسبب بعضها - بالفعل 700 هكتار من الغابات فى الأيام الأخيرة، وكلها تغذيها الحرارة الشديدة.
ستشهد المناطق الساحلية الجنوبية انخفاضًا فى عدد السياح بنسبة 10% تقريبًا فى الصيف إذا ارتفعت درجة الحرارة ثلاث أو أربع درجات مئوية، وبدأت الزيادة فى درجات الحرارة فى إسبانيا ودول جنوب أوروبا الأخرى بسبب تغير المناخ فى التأثير على السياحة وستؤدى إلى تحول، مع زيادة فى عدد المصطافين الذين سيختارون وسط وشمال القارة خلال الأشهر الأكثر سخونة. السنة على حساب الجنوب.
هذا ما توقعه تقرير حديث صادر عن مركز الأبحاث الأوروبية المشتركة، والذى يعتقد أيضًا أن الجنوب سيستقبل المزيد من المسافرين فى الربيع والمواسم الأخرى الأقل دفئًا.
وقالت ألبا بوريرو، مدون السفر ومنظم السفر منخفض التكلفة، لـ EFE: "فى الصيف الأخير كان هناك تغيير واضح فى الاتجاه بين العديد من السياح الذين فضلوا تجنب الحرارة الشديدة، والسفر إلى وجهات أكثر برودة مثل بلدان الشمال الأوروبي".
وفقًا لبيانات من تقرير صادر عن مركز الأبحاث الأوروبية المشتركة، وهى الدراسة الأولى التى أجرت تقييمًا إقليميًا لاستكشاف تأثير المناخ على الطلب على السياحة الأوروبية، فإن المناطق الساحلية الجنوبية ستشهد انخفاضًا فى عدد السياح بنسبة 10% تقريبًا فى الصيف إذا ارتفعت درجة الحرارة ثلاث أو أربع درجات مئوية.
على العكس من ذلك، فى هذا السيناريو ستزداد شعبية الوجهات الساحلية لشمال أوروبا بحوالى 5% خلال أشهر الصيف وأوائل الخريف.
فى المناطق الجنوبية، سيقابل انخفاض الطلب فى الصيف جزئيًا زيادة فى الزيارات فى بقية الفصول، وفقًا لنفس التقرير.
وقالت ألبا بوريرو، التى تعمل حاليًا فى قطاع السياحة فى أيسلندا، أنها قابلت "العديد من الأوروبيين" الذين اختاروا هذا البلد "كوجهة فى اللحظة الأخيرة للهروب من حرارة أوروبا"، حيث ارتفع عدد السياح في
على الرغم من أن الشركات، من جانبها، لم تلاحظ بعد هذا الانخفاض فى عدد السياح إلى الوجهات الأكثر سخونة فى الصيف، إلا أنها تستعد بالفعل لتغيير محتمل فى الاتجاه فى أوروبا: "إنه شيء نبقى منتبهين له"، تؤكد المصادر من شركة السفر Ávoris.
ووفقا للتقرير فقد تم اكتشاف زيادة ملحوظة فى الحجوزات البريطانية فى دول مثل الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا ولاتفيا وهولندا، حيث شهدت عمليات البحث عن الفنادق فى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن زيادة بنسبة 34٪ مقارنة بشهر أغسطس من العام الماضى.
وشهدت أوسلو أيضًا زيادة بنسبة 45٪، بينما أصبحت ستوكهولم أيضًا أكثر شهرة، حيث ارتفعت عمليات البحث عن الفنادق بنسبة 29% فى أغسطس.