شكل تراجع تحويلات المصريين بالخارج حالة من القلق بين النواب، مطالبين الحكومة بإيجاد آليات واضحة للحد من هذا التراجع، معتبرين أموال تحويلات المصريين بالخارج من أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصرى، ما يتطلب جهدًا أكبر من الحكومة للوقوف على أسباب الأزمة وإيجاد حلول لها.
تقدمت النائبة هناء أنيس رزق الله، عضو مجلس النواب، بسؤال برلمانى إلى المستشار الدكتور حنفى جبالي، رئيس المجلس، حول أسباب تراجع حصيلة تحويلات المصريين بالخارج، مؤكده فى سؤالها الموجه إلى رئيس الوزراء ووزيرى المالية والهجرة، أن تحويلات المصريين العاملين فى الخارج انخفضت بنحو 26% فى الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس ،2023 فى الوقت الذى تواجه فيه الدولة ندرة فى العملة الأجنبية تشكل ضغطًا حقيقيًا على الاقتصاد المصري.
وأوضحت رزق الله، أنه وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي، فإن تحويلات المصريين بالخارج انخفضت إلى حوالى 17.5 مليار دولار، فى الفترة ما بين يوليو ومارس من العام المالى الجاري، مقابل نحو 23.6 مليار دولار فى نفس الفترة من العام الماضي، مشيرة إلى أنه تمثل تحويلات المصريين فى الخارج 7% من إجمالى الناتج المحلي، لا سيما مع احتلال مصر المركز الخامس بين أعلى الدول المتلقية التحويلات المالية من الخارج.
وكشفت عضو مجلس النواب، أنه مرت تدفقات تحويلات المصريين بالخارج بفترات مختلفة على مدار السنوات الماضية، حيث بلغت قيمة التحويلات خلال العام المالى 2010-2011 أقل معدلاتها بقيمة 12.6 مليار دولار، وتحسنت خلال فترة 2011-2012 لتسجل 18 مليار دولار، وفى عام 2014-2015 مع إعلان برنامج الإصلاح الاقتصادى بلغت قيمة التحويلات 19.3 مليار دولار، وسجلت قيمة التحويلات خلال العام المالى 2016-2017 نحو 21.8 مليار دولار.
وتابعت واصلت التحويلات الارتفاع عقب قرار التعويم وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى لتصل إلى مستويات 25.2 مليار دولار فى 2018-2019، واستمرت فى التحسن، حيث سجلت أعلى مستوى تاريخى لها فى عام 2021-2022 بنحو 31.9 مليار دولار.
وطالبت عضو مجلس النواب، الحكومة بالبحث عن الأسباب الحقيقية وراء تراجع حصيلة تحويلات المصريين بالخارج، خلال النصف الأول من العام المالى 2022-2023 إلى 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.
بدوره تقدم الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بسؤال برلمانى موجه إلى وزيرى المالية، والهجرة وشئون المصريين بالخارج بشأن تراجع تحويلات المصريين بالخارج خلال النصف الأول من العام المالى الجارى بنسبة 23%، حيث بلغت قيمة التحويلات 12 مليار دولار فيما بلغت فى نفس الفترة من العام المالى السابق 15.6 مليار دولار، متساءلا عن أسباب هذا التراجع؟
وأكد محسب، ضرورة أن تتعامل الحكومة مع هذه الأرقام بجدية شديدة، ودراسة أسبابها من كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مشددا على أن معرفة الأسباب هى بداية الحل، لافتا إلى وجود مافيا لتجارة العملة تقوم بتجميع التحويلات فى الخارج، وصرفها لأسر المصريين بالخارج فى مصر بسعر أعلى من السعر الرسمى فى البنوك، الأمر الذى يهدد مصدر هام من مصادر العملة الصعبة فى مصر.
وتساءل عضو مجلس النواب، ما خطة الحكومة لمواجهة هذا التراجع؟ وما الحوافز التى يمكن تقديمها للمصريين بالخارج لتشجيعهم على إرسال أموالهم عبر القنوات الرسمية لدعم الاقتصاد القومى؟ ولماذا لا يتم إعفاء تحويلات المصريين فى الخارج من أى ضرائب أو رسوم على عمليات التحويل؟
وأضاف محسب، فى المذكرة الإيضاحية، أنه لا يختلف اثنان على أهمية الدور الذى يلعبه المصريون العاملون بالخارج فى الاقتصاد القومي، حيث تحظى تحويلات المصريين بالخارج بأهمية كبيرة كأحد مصادر النقد الأجنبى لمصر فى ظل الظروف الاقتصادية العالمية، وما تعانيه مصر من نقص فى العملة الصعبة، وعلى مدار السنوات الماضية لعب المصريون بالخارج دورا مهما فى دعم وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري، حيث بلغت قيمة التحويلات إلى 39.9 مليار دولار .
وأكد محسب، ضرورة أن تدرك الحكومة أهمية هذا الملف وأن تتحرك فورا لحل هذه المشكلة بالتواصل مع الجاليات المصرية بالخارج من خلال وزارة الهجرة لتوضيح حقيقة الوضع الاقتصادى فى مصري، وبث الطمأنينة فى نفوسهم، وإنهاء مخاوفهم، ومن ثم بناء جسر من الثقة بينها وبين المصريين بالخارج، مع توعيتهم بأهمية هذه التحويلات فى دعم الاقتصاد المصري، وأن التعامل مع مافيا العملة الصعبة أمر شديد الخطورة بالاقتصاد المصري، مشددا على أهمية طرح هذا الملف ضمن قضايا المحور الاقتصادى بالحوار الوطني، للتعرف على أسباب هذا التراجع والبحث عن حلول واقعية للتعامل مع الأزمة، والخروج منها.
وفى وقت سابق تقدم النائب محمود عصام، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزير الهجرة والمصريين بالخارج، ووزير القوى العاملة، بشأن انخفاض تحويلات المصريين فى الخارج وتداعياته السلبية على الاقتصاد.
وأكد عصام، أن تحويلات المصريين فى الخارج تعد هى العنصر الأكثر تأثيرا على تدفقات النقد الأجنبى فى مصر، ولكن مع ارتفاع الفجوة بين سعر الصرف الرسمى والسوق الموازية وطول أمدها، ونشاط تجارة العملة، أحجم كثير من العاملين فى الخارج عن عمليات التحويل فى القنوات الرسمية، واعتمدوا بشكل كبير على تجار العملة الذين استطاعوا تكوين شبكات واسعة من المعاملات فى دول الخليج خارج الإطار الرسمي، ويقوم التاجر بشراء الدولار من العميل فى الخارج بسعر أعلى من البنك، مقابل توصيل تلك الأموال إلى ذويه فى مصر بالجنيه، وهو ما نتج عنه تراجع حصيلة تحويلات المصريين فى الخارج خلال النصف الأول من العام المالى (يونيو - ديسمبر 2023/2022) بنحو 23٪ مسجلة 12 مليار دولار فقط، مع توقعات بأن تواصل التحويلات انخفاضها خلال الفترة المقبلة.
وأكد عضو النواب، أن التحول الحاد فى هذه الحصيلة لا يمكن أن يقل فى خطورته عن تأثيره خروج الأموال الساخنة من مصر الفترة الماضية، لذلك يجب أن يكون لدى الحكومة سياسات واضحة تضمن استقرار تدفقات المصريين من الخارج والعمل على زيادتها من خلال إيجاد آليه إنذار مبكر تراقب حجم التحويلات والمتغيرات السياسية والاقتصادية المحلية والدولية التى تسببت بشكل مباشر أو غير مباشر فى تراجع تلك التحويلات واتخاذ الإجراءات المطلوبة للتعامل مع تلك المؤثرات.
وطالب عصام، بضرورة أن تفكر الحكومة فى خلق آليات اقتصادية وتمويلية جديدة لتحفيز التحويلات والعمل على زيادتها، مثلما يتحدث الخبراء عن تحفيز تحويلات المغتربين فى الأسواق الناشئة، من خلال إصدار ما يعرف بـ"سندات الشتات"، حيث تقوم الحكومة بإصدار سندات تستهدف المصريين فى الخارج على غرار السندات السيادية التى يتم طرحها للمؤسسات الاستثمارية الأجنبية، كما يجب أن تعفى الحكومة تحويلات المصريين فى الخارج من أى ضرائب أو رسوم على عمليات التحويل بما يسهم فى خفض تكلفة التحويل.
واختتم عضو مجلس النواب تصريحاته، مؤكدًا أن هذه التحديات تتطلب مزيدا من رسائل طمأنه المصريين فى الخارج حول الأوضاع الاقتصادية والمالية وعدم تركهم عرضه لهذا الكم من الرسائل السلبية عن الاقتصاد المصرى والتصورات الخاطئة عن عدم استقرار الجهاز المصرفى أو إمكانية تخلف مصر عن سداد ديونها وهو أمر مغلوط تماما.