أثار مصرع يفجينى بريجوجين قائد مجموعة فاجنر الأمنية الروسية الخاصة مساء الأربعاء الماضى، فى حادثة تحطُّم طائرة روسية خاصة كانت تقل بريجوجين قرب قرية كوجينكينو فى منطقة تفير شمال غرب موسكو، أثناء توجهها من العاصمة موسكو إلى مدينة سان بطرسبرج، آثار العديد من التساؤلات بشأن تأثير غياب بريجوجين على نشاط فاجنر، ومستقبل المجموعة العسكرية ودورها خلال الفترة المقبلة.
وفى دراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، لا يرٌجح أن تتخلى روسيا عن المجموعة العسكرية، رغم مقتل زعيمها، خاصة فى ظل نفوذها المتنامى فى أفريقيا، بجانب العديد من المكاسب التى تحققه تلك المجموعة سواء على صعيد المكاسب المالية، أو عبر توسيع النفوذ الجيوسياسى لروسيا.
ورأت الدراسة أن روسيا لن تلجأ للإطاحة بهذه المجموعة فى ظل نفوذها المتنامى، إذ أن خلق بديل فى هذا التوقيت قد لا يضمن ذات النفوذ والتأثير، خاصة أن فاجنر نجحت فى تعزيز علاقاتها بالأنظمة فى أفريقيا، فى ظل معرفتها التامة بطبيعة التفاعلات فى المناطق التى تتواجد فيها.
ورجحت الدراسة أن يتجه الكرملين للبحث عن قيادة جديدة تدير المجموعة وتشرف على نفوذها فى أفريقيا بحيث تكون أكثر ولاء للكرملين، وفى هذا الإطار يشير تقرير صادر عن مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية “ CSIS” أن روسيا قد تتجه بدلا من حل فاجنر أو استبدالها للعمل على إيجاد قيادة تدين بالولاء وتظل تحت إشراف أكثر صرامة من بريجوزين، مع الحفاظ على مستوى عملياتها فى الخارج، وقد يستلزم ذلك تغيير العلامة التجارية، وفى هذه الحال يمكن أن تلعب القيادات المتوسطة أو أفراد فاجنر العاديين دورًا فى استمرار دور المجموعة فى أعقاب مقتل قائدها.
وبحسب الدراسة طرحت عدد من التقارير أسم ” أندريه تروشيف” كونه الأقرب لتولى قيادة المجموعة، وتروشيف، هو كولونيل روسى متقاعد، وعضو مؤسس ومدير تنفيذى لمجموعة فاجنر، وقد أثير هذا الطرح خلال اجتماع الرئيس الروسى مع عدد من قيادات فاجنر فى أعقاب التمرد الأخير بنحو 5 أيام.
ورأت الدراسة أنه يمكن أن تخرج روسيا من تجربة فاجنر بعدد من الدروس من بينهما الرغبة فى التوسع فى الاعتماد على أكثر من شركة عسكرية فى بسط نفوذها وهيمنتها الخارجية.. وعليه قد تفكر روسيا فى خلق شركات موازية للقيام بذات الدور، وتوزيع المهام ومناطق النفوذ والانتشار فيما بينهما حتى لا تقع فى ذات الفخ التى وقعت فيه نتيجة حيازة فاجنر لكافة المقومات ومصادر التمويل والدعم.
وأشارت الدراسة إلى تضاؤل تأثير مقتله على الحرب الأوكرانية، لا يرجح أن يتأثر المجهود الحربى لروسيا على خلفية مقتل قائد فاجنر، خاصة أن دور المجموعة قد أنتهى بصورة فعلية فى أعقاب إجهاض التمرد الذى حدث فى يونيو الماضى، حيث غاب فاجنر عن الساحة الأوكرانية بعدما تم نقل عناصرها إلى بيلاروسيا، بجانب انتقال البعض غرب أفريقيا.
كما رأت أن فرص انتقام عناصر فاجنر تتراجع، وأكدت الدراسة أنه لا يرجح أن يكون هناك رد فعل مؤثر من عناصر فاجنر على مقتل قائدها، وذلك فى ضوء عدد من الاعتبارات من بينها: تراجع اعداد عناصر فاجنر سواء فى الساحة الأوكرانية، وانتقال بعضهم لأفريقيا.. وعليه لا يمكن أن تمثل العناصر الحالية ومعنوياتهم المنخفضة جراء مقتل زعيمهم أى تهديد أو تحدى سواء لوزارة الدفاع أو القوات المسلحة الروسية.
واختتمت الدراسة بالتأكيد عل أن مقتل بريجوزين وضع حد لشخصية دائمًا ما أثارت مزيدًا من الجدل، خاصة خلال المعارك فى الساحة الأوكرانية، ومع ذلك يبدو رحيله عن المشهد لن ينهى الجدل الذى أعتاد أثارته حينما كان حيًا، حيث ستظل التساؤلات مفتوحة وقد تغيب الإجابات وسط عدد من التعقيدات التى قد تفرضها الأيام القادمة على حادث قائد فاجنر.