تتسع دائرة الحرب التشريعية على السجائر الإلكترونية يوما بعد يوم بعد أن تبين أن مخاطرها لا تقل عن تدين التبغ في الصورة المعتادة، وبدأت الغرف التشريعية تبحث كيفية السيطرة عليها خاصة بعد انتشارها بين الفئات العمرية الصغيرة والأقل من 18 عام، حيث يبدو أن الوصول لها سهلا فضلا عن توفر العديد من النكهات المغرية، مما جعل منعها يشكل تحديًا كبيرًا.
وبالتزامن مع تأكيد منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الطبية العالمية على خطورة السجائر الـ"فيب"، وإعلان إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، التي تنظم بيع منتجات التبغ والسجائر الإلكترونية، إنها بصدد اتخاذ إجراءات لمكافحة تزايد السجائر الإلكترونية ذات النكهات والتي تستخدم لمرة واحدة، بدأت الدول تتحرك لاتخاذ خطوات تشريعية تحد من استخدامها.
وانضمت فرنسا مؤخرا لقائمة الدول التي تكافح انتشار السجائر الالكترونية خاصة التي لم تستخدم لمرة واحده، حيث كشفت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، إن الحكومة تعمل حاليا على إصدار مشروع قانون يحظر هذا النوع من السجائر، في إطار سعى السلطات إلى مكافحة التدخين بين الشباب.
وبينما استبعدت بورن فرض زيادات ضريبية جديدة على السجائر في عام 2024، قالت إن إدارتها تخطط لاتخاذ إجراءات صارمة ضد التدخين، وهي عادة قالت عنها إنها عادت إلى الارتفاع مجددا في فرنسا، مشيرة إلى أنها تؤدي إلى وفاة 75 ألف شخص كل عام.
وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية في مقابلة مع إذاعة "آر تي إل" :"سنقدم قريبا خطة وطنية جديدة ضد التدخين، من شأنها أن تحظر بشكل خاص السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، والتي تقدم عادات سيئة للشباب".
وفى استراليا أعلنت الحكومة في مايو الماضى أنها تعتزم حظر التدخين الإلكتروني الترفيهي في إطار حملة واسعة النطاق تهدف إلى مكافحتها، كما سيجري تبني الحد الأدنى من معايير الجودة، على أن يقتصر بيع السجائر الإلكترونية في الصيدليات فقط.
وتشمل الإصلاحات فرض حظر على جميع السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة، ومنع استيراد المنتجات التي لا تشترط وجود وصفة طبية، وسوف تكون الوصفات الطبية ضرورية بالنسبة لمنتجات التدخين الإلكتروني التي ستبقى قانونية، وسيلزم وضعها في عبوات شبيهة بالمستحضرات الصيدلانية، فضلا عن فرض قيود على النكهات والألوان وتركيزات النيكوتين والمكونات الأخرى.
وتطبق أستراليا بالفعل شرطا يلزم الشخص بتقديم شهادة طبية لاستخدام السجائر الإلكترونية، وقال وزير الصحة، مارك بتلر، إن هذه المنتجات أسهمت في خلق جيل جديد من مدمني التدخين في أستراليا، وأضاف "مثلما فعلوا مع التدخين تبنت ’شركات التبغ الكبرى‘ منتجا آخر يسبب الإدمان، مع تغليفه في عبوات جذابة وإضافة نكهات حلوة خلقت جيلا جديدا من مدمني النيكوتين".
وتقول الحكومة الأسترالية إن التدخين الإلكتروني يمثل تهديدا للصحة العامة، ويؤثر بشكل غير مناسب على الشباب، الذين لم يسبق لكثير منهم التدخين، وتشير الأبحاث إلى أن واحدا من كل ستة أستراليين، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما، استخدم سجائر إلكترونية، مقارنة بواحد من كل أربعة أشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.
وأضاف وزير الصحة أن المنتجات تستهدف الأطفال عمدا، وهي متوفرة بسهولة في متاجر البيع بالتجزئة "إلى جانب حلوى المصاصات وقطع الشوكولاتة"، وقال إن السجائر الإلكترونية أصبحت "قضية سلوكية ذات أولوية" في المدارس الثانوية، وأفادت وسائل إعلام أسترالية بأن البعض بدأ في تركيب أجهزة تكشف التدخين الإلكتروني في دورات المياه.
وقال بتلر: "لن يتوافر بعد الآن نكهات العلكة أو الأنواع الوردية أو السجائر الإلكترونية المتخفية في هيئة أقلام تمييز نصوص للأطفال التي يسهل إخفاؤها في حافظة أقلام الرصاص الخاصة بهم".
وكانت دول أخرى، البرازيل وسنغافورة وسيشل والأوروغواي السجائر الإلكترونية، قد حظرت التدخين الإلكتروني، وتعد الهند أول بلد في العالم يحظرها تماماً عام 2019، وقالت وزيرة المالية الهندية أنذالك نيرمال سيتارامان إن غرامات كبيرة أو عقوبة السجن لمدة تصل إلى عام واحد تنتظر كل من يصنًع السجائر الإلكترونية أويستوردها أو يصدرها أويخزنها أو يبيعها.
وأضافت الوزيرة أن حكومة بلادها اتخذت هذا القرار كرد فعل على الآثار الضارة التي تتركها لسجائر الإلكترونية على الشباب بشكل خاص، وأضافت: "لقد أصبح الأمر موضة أن يجرب الشباب هذه السجائر ومن ثم يدخنونها بانتظام".
وفى ديسمبر الماضى حظرت نيوزيلندا تدخين السجائر الالكترونية بعد أن أقر البرلمان تشريعا يمنع أي شخص ولد بعد عام 2008 من شراء السجائر أو منتجات التبغ، وسيعني ذلك أن عدد الأشخاص القادرين على شراء التبغ سيتقلص كل عام. بحلول عام 2050، على سبيل المثال، سيكون من غير الممكن للأشخاص في سن الأربعين شراء السجائر.
وتشمل القوانين الجديدة تحديد مسافة 300 متر بين متاجر السجائر الإلكترونية الجديدة والمدارس، كما تم فرض قيود على وصف النكهات المتاحة، وتستمر الحكومة في مراقبة ومراجعة السياسات المتعلقة بالتدخين الإلكتروني، للحد من استخدامها غير المشروع والضار بين الشباب.
وعربيا لم تجد تلك التشريعات لها موطئ قدم، إلا أن المغرب أعلن منذ يناير الماضى فرض ضريبة على منتج الشيشة الخالي من التبغ والسجائر الإلكترونية في إطار مشروع قانون المالية لسنة سنة 2023.
وقد وافقت الحكومة المغربية على تعديلات قدمتها فرق الأغلبية داخل مجلس النواب على مشروع قانون المالية 2023 بهدف توسيع الوعاء الضريبي ليتضمن "الشيشة" أو "الأرجيلة" أو "المعسل" على غرار السجائر الإلكترونية.
وينص التعديل على فرض ضريبة داخلية على منتج "الشيشة" بمقدار 675 درهم للكيلوغرام الواحد، ورفع الرسم المطبق على السجائر الإلكترونية عند الاستيراد من 2.5% إلى 40%.