شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الأربعاء، فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة مرور 50 عاما على نصر أكتوبر، وشارك الرئيس، فى تحية السلام لشهداء حرب 6 أكتوبر 1973.
كما طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، الحضور بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة، بالوقوف تقديرا واحتراما لأبطال معركة رأس العش، قائلا: «اسمحوا لنا نقف تقديرا واحتراما ليهم لو سمحتوا».
وحرص الرئيس السيسى على مصافحة الأبطال الذين شاركوا فى المعركة، وتبادل معهم أطراف الحديث.
وفى بداية كلمته قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الشكر والتقدير لكل المشاركين فى الجلسة النقاشية بالندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة مرور 50 عاما على نصر أكتوبر المجيد، وقال الرئيس السيسى: «خلينى أوجه لكم الشكر لمعالى الأمين العام وأستاذى اللواء طلحة، اللى بنبجله ونحترمه لعلمه، إحنا من الجيل اللى اتعلمنا منه.. وأنا هتكلم الأول الهزيمة امتى؟ الهزيمة عندما تقبلها.. حالة الهزيمة كانت حدثت فى الميدان العسكرى 67 لكن حالة التحدى القومى كانت 9 يونيو عندما خرج المصريون لرفض تنحى الرئيس عبدالناصر».
وأضاف: «ده كان أمر بالنسبة للواقعة الهائلة بتأثيرتها الضخمة جدا على مصر والجيش والأمة العربية كان هائل، لكن بالرغم من كده المصريين خرجوا ومحدش شوّه الفكرة.. فى ناس بتقول دى كانت مترتبة.. لا.. المصريين خرجوا علشان يقولوا مش قابلين الهزيمة والجيش خلصان والإسرائيليين موجودين فى سيناء كلها».
وأوضح الرئيس السيسى: «كل مهتم بالقضية لازم يعرف إن القضية لم تبدأ فى 73، ولكن فى أعقاب الضربة ووسط الألم والهزيمة الجميع تحمل من 67 إلى 73».
وتحدث الرئيس السيسى عن تفاصيل حرب أكتوبر، قائلا إنه «بمفردات القوة الموجودة التى كانت لصالح إسرائيل، تمكن الجيش المصرى بالفكر والتخطيط والعزيمة أن يحقق النصر، وعندما نقول اليوم إنه كان هناك جسر جوى ضخم نحن لا نستدعى حالة بل نحكى كيف نفهم الحكاية».
وأضاف الرئيس السيسى: «عندما يقول كيسنجر فى مذكراته أن القرار كان عدم السماح بهزيمة السلاح الغربى، أى أن القرار كان على مستوى القوتين العظميين».
وتابع الرئيس السيسى: «نحن كدولة علينا دور نعمله بموضوعية، لأننا نريد فى تعاملنا أن نكون دائما الحق، لأن الحق لا يمكن التغلب عليه وكذلك الصدق، وإذا أردت معرفة الحكاية فليس بعنوان تسمعه أو مقولة تتردد، بل تقرأ وتسمع كويس لأنها بلدك إذا كنت مهتم».
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إنه رغم الدعم العربى لحرب أكتوبر 1973، تم تخصيص كل موارد مصر لصالح المجهود الحربى، متابعا: «لكم أن تدركوا أن الشعب المصرى فى هذا الوقت كان يخرج يجيب حاجته بالطابور، وقضية الوعى اللى أقصده أن غياب المشاهدة غياب الحضور، اللى بيتكلم غير اللى عاش، إنت عايز تقول للى بيسمع إنت ما شفتش ده.. لازم حد يدوقهم بالحكاية بعمقها».
وأضاف الرئيس السيسى: «حجم الجهد والإصرار اللى وضعوه المصريين رفضا للهزيمة كبير، والكلام ده يمكن أدهش الإسرائيليين نفسهم، وكانوا متوقعين أن الموضوع ده هيترتب عليه خروج رئيس مصر من المشهد فى مصر، وهاقول للناس فى مصر أنا فى تقديرى كنت باعتبر أن أحد عناصر قوى الدولة الشاملة فى هذا الوقت هو شخص الرئيس».
وتابع الرئيس السيسى: «كان تحدى آخر فى سنة 1970 عندما توفى الرئيس جمال عبدالناصر، ودى كانت ضربة كبيرة جدا جدا وقاسية جدا على وجدان الشعب المصرى».
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن الجيش المصرى الوحيد الذى كان يستطيع الانتصار فى 73 قائلا: «كان عندى 13 سنة وفاكر كل حاجة اتعملت.. رأس العش والمدمرة إيلات وحريق الزيتية أى بيان اتقال كنت موثقه.. وجايب جرايده والكتب اللى اتكلمت عن اللى حصل».
وأضاف الرئيس السيسى: «فيه مقالة واحدة من ضمن المقالات اللى اتكتبت ضمن خطة الخداع الاستراتيجى كتبها المفكر العظيم محمد حسنين هيكل.. كان بيتكلم فيها عن محاولات العبور والنتائج اللى ممكن تحصل.. كنت باقرا كل المقالات اللى بتصدر عن الحرب والصراع وحرب الاستنزاف لو جبتها لكم وهى بقالها من أكتر من 52 سنة وشوفتوها هتعرفوا قد إيه حجم القفزة.. والله لا أبالغ عشان أنا مصرى أو علشان أنا ظابط جيش.. ده ماكانش ممكن حد تانى يعملها إلا الجيش المصرى فى الوقت ده».
وقال الرئيس: «كنا نتأثر بالبيئة الدولية الموجودة حيث كان هناك صراع بين قوتين عظميين أمريكا والاتحاد السوفيتى، والجيل الذى لم يشهد ذلك لا يستطيع أن يعرف تأثير هذا على مجريات الأحداث وإلى حد كبير كان يقرر مصائر دول نتيجة المباحثات بين الدولتين وهذا الوضع تغير فى سنة 90 و91 وحدثت تطورات كبيرة لكن فى هذا الوقت كان له تأثير كبير على استعادة قدراتنا وبنائها».
وأضاف الرئيس السيسى: «نختلف مع كل من يتحدث عن الموضوع لو عشت ودوقت الحالة من 67 إلى 73 هتعرف أن مصر مش انتصرت، مصر قفزت لما يكون فى طرفين متساويين فى القوة والحالة المعنوية تكون القوة المنتصر أفضل معنويا».
وعلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، على دعوة الدكتورة مها شهبة أستاذ الإعلام، وصانعة الأفلام الوثائقية، بإنشاء منصة رقمية حديثة عن حرب أكتوبر المجيد، قائلا: «أى حاجة ممكن تتعمل من أجل إن وعى شبابنا وأمتنا يكون ناضج وحى.. ومستعدين نعمل أى حاجة حقيقية».
وتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الفترة التى تلت هزيمة 67 وصولا إلى نصر أكتوبر، قائلا: «فى ذلك الوقت حصل تدمير كامل للقدرات العسكرية للجيوش العربية وخاصة قدرات الجيش المصرى.. الكلام اللى كان بيتقال من موشيه ديان إن مصر تحتاج لـ50 سنة لإعادة بناء جيشها الذى تم تدميره».
وأضاف الرئيس السيسى: «خلال تلك الظروف كانت هناك هزيمة كاملة وإحباط كامل وفقد للثقة وغياب لقائد تعودوا عليه منذ 16 سنة، رغم إنه كان رقم كبير جدا فى معادلة القوة المصرية والعربية.. ومع كل ذلك استطاع الجيش أن يكسر حاجز الخوف وعدم الثقة وفرق القوة الضخم للغاية بين ما لدينا وما لديهم، هذا لم يكن انتصارا عاديا، فالجسر الأمريكى كان بينزل دبابات إم 60 فى مطار العريش لتعويض خسائر إسرائيل خلال الحرب».
حرب ضرورية وجهد دبلوماسى
قال أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، إن الحرب كانت ضرورية منذ يوم 10 يونيو 1967، مشيرا إلى أن مصر دولة كبيرة، وضُربت ضربة عنيفة، وبالتالى فإن كبرياءها واحترام المنطقة لها وقدرتها على التأثير فى المنطقة، كان يجب أن تقوم حرب جديدة تعيد التوزان الاستراتيجى فى المنطقة.
وأضاف: «النوايا الإسرائيلية كانت استبقاء الأرض ولم يكونوا على نية للانسحاب منها، والقيادة المصرية والشعب المصرى وأنا شخصيا كنت أرى أن المسألة لن تحل إلى بحرب أخرى». وتابع: «المهمة الأولى إعادة بناء القوات المسلحة مرة أخرى، وبناء قوات مسلحة قادرة يستغرق سنوات، وخلال هذه السنوات بذل جهد دبلوماسى والعالم حاول إقناع إسرائيل بالانسحاب من الأراضى المحتلة، وكنت على يقين أن الجهد الدبلوماسى لن ينجح».
واستطرد: «الجهد الدبلوماسى كانت له كثافة كبيرة فى العامين الآخرين قبل الحرب، وأنا قرأت برقيات على اتصالات مصرية أمريكية، والتى وثقت ما دار بين وزير الخارجية المصرى والأمريكى، وقال له ليس ما لدينا ما نضيعه من وقت معكم، فى الوقت نفسه الرئيس السادات قرر إخراج الخبراء السوفيت من مصر، وهذه كانت رسالة رصدها الأمريكان». وأضاف: «الأمريكان اهتموا بعدها بالجانب المصرى، وقالوا لا يوجد مانع من إجراء مشاورات، وحدث جولتى مشاورات لأول مرة، فى فبراير 1973 وأخرى فى مايو من نفس العام، والتقى وزير الخارجية الأمريكى مع مستشار الأمن القومى المصرى وقتها، ولم يصلا لتفاهم فيما بينهما، ومن هنا وعندما عرض الأمر على الرئيس، توصل للنتيجة المؤكدة، أنه لا يمكن حلحلة الأمر إلا بعمل عسكرى كبير».
وتابع: «استقر الأمر على القيام بالعمل العسكرى، ويبدأ العمل العسكرى، وينتهى بتحقيق الهدف المصرى، وكان حينها الهدف الحصول على شريحة من الأرض، وضرب الجانب الإسرائيلى، وتدمير خط بارليف، وصد الهجمات المضادة، والدخول فى مفاوضات، ومن هنا استغرق الأمر بعض الوقت، ولكن من المؤكد أننا الآن يمكننا أن نزور طابا ورفح، بمعنى أن مصر حققت هدفها الاستراتيجى من الحرب».
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن مؤتمر الخرطوم كان أحد العلامات المضيئة فى هذا السياق، لأن الأمة العربية خلاله رفضت الهزيمة، وقررت تخصيص دعم مالى لدول المواجهة، موضحا أنه تم الاتفاق على حوالى 140 مليون جنيه إسترلينى لكل من مصر والأردن.
وأضاف: «القوة الشرائية لهذا المبلغ، كان لها تأثير، والدعم العربى خلال هذه المواجهة، كانت له عدة أوجه، أولها الدعم المالى، الذى استمر طوال المواجهة، ودعم القوات، حيث شاركت قوات من المغرب والجزائر والكويت والمملكة العربية السعودية والعراق».
وتابع: «المحور الثالث هو محور البترول، لأن البترول دخل فى سياق الحرب وتقرر تخفيض إنتاج البترول 5% كل شهر، وكان لذلك تأثير كبير، كما كان هناك دعم من خلال تقديم معدات، حيث اشترت دولة ليبيا مقاتلات قاذفة من فرنسا والطيارين المصريين تدربوا عليها فى فرنسا واشتغلوا عليها فى الحرب، والميج تم إرسالها من الجزائر».
لحظات بيان النصر
قالت الفنانة والإعلامية إسعاد يونس، إن والدها كان طيارا حربيا، ووصفته بأنه كان «قمر الزمان» لأنه كان يمثل كل معانى الإنسانية والصدق والشجاعة، وكان مخلصا وممثلا للمؤسسة العسكرية التى ينتمى إليها.
وأضافت: «منذ وفاة والدى، وأنا يراودنى حلم، أن أكون موجودة فى مكان، وأجده قادما نحوى، وهذا الحلم لن يتحقق فى الواقع، ولكن ما كان يخفف عنى أننى أسمع صوت أنفاسه بجانبى».
وتابعت: «فى 6 أكتوبر 1973، كنت فى الإذاعة، وقبلها بأيام، كنا نذيع العديد من المسلسلات، ولكن يوم 6 أكتوبر وفى نشرة الساعة 2 ظهرا، أذيع بيان أحدث زلزالا من الفرحة والزغاريد، وتنفسنا الصعداء».
وذكرت: «كانت الإذاعة وقتها كل الغرف الجميع كان يعمل، وكنت أصعد وأنزل على السلم دون استخدام المصاعد، وخلال ساعات قليلة خرج فن من أيادى من كانوا موجودين، عاش حتى يومنا، وهذه الأشخاص لم تيأس، فالجيش والشعب كالعاشق والمعشوق، وكان طوال الوقت هناك أمل، وبالتالى خرجت تلك الأعمال بهذه الروعة». وأضافت: «فى هذه اللحظة، وبعدما سمعت بيان النصر، اتصلت على والدتى وقلت لها «يا ماما بابا جه»، فكان النصر بمثابة عودة أبى لى مرة أخرى من الموت».
أعظم التحديات
وفى كلمته، قال اللواء محمود طلحة، المدير الأسبق لكلية القادة والأركان، إنه منذ نهاية 1967 كان الجهد الأكبر للقادة على جميع المستويات وحتى ضباط الصف والجنود، هو التفكير فى أسلوب تحرير الأرض، وتم التخطيط بطريقة تراكمية بناء على ظروف الموقف العام والموقف الاقتصادى، لا سيما موقف تدبير السلاح.
أضاف اللواء طلحة، أن القوات المسلحة عملت على دراسة الذهنية الإسرائيلية وهيكل الدفاعات الإسرائيلية أيضا، وكان التحدى الأعظم هو كسر حاجز الخوف، وإيقاف منحنى الانكسار للقوات المسلحة والشعب المصرى نتيجة هزيمة 67، وكانت العلامة البارزة لكسر هذا المنحنى هو معركة رأس العش.
وتابع المدير الأسبق لكلية القادة والأركان: «التحدى الآخر هو تأمين اقتحام قناة السويس بما تشمله من مسائل معقدة فنيا وتكتيكيا وتم التغلب عليها، وكان هناك جهد عظيم من القادة فى هذا الاتجاه، والتحدى بعد ذلك أسلوب تسلق الساتر الترابى ببعض الأسلحة، لتجريف وتحطيم القلاع الحصينة التى تمثل الخط الأول لخط بارليف وهذا تم بحمد الله، والقوات قاتلت من 10 إلى 12 ساعة دون دبابة واحدة، وأهم تحد كان مطلوب تنفيذه لتأمين التحديات السابقة هو تنفيذ خطة الخداع الاستراتيجى لبدء الهجوم ومفاجأة إسرائيل والعالم كله، وأود أن أشير إلى الدور الباهر لأهالينا فى بدو سيناء الذين عملوا على تأمين القوات وتوفير قدر كبير من المعلومات المهمة عن أوضاع العدو بما يمكن من نجاح الاقتحام».
وأكد اللواء محمود طلحة، أن الحرب امتداد للسياسة بوسائل أخرى، وعلى الحرب فى نهاية المطاف أن توفر الظروف المناسبة والمناخ المناسب الذى تستغله القوى السياسية لتدعيم أو استكمال وتطوير ما تحقق بالقوة العسكرية. وأضاف أن المعيار الجوهرى الوحيد للنصر والهزيمة هو مدى تحقيق الحرب للهدف أو الأهداف الذى قامت من أجلها، ولن يتحقق الهدف إن لم توجد جدوى للقوة، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلى لم يفق من صدمته لما حدث فى حرب أكتوبر 1973، وبشهادات العديد من قادة الجيش الإسرائيلى.
وتابع المدير الأسبق لكلية القادة والأركان: «مناحم بيجن فى سنة 1968 كان رئيس حزب الكود، وقال مقولة شهيرة جدا: لقد أصبحت سيناء جزءا عضويا من إسرائيل وفيها سأتخذ مرقدى الأبدى، وهو نفسه الذى وقع على اتفاقية السلام سنة 1979».