لم تكن شهرة شهر أكتوبر مقتصرة على كونه شهر الانتصارات فقط، وبالرغم من إنها الشهرة الأولى والأهم له بسبب انتصارات حرب 6 أكتوبر التى نحتفل بها كل عام من بداية الشهر لنهايته، إلا إنه معروف بشهر العمل أيضَا، حيث يتم الاحتفال في يوم 7 منه باليوم العالمى للعمل اللائق، والذى يهدف إلى تعزيز فكرة العمل اللائق للحصول على الحقوق الأساسية للعاملين، وخاصة حقهم في عمل لائق وكرامة.
ويتزامن مع الاحتفال بيوم العمل اللائق هذا العام، اقتراب موعد مناقشة مشروع قانون العمل الجديد في مجلس النواب خلال دور الانعقاد الحالى "دور الانعقاد الرابع"، وذلك بعد صياغة الحكومة لمواد مشروع قانون العمل في شكلها النهائي بما يضمن حقوق وواجبات العامل وصاحب العمل، في قانون عمل جديد من المتوقع استكمال مناقشته خلال هذا الشهر أيضًا، وذلك بعد مناقشة نحو 69 مادة من مشروع القانون خلال دور الانعقاد الماضى "دور الانعقاد الثالث".
وفى هذا الإطار، ومع اقتراب استكمال مناقشة مشروع قانون العمل الجديد لإقراره من البرلمان، وبمناسبة احتفالات يوم العمل اللائق، أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تقريرًا مهمًا يتضمن أحدث مؤشرات ومواصفات العمل اللائق في مصر، علاوة على، أوضاع العاملين من حيث التعيين والاشتراك في الخدمات الصحية ومتوسط ساعات العمل ونسبة مساهمتهم في النشاط الاقتصادى، حيث كشف الجهاز أن من أهم وأولى عناصر العمل اللائق هي ديمومة العمل "العمل الدائم".
وأضاف الجهاز، أن نسبة العاملين في مصر بأجر في عمل دائم، بلغت حتى نهاية عام 2022 نحو 67.5% من إجمالي العاملين بأجر، وترتفع تلك النسبة بين الإناث عن الذكور، حيث تبلغ 88.6% بين الإناث، مقابل 64% للذكور، كما ترتفع تلك النسبة في القطاع الحكومى عن غيره، حيث سجلت نسبة العاملين في عمل دائم بالقطاع الحكومي أعلى نسبة بـ98.2% تلاها العاملين فى القطاع العام والأعمال العام بنسبة 91.3%، وسجلت أقل نسبة للعاملين بعمل دائم في القطاع الخاص "خارج المنشآت" بنسبة 30.7%.
من الجدير بالذكر، أن مفهوم العمل اللائق يشير إلى، تعزيز الفرص للجميع للحصول على فرص عمل منتجة فى ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة، وطبقًا لمنظمة العمل الدولية، يتضمن العمل اللائق فرص عمل مناسبة، وضمان أجور عادلة، وضمان اجتماعي للأسر، مع إتاحة إمكانيات أفضل لتطوير الفرد وتحقيق الاندماج الاجتماعي، وإتاحة مساحة من الحرية للأفراد للتعبير عما يشغلهم، هذا بالإضافة إلى المساهمة والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم وتحقيق التكافؤ في الفرص والمساواة في المعاملة بين الرجال والنساء.
وفى السياق ذاته، استعرض جهاز الإحصاء في تقريره، أوضاع وظروف العمل والعمال في مصر، حتى نهاية عام 2022، حيث كشف الجهاز أن معدل التشغيل، والذى يشير إلى عدد المشتغلين منسوبًا إلى عدد السكان 15 سنة فأكثر)، سجل 65.7% للذكور، مقابل 12.2% للإناث، لافتًا إلى أنه من ضمن عناصر العمل اللائق، أن تتوافر الحماية الاجتماعية والصحية للعاملين، لما لها من أثر كبير في إحساس العمال بالاستقرار والأمان.
وفى هذا الإطار، ذكر جهاز الإحصاء، أن نسبة العاملين بأجر - بشكل عام - المشتركين فى التأمينات الاجتماعية، بلغت 43.4%، وسجلت تلك النسبة بين العاملين في القطاع الحكومى، 97% من إجمالي العاملين بأجر في الحكومة، تلاها العاملين بالقطاع العام والأعمال العام بنسبة 89.6%، ثم العاملين بالقطاع الخاص "داخل المنشآت" بنسبة 36.4%، بينما كان العاملين بالقطاع الخاص "خارج المنشآت" هم الأقل نـسبة، حيث بلغت 11.1% من جملة العاملين بأجر فى هذا القطاع.
أما المشتركون في خدمات التأمين الصحى، فبلغت نسبتهم – وفقًا لجهاز الإحصاء - 37.7% من إجمال العاملين بأجر، وسجلت هذه النسبة 96.7% في القطاع الحكومى بين إجمالي العاملين بأجر في القطاع، تلاها النسبة في القطاع العام والأعمال العام، والتي سجلت 88.6%، ثم جاءت نسبة القطاع الخاص "داخل المنشآت" بـ 28.6%، بينما سجلت بين العاملين فى القطاع الخاص "خـارج المنشآت" أقل نسبة بـ 3.4% من إجمالي العاملين بأجر في هذا القطاع.
ومن عناصر العمل اللائق التى أشار إليها جهاز الإحصاء في تقريره أيضًا، عدد ساعات العمل في مصر، والتي سجلت 45.8 ساعة كمتوسط عدد ساعات للعمل في الأسبوع للعاملين بأجر، وبلغ هذا المتوسط 46.3 ساعة بين الذكور، مقارنة بـ 42.8 ساعة للإناث، وطبقًا للنشاط الاقتصادى، بلغ أعلي متوسط عدد ساعات عمل أسبوعية بين العاملين في خدمات الغذاء والإقامة بـ 51.2 ساعة، تلاها الأنشطة الإدارية وخدمات الدعم بمتوسط عدد ساعات 50.4 ساعة، فيما جاء أقل متوسط لساعات العمل الأسبوعية بين العاملين في نشاط التعليم بـ 40.5 ساعة.
ووفقًا لقطاعات العمل، وصل متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية لأعلى مستوياته بين العاملين فى القطاع الخاص "داخل المنشآت" بمتوسط 49.4 ساعة، تلاه القطاع العام والأعمال العام بمتوسط عدد ساعات عمل أسبوعية 45.1 ساعة، بينما انخفض هذا المتوسط إلى 43 ساعة بالقطاع الحكومى.
وتضمنت المؤشرات التى أعلنها جهاز الإحصاء، في هذا الإطار أيضًا، معدل المساهمة في النشاط الاقتصادى، والتي بلغت 42.7% من إجمالي السكان على مستوى الجمهورية "15 عام فأكثر" بنهاية عام 2022، وارتفع هذا المعدل بين الذكور إلى أكثر من 4 أضعاف مثيلاتها بين الإناث، فسجل 69.1% للذكور، مقابل 14.9% للإناث، وتشير البيانات إلى أن هذا التفاوت هو النمط السائد في سوق العمل المصرى.
تجدر الإشارة إلى أنه، من أبرز أهداف قانون العمل الجديد المقرر استكمال مناقشته قريبًا بالبرلمان خلال دور الانعقاد الحالي، مواكبة التطور والحداثة في ميدان العمل للمواءمة مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها مصر في الفترة الأخيرة، والالتزام بمعايير العمل الدولية والاتفاقيات التي صدّقت مصر عليها، هذا بالإضافة إلى تحقيق الرضا والتوازن المتبادل بين طرفي علاقة العمل، وإرساء مبـدأ العدالـة الاجتماعية، والحفاظ على كرامة الفرد سواء للعامل أو صاحب العمل.