أبوسمبل - عبد الله صلاح
- تزويد بوابات دخول ومنظومة التذاكر الإلكترونية تمنع الزحام
- تخصيص سيارات جولف لمساعدة الضيوف
- مساعد وزير الآثار: 2100 زائر حضروا الظاهرة
فى صبيحة هذا اليوم، تشرق الشمس كعادتها من بين أحضان مياه بحيرة ناصر وتخترق الأشعة ممراً بواجهة معبد أبو سمبل، حتى تدخل وتلامس وجه الملك رمسيس الذى يجلس فى قدس أقداس المعبد، خلال 20 دقيقة فقط، لتسجل ظاهرة فلكية فريدة ومعجزة هندسية، لا تتكرر إلا مرتين كل عام 22 فبراير و22 أكتوبر.
واصطف الزائرون الأجانب بساحة أبوسمبل أمام واجهة المعبد الكبير الذى يبدو منه التماثيل الأربعة العملاقة للملك رمسيس الثانى، ووقفوا فى طابور طويل لمشاهدة عظمة المصرى القديم وبراعته فى تصميم فريد لواحدة من المعجزات الهندسية فى البناء والتشييد وهى ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبوسمبل.
وحضر ظاهرة تعامد الشمس، الدكتور خالد الشريف، مساعد وزير السياحة والآثار للتحول الرقمى، معبد أبوسمبل، والذى حرص على الاطمئنان على وضع اللمسات النهائية بالمعبد قبل يوم الظاهرة، وتفقد عمل المنظومة الجديدة للتذاكر الإلكترونية، التى تأتى فى إطار منظومة التحول الرقمى.
كما حضر الحدث، أحمد دنش، مدير الإدارة العامة لنظم المعلومات والتحول الرقمى بمحافظة أسوان، والدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة، والمشرف العام على شئون السياحة والآثار بأسوان، ووصل عدد حضور يوم تعامد الشمس إلى نحو 2100 سائحا أجنبيا من مختلف دول العالم، بجانب الزوار المحليين من مختلف المدن المصرية.
ورصدنا مشاهد مختلفة للضيوف الأجانب الذين وصلوا من أقصى المناطق إلى جنوب مصر لمشاهدة الظاهرة الفريدة وسط سعادة وبهجة ظهرت خلال توثيقهم حضور هذا الحدث الأثرى البارز على أجندة السياحة الدولية.
وأكد عدد من السائحين الأجانب، فى تصريحات خاصة، أنها لحظة تاريخية بالنسبة لهم حضور مثل هذه الظاهرة النادرة التى استطاع المصرى القديم رغم ضعف الإمكانات قبل آلاف السنين فى تجسيد هذا الحدث، موضحين شعورهم بالأمن والأمان داخل مصر ولا يوجد ما يعكر صفو رحلتهم بعد تنقلهم بين أكثر من مدينة سياحية مصرية.
وحرص سائح أجنبى رغم إعاقته على الحضور إلى أبوسمبل وقطع المسافات عبر الحدود الدولية لمشاهدة الحضارة المصرية بمعبد أبوسمبل، فيما ساعده العاملون فى الآثار على تسهيل جولته السياحية داخل المنطقة الأثرية وتوفير سيارة جولف كار لتنقله بالمعبد.
فيما ارتدى سائح آسيوى، الزى المعروف للشخصية الكارتونية "بكار" خلال زيارته لمعبد أبوسمبل، بعد إعجابه بالفلكلور النوبى والملابس التى يرتدونها الكبار والأطفال ذات الألوان المختلفة الزاهية ويغلبها اللون الأبيض.
وتعاونت الوحدة المحلية لمدينة أبوسمبل، برئاسة محمد عبد العزيز، تحت إشراف أحمد دنش، مدير الإدارة العامة لنظم المعلومات والتحول الرقمى بمحافظة أسوان، وبتوجيهات أشرف عطية، محافظ أسوان، فى تزويد المعبد بشاشة عرض عملاقة لنقل ظاهرة التعامد ويتم وضعها بساحة المعبد لإتاحة مشاهدة الظاهرة لمن لا يستطيع الدخول إلى داخل المعبد حيث قدس الأقداس.
من جانبهم، أكد الدكتور خالد الشريف، مساعد وزير السياحة والآثار للتحول الرقمى، نجاح ظاهرة تعامد الشمس فى أبوسمبل اليوم، والتى حرص على حضورها نحو 2100 زائر ما بين أجانب ومصريين، مشيرا إلى أنه بالرغم من إلغاء الاحتفالات الفنية للظاهرة تضامنا مع أحداث غزة، إلا أن الإقبال كان مرتفعا خاصة من الأجانب كما هو معتاد فى هذه الاحتفالية
وأضاف مساعد وزير السياحة والآثار، فى تصريحات خاصة، على هامش حضوره الظاهرة بأبوسمبل، أن التنظيم كان جيداً ومختلفا وكان التركيز على تجربة السائح الذى اشترى التذكرة لمشاهدة التعامد، لافتا إلى جهود العاملين فى الوزارة والمنطقة الأثرية بأسوان وأبوسمبل بجانب الشركة المنفذة لمنظومة التذاكر الإلكترونية، بما ينعكس على تجربة الزائر الأجنبى، مشيراً إلى أنه حوالى 95% من السائحين شاهدوا ظاهرة تعامد الشمس وقت حدوثها خلال الـ20 دقيقة فترة الظاهرة، مضيفا أن وزارة السياحة والآثار مستمرة فى خروج الاحتفالية بتعامد الشمس بشكل أفضل كل مرة مقبلة.
وتابع الدكتور باسم إبراهيم، مدير عام إدارة تطوير المواقع وخدمات الزائرين بوزارة السياحة والآثار، أن هناك تجهيزات سبقت ظاهرة تعامد الشمس للخروج بالاحتفالية بالشكل اللائق أمام الزوار من مختلف العالم، وتحسين خدمات الزائرين، والتى تتم فى جميع المواقع الأثرية والمتاحف التى يبلغ عددها 168 موقعا.
وقال الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة، والمشرف العام على شئون السياحة والآثار بأسوان، أنه تم زيادة عدد البوابات الإلكترونية لدخول السائحين لتصل إلى 10 بوابات لمنع التكدس والتزاحم أثناء الدخول، وفقا لمنظومة التذاكر الإلكترونية الجديدة التى تستخدمها وزارة السياحة والآثار بالمواقع الأثرية المختلفة، مشيرا إلى أن منطقة آثار أبوسمبل كانت سابقة فى تطبيق منظومة التذاكر الإلكترونية والتى بدأت ب6 مناطق أثرية بمصر من بينهم معبد أبوسمبل، مشيرا إلى تسهيل عملية دخول السائحين ومنع التكدس، وذلك عن طريق إتاحة الحجز "أون لاين"، أو يمكن الحصول على تذكرة الدخول من مركز البيع الجماعى، أو الحصول على التذكرة مباشرة من منفذ بيع التذاكر بالمنطقة نفسها.
وأوضح المشرف العام على شئون السياحة والآثار بأسوان، أنه تم توفير سيارات "جولف" كهربائية لنقل السائحين الأجانب من بوابة الدخول لساحة المعبد الداخلية، خاصة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، مضيفا أنه تم تزويد المعبد بأجهزة X Ray إلى جهازين و4 بوابات كنترول إلكترونية بجانب البوابات العشر للدخول، مما يسهل حركة الدخول للمعبد خاصة فى ظل وصول الأفواج السياحية الضخمة مع بعضها خلال وقت الساعة السابعة صباحا.
فى المقابل، قال الأثرى أحمد مسعود، كبير مفتشى آثار أبوسمبل، إن ظاهرة تعامد الشمس من الظواهر المكتشفة حديثاً لدى علماء الآثار، ولكن جسدها القدماء المصريون قبل آلاف السنين بمعبد رمسيس الكبير فى مدينة أبوسمبل، مشيراً إلى أنه تم اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس فى شتاء عام 1874، عندما رصدت الكاتبة البريطانية "إميليا إدوارد" والفريق المرافق لها، هذه الظاهرة وسجلتها فى كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل"، موضحاً أن أشعة الشمس تتعامد على "قدس الأقداس" مرتين كل عام 22 فبراير و22 أكتوبر.
وتابع "مسعود"، بأن الظاهرة تبدأ بسقوط أشعة الشمس على واجهة المعبد، والتى يبلغ ارتفاعها 33 متراً وعرضها 30 متراً، وارتفاع كل تمثال من التماثيل الأربعة فى الواجهة 20 متراً، ثم تتسلل أشعة الشمس داخل المعبد، وصولا أقدس الأقداس والذى يبعد عن المدخل بحوالى ستين متراً، ويتكون من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثانى جالسا وبجواره تمثال الإله رع حور أخته، والإله آمون، وتمثال رابع للإله بتاح، لافتاً إلى أن الشمس لا تتعامد على وجه تمثال "بتاح"، الذى كان يعتبره القدماء إله الظلام.
وأوضح كبير مفتشى آثار أبوسمبل، أنه يرجع السبب وراء تعامد الشمس على وجه رمسيس إلى أحد الروايتين، أحدهما هى أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناء على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعى وموسم الحصاد، والثانية هى أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثانى ويوم تتويجه على العرش.
وأشار إلى أن ظاهرة "تعامد الشمس" على تمثال رمسيس كانت تحدث يومى 21 أكتوبر و21 فبراير قبل عام 1964، إلا أنه بعد نقل معبد أبوسمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالى فى بداية الستينيات من موقعه القديم، الذى تم نحته داخل الجبل، إلى موقعة الحالى، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومى 22 أكتوبر و22 فبراير.
يشار إلى أن أشرف عطية، محافظ أسوان، قرر إلغاء جميع الفاعليات والمظاهر الإحتفالية المصاحبة لظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى والتي يشهدها الألاف من السائحين، وذلك تضامناً مع الأحداث المتصاعدة في قطاع غزة ، والذي أسفر عن سقوط مئات الضحايا الأبرياء والجرحى والمصابين من المواطنين الفلسطينيين الأشقاء.