العالم أجمع برؤساءه وزعماءه وشعوبه، يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين الجانب الإسرائيلي المحتل، وحركة المقاومة "حماس"، لأسباب إنسانية، إلا الولايات المتحدة الأمريكية وقادة إسرائيل اللذان يرفضان عملية وقف إطلاق النار بحجة أنه سيجعل حماس قادرة على إعادة تجميع صفوفها ومهاجمة إسرائيل مرة أخرى.
منذ اندلاع الحرب من أكثر منذ 35 يوما بين الجانب الإسرائيلي وحركة المقاومة حماس، وقد أسفرت عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وتدمير أحياء سكنية، ومحو عائلات بأكملها من الوجود، وتردي الأوضاع الإنسانية في غزة، فهناك حاجة إلى التحرك العاجل لتوفير الحماية للمدنيين، ومنع المزيد من المعاناة الإنسانية لقطاع غزة .
في اليوم الـ 35 من قصف غزة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الفروق الجوهرية بين وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية التي تم الإعلان عنها بوقف إطلاق النار لمدة 4 ساعات يوميا بشمال غزة، وذلك في الوقت الذى تبذل فيه الدولة المصرية جهود حثيثة لوقف إطلاق النار، وإرسال مساعدات إنسانية لقطاع غزة، حيث قدمت مصر لقطاع غزة مساعدات إنسانية أكثر مما قدمه كل دول العالم مجتمعه – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - نحث جميع أعضاء المجتمع الدولي على التكاتف معًا للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية من قبل جميع أطراف النزاع، يكون ملزم للطرفين، أو ضرورة التوصل لهدنة إنسانية فورية وعودة الأسري بين الجانبين، للحيلولة دون وقوع المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين، ولضمان إمكانية وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى سكان قطاع غزة، في خضم كارثة إنسانية غير مسبوقة – وفقا لـ"صبرى".
كيف تعاطت الأمم المتحدة مع وقف إطلاق النار والهدنة؟
وتجدر الإشارة إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت بهدنة إنسانية، وهي ليست ملزمة بموجب القانون الدولي، وتعتبر بمثابة مناشدات للأطراف المتصارعة، والتي تعكس رأي الأغلبية في الهيئة العالمية، وإن قبول إسرائيل وحماس بالهدنة التي طالبت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة أمر متروك بالكامل لطرفي الصراع - فهما غير مجبرين على القيام بذلك، حيث إن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحدها هي الملزمة بموجب القانون الدولي، ويمكنه تهديد الدول المعنية بالعقوبات إذا لم تلتزم بالقرار – الكلام لـ"صبرى".
الفرق بين وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية
ويتساءل البعض ما الفرق بين وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية، حيث أن وقف إطلاق النار هو اتفاق ينظِّم وقف جميع النشاطات العسكرية لمدة معيَّنة في منطقة معيَّنة، ويجوز الإعلان عنه من جانب واحد أو ربّما يتمّ التفاوض عليه بين أطراف النزاع، ونري إن وقف إطلاق النار الفوري هو أيضًا الطريقة الأكثر فعالية لحماية المدنيين لمنع ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، ويمكن أن يوفر أيضًا فرصة لتأمين إطلاق سراح الرهائن بشكل آمن – طبقا لـ"صبرى".
ومن الممكن أن يتيح وقف إطلاق النار أيضًا إجراء تحقيقات مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ترتكب، بما في ذلك تحقيقات من جانب المحكمة الجنائية الدولية، ووضع حد للإفلات من العقاب المستمر منذ فترة طويلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وضمان العدالة وتعويض الضحايا، لمنع تكرار هذه الفظائع، ولمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الصراع.
الأول اتفاق ينظِّم وقف جميع النشاطات العسكرية لمدة معيَّنة في منطقة معيَّنة
أما الهدنة: فهي اتفاق بين المتحاربين لوقف القتال لمدة معينة وينصرف أثر الهدنة إلى وقف العمليات الحربية مع الإبقاء على حالة الحرب وهو عمل حربي وسياسي، وهذا الفارق بين الهدنة ووقف إطلاق النار، لأن الأخير إجراء عسكري فقط، بينما تبدو أهمية خط الهدنة باعتباره حدا فاصلا بين القوات المتحاربة أي أنه في حال استمرار الحرب لأي سبب كان في بعض مناطق القتال يجب إعادة الحال إلى ما كانت عليه، ويجرى عقد الهدنة كتابة وهي الحالة الاعتيادية ولا يوجد ما يمنع من عقدها شفاهة وتبقى الهدنة طيلة المدة المتفق عليها، ولا يجوز خرق خط الهدنة من أي طرف من أطراف النزاع – هكذا يقول الخبير القانوني.
وقد نظمت اتفاقية لاهاي الرابعة كل ما يتعلق بالهدنة وتدخل الهدنة في التدابير التي يتخذها مجلس الأمن الدولي لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه وفقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة، ومما يجب تأكيده أن كل ما اتفق عليه يعد ملزما للدولة الموقعة على اتفاقية الهدنة أما القيد الذي لا ينص عليه فلا يمكن أن تلتزم به الدولة، في تقديري يمكن الاتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة معينة "هدنة إنسانية"، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ودون قيد أو شرط.
والثانى وقف العمليات مع الإبقاء على حالة الحرب
ويمكن أيضا استخدام وقف إطلاق النار خلال مفاوضات تبادل الأسرى، وعمليات الإغاثة التي يجري التفاوض عليها في سياق وقف إطلاق النار قد يتمّ استخدامها كورقة مساومة بين أطراف النزاع، للحصول على تسويات سياسية أو عسكرية أو لاختبار حسن نوايا الخصم أو قدرته على السيطرة على قواته أو على منطقة معينة، ويجب أن تكون منظمات الإغاثة مدركة لهذا الخطر وأن تجري تقييمًا للخطر الذي قد يحدث في الميدان لهذا السبب، ويجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة.
وينصّ القانون الدولي الإنساني على أنه: "كلما سمحت الظروف، يتفق على تدبير عقد هدنة أو وقف إطلاق النيران أو ترتيبات محلية لإمكان جمع وتبادل ونقل الجرحى والمرضى المتروكين في ميدان القتال (اتفاقيّة جنيف 1، المادة 15) ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي لوقف إطلاق النار لا يكمن في إتاحة المجال للقيام بالأعمال الإنسانية، بل هو قرار عسكري يستجيب للأهداف الاستراتيجية: تجميع القوات، تقييم قدرات الخصم وسلسلة القيادة أو إجراء مفاوضات.
ضرورة وقف اطلاق النار
وأخيرا يقول "صبرى": أن قرار وقف إطلاق النار يدخل ضمن التدابير المؤقتة التي يتخذها مجلس الأمن وفقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة التي تقرر أن هذه التدابير لا تخل بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمراكزهم طبقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة، وبناء عليه فإننا نناشد المجتمع الدولي وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، أو التوصل هدنة إنسانية لإيصال المساعدات لأهالي غزة المحاصرين، وعودة الأسري بين الجانبين، وندعو إلي وقف التصعيد والجلوس على مائدة التفاوض لحل الصراع على أساس حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقرارات ذات الصِّلة ومبادرة السلام العربية وهذا هو طريق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.