على مدار العقد الأخير أثبت المصريون بالخارج أنهم حائط سد منيع في ظهر الدولة المصرية، ولم يتوانوا خلال الـ10 سنوات الماضية من تقديم كل غالى ونفيس من أجل الوطن، وهو ما ظهر في مشاركتهم الإيجابية في كافة الاستحقاقات الانتخابية التي جرت خلال السنوات الماضية، تلك المشاركة التي تعكس حرصهم على مستقبل بلدهم، وتؤكد على وحدتهم الوطنية، وانتمائهم لبلدٌ عريقٌ ذو تاريخٍ حافلٍ بالحضارة والإنجازات، و ذو إرادةٍ صلبةٍ وعزيمةٍ لا تلين.
ونحن على أعتاب استحقاق انتخابى هام، يستعد المصريون في الخارج لنسج ملحمة جديدة من الوطنية من خلال مشاركتهم في انتخابات الرئاسة، حيث سيبدأ تصويت المصريين بالخارج بعد يومين من انتهاء فترة الصمت الدعائي، في أيام 1 و2 و3 من شهر ديسمبر المُقبل، من التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساء بتوقيت كل دولة، في عدد 137 سفارة وقنصلية في 121 دولة حول العالم.
وقال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى أن المصريين بالخارج دائما لديهم احساس بالوطن والانتماء قد يكون أكبر حتى من المصريين فى الداخل، وأضاف أن "بعدهم عن أرض الوطن يجعلهم على استعداد للمشاركة بكثافة ليشعر بالانتماء، ويكون هناك احساس بالمشاركة وعينهم دائما على استقرار البلد".
وأوضح أن "المصريين بالخارج لديهم مسئولية المشاركة، ولدينا فى الخارج كتل مهمة أهمها طبعا المصريين في الدول العربية خصوصا السعودية والكويت والامارات، لهم النصيب الأكبر، وكذلك الولايات المتحدة برزت أيضا فى السنوات الأخيرة ككتلة تصويتيه هامة وأصبح لديهم وعى بضرورة التصويت والمشاركة السياسية فى الداخل رغم تواجدهم خارج البلاد".
ومنحت الهيئة الوطنية للانتخابات الحق لكل مصري مُقيد في قاعدة بيانات الناخبين، خارج البلاد الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة بواسطة بطاقة الرقم القومي، أو جواز السفر الساري، وبدأت الهيئة الوطنية للانتخابات عملية التشغيل التجريبي للأجهزة والبرامج المستخدمة في العملية الانتخابية.
وانتزع المصريون في الخارج للمرة الأولى حقهم في التصويت بالاستحقاقات الانتخابية في نوفمبر عام 2011 حيث أدلى المصريين بالخارج بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية وفي مارس عام 2012 كانت أول انتخابات رئاسية يدلي فيها المصريون بالخارج بأصواتهم، كذلك تصويت المصريين بالخارج على دستور 2012 والذي شارك فيه 244 ألفا، وجاء هذا القرار تنفيذا للدستور المصرى الذى يكفل حقوق المواطن الأساسية ومن ضمنها المشاركة الانتخابية بغض النظر عن كونه مقيما في مصر أو خارجها.
وجاء ذلك بعد سلسلة من المطالبات في الداخل والخارج، إلى أن جاء قرار محكمة القضاء الادارى فى 5 أكتوبر عام 2011 الملزم بتمكين المصريين بالخارج من التصويت في الانتخابات العامة سواء البرلمانية أوالرئاسية وغيرها وفى حقيقة الأمر كان هذا الحكم تأكيدا لمبدأ "المساواة بين المواطنين" في الدستور المصرى، وبناء على هذا القرار، تم إضافة مادة جديدة للإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 تحمل رقم 39 مكرر وجاء نصها كالتالي "استثناء من أحكام المادة 39 من هذا الإعلان، تنظم بقانون خاص أحكام تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد فى 19 نوفمبر 2011".
وواجهت الدولة في بداية تصويت المصريين بالخارج تحدى عدم تسجيل كافة بيانات الجاليات في السفارات المصرية، وفى عام 2010 وفقا للجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، فان العدد المقدر للمصريين بالخارج يقترب من ثمانية ملايين ناخب، في حين عدد المصريين المسجلين رسميا في السفارات كان لا يتجاوز 1.5 مليون شخص، فأاصدر وقتها مجلس الوزراء مرسوما بقانون بشأن تصويت المصريين بالخارج يتيح للمصريين التصويت بتسجيل بياناته في السفارات باستخدام بطاقة الرقم القومي او جواز السفر.
تلك الإجراءات شهدت تطورا خلال السنوات العشر الماضية تيسيرا على الناخبين في الخارج، حيث أصبح فيما بعد عملية التصويت في الخارج لا تطلب أي تسجيل مسبق من الناخبين، الأمر الذي يعطي مرونة كاملة للناخب في التصويت بالخارج بشرط حيازته جواز سفر مميكن أو بطاقة الرقم القومى، كما تم تفويض السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية للإشراف على التصويت بالخارج، نظراً لصعوبة إرسال قاض على كل صندوق في الخارج.
وتعتبر هذه الانتخابات هي الاستحقاق الرئاسي الرابع الذى يشارك فيه المصريين بالخارج، بعد الانتخابات الرئاسية فى 2012 و2014 و2018، ومنح قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية 22 لسنة 2014، الحق لكل مصري في الخارج التصويت في الانتخابات الرئاسية، وفقا لمجموعة من الضوابط، منهاأن لكل مصري يوجد خارج مصر في اليوم الذي تجري فيه انتخابات رئيس الجمهورية الحق في الإدلاء بصوته في الانتخاب متى كان اسمه مقيدا بقاعدة بيانات الناخبين ويحمل بطاقة رقم قومي أو جواز سفر ساري الصلاحية متضمنا الرقم القومي..
وفي حالة عدم وجود بطاقة الرقم القومي، قالت الهيئة إنه على الناخب إثبات شخصيته أمام لجنة الانتخاب خارج مصر سواء عن طريق بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر ساري الصلاحية مثبت به الرقم القومي، وحال إن كانت بطاقة الرقم القومى غير سارية فلم يشترط قانون الانتخابات الرئاسية سريان بطاقة الرقم القومى عند إدلاء الناخب بصوته فى انتخابات المصريين فى الخارج، إلا أنه اشترط سريان جواز السفر.
وكشفت الهيئة الوطنية للانتخابات عن آليات تصويت المصريين بالخارج فى الانتخابات الرئاسية 2024 من خلال الاتفاق على توجه الناخب المصري المتواجد فى الخارج بشخصه إلى مقر البعثات الدبلوماسية الممثلة فى السفارة أو القنصلية المصرية التى تتضمن لجان فرعية والإدلاء بصوته مباشرة واختيار مرشحه ووضع بطاقة الاقتراع فى صندوق الانتخابات.
ووفقا لوزارة الخارجية فإن الجولة الأولى لاقتراع المصريين المقيمين بالخارج في انتخابات 2014 كانت الأعلى مشاركة حيث تخطت نسبة تصويت المصريين بالخارج 318 ألف، يليها الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة 2012 شارك فيها 311 ألفا، وفى انتخابات الرئاسة 2018 صوت في الخارج 157 ألفًا و60 ناخبًا.
وتتركز غالبية المصريين المغتربين في الدول العربية، بنسبة 70%، في دول الخليج، وتأتي السعودية في المرتبة الأولى بما يقدر بنحو 48%، أما التجمع الثاني من المصريين، فيتركز في دول أوروبا وأميركا الشمالية بنحو 38%، وتتصدر الولايات المتحدة المركز الخامس من حيث عدد الناخبين المسجلين بالخارج، بعد السعودية والكويت والإمارات وقطر.
وفى انتخابات الرئاسة 2018 احتلت السفارة فى الكويت المركز الأول حيث بلغ عدد من صوتو 35 ألف و165 صوت، وجاءت القنصلية المصرية في جدة بالسعودية فى المركز الثانى من حيث عدد الأصوات بعد ان صوت 18464 مصرى مغترب، وفى المركز الثالث جاءت السفارة المصرية في الرياض بالسعودية بعدد أصوات 16405، وفى المركز الرابع جاءت القنصلية في دبى بدولة الامارات حيث صوت فيها 13710، وفى المركز الخامس جاءت السفارة المصرية في أبو ظبى بدولة الامارات ،حيث صوت 13377 ناخب.