تحل اليوم 29 نوفمبر، اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، ويجسد اليوم ذكرى فضيحة التقسيم المجحف للأراضى الفلسطينية فى القرار 181 بالأمم المتحدة، لصالح عصابة الحركة الصهيونية فى عام 1947، القرار الذى تم رفضه عربيا، وكانت مصر على رأس تلك الدول، فمنذ الوهلة الأولى للمساعى العالمية التي تستهدف ضياع الحق الفلسطيني، كانت الدولة المصرية تقف بالمرصاد، جهود استمرت مع تعاقب الرؤساء المصريين حتى يومنا هذا فى مواجهة مخطط التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية.
وعلى مدار أكثر من 5 عقود، لعبت مصر دون غيرها من العرب، دورا تاريخيا وملهما للعديد من البلدان فى القضية الفلسطينية، نجحت أن تكون وسيطا نزيهاً موثوقا فيه من كافة الأطراف، الجانب الفلسطينى بفصائله والجانب الإسرائيلي، كما نجح فى رفع المعاناة عن كاهل الفلسطينيين فى حروب ست شنتها إسرائيل تساقط فيها عددا كبيرا من الشهداء الفلسطينيين.
منذ عام 2008، لعبت القاهرة دور الوسيط بين طرفى الصراع، فى حروب سنوات (2008، 2012، 2014، 2021، 2022 ، 2023)، فخلال حرب "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية وبذلت مصر جهودا حثيثة مع جميع الأطراف لمنع انفجار الموقف آنذاك، وفى حرب "عامود السحاب" عام 2012 نجحت مصر للتوصل لهدنة من خلال لعب دور الوسيط بين إسرائيل والفصائل، وفى عام 2014 تم وقف العــدوان الإسرائيلي بموجــب مبــادرة مصريــة. وعقـد مؤتمـر إعـادة إعمـار غـزة فـي القاهـرة برعايـة الرئيـس عبـد الفتـاح السيسـي ومشـاركة 50 منظمـة وحكومـة، حيـث تعهـدت الـدول المشـاركة بتقديـم 4.5 مليـارات دولار للفلسـطينيين.
وخلال حرب عام 2021، توصلت الجهود المصرية لوقـف إطلاق النــار، وشـهد يـوم 18مايـو إطـلاق الرئيـس عبدالفتــاح السيسـى مبـادرة مهمـة إعـادة إعمـار قطـاع غـزة مـن خـلال تخصيـص 500 مليـون دولار لإعـادة إعمـار القطـاع، بمشـاركة شـركات مصريـة، ليتنفـس قطـاع غـزة الصعـداء بعـد العـدوان الإسرائيلي الغاشـم الـذى خلـف دمـارا كبيرا. وخلال مواجهات أغسطس 2022، لعبت القاهرة دورا كبيرا فى وقف إطلاق النار بشكل شامل ومتبادل في قطاع غزة، كما بذلت جهودها للإفراج عن الأسير الفلسطيني خليل العواودة ونقله للعلاج، كما عملت على الإفراج عن الأسير بسام السعدي.
فضلا عن نجاحها بامتياز فى انجاز صفقتين لتبادل الأسري والمحتجزين بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، فى مقدمتها صفقة الجندى الأسير جلعاد شاليط عام 2011، الذى تم مبادلته بأكثر من 1000 فلسطيني، بعد 5 سنوات من أسره وفشل المخابرات الإسرائيلية فى العثور على مكانه ورضوخها لصفقة من أجل استعادته. وصفقة تبادل المحتجزين خلال عدوان 2023، ولاتزال تواصل جهود الوقف الكامل لإطلاق النار بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية، بعد تمديد هدنة إنسانية فى القطاع لمدة 6 أيام.
كما قدمت مصر تصور شامل لحل جذور الصراع العربي- الإسرائيلى، خلال "قمة القاهرة للسلام 2023" التى استضافتها فى أكتوبر الماضى، كطرف وثيق ضامن لأمن طرفى الصراع واستقرار المنطقة بأكملها، أطلقت عليها "خارطة طريق" وصفت بالحل الأعم والأشمل مقارنة بالتصورات الغربية المنحازة لدولة الإحتلال الإسرائيلى والتي تسلب حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم.
خارطة الطريق المصرية كانت ولاتزال مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وتستهدف أولا "إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".