لا تزال أزمة أسعار السكر، تثير الغضب تحت قبة مجلس النواب، حيث تتزايد طلبات الإحاطة الصادرة من أعضاء المجلس، لمعرفة سبب الأزمة، ومطالبة الحكومة بإيجاد حلول عاجلة لها، وهو ما يقابله تصريحات حكومية تشير إلى أن الأزمة مفتعلة ولا مبرر لها، مطالبين المواطنين بالإبلاغ عن أى بيع للسكر بأكثر من الأسعار المتعارف عليها، وهو يضعنا أمام سؤال يحتاج إلى إجابة، فإذا ما كانت الحكومة تشير إلى أنه لا مبرر للأزمة، والنواب يسألون عن حلوله، فأين يجد المواطن الحل الحاسم لهذه الأزمة، التى تتكرر من حين لآخر فى أكثر من سلعة.
فى البداية تقدمت النائبة الدكتور مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصرى الديمُقراطى بطلب إحاطة موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن أزمة ارتفاع أسعار السكر فى مصر بشكل كبير فى الأونة الأخيرة.
وقالت عبد الناصر فى مستهل الطلب، إننا نتابع جميعًا خلال الأونة الأخيرة عن كثب الأزمة الطاحنة التى يشهدها سوق السكر المصري، والتى تتمحور حول نقص فى المعروض، وما بين ارتفاع سعر الكجم حتى وصل إلى 55 جنيها فى مختلف منافذ البيع الخاصة ومحلات البقالة والسوبر ماركت.
وأشارت عبد الناصر، إلى أن ذلك الأمر دفعنا إلى البحث فى أبعاد وملابسات تلك الأزمة، كى نتمكن من معرفة مسبباتها، حتى توصلنا إلى أن تلك الأزمة ترجع إلى 4 أسباب رئيسية، السبب الأول هو عدم قيام مصانع السكر فى مصر بضخ كميات إضافية من السكر لمواجهة الطلب الكبير الموجود بالسوق.
وأكدت النائبة، أن السبب الثانى هو عدم طرح عدد كبير من كبار التجار والموزعين لكامل الكميات الموجودة فى المخازن، ما يُشير بشكل كبير إلى تعمد التسبب فى أزمة عن طريق احتكار كميات كبيرة من السكر لرفع ثمنه، ما يُشير أيضًا لغياب دورالأجهزة الرقابية بوزارة التموين عن القيام بدورها فى ضبط الأسواق، ما ترتب عليه انتشار وزيادة رقعة وبؤرة الفساد التى تأكد لدينا أنها من الأسباب الأساسية فى تفاقم تلك الأزمة، وذلك بعدما ألقت الرقابة الإدارية القبض على عدد من المسئولين بوزارة التموين والتجارة الداخلية، وشركات حكومية تابعة لها، وشركات قطاع خاص، وذلك بتهم فساد كبرى تتعلق بالسكر وحجب السلع التموينية والتلاعب فى أسعارها، حيث تم إلقاء القبض على مستشار وزير التموين لقطاع الرقابة والتوزيع، وأحد كبار مسئولى إحدى شركات السكر العاملة فى البنجرو مسئولين حكوميين آخرين.
واستكملت عضو مجلس النواب، أن السبب الثالث فى تلك الأزمة هى التذبذبات العنيفة فى السوق الموازية لسوق صرف الجنيه المصري، مع وصول سعر صرف الدولار مستويات قياسية غير مسبوقة والتى قفزت بالدولار ليتعدى حاجز الـ50 جنيها، والسبب الرابع والأخير هو تراجع الإنتاج المحلى من السكر، وهو ما سبق وحذرت منه وزارة الزراعة الأمريكية فى وقت سابق
و أكدت عضو البرلمان المصري، على أنه لا يوجد سبب منطقى لهذا التراجع، بل على العكس، فإنه من المفترض أن تحدث طفرة غير مسبوقة فى الناتج المحلى من السكر فى مصر، خاصة بعدما أعلنت الدولة المصرية فى مايو 2022 عن إنشاء أكبر مصنع لإنتاج السكر فى العالم وهو مصنع القناة للسكر بمحافظة المنيا، ذلك المصنع الذى يقوم على إستثمارات تصل لمليار دولار تقريبًا، و يعد الأكبر من نوعه لصناعة سكر البنجر فى العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 900 ألف طن سنويًا.
وأشارت عبد الناصر، إلى أن من أهداف ذلك المشروع هو تنمية واستصلاح 181 ألف فدان من الأراضى الصحراوية باستخدام المياه الجوفية لإنتاج 2.5 مليون طن من بنجر السكر بالسنة الواحدة، بجانب محاصيل استراتيجية أخرى مثل القمح والذرة والحمص، فأين ذهب إنتاج ذلك المصنع الضخم من السكر لهذا العام؟، مركدة أن الأزمة فى الحقيقة ليست أزمة شُح فى سلعة السكر، لأننا على يقين تام أن الكميات «المُحتكرة» هى السبب فى تلك الأزمة، ولكنها أزمة غياب رقابة وتهاون فى أداء المسئولين فى وزارة التموين عن القيام بواجبهم ومهامهم الوظيفية بالشكل الصحيح.
كما أشارت النائبة، إلى تصريحات نقيب الفلاحين مؤخرًا حول تلك الأزمة، وذلك عندما قال نصًا "إن إنتاج مصر من السكر يبلغ نحو 2.8 مليون طن منها 1.8 مليون طن من بنجر السكر وحوالى مليون طن من قصب السكر، و أكد أن المزارعين قد باعوا محصول القصب هذا العام بـ 1100 جنيه للطن، وطن قصب السكر ينتج 120 كجم من السكر؛ ما يعنى أنهم باعوا كيلو السكر بما يقارب الـ 10 جنيهات!!"
وأكدت عبد الناصر، أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تترواح من 400 إلى 800 ألف طن، وهى «فجوة صغيرة للغاية» لا تستدعى أبدًا تفاقم تلك الأزمة بهذا الشكل الغير مُبرر، وهو ما يؤكد أن الأزمة الحقيقة تكمُن فى غياب الرقابة واتساع بؤر الفساد والاحتكار السلعى ليس أكثر، مشيرة إلى أنه أصبح لزامًا على وزير التموين والتجارة الداخلية بدلاً من التصريحات اليومية «المُسكنة» عن موعد إنتهاء تلك الأزمة، وعن إجراءات ستتخذها الحكومة فى حال لم يتم ضبط الأسعار بالسوق، وكأنما الأسعار سيتم ضبطها من تلقاء نفسها، أن يكون هناك إستراتيجية عاجلة وفورية لإحكام الرقابة على الأسواق والقضاء على الفساد المتفشى فى مختلف قطاعات الوزارة.
وأكدت عبد الناصر، أن التوقع الدائم لتخفيض الجنيه وعدم الثقة فى الاقتصاد يجعل الناس تخزن أموالها فى أى سلعة قابلة للتخزين مثل السكر والأرز وهما سلعتان لا يوجد مشكلة كبرى فى الكميات المعروضة منهما فى مصر بل على العكس فالأرز فى مصر به فائض كبير، و لكن يتم تخزينه بدلا من الأموال!، مشيرة إلى أن أحد الأسباب الهامة للمشكلة هو عدم وجود أى ثقة فى الاقتصاد المصرى والقائمين عليه، وعدم التأكد أن القوة الشرائية للجنيه ثابتة أو أنها ستتحرك فى حدود معقولة.
واختتمت عضو مجلس النواب طلب الإحاطة، بمُطالبة الحكومة، بوضع استراتيجية واضحة لكيفية استعادة الثقة فى الاقتصاد والجنيه المصري، مع عرض الخطط الحكومية لمواجهة نقص أى سلع استراتيجية بما فيها اتخاذ إجراءات استثنائية لكسر الاحتكار وإدخال العديد من السلع التى تخزن لأغراض المضاربة ضمن السلع الاستراتيجية التى تتدخل الدولة لتحديد سعر إجبارى لها لفترة انتقالية نص عليها القانون بثلاثة أشهر.
وفى هذا السياق، تقدم النائب محمود قاسم عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والدكتور على المصليحى وزير التموين والتجارة الداخلية، حول الارتفاع الكبير فى أسعار السكر ،مشيراً الى أن ارتفاع سعر السكر خلال الفترة الحالية أمر غير مبرر.
وتساءل قاسم قائلاً: "هل التصريحات الصادرة عن عدد من المسئولين باتحادى الصناعات والغرف التجارية بأن سبب الارتفاع، يرجع لتلاعب بعض التجار داخل السوق المحلية؟"، وهل اتخاذ قرار بمنع تصدير السكر سيؤدى إلى انخفاض أسعاره؟، وأين وزارة التموين والتجارة الداخلية والأجهزة الرقابية المختصة فى مواجهة مافيا محتكرى مثل هده السلع الاستراتيجية كسلعة السكر التى لا يمكن لجميع المواطنين بصفة عامة وأهالينا من البسطاء والفقراء الاستغناء عنها.
فى المقابل، أكد إبراهيم السجينى رئيس جهاز حماية المستهلك، إن أزمة السكر مفتعلة ليس لها مبرر، خاصة أنه يتم إنتاج نحو 85% من احتياجاتنا من السكر، وأن أكبر 5 مصانع السكر تابعين للدولة، وبالتالى فإنه لا يوجد أزمة، لافتا إلى أنه خلال الفترة الماضية شهدت حجبا كثيرا لسلعة السكر، وتم مصادرة كافة المضبوطات.
وأشار السجينى، فى تصريحات صحفية له، أن سعر السكر مع مكسب المصنع يصل إلى 24.5 جنيه للكيلو، ولذلك يتم طرحه للمستهلك بنحو 27 جنيها للكيلو للمستهلك، ومع ذلك وصل سعره إلى مستويات قياسية 30 و40 وفى بعض الأماكن إلى 50 جنيها للكيلو، وتم التصدى للمخالفات وتحرير محاضر للمخالفين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وأوضح السجينى، أن السبب ليس قلة عرض فى ظل إنتاج نحو 85% من استهلاكنا، ولا نقوم بالاستيراد إلا نحو 400 ألف طن سنويا، مطالبا المواطنين بضرورة التعاون مع الأجهزة الرقابية، حيث أنه فى حالة إذا كان هناك سعر أعلى من السعر المعلن عنه للسكر يطلب ضرورة الإبلاغ بأقصى سرعة.