ضمن فعاليات ختام الموسم الثقافى للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية لعام 2023، التى يرأس مجلس إداراتها الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعنى بتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، نظم معهد التخطيط القومى التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، صالونًا ثقافيًا لمناقشة عدد من القضايا المحورية التى تشغل الرأى العام العالمى، علاوة على، مناقشة أداء الاقتصاد العالمى وتأثيره على اقتصادات الدول، وفى مقدمتها الحروب وأزمة العملة الصعبة "الدولار" وأزمات الديون المؤثرة على معدلات التضخم.
من جانبه، قال الدكتور أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومى، والذى أدار اللقاء، إن أزمات الحروب والديون والعملة الصعبة، التى يتم مناقشتها ضمن هذه الفعاليات تعد من أهم القضايا المحورية التى تمس الرأي العام العالمي، مشيراً إلى أن هذا النقاش استهدف تسليط الضوء على الدور المستقبلي للدولار الأمريكي باعتباره العملة الصعبة المهيمنة في ظل تباعد مسارات التعافي الاقتصادي وتصاعد قوى جديدة مدفوعة بأوزان اقتصادية، فضلاً عن الآثار المتوقعة للحروب والديون وأداء الاقتصاد العالمي في بيئة عالمية يسودها التفاوت الملحوظ في الدين والتضخم المتزايد.
وفى هذا السياق، أوضح الدكتور محمود محيي الدين، أن محددات نمو الاقتصاد العالمي ترتكز على محاور عدة من بينها الابتكار والتنافسية، والمستوى التعليمي، والاستقرار الأمني، ونمو رأس المال البشري، واستقرار العملة، لافتًا إلى أن أسس إدارة السياسة العامة ترتكز على أهمية التفرقة بين الثوابت والمتغيرات، والتمييز بين الآمال والطموحات القابلة للتنفيذ.
وبشأن هيمنة الدولار، أوضح محيي الدين، أنها لا تزال مستمرة، لافتًا إلى أنه بالرغم من انخفاض نسبة الدولار في إجمالي الاحتياطي الدولي فإنها لا تزال الأعلى بما يعادل ثلاثة أمثال نصيب اليورو الذي يمثل 20% من إجمالي الاحتياطي الدولي، مشيرًا إلى أن زيادة حصة الدولار في تسوية المدفوعات وكعملة لعقود السلع الأساسية والديون الدولية، تُضعِف تلقائيًا ثقة المتعاملين في عملتها خاصة بعد ارتفاع معدلات التضخم فيها.
وأضاف محيى الدين، أنه رغم هيمنة الدولار إلا أن نسبة مساهمة الولايات المتحدة لا تتجاوز 25% من الاقتصاد العالمي، كما أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث حجم الصادرات الدولية بعد الصين التي احتلت المرتبة الأولى منذ عام 2009، موضحًا أن تحول الدولار إلى الهيمنة العالمية بدأ عندما أعلن نيكسون عدم تحويل الدولار إلى ذهب في عام 1971، وهو ما دشن - ضمنًا - الدولار كعملة احتياطية ارتبطت بها العملات بأسعار صرف ثابتة وكان يتم تحويله تلقائيًا لذهب بمقدار 35 دولارًا لكل أونصة.
كما أشار الدكتور محمود محيى الدين، إلى أن حصة الدولار بين عملات الاحتياطي الدولي عالميًا انخفضت من 84% فى عام 1975 إلى 60% حاليًا، كما انخفضت حصة الجنيه الاسترليني من 11% لأقل من 5%، ووصل اليورو إلى 20%.
وحول تأثير تحالف البريكس على هيمنة الدولار، أوضح الدكتور محمود محيي الدين، أن البريكس يستهدف منافسة الولايات المتحدة والغرب، وكسر هيمنة الدولار الأمريكى، لاسيما فيما يخص التمويل والديون، من خلال طرح بدائل وحلول مختلفة لشغل مساحة أكبر على الساحة الاقتصادية الدولية، وخاصة في ظل الخطر الآتي من المشاكل المالية الأمريكية المتصلة بسوء الحوكمة وتبنّي سياسة خارجية متشددة تقوم على استخدام العقوبات الاقتصادية سلاحًا دبلوماسيًا.
وفيما يتعلق بفضل تأثير سعر الصرف على معدلات التضخم، أشار الدكتور محمود محيي الدين إلى أن السيطرة على معدلات التضخم فى أى دولة، تحتاج تمتع الدولة بقاعدة إيرادات واسعة، وعدم اعتماد الحكومة على ريع الإصدار النقدي في إيراداتها، إلى جانب عمق أسواق المال وكبر دورها في تعبئة الموارد المحلية، ووضع الدين العام تحت السيطرة، وكذلك تحجيم الاقتراض الحكومي من البنك المركزي.