>>محمد مهران: دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية "خطوة نحو المحاسبة"
>>إسرائيل مُجبرة على المثول أمام محكمة لاهاي غداً
>>أستاذ قانون دولي: الدعوى ضد ممارسات إسرائيل "سابقة لمساءلتها"
>>دعوى جنوب إفريقيا تشكل "نقطة تحول" ضد انتهاكات إسرائيل
>>العدل الدولية ستبدأ غدًا محاكمة إسرائيل بتهمة "إبادة" الفلسطينيين
أستاذ قانون دولي: دعوى جنوب إفريقيا تهدد إسرائيل بالمحاسبة الدولية
خلال ساعات من الآن تعقد محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس والجمعة، الموافق 11 و12 يناير أولى جلسات نظر القضية التى رفعتها جنوب إفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حرب غزة وتطالب بوقف عاجل لحملتها العسكرية، وذلك مع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة، ومع فشل كافة المحاولات الدبلوماسية لوقفها، لجأت جنوب أفريقيا إلى رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي وصفها إسحق هرتسوغ، رئيس إسرائيل لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالسخيفة.
"الدعوى القضائية" تكشف إن تصرفات إسرائيل كانت بمثابة إبادة جماعية بطبيعتها، وبالتالي انتهكت الدولة التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، حيث قررت إسرائيل المثول أمام محكمة العدل الدولية للتصدي لدعوى جنوب أفريقيا القضائية، والتي وصفتها بأنها لا تستند إلى أي أساس قانوني، متهمة بريتوريا بالتعاون مع ما سمتها "جماعة إرهابية تدعو لتدمير إسرائيل"، ومن المقرر عقد جلستي استماع علنيتين يومي الخميس والجمعة "11 و12 يناير الجارى" في مقر المحكمة في لاهاى.
قضية الإبادة الجماعية المرفوعة من جنوب أفريقيا
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على السيناريوهات المحتملة حول محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بلاهاى، والإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها ما هي العقوبات المحتملة؟ وهل من الممكن صدور قرار من المحكمة بوقف الحرب على غزة؟ واذا سيكون مصير إسرائيل حال عدم تنفيذ قرارات المحكمة، حيث ستقدم جنوب أفريقيا مرافعتها الشفهية في جلسة بعد غد الخميس 11 يناير، لترد إسرائيل فى مرافعة شفهية الجمعة 12 يناير، حيث تضمن دعوى جنوب أفريقيا شقين، الأول الشق المستعجل والثانى الشق الموضوعى، ما يتيح فرصة للمحكمة لإصدار حكم سريع يؤدى إلى تعليق إطلاق النار والقصف وإدخال المساعدات – بحسب الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى، والخبير فى النزاعات الدولية.
في البداية - أن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا مؤخراً أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وخرق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تُعد خطوة هامة نحو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي، حيث إن محكمة العدل الدولية، تتألف من 15 قاضيا ومقرّها في لاهاي بهولندا، كما أنها تعرف أيضا باسم "المحكمة العالمية" وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، حيث تفصل في المنازعات القانونية التي تعرضها عليها الدول، وفقا للقانون الدولي، بالإضافة إلي تقديمها آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي تحيلها هيئات الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة المعتمدة، واحكامها ملزمة لأطرافها – وفقا لـ"مهران".
السيناريوهات المرتقبة لمحاكمة إسرائيل
وفيما يتعلق بدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أعلن "مهران": أن المحكمة ستبدأ في نظر في هذه القضية غد الخميس، حيث من المقرر عقد أولى جلسات الاستماع، مضيفًا أنه وفقاً للإجراءات المتبعة أمام محكمة العدل الدولية، فإن الأطراف المتداعية ستحضر لتبادل المذكرات والدفاع، ووفقا للمادتين 48، 49 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية تصدر المحكمة أوامر لسير القضية، وتقرر الشكل والوقت الذي يجب على كل طرف فيه إنهاء مرافعاته، واتخاذ جميع الترتيبات المتعلقة بأخذ الأدلة.
وبين أن إسرائيل مجبورة على المحاكمة لاختصاص محكمة العدل الدولية بالنزاع ، حيث تنص المادة 53 من نظام المحكمة علي أنه إذا لم يمثل أحد الطرفين أمام المحكمة، أو لم يدافع عن قضيته، يجوز للطرف الآخر أن يطلب من المحكمة أن تقرر لصالح دعواه، حيث أنه يجوز للمحكمة، حتى قبل بدء الجلسة، دعوة الوكلاء لتقديم أي مستند أو تقديم أي تفسيرات، ويجب أخذ ملاحظة رسمية بأي رفض، ولها أيضاً وفقاً للمادة 50 في أي وقت، تكليف أي فرد أو هيئة أو مكتب أو لجنة أو منظمة أخرى قد تختارها، بمهمة إجراء تحقيق أو تقديم رأي خبير – الكلام لـ"مهران".
الكيان المحتل مجبر على حضور الجلسات
وتوقع أستاذ القانون الدولى، والخبير فى النزاعات الدولية أن تستغرق المحكمة وقتاً طويلاً للبت في المسائل المعروضة عليها بالنسبة للشق الموضوعى، منوهاً عن المادة 41 من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية والتي تجيز للمحكمة إذا رأت أن الظروف تتطلب ذلك، اصدار أي تدابير مؤقتة ينبغي اتخاذها للحفاظ على الحقوق الخاصة بأي من الطرفين، ريثما يتم اتخاذ القرار النهائي، ويبلغ الأطراف ومجلس الأمن بالتدابير المقترحة علي الفور وفقاً للنص، ولإيقاف محاولات إسرائيل وخططها الخبيثة لإفشال القضية، وهو ما يجب على المجتمع الدولى خاصة الدول الداعمة لوقف إطلاق النار وضعه عين الاعتبار.
وذكر "مهران": قضية جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا كسابقة قضائية مشابهه، والتي اقامتها الكونغو أمام محكمة العدل الدولية في يونيو 1999، مستشهدة بأعمال العدوان المسلح التي ارتكبتها الأخيرة على أراضيها "في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة الوحدة الأفريقية"، وقضت المحكمة في ديسمبر 2005 بأنه يتعيّن على أوغندا تقديم تعويضات لجمهورية الكونغو الديمقراطية، تتعلق بالصراع الوحشي بين البلدين في الفترة الواقعة بين 1998 و2003، لكن الجانبين لم يتوصلا إلى اتفاق، وأمِرت أوغندا بدفع 325 مليون دولار تُدفع على خمسة أقساط سنوية بقيمة 65 مليون دولار، ابتداء من سبتمبر.
والفصل في الشق المستعجل لحقن الدماء
أن أحكام المحكمة لا تقتصر فقط على تسوية النزاع بين أطرافه، بل لها دور هام في تطوير القانون الدولي وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وتقييد سلوك الدول، حيث إن نص المادة 59 من النظام الأساسي للمحكمة، والذي يؤكد أن أحكامها نهائية وغير قابلة للاستئناف، لكن بإمكان المحكمة تفسير ما صدر منها من أحكام بناء على طلب أحد أطراف النزاع، كما أن الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية ملزمة للدول الأطراف في النزاع، ويجب تنفيذها بحسن نية وفقاً للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، ولابد أن نشير إلى أن بعض الدول في الماضي لم تلتزم التزاماً كاملاً بتنفيذ الأحكام، حيث أن هذه الاشكالية قد تواجهنا في النزاع الحالي، مما يدق ناقوس الخطر حول فاعلية آلية تنفيذ أحكام المحكمة – طبقا لـ"مهران".
أما في حال تقاعس أحد أطراف النزاع عن تنفيذ الحكم، يحق للطرف الآخر اللجوء لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق لفرض التزامات على الطرف المتقاعس بهدف ضمان تنفيذ الحكم، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الخيار قد يصطدم بالفيتو داخل مجلس الأمن والدعم الأمريكي، كما إن الدعوى ضد إسرائيل تُعد من أبرز قضايا انتهاك حقوق الإنسان المعروضة على المحكمة مؤخراً، وقد تشكل سابقة هامة لمساءلة الاحتلال ووضع حد لممارساته غير الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، فما أقدمت عليه جنوب أفريقيا أمر مهم للغاية وخطوة عظيمة لأنها بالتأكيد أزعجت الكيان المحتل، وهو ما يجب أن يقابله ضغط كبير وجاد من العالم العربى والإسلامى بالإسراع لتأييد جنوب أفريقيا وكذلك يجب أن يقابله مسئولية أخلاقية من قبل المجتمع الدولى ليحفظ ماء وجهه أمام ما ترتكبه إسرائيل من جرائم حرب ومجازر ضد الإنسانية في حق شعب أعزل – هكذا يقول "مهران".