حرصت الدولة المصرية على مدار المائة يوم الدامية التى مرت من العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، على بذل جهودها الإنسانية والدبلوماسية لاستمرار دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء فى القطاع، سعيا لتخفيف معاناة الشعب الشقيق والذى كان محل تقدير واعتراف من مختلف دول العالم التى شهدت بصلابة وثبات الموقف المصرى فى أن يكون السند الأول والداعم للقضية الفلسطينية، والذى انعكس بقوة على معبر رفح "شريان الحياة للشعب الشقيق" وما توالت عليه من تدفقات يومية لمختلف خدمات الإغاثة الهادفة لمؤازرة ودعم أهالى قطاع غزة، بجانب فتح أبوابه لتلقى الحالات الحرجة وعلاجها.
وكان تعنت وتعمد السلطات الإسرائيلية المحتلة لمعابر قطاع غزة الأخرى، هو الأساس فى تأخير تفتيش المساعدات فبل السماح بمرورها للجانب الفلسطينى، بحكم سيطرتها العسكرية على أراضى القطاع، فقد أكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أن مساهمة مصر من القطاع الأهلى والحكومى والتبرعات الفردية، قد وصل إلى 82% من إجمالى المساعدات، وبلغ إجمالى عدد الشاحنات التى عبرت من معبر رفح إلى قطاع غزة حوالى 9000 شاحنة منذ بدء دخول المساعدات إلى قطاع غزة من الجانب المصرى للمعبر خلال هذّه الأيام المائة، كما استقبلت فى نفس الفترة، 1210 مصابين ومرضى من أبناء غزة لعلاجهم بالمستشفيات المصرية وببعض الدول الشقيقة والصديقة، ومعهم نحو 1085 مرافقا.
وقال الدكتور طلعت عبد القوي، عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى، إن مصر حرصت منذ اندلاع الأزمة الفلسطينية فى 7 أكتوبر الماضى على بذل جهودها الإنسانية والدبلوماسية لدعم ومساندة الشعب الشقيق، مشيرا إلى أن معبر رفح مفتوح على مدار الساعة فى سرعة تدفق ونفاذ المساعدات إلى القطاع ولم يحدث أى تعطيل من الجانب المصرى فى ذلك.
وأشار عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلي، فى تصريحات خاصة، إلى تقديم خدمات إغاثية على أكثر من مستوى من خلال معبر رفح، إذ وجهت مصر مساعدات بأكثر من 1000 قاطرة محملة بـ20 ألف طن، بينما ساهم العالم كله بما لا يزيد عن 25% من المساعدات الدولية المقدمة لغزة.
وأضاف أن القيادة السياسية حرصت على الأطقم الطبية التابعة لوزارة الصحة والهلال الأحمر المصرى لنقل حالات مرضية لجرحى ومصابين قادمين من قطاع غزة بسيارات إسعاف مجهزة ترتكز فى معبر رفح، بجانب الأطفال المبتسرين، مشددا أن مصر وضعت أولوية لتقديم كل أوجه السند والمساعدة للأشقاء فى قطاع غزة بفلسطين، وفتحت أبواب المعبر مع فلسطين بلا إغلاق.
واستنكر "عبد القوى" الإدعاءات المضللة التى ساقها فريق الدفاع الإسرائليلى أمام محكمة العدل الدولية، والتى أدعت فيها مسئولية مصر الكاملة عن معبر رفح، وزعم أن السلطات المصرية هى المسئولة عن دخول المساعدات دون موافقة تل أبيب، معتبرًا أنها محاولة للتنصل والإفلات من اتهامات الإبادة الجماعية والتهرب من مسئولياتها كدولة احتلال.
بينما اعتبر النائب عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن معبر رفح يجسد ملحمة مصرية للتضامن والدفاع عن القضية الفلسطينية، حيث يستمر الدعم والموقف المصرى المشرف تجاه الحفاظ على القضية الفلسطينية من خلال تقديم كافة المساعدات على جميع الأصعدة اللوجستية والسياسية واستخدام قوة الدبلوماسية المصرية تجاه حماية حق الشعب الفلسطينى الشقيق للحياة فى وطن آمن عاصمته القدس.
وأضاف فى تصريح خاص، أن موقف مصر الداعم والراسخ عبر التاريخ لهو أبلغ رد على المزاعم والادعاءات التى تطلقها دولة الاحتلال وقادتها حول منع مصر مرور المساعدات الإنسانية للأشقاء فى فلسطين المحتلة، وقد تناسوا قصفهم المتكرر للمعبر من الجانب الفلسطينى وإصابة جنودنا جراء هذه الممارسات منذ فترة قريبة، والتى حاولوا من خلالها عرقلة تقديم المساعدات الإنسانية للمحاصرين فى قطاع غزة المحتل.
وأوضح أن الاحتلال تناسى كيف تم منع قوافل المساعدات من دخول معبر رفح من الجانب الفلسطينى وتدمير الطرق المؤدية والرابطة بين الجانب المصرى والفلسطيني، وكيف منع ما يتجاوز العشر كيلو مترات من الشاحنات المحملة والمتكدسة على المعبر؟، وذلك ليس إلا إمعانًا فى إبادة الشعب الفلسطينى وارتكاب المجازر وجرائم الحرب فى حق الشعب الفلسطينى الأعزل.
ومن جانبه صرح النائب محمود القط عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بأن معبر رفح هو أحد شرايين الحياة للفلسطينيين منذ عقود، فمعبر رفح قبل العدوان كان يخرج منه الطلبة الدارسون ويتم دخول الشحنات التجارية وكل ما يتعلق بمسارات الحياة اليومية للفلسطينيين.
وأوضح فى تصريح خاص، بالتزامن مع مرور 100 يوم عدوان على غزة، أن عمل المعبر لم يتم تفعيله مع اندلاع الأزمة فقط، وهنا وجب التأكيد أن إدارة المعبر لها جانبين؛ جانب مصرى وهو مفتوح طوال الوقت والجانب الفلسطينى الذى منذ اندلاع الأزمة دائما يتم العدوان عليه من المحتل الإسرائيلى حتى لا يكون قادرا على العمل بصورة طبيعية، بل وصل الأمر لضرب الطرق المؤدية إليه من الجانب الفلسطيني، وقامت الهيئة الهندسية بإعادة تأهيله ورفع كفاءته لتستطيع الشاحنات العبور منه.
وأكد أنه لولا الجهود الدبلوماسية المصرية لاستطاع المحتل الإسرائيلى تحقيق أحد أهدافه الرئيسية وهو قطع سبل الحياة عن الفلسطينيين عموما وأهالى غزة، خصوصا أن مصر قامت بملحمة دبلوماسية لتستطيع السماح بعبور المساعدات ومقومات الحياة بأمان إلى أهالى غزة، وأيضا خروج الجرحى والمصابين للعلاج فى مصر.
وتابع قائلا "ورغم أن فلسطين لها حدود ومعابر مع دول أخرى فإن مصر أخذت على عاتقها أن يكون هذا المعبر هو المحور الرئيسى لاستمرار اتصال سبل الحياة للفلسطينيين، قائلا "هنا نجد أن مصر لها دور تاريخى وقواعد راسخة تجاه الأشقاء فى فلسطين، على رأسها استمرار إيصال المساعدات ومقومات الحياة والعمل على وقف إطلاق النار، ليعود المعبر لدوره الأصلى وهو استمرار وتيرة الحياة اليومية والطبيعية للشعب الفلسطيني".
فيما استنكر المستشار حسين أبو العطا، رئيس حزب ”المصريين“، عضو المكتب التنفيذى لتحالف الأحزاب المصرية، مزاعم وأكاذيب فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية، بأن مصر هى المسئولة عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من الجانب المصرى لمعبر رفح، مؤكدًا أن مصر لا يُمكن أن تكون فى موضع اتهام من قبل سُلطات الاحتلال، خاصة أن معبر رفح المتنفس الوحيد للشعب الفلسطينى الشقيق فى قطاع غزة، ومصر هى الداعم الأول للقضية الفلسطينية عبر التاريخ.
وقال ”أبو العطا“، خلال تصريحات خاصة، إن ما يقوم به فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية اتهام صريح لقادة العالم والقوى الدولية الفاعلة بالكذب والتدليس، خاصة أن الجميع جاء أمام معبر رفح وتحدث للمجتمع الدولى بضرورة وقف إطلاق النار فى غزة وسرعة دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية، ومن بين هؤلاء الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبى أورسولا فون دير لاين، وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بوربوك، وغيرهم الكثير.
وأضاف رئيس حزب ”المصريين“، أن الاحتلال الصهيونى وضع الدول الحليفة له فى مرمى نيران المجتمع الدولى بعد أن كذب رجالها الذين جاءوا إلى مصر من أجل الاستنجاد وطلب العون من القيادة المصرية للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية ودخول المساعدات، ولا يخفى على أحد زيارة رئيس فرنسا ورئيس الوزراء البريطانى وأعضاء الكونجرس الأمريكى وغيرهم، مشيرًا إلى أن الجميع يحاول المزايدة على دور مصر على الصعيد الإنسانى منذ زمن بعيد وليست أكاذيب إسرائيل اليوم أمرا جديدا.
وأشار عضو المكتب التنفيذى لتحالف الأحزاب المصرية، إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه حُكم البلاد وظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر، وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق، فضلًا عن الجهود الإنسانية التى قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية التى لم تنقطع عن الشعب الفلسطيني، ولا ينسى أحد أن عام 2017 وقعت حركتا فتح وحماس على اتفاق إنهاء الانقسام برعاية مصرية.
وأوضح أن مصر بذلت العديد من الجهود الذى لا يستطيع إنكارها أحد لوقف إطلاق النار وتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى إرسال المساعدات والقوافل الطبية والسعى لإعادة إعمار غزة بعد كل حرب، إلى جانب تدشين مصر للمبادرة الرئاسية فى مايو عام 2021 بمنح 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وأسست أيضًا لجنة وطنية عليا للإشراف على إعادة إعمار غزة، إلى جانب المساهمة فى الحد من أزمة الطاقة فى قطاع غزة وتوجيه المجتمع المدنى المصرى لعلاج الجرحى والمصابين، وفى أكتوبر الماضى نظمت قمة القاهرة للسلام من أجل احتواء التطورات الخطيرة التى تهدد المنطقة بأكملها.
واختتم: إسرائيل تحاول التملص من جرائمها الفجة التى تتعارض مع كافة المواثيق والأعراف الدولية وتحاول إلصاق بعض قاذوراتها بالدولة المصرية من أجل إطالة أمد محاكمتها أمام العالم فى واقعة هى الأولى من نوعها بعد أن رفضت عام 2004 حضور إجراءات التقاضى بشأن إجراءات جدار الفصل العنصرى فى الضفة الغربية، ولكن مصر لا تحتاج الدفاع عن نفسها، خاصة أن الدول الحليفة للكيان الصهيونى هى من دافعت بالفعل من قبل ولا تزال ولا يستطيع أحد أن ينكر.