الجمعة، 22 نوفمبر 2024 04:33 م

موقف القانون الدولى من استيلاء إثيوبيا على ميناء بربرة الصومالي.. الواقعة تؤكد أطماع "أديس أبابا" بالقرن الإفريقي والبحر الأحمر.. واعلانات الأمم المتحدة ومعاهدة "وستفاليا" تمنعا التدخل في سيادة الدول وأراضيها

موقف القانون الدولى من استيلاء إثيوبيا على ميناء بربرة الصومالي.. الواقعة تؤكد أطماع "أديس أبابا" بالقرن الإفريقي والبحر الأحمر.. واعلانات الأمم المتحدة ومعاهدة "وستفاليا" تمنعا التدخل في سيادة الدول وأراضيها ميناء بربرة - أرشيفية
الأربعاء، 24 يناير 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

"مصر لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال أو أمنها".. هذا ما أكده  الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد لقاء مع الرئيس الصومالي في القاهرة، ويأتي موقف القاهرة بعد أن قالت إثيوبيا إنها ستبحث فكرة الاعتراف باستقلال منطقة أرض الصومال، وسبق للرئيس السيسى بأن أكد في مؤتمر صحفي مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في القاهرة أن محاولة "القفز على أرض من الأراضي لمحاولة السيطرة عليها... لن يوافق أحد على ذلك".

 

ويندد الصومال بعدوان إثيوبيا على أرضه، وذلك بعد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال الانفصالية الذي يمنح إثيوبيا منفذا إلى البحر الأحمر، وينص الاتفاق على منح إثيوبيا منفذا على البحر الأحمر على طول 20 كلم، ولا سيما في ميناء بربرة، لمدة 50 عاما، ويتيح الاتفاق لإثيوبيا الحصول على منفذ بحري كانت تطالب به منذ سنوات، وسيسمح لإثيوبيا بامتلاك قاعدة عسكرية ومنطقة بحرية تجارية في ميناء بربرة التجاري ومنطقة لوغايا الواقعة إلى الغرب.   

 

ص

 

موقف القانون الدولى من استيلاء إثيوبيا على ميناء بربرة الصومالي

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على أزمة استيلاء إثيوبيا على ميناء بربرة الصومالي الذى يؤكد أطماعها في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، ورأى ميثاق الامم المتحدة وإعلانات الجمعية العامة والقانون الدولي في تلك الأزمة، حيث يقع ميناء بربرة على الساحل الجنوبي لخليج عدن عند مدخل البحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس، ويجدد هذا الاتفاق التوتر بين الدولتين الذي تراجع إلى حد ما في السنوات الأخيرة حدة التوتر التي سادت علاقاتهما المضطربة تاريخيا، وتخللتها حربان حول منطقة أوجادين المتنازع عليها (1963-1964، 1977-1978) – بحسب الخبير القانوني الدولى والمحامى بالنقض هانى صبرى.

 

في البداية - أقر الرئيس الصومالي قانونا يلغي اتفاق إقليم ما يُعرف بأرض الصومال وإثيوبيا، ودعت الصومال الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومجموعة شرق أفريقيا والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) وغيرها من المنظمات إلى مساندة حق الصومال في الدفاع عن سيادتها وإرغام إثيوبيا على الالتزام بالقوانين الدولية، وتجدر الإشارة إنه لم يقتصر الاعتراض على هذا الاتفاق على الصومال فحسب، بل اعترضت أيضاً  مصر وجيبوتي، وإريتريا والاتحاد الأوربي ودول أخري كثيرة – وفقا لـ"صبرى". 

 

صصصص  

 

الواقعة تؤكد أطماع "أديس أبابا" بالقرن الإفريقي والبحر الأحمر

 

وهذا الاتفاق مخالف للدستور الصومالي لأن أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي  هذا الإجراء انتهاكا صارخاً لسيادتها ووحدتها ومخالف أيضاً للقوانين الدولية، ويجب الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، ومن حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده، لذا يجب  على أثيوبيا احترام مبدأ سيادة الدول وفقاً للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة والإعلانات الصادرة الجمعية العامة للأمم المتحدة – الكلام لـ"صبرى".  

 

ملحوظة:

 

ويُعرِّف القانون الدولي الدولة ذات السيادة بأنها كيان يأوي سكانًا دائمين، ولها حدود جغرافية معروفة، وحكومة واحدة، وقدرة على الدخول في علاقات مع غيرها من الدول ذات السيادة، ومن المفهوم أن الدولة ذات السيادة لا تخضع ولا تعتمد على غيرها من الدول أو القوى، وحركة أرض الصومال الانفصالية غير معترف بها دولياً ولا تمثل الجمهورية الصومالية ومن ثم لا يحق لها إبرام المعاهدات أو الدخول في العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى – الكلام لـ"صبرى". 

 

ططس

 

فمنذ نشاة القانون الدولي العام من معاهدة وستفاليا عام 1648م، والسيادة تعتبر أحد المبادئ الأساسية  تحكم المجتمع الدولي، ويعتبر احترام سيادة الدول حجر الزاوية في العلاقات الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة وكذا القانون الدولي، وتعود أهميتها إلى ارتباطها الوثيق بمفهوم الدولة فلكي توجد الدولة لابد ان يكون لها نظام قانوني يتولى إدارة شئونها الداخلية والخارجية، دون ان تخضع في ذلك لإدارة أي دولة اخري.  

 

واعلانات الأمم المتحدة ومعاهدة "وستفاليا" تمنعا التدخل في سيادة الدول وأراضيها

 

ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة، أنه لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشئون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى؛ ومن المبدأ الأساسي للميثاق من واجب جميع الدول ألا تهدد باستعمال القوة أو تستعملها ضد سيادة الدول الأخرى أو استقلالها السياسي أو سلامتها الإقليمية؛ ويؤكد المثياق احترام سيادة الدول، فضلاً عن السيادة الدائمة للدول على مواردها الطبيعية، بصرف النظر عن نظمها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو مستويات نموها؛وأن التقيد التام بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو أهمية عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين ولتحقيق مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة – هكذا يقول "صبرى". 

 

صصصصص

 

كما تضمنت الإعلانات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة – منها: إعلان قم 2131 لسنة 1965 عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتها، حيث تنص الفقرة الأولى منه: "أن الجمعية العامة إذ تدرك أن المراعاة التامة لمبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأخرى هي ضرورة لتحقيق مقاصد الأمم المتحدة، تعلن رسميا أنه ليس لأي دولة حق التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة.   

 

التأثير على حرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر

 

ونخشي أن تقود التحركات الإثيوبية للوصول إلى البحر الأحمر وأطماعها التوسعية لحرب في منطقة القرن الأفريقي وتهديد استقراره، والتأثير على حرية وأمن الملاحة في البحر الأحمر، حيث تنظر إثيوبيا إلى منطقة شرق أفريقيا بما في ذلك القرن الأفريقي وحوض النيل والبحيرات العظمى باعتبارها منطقة نفوذ إقليمي، تسعى لإبراز هيمنتها هناك رغبة في توسيع نفوذها على الصعيد القاري لتصبح أحد أقطاب القارة الأفريقية، وذلك بالرغم من عدم امتلاكها لمقومات القوة الإقليمية في المنطقة – طبقا لـ"صبرى". 

 

يي

 

جدير بالذكر أن التجارة لم تكن هي الحاجة الوحيدة في الأمر، فأثيوبيا كانت تعد قوة بحرية بمينائيها مصوع وعصب، ولكنها فقدت المينائين وكل ساحلها، بعد انفصال أريتريا عنها، في 1993 لتصبح دولة مستقلة، وأن السبب الرئيسي، الذي دفع أثيوبيا إلى توقيع مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، اطماعها التوسعية في المنطقة والرغبة في بناء منشأة عسكرية أو بحرية في ساحل البحر الأحمر أو خليج عدن، ناهيك عن بعض المكاسب الأخرى، فأثيوبيا ستتجنب الدخول في حرب مع أريتريا، ويعتقد الاثيوبيين على خلاف الحقيقة أن منح الانفصالين الصومالين أرض لهم يعطيهم شرعية.   

 

رغبة "آبي أحمد" في الوصول للبحر الأحمر عبر بوابة الصومال وموانئها

 

وتسعى إثيوبيا بشكل حثيث إلى إيجاد موطئ قدم في كل الموانئ البحرية بدول المنطقة، ويمثل امتلاك منفذ بحري دائم لإثيوبيا في البحر الأحمر هدفًا رئيسيًّا للإدارات الإثيوبية المتعاقبة منذ تحول إثيوبيا لدولة حبيسة وتدرك منذ ذلك الحين بأنها افتقدت جزءًا من مقومات قوتها الإقليمية خاصة بعدما أعلنت تفكيك القوة البحرية الإثيوبية، وتبحث لها عن دور في أمن البحر الأحمر، وهو ما يفسر رغبة "آبي أحمد" في الوصول للبحر الأحمر عبر بوابة الصومال وموانئها، الأمر الذي يعكس الطموح الإثيوبي الجامح في تعزيز الهيمنة الإقليمية في محاولة إحياء الإمبراطوريتها القديمة، فلابد من مناشدة المجتمع الدولي حث أثيوبيا على الكف على أطماعها التوسعية في منطقة القرن الإفريقي واحترام سيادة  الجمهورية الصومالية على كامل أراضيها.   

 

maxresdefault
 
د
 
الخبير القانونى الدولى والمحامى بالنقض هانى صبرى 

 

 

 

 

 


الأكثر قراءة



print