وسط تزايد الهجمات المسلحة، واشتعال الأزمة الاقتصادية، واضطرابات سياسية، وتغير مناخي يحتاج إلى تكاتف ومواجهة، بدأت باكستان التصويت للانتخاب برلمان ينتج عنها رئيس الوزراء القادم، وهو التصويت الذى طال انتظاره، حيث تأخر عدة أشهر، في الوقت الذي تواجه فيه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 220 مليون نسمة تحديات متزايدة.
وعلقت باكستان خدمات الهاتف المحمول في جميع أنحاء البلاد، مبررة ذلك بالحاجة إلى الحفاظ على النظام وسط الاضطرابات المتوقعة المحيطة بالانتخابات المثيرة للجدل، في الوقت الذى يقوم أكثر من 650 ألف من أفراد الجيش والقوات شبه العسكرية والشرطة بتوفير الأمن.
ويتنافس ما يقرب من 18 ألف مرشح على مقاعد في المجالس الوطنية وأربعة مجالس إقليمية، ويتنافس أربعة وأربعون حزبًا سياسيًا على مقاعد في الجمعية الوطنية، مجلس النواب بالبرلمان، حيث يتم التنافس على 266 مقعدًا، في حين يتم حجز 70 مقعدًا إضافيًا لـ النساء والأقليات.
كما تم تأجيل الانتخابات في إحدى الدوائر الانتخابية الوطنية وثلاث دوائر انتخابية إقليمية بسبب وفاة المرشحين المتنافسين.
وبعد الانتخابات، سيختار البرلمان المنتخب حديثًا رئيسًا للوزراء، وإذا لم يتمكن أي حزب واحد من الحصول على الأغلبية، فيمكن للحزب الذي يحصل على أكبر نسبة من مقاعد الجمعية تشكيل حكومة ائتلافية.
ومع ذلك، فإن الحكومة القادمة سوف تواجه تحديات هائلة، بما في ذلك إدارة الاضطرابات الداخلية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية الحادة، ومعالجة الهجرة غير الشرعية.
ورغم ترشح العدد الكبير، للحصول على منصب رئيس الوزراء، إلا أن هناك 4 شخصيات رئيسية يتطلع العالم إلي أيهم الفائز، وهم القائد العسكري عاصم منير، ورئيس الوزراء السابق عمران خان، ونواز شريف، وأصغر المرشحين بيلاوال بوتو زرداري.
وفى الوقت الذى لايزال الزعيم السابق عمران خان، الذي أطيح به من السلطة في عاصفة من الجدل، مسجونًا في عدة اتهامات وممنوعًا من خوض الانتخابات ضد منافسيه، منع أيضًا حزبه حركة الإنصاف الباكستاني من استخدام رمز مضرب الكريكيت الشهير في بطاقات الاقتراع، وهو ما يمثل ضربة قوية للملايين من الأميين الذين قد يستخدمونه للإدلاء بأصواتهم، كما مُنعت محطات التلفزيون من بث خطب خان.
ويتنافس مرشحو حزب حركة الإنصاف الباكستاني الذي يتزعمه خان في الانتخابات بشكل مستقل بعد أن أيدت المحكمة العليا قرار لجنة الانتخابات بحرمان حزبه من رمزه الانتخابي الشهير لعبة الكريكيت "المضرب".
ويسعى خصمه القديم، السياسي المخضرم نواز شريف ، وهو سليل أسرة شريف السياسية النخبة، إلى الحصول على فترة ولاية رابعة تاريخية كزعيم، فيما يمكن أن يكون عودة سياسية ملحوظة بعد سنوات من المنفى الاختياري في الخارج بعد أن حكم عليه بالسجن في اتهامات بالفساد.
ويظل شريف يتمتع بشعبية واسعة في إقليم البنجاب في باكستان ــ وهو الإقليم الأكثر اكتظاظاً بالسكان والذي يشكل ساحة معركة انتخابية رئيسية ــ حيث حظي حزبه، الرابطة الإسلامية الباكستانية (نواز)، بالإشادة بسبب تطوير مشاريع البنية التحتية الضخمة.
ويقف في مواجهته بوتو زرداري، نجل الزعيمة السابقة المقتولة بينظير بوتو، الذي يبلغ من العمر 35 عاماً، والذي يسعى إلى إعادة تأسيس حزب الشعب الباكستاني باعتباره قوة سياسية كبرى.
كما أغلقت باكستان مؤقتًا معابرها الحدودية مع إيران وأفغانستان كإجراء أمني، وفقًا للمتحدث باسم وزارة الخارجية ممتاز زهرة بلوش وفي أماكن أخرى، تتصاعد التوترات السياسية وسط اتهامات بتدخل الجيش، وهو ما ينفيه الجيش.
وتصاعد العنف السياسي في الفترة التي سبقت التصويت، حيث قتل 30 شخص في انفجارين مزدوجين، استهدفا مكاتب الحملة الانتخابية في مقاطعة بلوشستان المضطربة في البلاد، وأعلنت جماعة ولاية باكستان المسلحة مسؤوليتها عنهما.
كما أدى انفجار آخر في المنطقة إلى مقتل اثنين من أفراد الأمن وإصابة سبعة آخرين في مركز اقتراع.
وحث مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، السلطات على ضمان إجراء تصويت حر ونزيه بالكامل في بيان صدر يوم الثلاثاء.
وأضافت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، أن الانتخابات لحظة مهمة لإعادة تأكيد التزام البلاد بحقوق الإنسان والديمقراطية، وضمان حق المشاركة لجميع أفراد الشعب، بما في ذلك النساء والأقليات.
وأعربت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها بشأن الوضع الأمني الذي سبق الانتخابات، مشيرة إلى 24 هجومًا تم الإبلاغ عنها استهدفت الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية، خاصة في خيبر بختونخوا وبلوشستان.
وفي وقت سابق من الأسبوع، أبدت وزارة الخارجية الأمريكية تحفظاتها بشأن التحديات التي تواجه حرية التعبير خلال العملية الانتخابية الجارية.
فيما قال أجاي بيسارا، المفوض السامي السابق للهند لدى باكستان، إن الانتخابات البرلمانية الباكستانية ليست فقط الأكثر قابلية للتنبؤ بها، ولكنها أيضًا الأكثر تزويرًا لأن هناك توقعات واسعة النطاق بأنه سيكون من الممكن اختيار نواز شريف وحزبه الرابطة الإسلامية الباكستانية.
وقتل تسعة أشخاص على الأقل، بينهم طفلان، في هجمات شنها متشددون في باكستان، اليوم الخميس، أثناء التصويت في البلاد في الانتخابات العامة بعد تعليق خدمات الهاتف المحمول وإغلاق بعض الحدود البرية للحفاظ على القانون والنظام.
ويرتفع معدل التضخم إلى عنان السماء بنسبة تقرب من 30%، مع انخفاض قيمة الروبية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وأدى العجز الكبير في ميزان المدفوعات إلى توقف الواردات، الأمر الذي أعاق التوسع الصناعي بشكل كبير.