فى يوم مشمس وسماء صافية ومشهد بديع، عانقت أشعة قرص الشمس وجه الملك رمسيس داخل معبده الكبير جنوب مصر، وسط حضور حاشد من آلاف السائحين من مختلف الجنسيات الدولية حول العالم لمتابعة هذه الظاهرة الفلكية الفريدة.
واصطف آلاف السائحين فى ساحة معبد أبوسمبل فى أطول طابور سياحى أمام واحد من أهم المعالم الأثرية فى العالم جنوب مصر، وحرص السائحون على الدخول للمعبد قبل شروق الشمس بثلاث ساعات تقريبا، لاتخاذ مكان فى الصفوف الأولى أمام منصة قدس الأقداس داخل المعبد الكبير للملك رمسيس الثانى بمدينة أبوسمبل.
أكد الدكتور باسل إبراهيم، مدير عام الإدارة العامة للخدمات بالمواقع السياحية والآثار والمتاحف بوزارة الآثار والسياحة، أن معبد أبوسمبل شهد إقبال كبير من السائحين الأجانب بجانب الزوار المصريين، مضيفاً فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن عدد الزوار اليوم الذين شاهدوا ظاهرة تعامد الشمس بلغ نحو 4100 سائح أجنبى من مختلف الجنسيات الدولية، ووقفوا فى اصطفاف منظم للدخول إلى منصة قدس الاقداس بمعبد رمسيس فى مدينة أبوسمبل لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس، التى استمرت لمدة 20 دقيقة.
وأشار، إلى أن الظاهرة تجذب أنظار الجميع حول العالم، لذا يحرصوا على المجيئ إلى مصر وقطع مسافة طويلة من بلادهم للوصول إلى أقصى جنوب مصر حيث معبد رمسيس بمدينة أبوسمبل، لمتابعة الظاهرة الفريدة التى تحدث مرتين كل عام فقط فى السنة 22 فبراير و22 أكتوبر، لما تحتويه هذه الظاهرة من أسرار فلكية فريدة جسدها القدماء المصريين داخل معابدهم الفرعونية.
وأوضح الأثرى أحمد مسعود، كبير مفتشى آثار أبوسمبل، أن ظاهرة تعامد الشمس بأبوسمبل من الظواهر المكتشفة حديثاً لدى علماء الآثار، ولكن جسدها القدماء المصريون قبل آلاف السنين بمعبد رمسيس الكبير فى مدينة أبوسمبل، وتحدث يومى 22 فبراير و22 أكتوبر فى كل عام، وهما يومان مرتبطان بموسمى الزراعة والحصاد عند القدماء المصريين، أو يومان مهمان لدى الملك، قد يكون أحدهما يوم ميلاده والآخر يوم تتويجه على العرش.
وتابع، أن الظاهرة بدأت مع شروق شمس يوم 22 فبراير، وتستمر لمدة 20 دقيقة فقط، حيث تتسللت أشعة الشمس من فوق مياه بحيرة ناصر لواجهة معبد أبوسمبل لتخترق بوابة المعبد، ثم تكمل طريقها فى ممر المعبد من الداخل بطول 60 متراً لتصل إلى منصة قدس الأقداس وتسقط على وجه الملك رمسيس ومنصته ذات التماثيل الأربعة، ويستثنى منهم تمثالاً واحداً لا تتعامد عليه الشمس باعتباره إله الظلام أو العالم السفلى.
ولفت إلى أن منصة قدس الأقداس، تضم تماثيل لأربعة معبودين وهم من اليسار لليمين: "بتاح" إله العالم الآخر وإله منف و"آمون رع" الإله الرئيسى للدولة وقتها ومركز عبادته طيبة و"رع حور أخته" إله هوليوبلس والشمس تتعامد على التماثيل الثلاثة دون "بتاح" إله العالم الآخر "الظلام"، لاعتقاد المصرى القديم بعدم منطقية سقوط أشعة الشمس على العالم السفلى، ولذلك لم يغفل المصرى القديم ببراعته هذا الجانب ومنع الشمس من التمثال الرابع.
وقال، إن اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس تعود إلى شتاء عام 1874، عندما رصدت الكاتبة البريطانية "إميليا إدوارد" والفريق المرافق لها، هذه الظاهرة التى كانت تتابعها وترصدها عندما كانت تستيقظ يوميا مع شروق الشمس وكانت تقيم على مقربة من المعبد، عندها لاحظت أن أشعة الشمس تدخل فى يومين محددين، كدخول ممتد إلى داخل قدس أقداس المعبد، ثم سجلتها فى كتابها المنشور عام 1899 بعنوان "ألف ميل فوق النيل".
وأناب اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، اللواء ياسر عبد الشافى السكرتير العام المساعد لحضور فعاليات الظاهرة الفلكية الفريدة من نوعها وذلك بمشاركة رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة عمرو بسيونى، وأيضاً الأثرى أحمد مسعود كبير مفتشى أثار أبو سمبل ، فضلاً عن تقديم 17 فرقة فنون شعبية محلية ودولية ، وفرقة باليه أكاديمية الفنون لعروضها الفنية والثقافية والتراثية أمام المعبد قبل وأثناء وبعد حدوث التعامد.
ومن جانبه، أكد اللواء أشرف عطية، أنه تم إعطاء توجيهات برفع درجة الإستعداد لإستقبال وتأمين الأفواج السياحية الوافدة لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس، وخاصة في قطاعات الصحة والإسعاف والمحليات والتموين والسياحة والأثار وغيرها لتوفير كافة الخدمات والتسهيلات اللازمة للسائحين والزائرين.
وأكمل، أنه توازى مع ذلك وضع شاشة عملاقة أمام ساحة المعبد لإتاحة الفرصة الكاملة أمام الأفواج السياحية والزائرين لمشاهدة الظاهرة الفلكية الفريدة من نوعها على وجه الملك رمسيس الثانى ، والجدير بالذكر بأن ظاهرة تعامد الشمس ظاهرة فريدة من نوعها حيث يبلغ عمرها 33 قرنًا من الزمان والتى جسدت التقدم العلمى الذى توصل له القدماء المصريين ، خاصة فى علم الفلك والنحت والتخطيط والهندسة والتصوير والدليل على ذلك الآثار والمبانى العريقة التى شيدوها فى كل مكان.
وكشف الدكتور شاذلى على، مدير آثار أسوان، عن فتح بوابة المعبد مبكرا لاستيعاب أعداد السائحين ومنع التكدس والزحام أثناء الدخول للمعبد، مع تخصيص بوابات إلكترونية وسيارات "جولف" لراحة السائحين وتحديد مسارات لتسهيل عملية دخول وخروج الزوار من المعبد.