الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:49 ص

الصفقة الاستثمارية فى ميزان الخبراء.. الاستثمار الأجنبى المباشر من أهم مصادر العملة.. يعزز الإنتاج المحلى ويقلل فاتورة الواردات ويوفر الآلاف من فرص العمل.. وتعكس ثقة الكيانات الاقتصادية الكبرى بالاقتصاد المصرى

الصفقة الاستثمارية فى ميزان الخبراء.. الاستثمار الأجنبى المباشر من أهم مصادر العملة.. يعزز الإنتاج المحلى ويقلل فاتورة الواردات ويوفر الآلاف من فرص العمل.. وتعكس ثقة الكيانات الاقتصادية الكبرى بالاقتصاد المصرى صفقة رأس الحكمة
الجمعة، 23 فبراير 2024 07:25 م
كتبت: سمر سلامة
ركزت الحكومة المصرية جهودها خلال السنوات الماضية، على تحسين مناخ الاستثمار لتصبح مصر واحدة من الوجهات الاستثمارية الواعدة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك رغم التحديات والتغيرات الدولية الاقتصادية والجيوسياسية غير المسبوقة والتي عصفت بالعديد من الاقتصاديات الناشئة في العالم، لكن تمكنت مصر من عبور هذه التحديات لتتوج جهودها بعقد صفقة استثمارية كبري.
 
وتتمثل أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في إعطاء قوة دفع للاقتصاد المحلي بتحسين قدرته على التفاعل مع الاقتصاد العالمي والمشاركة في العملية الإنتاجية الدولية، بالإضافة إلى تعظيم مساهمته في العملية الإنتاجية الدولية، وهو ما يفسر المنافسة القوية بين معظم دول العالم لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للإسهام  في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية  وهو ما يتسق مع جهود الدولة المصرية في هذا الشأن، كما يسهم الاستثمار المباشر في بناء القدرات الوطنية من خلال إدخال التقنية الحديثة وفتح فرص عمل جديدة أمام مواطني البلد المضيف للاستثمار، بالإضافة إلى كونه مصدرا مهما للتدفق النقدي مما يساهم في حل أزمة شُح العملة الصعبة.
 
الاستثمار الأجنبي المباشر أهم مصادر العملة وأقلها تكلفة
 
وفي هذا السياق يقول الدكتور رائد سلامة، المقرر المساعد للجنة التضخم وغلاء الأسعار بالحوار الوطني، إن الاستثمار الأجنبي المباشر من أهم مصادر العملة الأجنبية وأقلها تكلفة سياسيًا واقتصاديا، لأنه يضخ في الاقتصاد أموالًا جديدة أو كما يقال بالإنجليزية Fresh Money، وبالتالي فهو لا ينطوي على مخاطر من نوع الأموال الساخنة التي تأتي بسرعة وتخرج بسرعة، ولا يترتب عليه بيعًا لأصول قائمة بالفعل.
 
ويضيف"سلامة" في تصريح خاص، أن الاستثمار الأجنبي المباشر يأتي ليبقى ويستمر، ويوفر وظائف دائمة، بما يفكك من حالة الركود وما يصاحبها من تضخم، بالإضافة إلى قيامه بنقل تكنولوجيا حديثة ووسائل أعمال متطورة، مشيرا إلى أن صفقة الاستثمارات التي وافقت عليها الحكومة ستساهم في دعم مركز العملة الأجنبية لدى البنك المركزي الذي يستطيع مع توافر مبالغ ضخمة في الاحتياطي النقدي، تمكنه من توحيد سعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، ومن ثم القضاء على السوق السوداء والمضاربين، مع إتاحة مبالغ كبيرة من تلك الحصيلة لاستخدام البنوك في فتح اعتمادات للاستيراد.
 
وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة أن توجه اعتمادات الاستيراد   لمستلزمات الإنتاج بالأساس لأجل تعزيز الإنتاج وتوطين الصناعة وتحويل نمط الاقتصاد من استهلاكي ريعي إلى إنتاجي تنموي، وهو ما سيؤدى في حالة استخدامه بأكبر كفاءة ممكنة إلى رفع سعر العملة المحلية وخفض أسعار البضائع المستوردة التي كان التجار يقومون بتسعيرها وفقًا لتقييمات مُغالى فيها لتكلفة الاستيراد بسبب ارتفاع سعر تدبير العملات الأجنبية. نشجع الاستثمار الأجنبي المباشر .
 
الاستثمار المباشر يوفر الآلاف من فرص العمل  ويعظم الإنتاج  المحلي
 
وفي نفس الصدد، يؤكد الدكتور حازم عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد وخبير الاستثمار،  على أهمية الصفقة الاستثمارية التي أعلنت مجلس الوزراء الموافقة عليها، مشيرا إلى أن الاستثمار المباشر خاصة الأجنبي تسعى إليه كل الدول، لمساهمته  في تعدد وتنوع الاستثمارات، بالإضافة إلى كونه مصدرا مهما من مصادر العملة الصعبة، لأن المستثمر الأجنبي يدفع بالدولار، ومن ثم تؤدي زيادة المعروض من العملة في تخفيف حدة مشكلة سعر الصرف التي تواجه الدولة المصرية خلال الفترة الماضي.
 
ويقول  "عبد العظيم" في تصريح خاص، إن السوق المصري يعاني من وجود سعر رسمي للدولار وسعر بالسوق غير الرسمي "السوق السوداء"، بالإضافة إلى تسعير الدولار بسعر مختلف داخل كل قطاع سواء الذهب أو السيارات أو الحديد وغيرها، موضحا أن هذه الفجوة تؤدي إلى مشكلة حقيقية في القطاعات الاقتصادية، لذلك يعتبر الاستثمار الأجنبي  أحد الأدوات لحل هذه المشكلة، فكلما زاد الاستثمار الأجنبي خاصة لو في شكل شراكات مع الدولة أو القطاع الخاص أدى ذلك إلى مزيد من النتائج الإيجابية سواء بحل أزمة العملة أو المساهمة في نمو القطاع الخاص.
 
ويوضح  الخبير الاقتصادي، أن قرار الشركات العالمية بالاستثمار في أي دولة يرتبط بتوافر عدد من العناصر في هذه الدولة، منها توافر الأمن والاستقرار، ووجود تشريعات جاذبة للاستثمار، ووجود تشريعات تحمي دخول وخروج رؤوس الأموال، بالإضافة إلى  استقرار النظام المالي، لذلك تسعى الدولة جاهدة نحو تحقيق استقرار النظام المالي والمصرفي والقضاء على الفجوة الموجودة، لافتا إلى وجود ميزة نسبية تحققها الاستثمارات المباشرة في مجالات متعددة تتعلق بزيادة حجم التصنيع والإنتاج وهو ما يخفف فاتورة الواردات، وتخفيف الطلب على العملة الصعبة ، ومن الممكن في حال زيادة الإنتاج أن ننتقل إلى التصدير ومن ثم يصبح مصدر مهم لزيادة الحصيلة الدولارية للدولة المصرية، كما أنه ينعكس على زيادة معدلات النمو وتحسين مؤشرات الاقتصاد في الدولة الأم.
 
ويؤكد أستاذ الاقتصاد، أن مصر تمتلك مقومات كثيرة تساعدها في جذب الاستثمارات الأجنبية منها الموقع الاستراتيجي وتوافر المواد الخام، والبنية التحتية المتطورة، كذلك الأيدي العاملة التي تعد تكلفتها أقل مقارنة بدول أخرى، وفي حال توفير التدريب والتأهيل اللازم لها تصبح كفاءتها عالية جدا، مشددا على الدور الذي تلعبه الاستثمارات المباشرة في توفير فرص العمل المتنوعة ومن ثم خفض معدلات البطالة في المجتمع المصري.
 
الدولة المصرية تمتلك بنية تشريعية وتحتية جاذبة للاستثمار
 
ومن جانبه يؤكد  الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة تمثل نجاح جديد لجهود الدبلوماسية الاقتصادية المصرية ومساعيها نحو تحقيق مستهدفات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، حيث تعتبر هذه الاستثمارات نتاج لما تتمتع به الدولة المصرية من استقرار سياسي وأمني واقتصادي، لا سيما وأن الدولة المصرية تعد من الأسواق الناشئة الأكثر استقرار وأماناً وقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية، فقد أصبحت قبلة آمنة ومستقرة للمستثمرين الأجانب، واستطاعت الاستمرار في تحقيق معدلات نمو موجبة في ظل العديد من الاضطرابات والأزمات العالمية التي أضرت وأطاحت باقتصادات دول كبرى.
 
ويضيف "عادل"، في تصريح خاص، أن هذه الاتفاقية ودخول هذه الاستثمارات تعد بمثابة رسالة ثقة وطمأنة للمستثمرين الأخرين بالتوجه باستثماراتهم للدولة المصرية أو التوسع في مشروعاتهم القائمة بها، حيث إن هذه الاستثمارات اتجهت للدولة المصرية بعد العديد من البحوث والدراسات عن مستقبل الاقتصاد والعمل داخل الدولة المصرية،  وهي بحوث ودراسات تقدمها مؤسسات ومكاتب استشارية عالمية معتمدة وموثوق بها للمستثمرين وأيضاً للمؤسسات المالية والتصنيف الائتماني العالمية.
 
ويوضح الخبير الاقتصادي ، أن الدولة المصرية تمتلك بنية تشريعية وأساسية وتكنولوجية مطمئنة للمستثمرين وجاذبة للاستثمار، حتى وإن تواجدت بعض المعوقات إلا أن الإرادة والعمل على استغلال الفرص سيساهم في معالجة تلك المشكلات والمعوقات على المديين القصير والمتوسط، لافتا إلى أن الدولة المصرية تمتلك موقع جغرافي ولوجيستي يعود بالنفع على الاقتصاد المصري والمستثمرين فيه.
 
ويؤكد "عادل"، أن الاستثمارات تساهم في خلق حالة من الانتعاش الاقتصادي كونها ذات الصلة والارتباط المباشر بالعديد من القطاعات الاقتصادية ذات التأثير والأثر في الناتج المحلي الإجمالي، كقطاع الصناعة وقطاع السياحة وقطاع التشييد والبناء وقطاع العقارات وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وقطاع النقل واللوجستيات ، إضافةً لما توفره من فرص عمل لكافة الفئات ومن ثم انخفاض معدل البطالة وزيادة معدلات  التشغيل والإنتاج، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية للدولة المصرية.
 
ويواصل حديثه: "كما تمثل الاستثمارات في منطقة رأس الحكمة مستقبل الاستثمار السياحي في مصر فهي أحد المشروعات الضخمة في أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية رائعة الجمال، خاصةً وأن هذه الاستثمارات ستتيح أنشطة صناعية وتجارية وسكنية في الدولة المصرية بوجه عام وهذه المنطقة بوجه خاص، مما يجعل لمنطقة "رأس الحكمة" الواعدة نشاطًا سياحيًا كبيرًا خلال الـ20 عامًا القادمة، حيث تضم المنطقة أنماطاً متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، وهي أحد أهم أنواع السياحة التي يبحث عنها السائحين من مختلف دول العالم."
 
ويشير إلى أن المنطقة تزخر بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر في مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية، وهذا النمط من السياحة يشجع على إقامة سياحة المهرجانات والاحتفالات في تلك المناطق، استرجاعاً للأحداث التاريخية التي اتخذت مواقعها في هذه المناطق، مما يجعل الدولة المصرية تتصدر قائمة المقاصد السياحية ذات الأنماط المتعددة،  ويجعل للاستثمار السياحي نصيباً واتجاهاً جديداً يضاف لبيئة الاستثمار والمناخ الاستثماري بالدولة المصرية.

print