لازالت أزمة أسرة الموسيقار الراحل حلمى بكر حول تحديد مكان دفنه، ما نتج عنه تأجيل تشييع الجثمان، عقب استلامه وانتقلوا إلى قسم السلام وتم تحرير محضر بالواقعة، ما يؤكد أن الاتهامات بين الأسرة مستمرة حول قتل "بكر" من عدمه، وهو ما ستثبته التحقيقات خلال الساعات القادمة، فقد ورد بلاغ لقسم السلام، بوقوع مشاجرة بين أسرة الموسيقار حلمى بكر وأرملته بسبب الخلاف على دفن جثمانه وتم الاستماع لأقوال الطرفين اللذين حررا المحضر، كما حرر شقيق المتوفى محضرًا ضد زوجة الموسيقار بسبب الخلاف على مكان دفن المتوفى ولجأوا لكمين بلبيس التابع للسلام 2 ولم يدفن حتى الآن.
وهناك اتهامات من قبل أسرة حلمى بكر لزوجته سماح القرشي بقتله، بحجة أنها رفضت إيداعه في أحد مستشفيات القاهرة، وكان علاجه على نفقة الدولة ونقابة المهن الموسيقية، وتم خطفه رغم حالته الصحية وإيداعه بإحدى قرى مركز كفر صقر بلا رعاية أو عناية في الوقت الذي تركته زوجته في منزل والدتها في الشرقية، وأقامت هي وابنتها في منزله المملوك له في الجيزة، وأبلغ "بكر" الدكتور المعالج بأنه وصل المستشفى وهو يعاني من حالة تسمم، كما ورد في بيان المستشار القانوني لنجله هشام حلمى بكر، وذلك في الوقت الذى أكدت فيه سماح القرشي، أرملة الموسيقار حلمي بكر، أن صية "بكر" لها قبل رحيله قائلة: "وصيته ليا إني مردش على اللي بيتكلموا.. اللي يقول يقول".
بعد الاتهامات المتبادلة لأسرة الموسيقار الراحل حلمى بكر بقتله مسموما
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على دور الطب الشرعى في الكشف عن كيفية ارتكاب الجرائم والتقارير الطبية المتعلقة بالسموم من عدمها، خاصة وأنه عندما تحدث الجرائم في كل مكان، يبدأ رجال المباحث الجنائية والمتخصصون في الطب الشرعي، وغيرهم من المعنيين بهذه الجرائم، في البحث عن أي دليل يسهم في معرفة تفاصيل حدوثها، وأسباب ارتكابها، والتوصل إلى فاعليها، وتشمل رحلة البحث عن الأدلة معلومات عدة، بما في ذلك السموم التي ربما استخدمت في تلك الجرائم، من حيث أنواعها ومكوناتها وطرائق استخدامها – بحسب الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم.
ويستخدم في اكتشاف بعض الجرائم علم السموم الشرعي Forensic Toxicology، الذي يطبق مبادئ الكيمياء التحليلية وعلم السموم للأغراض الطبية والقانونية حيث يحتمل استخدام نتائجه في المحكمة أو للإجراءات الإدارية، والمعروف أن المواد السامة الموجودة بكميات ضئيلة جداً في الدم والبول ومحتويات المعدة والشعر والأظافر من الدلائل التي تشير إلى سبب الوفاة، وقد تشمل العناصر التي يتم تحليلها ضمن علم السموم عينات بيولوجية، ومخدرات، وسموما، ومواد كيميائية بيئية، وأي منتج قد توضح فيه نتائج التحليل الأنشطة الإجرامية والأحداث الماضية أو الحالية – وفقا لـ"سالم".
زوجة حلمى بكر
الكشف عن الجرائم باستخدام السموم
يهتم علم السموم الشرعي بتحليل الأدلة ذات الطبيعة الإجرامية، مثل التحقيق في القتل، أو انتهاك الإجراءات مثل الفحص العشوائي أو قبل العمل للكشف عن تعاطي المخدرات، وقد يتعاون علماء السموم الشرعيون مع محترفين آخرين مثل الفاحصين الطبيين واختصاصيي علم الأمراض أو هيئات تنفيذ القانون للحصول على أفضل النتائج، وتعد الخبرة في التحليل الكيميائي الحيوي والصيدلاني والكيميائي النباتي من المتطلبات الأساسية للتميز في علم السموم الشرعي، حيث إن الإلمام بالتحقيق في مسرح الجريمة وجمع العينات ومعالجتها وفحص بصمات الأصابع، وكذلك القانون الجنائي والإجراءات الجنائية يعزز قدرة اختصاصي السموم الشرعي وإنتاجيته – الكلام لـ"سالم".
تشمل العينات في هذا التحقيق عادة الأدوية والسموم والكحول، أو أي مادة كيميائية، لإثبات تأثيرها في الوفاة، ويعتبر تركيز وتقدير المادة الكيميائية في الدم أو في أنسجة معينة أمرا مهما من أجل إقامة علاقة السبب والنتيجة، ويعد استخدام أحدث التقنيات والأدوات التحليلية أمراً مهما أيضا لأن القضايا قد تضيع في المحاكم إذا ثبت أي شك، عادة ما يكون هناك اهتمام، مفصل بالوثائق، حول الأسباب المحتملة للأخطاء في التعامل مع العينة أو حساسية الاختبار، والآثار بعد الوفاة وكذلك تأثير إعادة توزيع الدواء في الجسم بعد الوفاة – طبقا لـ"سالم".
هشام نجل حلمى بكر
استخدام التركيز المقدر لعقار أو سم لربطه بالسمية في كائن حي
هناك توازن وثوابت مختلفة لتحركات الدواء من الدم إلى أعضاء مثل الكبد والرئة والدماغ، حيث تحدث معدلات حركة الدواء هذه إلى أعضاء مختلفة لها تركيزات مختلفة في الوقت تأثيرات عدة، ويمكن استخدام تركيز الدواء في الدم أو في عضو معين للتنبؤ بالتركيز في نسيج آخر، ويمكن بعد ذلك استخدام التركيز المقدر لعقار أو سم لربطه بالسمية في كائن حي، والمسألة معقدة، لأن إعادة التوزيع تحدث بعد الموت مما قد ينتج عنه تركيز في العضو ربما يبلغ 10 أضعاف ما كان موجوداً قبل الوفاة، ومن أمثلة الأدوية التي تظهر هذه الظاهرة بعض مضادات الاكتئاب وأدوية الألم التي يعاد توزيعها بتركيزات أعلى في الكبد.
وقد يؤدي تلف الأنسجة والموت أيضاً إلى تغيير التمثيل الغذائي داخل الخلايا مما يتطلب انتباه طبيب السموم الشرعي، ونظراً لأن الجسم يتدهور أو يجف وتتوقف الأعضاء عن العمل، فإن جميع افتراضات بيانات حركية الأدوية (امتصاصها وتوزيعها وعملية استقلابها وفترة نصف العمر للتخلص منها) ربما لا تكون قابلة للتطبيق بعد الوفاة، كما أن استخدامها دون الاهتمام الدقيق بتغييرها سيؤدي إلى خطأ في الاستنتاجات، لذا يجب على خبير السموم أن يكون ملماً بالعوامل التي تسهم في سرعة تحلل العينات والمواد السامة التي قد تحتويها.
عينات الضحايا
ومن المعروف أنه لا يمكن الحصول على عينات من محتويات المعدة والبول والدم من جسم الضحية بعد انقضاء فترة من الزمن، لكن يمكن أخذ عينة موجودة على الجثة أو في مسرح الجريمة، وبذلك يمكننا تحديد ما إذا كانت الأدوية قد وجدت في الجسم وقت حدوث الوفاة، ويعتبر استخدام هذه التقنية تقدما كبيرا في العلوم الجنائية، إذ لم يكن هناك استطاعة لاستخدامها سابقاً، ولاسيما بالنسبة إلى الجثث المتحللة بشكل كبير، وقد أتاحت الدراسات الحديثة المتعلقة بتأثير الأدوية والمواد السامة المختلفة على تطور ونمو مفصليات الأرجل تحديد فترات ما بعد الوفاة بصورة أكثر دقة.
والعامل الحاسم والمجهد لطبيب السموم الشرعي هو محدودية حجم العينة التي قد تؤثر في عدد الاختبارات التي يمكن إجراؤها وإعادة إنتاجها بدرجة مقبولة من اليقين، على سبيل المثال، قد تشير بصمة إصبع المشتبه فيه إلى وجود شخص ما في مسرح الجريمة ولكن ليس ضرورياً أثناء الجريمة، ومع ذلك، فإن بصمة الإصبع التي تحتوي على دم الضحية تشير إلى الوجود أثناء القتل أو بعده بفترة وجيزة، وبصمة الإصبع التي تتضمن دم الضحية الملوث أيضاً بالعقار المستخدم في الجريمة تشير بقوة إلى التورط، قد يكون لدى طبيب السموم الشرعي بضع بصمات فقط ملوثة بدم الضحية، ودواء بكمية صغيرة جداً، لإجراء جميع الاختبارات اللازمة.
الاستفادة من علم السموم في تحقيقات الوفيات في مختبرات الطب الشرعي
لذا، يعتبر اختيار العينة المراد تحليلها وطريقة حفظها ونقلها وتخزينها من الشروط الأساسية في التحريات السمية، ويجب على خبير السموم أن يكون ملماً بالعوامل التي تسهم في سرعة تحلل العينات والمواد السامة التي قد تحويها، يمكن الاستفادة من علم السموم في تحقيقات الوفيات في مختبرات الطب الشرعي العامة أو الخاصة، لكن اعتماد المختبر المناسب أمر ضروري لعرض الحالة بشكل أفضل، ولا بد من الإشارة إلى أن البيانات التحليلية للسموم الموجودة في العينات، والمكتشفة بإحدى الطرائق المذكورة آنفا، تستخدم ضمن ملفات القضايا إلى المحكمة كأدلة جنائية يعتمد عليها بهدف إصدار أحكام قانونية عادلة.
طرق اكتشاف السموم في الجثث
تختلف طرائق تحليل العينات في علم السموم الجنائي حسب طبيعة العينات المراد تحليلها والهدف من طريقة التحليل، فهناك طرائق تتعلق بالتحليل المناعي أوالتحليل ذي الطابع الحيوي الجزيئي أوالتحليل الكروماتوغرافي، وذلك بهدف تحليل عينات السوائل أو الأنسجة الحيوية أوغير الحيوية، وللكشف عن السموم وتقدير كميتها لا بد من تطوير التقنيات التحليلية المتعلقة بتحضير العينات، وطرائق التحليل الآلية والتأكد من صلاحيتها (الأفضل تحليل عينات بشرية تم تشخيصها مسبقا)، والتأكد من كفاءة الأجهزة التحليلية (إجراء التحقق في أيام مختلفة ومن قبل عدة محللين)، ثم معالجة البيانات الناتجة لتحديد نوعية المادة السامة وكميتها.
ومن مسؤوليات أي مختبر سموم جنائي إعداد خطة متكاملة تتضمن الطريقة التحليلية القادرة على تمييز المواد السامة المختلفة، وتحديد نمط المعايرة أثناء التحقق من دقة الطريقة المستخدمة في التحليل، وتعيين حد الكشف النوعي لجميع الطرائق التحليلية المستخدمة في المختبر (سواء ما يتعلق منها باستخدام الحد القطعي أو التركيز الأقل من المحلول العياري أو استخدام مواد قياسية مرجعية أو منحنى المعايرة الخطي، أوغيرها)، وتعيين حد التقدير الكمي (سواء ما يتعلق منها باستخدام التركيز الأقل من المحلول العياري، أو استخدام التحليل الإحصائي لخلفية الكروتوغرام، أو استخدام منحنى المعايرة الخطي، أوغيرها)، وتحديد آلية عمل كل طريقة وتقييمها وتحديد شروط قبولها.
أما بالنسبة إلى عملية تحليل محتويات اليرقات الموجودة على الجثة أو في مسرح الجريمة فتختلف تقنيات التحليل للمواد العضوية والمواد غير العضوية، حيث يتم تحليل المواد غير العضوية باستخدام تقنية البلازما التحريضية، ومطيافية الإصدار الذري، ومطيافية الامتصاص الذري اللهبي، ويتم تحليل المواد العضوية بواسطة فحص الغربلة، والتقييم الحيوي الإشعاعي بأجهزة المناعة وبواسطة فحوص التأكيد التي تشتمل على تقنيات الكروماتوغرافي (الفصل أو التحليل اللوني)، ومنها طريقة الفصل على رقائق الكرماتوغرافي أو استشراب الصفائح الرقية والفصل الكروماتوغرافي الغازي، أما بالنسبة إلى تحليل المواد في حالتها السائلة أو الصلبة فيمكن استخدام تقنيات استخلاص خاصة لتلك المواد، وهنا لا بد من التأكيد على أهمية حفظ سجلات المختبر المتعلقة بوثائق التحقق من صلاحية الطرائق التحليلية المستخدمة والبيانات الناتجة عنها.