اتخذت الحكومة، قرارات حاسمة وعاجلة على مدار الأسابيع الماضية، من أجل ضبط الأسواق، ومواجهة السوق السوداء، ومن أجل صدر قرارات بوضع سعر عاجل للجنيه المصري، فضلا عن إبرام صفقة رأس الحكمة، التي تعد من أكبر الصفقات الاستثمارية في تاريخ مصر، فضلا عن الضربات الأمنية لملاحقة المتاجرين بالعملة، فإن كافة تلك الجهود أسفرت عن تراجع سعر الدولار خلال التعاملات الصباحية اليوم، ليسجل 47 جنيها.
أيمن محسب: القضاء على مضاربات الدولار يؤدى لزيادة تحويلات المصريين بالخارج
وفي هذا السياق، يرى الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أن استمرار انهيار السوق السوداء بعد قرار التسعير العادل للجنيه وفقا لآليات السوق، يؤكد صحة القرار كوسيلة لمحاصرة السوق السوداء للعملة والقضاء عليها، مشيرا إلي أن نزول سعر الدولار إلي 47 جنيها سيكون له تأثيرات إيجابية علي السوق المصري خلال الفترة المقبلة.
وأضاف "محسب"، فى تصريحات خاصة، أن تضييق الخناق على السوق الموازية والقضاء على المضاربات التي كانت تتسبب في ارتفاعات غير منطقية بأسعار صرف الدولار في السوق السوداء، سيساهم في استقرار السوق النقدي، متوقعا ان يكوم لذلك انعكاسات علي زيادة حجم تحويلات المصريين بالخارج، والتي شهدت تراجعا ملحوظا بسبب الفجوة التسعيرية التي خلقتها السوق غير الرسمي.
وأكد عضو مجلس النواب، أن استمرار نزول سعر الدولار سيكون له انعكاسات إيجابية علي أسعار السلع والمنتجات وهو ما سيشعر به المواطن خلال الفترة المقبلة، موضحا ان استقرار سعر الصرف سيكون له انعكاسات علي كافة القطاعات الحيوية في مصر، بالإضافة إلي تشجيع وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
في حين قالت النائبة نيفين الكاتب، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن زيادة تحويلات المصريين وعودتها إلى معدلاتها الطبيعية بشكل تدريجي، مع الحملات الأمنية لملاحقة المتاجرين بالعملة، كانت لها آثار قوية لضبط السوق، واستعادة عافيته من جديد، بعد أزمات اقتصادية متلاحقة تسببت في ارتفاع سعر الدولار لكن بالعديد من القرارات الصائبة التي اتخذتها الدولة على مدار الأسابيع الماضية، والتي ساهمت في تراجع الأخضر عن حاجز الـ 47جنيها في التعاملات الصباحية بالبنوك المصرية.
وأشارت عضو لجنة الصناعة، إلى أن قرار الحكومة بالإفراج عن كميات كبيرة من البضائع المتراكمة في الموانئ المختلفة، حيث شهدت الأيام القليلة الماضية الإفراج عن بضائع بما قيمته نحو 3 مليارات دولار، والذى ينصب في مصلحة السوق والمواطن وتوافر جميع السلع والمواد الغذائية المهمة.
وأكدت أن استمرار حملات الحكومة لملاحقة المتاجرين مع العوائد الاقتصادية الهامة التي تحصدها مصر من صفقة رأس الحكمة، يزيد من التوقعات الإيجابية حول أداء الاقتصاد الوطني برغم كافة التحديات التي تواجهنا.
كما قال النائب علاء قريطم، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن الضربات الأمنية المستمرة التي تطارد محتكري وأباطر السوق السوداء للعملة الصعبة، فضلا عن زيادة تحويلات المصريين بالخارج، خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى الصفقات الاستثمارية التي أعلنت عنها الحكومة وكان أبرزها صفقة رأس الحكمة، كانت كلمة السر في انهيار سعر الدولار الذى تراجع عن حاجز الـ 47جنيها.
وأوضح عضو لجنة الصناعة فى تصريحات له، أن الدولة تواصل جهودها لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادي، من أجل توفير الموارد المطلوبة من النقد الأجنبى، وجذب الاستثمارات الأجنبية، فعلى مدار الفترة الماضية لم تدخر الدولة جهدًا من أجل ملاحقة المتاجرين بالعملة، حيث أسفرت هذه التحركات عن إعلان مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني، تغيير نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية.
وأكد أيضا أن زيادة تحويلات المصريين بالخارج، وعودتها تدريجياً لمعدلاتها، خاصة في ظل انحسار السوق السوداء، يسهم في مزيد التحسن في مستوى الاقتصاد الوطني، ووتيرة السوق خلال الفترة القادمة.
خبير اقتصادي: القضاء على السوق الموازي أمر محفز لزيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج
فيما أكد الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن عدم تواجد السوق الموازي مع وجود سعر صرف مناسب للجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي وسلة العملات الأجنبية الأخر، أمر محفز للمصريين العاملين في الخارج لتحويل رواتبهم، سواء كانت مداخرات أو نفقات أسرهم عبر البنوك الرسمية.
وأشار عادل في تصريح خاص، إلي أن خروج تلك التحويلات للسوق الموازي خلال الفترة الماضية، بسبب ارتفاع سعر العملة فيها مقارنة بسعر البنك الرسمي، وبالتالي بعد تحرير سعر الصرف وتقليص الفارق بين السعر الرسمي والغير رسمي يعتبر السبب الجوهري في ذلك .
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن استدامة تحويلات المصريين في الخارج إلى البنوك المصرية مرهونة باستدامة تدبير البنوك المصرية للعملة الأجنبية للمستوردين والمستثمرين والأفراد، لأن السوق الموازية قائمة على ندرة العملة الأجنبية وعدم قدرة أو استجابة البنوك لطلبات التدبير لديها، ومن ثم حال حدوث ذلك وتوقف البنوك عن التدبير سواء بصورة كلية أو جزئية ستعاود السوق الموازية للعمل والارتفاع مرة أخرى ، وستكون في هذا التوقيت جاذبة مرةً أخرى لتحويلات المصريين في الخارج مقارنة بسعر الصرف في البنوك الرسمية آنذاك .
واعتبر الدكتور كريم عادل، أن تجاوز سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي حاجز ال 47 جنيه ، أمر طبيعي لأن التحرير كان حراً وليس مداراً، وبالتالي هي سياسية مرنة لسعر الصرف يكون فيها متروك تحديده لقوى العرض والطلب ، وبما أن هناك طلبات على الدولار من مستوردين وأفراد فيكون هذا السعر في الوقت الحالي مناسب إلى حدٍ ما وفقاً لهذه السياسة، ومن المفترض أنه كلما زاد الطلب على الدولار بالبنوك كلما زاد سعر الصرف به، بمعني مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه مقابل الدولار وفقاً لآلية وطبيعة تلك السياسة وإلا يكون تعويم مداراً يتم التدخل في تحديد سعر الصرف به .
برلماني: انهيار السوق السوداء للعملة ساهم في عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج
في هذا الصدد، قال النائب عمرو هندي عضو اللجنة الإقتصادية بمجلس النواب عن المصريين بالخارج، أنه منذ صدور قرارات البنك المركزي بتحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة 6%، وقد تزايدت التنازلات عن العملات الأجنبية وخاصة الدولارية من الأفراد والمضاربين والمؤسسات المحلية والدولية إلى القطاع المصرفي الرسمي.
وأوضح عضو اللجنة الإقتصادية بمجلس النواب في تصريحات خاصة، أن تحرير سعر الصرف ساهم في تزايد تدفقات النقد الأجنبي في البنوك وقضي على السوق السوداء بشكل نهائي واستقرار سعر الصرف مما أدي إلى زيادة تحويلات المصريين بالخارج والقضاء على السوق السوداء بالداخل وعملائها بالخارج.
وأشار هندي، إلى أن القضاء على السوق السوداء للعملة ساهم في عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تزيد عن 30 مليار دولار سنويا، موضحَا أن سعر الدولار في البنوك منذ قرار تحرير سعر الصرف وترك البنك المركزي الدولار وفقا للعرض والطلب لدى كل بنك قد بدأ بسعر صرف فوق 50 جنيها ثم في التراجع حتى وصل لأقل من 47 جنيه ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة التراجع تدريجيا مع زيادة التدفقات الدولارية، مثمنا دور الدوله المصرية في تحرير سعر الصرف.
خبير اقتصادي: عصابات النقد الأجنبي بالخارج عملت على توسيع الفجوة بين سعري الدولار بشكل فاحش
كما قال الدكتور رائد سلامة، المقرر المساعد للجنة التضخم بالحوار الوطنى، أن الأحداث أثبتت أن سعر الدولار فيما قبل صفقة رأس الحكمة، كان سعرا مغالى فيه بدرجة كبيرة بسبب ما كانت تقوم به عصابات النقد الأجنبي بالخارج التى عملت على توسيع الفجوة بين سعري الدولار بشكل فاحش أدى إلى إحجام العاملين بالخارج عن تحويل أموالهم من خلال القنوات الشرعية، فحدث ان تأثرت موارد مصر من النقد الأجنبي بشكل كبير خصوصا مع زيادة هجمات الحوثيين بباب المندب ما أدى الي تعميق الأزمة بإختيار السفن لمسارات أخرى نتج عنها تأثر دخل قناة السويس وايضا الاستثمار المباشر والسياحة.
وأكد الخبير الاقتصادي فى تصريحات خاصة، أن الأمور تقترب الآن من العودة إلى نصابها الصحيح، متوقعا أنه في ضوء تطورات تشير إلى احتمالات قريبة لحل الأزمة الدامية في غزة وما يصحبها من أزمات فرعية كالملاحة بالبحر الأحمر ، أن يشهد الدولار مزيدا من الانخفاض مع إقتراب الفارق بين السعر الرسمى وسعر السوق السوداء لو أحسن البنك المركزى والوزارات المعنية إدارة حصيلة النقد الأجنبي الحالية والمتوقعة، بما يشجع على عودة تحويلات العاملين بالخارج للتدفق عبر الجهاز المصرفي حيث لن يكون هناك سعرين بينهما فارق ضخم.
وأضاف سلامة، أن الإقبال على شراء الدولار لتغطية إحتياجات رمضان انتهي، فالاعتمادات المستندية للاستيراد قد تمت تسويتها بالفعل وبالتالى فلن يكون الطلب على الدولار غير مرن كما كان بالسابق مما سيوازن الفجوة مع العرض الذي صار الآن أقل جموحا على نحو ملحوظ. على الرغم من تفاؤلنا بعوامل هبوط السعر.
وأشار إلى أنه لا يمكنه تحديد سقف سعرى معين دون ربط ذلك بتطور المتغيرات الجيوسياسية بالأقليم التى تؤثر دون شك في حركة التجارة والسياحة والاستثمار المباشر، لكني رغم ذلك ومع افتراض عدم تدهور الأوضاع الجيوسياسية بالأقليم، فأنا أتوقع، بعيدا عن التفاؤل المفرط والتشاؤم القاتم، وكلاهما غير مدروس وغير مطلوب، أن نشهد مزيدا من هبوط سعر الدولار سيصل بالدولار دون شك إلى ما دون الخمسين جنيها بما يعكس واقع حقيقي وتقدير عادل لقيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية إن أحسن البنك المركزى والوزارات المعنية إدارة ما يتوافر لديها من حصيلة دولارية حالية ومستقبلية.