أدى الرئيس عبد الفتاح السيسى اليمين الدستورية بمجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة، وألقى خطابًا تاريخيًا عقب حلف اليمين بدأه بتوجيه تحية شكر وتقدير لشعب مصر العظيم صاحب الكلمة والقرار. ووصفه برمز الأصالة والعزة والصمود، قائلا: "لكم جميعا يا أبناء مصر الكرام خالص التحية والتقدير على تجديد الثقة لتحمل مسئولية قيادة وطننا العظيم لفترة رئاسية جديدة".
وجدد الرئيس السيسى العهد مع الشعب المصري، قائلا: "دعونى ونحن فى ربوع هذا الصرح العريق الممثل لإرادة شعب مصر أن أجدد معكم العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن وتحقيق تطلعات الأمة المصرية العظيمة فى بناء دولة حديثة ديمقراطية متقدمة فى العلوم والصناعة والعمران والزراعة والآداب والفنون، متسلحين بعراقة تاريخ لا نظير له بين البلاد، وعزيمة حاضر أشد رسوخا من الجبال، وآمال مستقبل يحمل بإذن الله كل الخير.. لبلدنا وشعبنا".
ووجه الرئيس حديثه للشعب المصرى قائلا: "شعب مصر العظيم، منذ اليوم الأول الذى لبيت فيه نداءكم وسعيت لتحقيق إرادتكم التى أعلنتموها جلية ساطعة مدوية، وتحركنا معا كرجل واحد لإنقاذ وطننا من براثن التطرف والدمار والانهيار، أقسمت أن يظل أمن مصر وسلامة شعبها العزيز وتحقيق التنمية والتقدم بها هو خيارى الأول، فوق أى اعتبار وذلك من خلال نهج المصارحة والمشاركة بشأن كل القضايا والتحديات التى واجهناها، مؤكدا لكم أن تماسك كتلتنا الوطنية ووحدة شعبنا هى الضمانة الأولى للعبور بهذا الوطن.. إلى المكانة التى يستحقها".
وتابع الرئيس: "لعل السنوات القليلة الماضية أثبتت أن طريق بناء الأوطان ليس مفروشًا بالورود، وأن تصاريف القدر ما بين محاولات الشر الإرهابى بالداخل والأزمات العالمية المفاجئة بالخارج والحروب الدولية والإقليمية العاتية من حولنا تفرض علينا مواجهة تحديات ربما لم تجتمع بهذا الحجم وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديث، وهى التحديات التى لم يكن لنا أن نصمد فى وجهها لولا عراقة شعبنا العظيم وما بذله من جهود خارقة عبر السنوات الماضية لإعادة بناء بلادنا وتقوية بنيانها بما يمكننا من اجتياز أية صعوبات.. بمشيئة الله".
وأكد الرئيس السيسى أن عالم اليوم بما يشهده من تحديات متصاعدة: حضاريًا وعلميًا وتكنولوجيًا وعمرانيًا وسياسيًا واقتصاديًا، يحتم علينا أن ننتبه بكل طاقاتنا إلى أننا فى سباق مع الزمن، مضيفا: "التقدم المستمر لا يتوقف لينتظر أحدا وقد قطعنا شوطا كبيرا فى فترة زمنية وجيزة مواجهين الصعاب والتحديات ومدركين أننا نتحدى أنفسنا، قبل أى شىء آخر وهو التحدى الذى يفوز به دائما المعدن المصرى النادر الذى تزيده جسامة التحديات صلابة وقوة".
وكشف الرئيس السيسى أهم ملامح ومستهدفات العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة، كان أولها على صعيد علاقات مصر الخارجية، مشيرا إلى أن الأولوية حماية وصون أمن مصر القومى فى محيط إقليمى ودولى مضطرب، ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية".
وتابع: "ثانيا - على الصعيد السياسى استكمال وتعميق الحوار الوطنى خلال المرحلة المقبلة وتنفيذ التوصيات التى يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فى إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية خاصة للشباب".
وأضاف الرئيس: "ثالثا - تبنى استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى قيادة التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى تدريجيا وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبي".
كما تعهد الرئيس السيسى بتبنى إصلاح مؤسسى شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة السليمة من خلال ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات العامة والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام، وكذلك تحويل مصر لمركز إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت، والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس.
بالإضافة إلى من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا، وكذا مواصلة تفعيل البرامج والمبادرات الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.
وأشار الرئيس السيسى إلى استمرار دعم شبكات الأمان الاجتماعى، وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدى "تكافل وكرامة"، وكذلك إنجاز كامل لمراحل مبادرة "حياة كريمة" التى تعد أكبر المبادرات التنموية فى تاريخ مصر بما سيحقق تحسنا هائلا فى مستوى معيشة المواطنين فى القرى المستهدفة.
فضلا عن الاستمرار فى تنفيذ المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة، واستكمال برنامج "سكن لكل المصريين" الذى يستهدف بالأساس الشباب والأسر محدودة الدخل.
وقال الرئيس السيسى: "إن تشييد وتدعيم أسس الجمهورية الجديدة يشهد نموا وتطورا كل يوم بما تصنعه أيدينا من عمل وجهد وبما نمتلكه من إصرار على أن لمصر الحق فى الحلم ولشعبها الحق فى الحياة الكريمة ولأمتها الحق فى المكانة العظيمة بين الأمم".
وخاطب المصريين قائلا: "وإننى أعاهد الله وأعاهدكم بأن أظل مخلصا فى عملى لا ترى عينى سوى مصالحكم ومصلحة هذا الوطن متسلحا بعزيمتكم وبأصلكم الطيب، ومحافظا على العهد والوعد لمصر الحبيبة وشعبها العزيز وقبل كل شئ لله سبحانه وتعالى".