"استصدرت مطلقتى حكماً بتطليقى طلقة بائنة خلعا فى عام 2006، ومنذ ذلك الوقت لم أرَ أبنائى منها سوى مرات معدودة رغم حصولى على حكم بالرؤية لأنها لم تكن تحضر فى مواعيد تنفيذ حكم الرؤية، كما أن والدى ووالدتى المسنين، وكذلك شقيقاتى لم يتمكنوا من رؤية صغارى منذ تاريخ التطليق".. بهذه الكلمات بدأ "أسامة.ز" سرد تفاصيل معاناته لـ"برلمانى" بشأن قانون الاستضافة.
ويُضيف: "حيث أن أبى وأمى غير قادرين على الحركة، كما أنه لا يمكن لى أن أجمع شقيقاتى، وأن نذهب لرؤية الصغار فى مكان الرؤية الذى حدده الحكم فى مركز شباب بأحد الأحياء الشعبية المزدحمة، ولما كانت نفسية الصغار تتأثر كثيرا من هذا اللقاء الذى اعتبر عدم القيام به أكثر فائدة للصغار، وذلك نظرا لكم الألم النفسى الذى يصيبهم خلال تنفيذ الرؤية بهذا المكان وبهذه الكيفية، لذلك فإننى أطلب استضافة الصغار بمنزل أسرتى يوماً فى الأسبوع فهل يحق لى ذلك قانونا؟".
فى العيد.. استضافة الصغير بين نار الأمهات وجنة الجدات
الحل القانونى – بحسب محمد رضا المحامى المختص فى الشأن الأسرى – أنه لا يوجود نص صريح فى قانون الأحوال الشخصية ينص على الاستضافة – ونحن نأسف كثيرا لذلك – والفارق الجوهرى بين الرؤية والاستضافة قانونا أن الرؤية تكون فى مكان عام ومدة 3 ساعات، أو وفقا لعدد الساعات التى يحددها الحكم وتكون مرة واحدة فى الأسبوع.
أما عن الاستضافة – وفقا لـ"رضا" فى تصريحات لـ"برلمانى"- فهى أن يتسلم الأب أولاده من الأم المطلقة ويصطحبهم إلى بيته، ليتمكن الجد والجدة لأب من رؤية الصغار، وذلك لتقوية صلة الرحم بين الصغار وباقى أفراد عائلتهم، وأما عن الحق فى الاستضافة فى الوقت الراهن فهى لا تتم إلا بموافقة الأم ورضائها فقط، فإن رفضت الأم أو تعنتت أو ما شابه ذلك فلا يوجد للأب بدا سوى أن يلجأ إلى رفع دعوى رؤية ويحصل على حكم برؤية صغاره ثلاث ساعات أسبوعيا فى مكان عام لا يضر بالصغار كحديقة عامة أو نادى أو مركز شباب يحدده الحكم فى منطوقه.
لا يوجد نص لـ"الاستضافة" بقانون الأحوال الشخصية
أما عن رفع دعوى استضافة الصغار أمام محكمة الأسرة واستئنافها، فإن كافة الأحكام التى تصدر فى دعوى الاستضافة يكون خليقها الرفض، وتقوم كافة المحاكم على تأسيس الحكم بالرفض على أساس أن قوانين الأحوال الشخصية فى مصر لم تنص على الاستضافة بنص صريح، وأن نصوص القانون قد خلت من النص على استضافة للصغير أو الصغيرة لمن ليس بيده الصغير.
كما تؤسس الأحكام الصادرة بالرفض فى دعوى الاستضافة، على أن القانون لم يعرف بعد الاستضافة، وليس هناك فى القانون المصرى مواد لتنظيم الاستضافة، بالتالى تحكم المحكمة فى هذه الدعاوى برفضها، إلا أنه من بين هذا الكم من الأحكام التى تصدر برفض دعوى الاستضافة، وجدنا أن استثناء من ذلك ندرة من الأحكام التى لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة التى حكمت بالاستضافة، رغم أن القانون لم ينص على الاستضافة صراحة أو ضمنا، فنجد ذلك مثلا فى الاستئناف رقم 7663 لسنة 125 ق الذى حكم بالاستضافة – هكذا يقول "رضا".
النواب يناقش الأزمة للوصول لحلول
وما يهمنا فى هذا الحكم سالف الذكر هو بيان ما ورد فى حيثياته وأسبابه التى أسست عليها هيئة المحكمة قضاءها بالاستضافة رغم عدم النص على الاستضافة فى القانون صراحة أوضمناً، حيث ورد فى حيثيات هذا الحكم ما يلى: "فإن الاستضافة تمكن الجد والجدة من رؤية صغيرتهما، خاصة وأنهما بلغا سنا وصحة لا يمكنهما الخروج من المنزل لرؤية الصغيرة، والاستضافة تقوى الصلة بين الطفلة وأبيها من جانب وعائلة أبيها من جانب آخر".
ما ذهب إليه المستأنف من تمكين الجد والجدة من رؤية حفيدتهما، وقد بلغا من الكبر عتيا، ووهن منهما العظم فلا طاقة لهما بالخروج من المنزل لرؤيتها.. فهذا ما تقف عنده المحكمة.. تتدبره عن بصر وبصيرة، وذلك لقول النبى: "لا ضرر ولا ضرار".. والجد هو أحد الأصول وتحمل الصغيرة اسمه، وهو السبب فى وجود الأب، وسماه المولى جل وعلا أبا فى قوله تعالى: "وكان أبوهما صالحا"، من أجل ذلك فإن المحكمة تذهب إلى زيادة عدد الساعات، حتى يمكن للأب اصطحاب الصغيرة إلى بيته لرؤية والديه، ثم يعود بها لتبيت لدى أمها المستأنف ضدها، وذلك على نحو ما هو وارد بمنطوق هذا الحكم.
رأى دار الإفتاء في الحضانة
وأن الحضانة كما تقول دار الافتاء المصرية فى بعض الفتاوى هى وسيلة لحماية المحضون ورعايته والقيام بحقوقه والعناية بشئونه، وليست الحضانة مساحة لكيد المطلق ضد مطلقته، أو لمكر المطلقة بمطلقها على حساب مصلحة المحضون، بل هى ولاية للتربية غرضها الاهتمام بالصغير وضمان مصلحته، والاستضافة لعدد من الساعات كما هو الحال لدينا إنما تعيد التوازن إلى العلاقة بين أفراد الأسرة، ويتمتع فيها الأولاد بشعور دفء العائلة، لاسيما وأن للصغيرة ظروف عائلية إثر وفاة جدتها للأم تستوجب اندماجا فى مجتمعها الأسرى بين حنان الأم وعطف الأب ورحمته وذهابها لبيت أبيها لدى جدها وجدتها فيه ما يدخل السرور عليهما، إذ يريان فلذة كبد ابنهما وينعمان بالنظر إليها.
وتهيب المحكمة بالأب، أن يعوض صغيرته حرمان سنوات مضت فيغمرها برحمته وحنان عطفه وكرمه.. كما تهيب بالأم أن تبادر كما بادرت من قبل، فإن فى هذا رضا الله سبحانه وتعالى، وفيه أيضاً مصلحة الصغيرة، وإذا ما توطدت عرى الألفة عند الصغيرة لم يكن الأمر فى حاجة إلى تنفيذ أحكام، وإنما سوف ترغب من تلقاء نفسها للحاق بمحض أبيها فى كل المواسم والأعياد، هذا وفى جميع الأحوال، فإن الاستضافة تتطلب فى المقام الأول ضمانة للأم بأن أب الصغير سيلتزم ويعيد الصغار مرة أخرى فى الموعد والزمان المحددان والمتفق عليه بينهما، سواء بعقد اتفاق، أو بحكم ملزم للجانبين، ولن يتعنت ويرفض إعادة الصغار للأم من باب الكيد والتنكيل بها.
وبناء عليه، ولكى نحقق هذه الضمانة للأم، وهى ضمانة مهمة جدا بالنسبة لها، ولكى نحقق الصالح العام للمجتمع يتعين سن نص قانونى يجيز الاستضافة، فنرى أنه ينبغى أن يتم النص على الاستضافة بشرط فرض ضمانة للأم تضمن لها أن يعيد الأب الصغار إليها فى الموعد المحدد لانتهاء زمن الاستضافة.
ويمكن أن يتحقق ذلك بالكيفية التالية :-
يوجد بكل محكمة أسرة فى مصر مكتب يسمى مكتب تسليم الصغار، فيمكن عن طريق هذا المكتب أن يقوم بالإشراف على مسألة تنظيم تسليم وإعادة الصغار فى تنفيذ الحكم الصادر بالاستضافة، فإذا ما اخل الأب بالتزامه فى إعادة الصغار إلى أمهم يترتب مباشرة على ذلك، جزاء على الأب وذلك بتحريك جنحة الامتناع عن تسليم صغير لمن له حق الحضانة عليه ضد هذا الأب، ويكون الجزاء فرض عقوبة الحبس على الأب الذى يتعمد عدم إعادة الصغار إلى الأم لا لشىء سوى الكيد والتنكيل بها .
الخبير القانونى محمد رضا المحامى المتخصص فى الشأن الأسرى
فإن حدث ذلك فى التعديل الجديد وبذات الكيفية، وإذا كان الأب عالما أنه فى حالة امتناعه عن تسليم الصغار فى الموعد ستحرك ضده جنحة، وسيحكم عليه بعقوبة رادعة قد تصل إلى الحبس، سيلتزم فى إعادة صغاره فى الموعد المتفق عليه لانتهاء الاستضافة للأم، فإذا كان هناك ردع فاعلم أن الأمر سينفذ ولا أفضل من ذلك، وهى أفضل ضمانة للأم كى تضمن أن الأب سيعيد الصغار إليها، ولن تعانى الأمرين مع الأب فى إعادة صغارها إليها إذا حدث وامتنع الأب عن إعادتهم إليها أثناء الاستضافة من باب الكيد والتنكيل بها.
ويجب أيضاً أن ينص صراحة على إسقاط الحق فى الاستضافة فى حالة ثبوت أن الأب غير جدير بها، أما عن مدة الاستضافة فيجب أن تكون يوما بالكامل دون مبيت للصغار، بمعنى أن يكون مثلا يوم الجمعة من الحادية عشر صباحا وحتى السابعة مساء، كى يتمكن أقارب الصغار لأب وخاصة الجد والجدة من رؤية أحفادهم وقضاء يوم العطلة معهم .
مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية الخاص بالرؤية
هذا وقد أثار مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية الخاص بالرؤية فى الأونة الأخيرة جدلا واسعا، والذى قدم لمجلس النواب للمطالبة بأحقية الطرف غير الحاضن الأم أو الأب استضافة طفله مدة يومين من كل أسبوع، وشهرا كاملا فى نهاية كل عام، فضلاَ عن إسقاط الحق فى الاستضافة لغير الحاضن، إذا تخلف عن تنفيذ حكم الاستضافة، الأمر الذى وصفه الباحثون فى شئون الطفل بالكارثة على الأسرة وعلى الصحة النفسية للطفل.
وعن إشكاليات الاستضافة، فإن هناك طرف ثالث غُض الطرف عنه، وذلك بخلاف الزوجة والزوج المطلقين والأبناء أو الأطفال قد وقع عليه ضررا كبيراَ وبالغاَ من قانون الرؤية، ذلك الطرف يعانى هو الآخر من الآثار السلبية للانفصال وهم الأجداد والجدات، وأفراد العائلة ويحتاج إلى الدراسة المتأنية وإعادة النظر فى الأمر برمته.
الأمهات رفضن ما يُطلق عليه بـ"قانون الاستضافة"
بينما على الجانب الآخر، أبدت الأمهات رفضهن ما يُطلق عليه بـ"قانون الاستضافة" بحجة أن الأمهات فى أغلب تلك الحالات هى التى تعمل بشكل مباشر على الإنفاق على الأطفال أو الأبناء، وتتكفل أيضاَ بتربيتهم وبتعليمهم، لأن الأباء فى أغلب الأوقات – بحسب "الأمهات" - يتركون أولادهم عدة سنوات لا يعرف عنهم أحد شيئا، متسائلين كيف يكون له الحق فى الاستضافة وهو لا ينفق على أولاده ولا يهتم بهم أو كان غير أمين على أولاده فقد يكون الأب مدمن مخدرات أو له سوابق جنائية أو أحد من أهله غير مؤهل للتعامل مع الطفل بشكل سوى.
ولذلك فى الفترة الأخيرة قامت الأمهات الرافضات لـ"قانون الاستضافة" بتدشين عدة صفحات على الفيس بوك منها صفحة "أمهات تصنع المستحيل" أعربن فيها عن رفضهن لقانون الاستضافة فى الوقت الذى يقمن فيه بدور الأم والأب معاَ لأطفالهن فى أحيان كثيرة فى الوقت أيضاَ الذى تحكم بها محاكم الأسرة بنفقة ضئيلة تكاد تكون معدومة وغالبا ما يتهرب الأباء من دفعها ما يجعلها بالضرورة تلجأ لبنك ناصر للحصول على 500 جنيه نفقة فقط.
قانون الأحوال الشخصية الحالى بحاجة إلى التغيير والتعديل
فيما صرح على صبرى المحامى المتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، أنه مما لا شك فيه أن قانون الأحوال الشخصية الحالى، بحاجة إلى التغيير والتعديل، بما يتناسب مع التغيرات والظروف الراهنة، وإذا كنا بصدد انتظار قانون جديد فلا بد أن يضع حلا لما تعانى منه الأمهات فى قضايا النفقات مثل المصاريف الدراسية، وكذلك أجر المسكن، وصعوبة التمكين من مسكن الزوجية، وكذلك التلاعب بالدخل وطوال أمد التقاضى.
وبالنسبة لقضايا المصاريف الدراسية التى تواجها الأم كل عام فى المحاكم، يقول "صبرى" فى تصريحات خاصة، أنه لابد أن تنظر للحكم أول مرة ثم تخضع بعد ذلك للأمر الوقتى، ولابد أن يشمل الحكم الزى المدرسى والباص المدرسى، حيث أن تقدير نفقة أجر المسكن لابد أن يخضع لمستوى مسكن الزوجية وليس على أساس الدخل، وفى حالة عدم الالتزام بذلك لابد أن يتم التمكين من مسكن الزوجية، كما أنه لا بد من أحقية الحاضن من الإقامة بمسكن الحضانة إلى أن تتزوج البنت ويبلغ الولد واحد وعشرون عاما، وأن يراعى القانون إلزام السفارات ووزارة الخارجية بتنفيذ أحكام النفقات الصادرة على المقيمين خارج البلاد.
الحضانة حق للطفل قبل الأم
وذكر صبرى - وبخصوص من له الحق فحضانة الصغير فإن الأم الأحق والأحرص عليه حتى لو كانت غير مسلمة وتليها أم الأم ثم أم الأب، وإذا لم يوجد من النساء من يستحق حضانة الطفل فتنقل الحضانة إلى الرجال، وهذا ما أجمع عليه الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، أما عن قضية الرؤية والاستضافة فإن الاستضافة لابد أن تكون بالتراضى وليست بالتقاضى ويرجع ذلك لعددة أسباب منها:
"أن الحضانة حق للطفل قبل الأم، ولايجوز انتقاص هذا الحق عن طريق تقسيم أيام الأسبوع، خاصة أن هناك العديد من الفتاوى الصادرة من مجمع البحوث والدراسات الإسلامية تنص على أن الاستضافة أو الاصطحاب لابد أن تكون بموافقة الحاضن، وأخذ رأى المحضون عند سن عشر سنوات، وكذلك فإن الاصطحاب بحكم قضائى، دون موافقة الطفل يؤثر بالسلب على نفسية الصغير، مع عدم وجود ضامن حقيقى لعودة الطفل فى حالة عدم تسليمه، وذلك لضعف أليات التنفيذ، وهو أهم ما تعانى منه الأمهات الحضانات، بالإضافة إلى طوال أمد التقاضى، حيث تشكل قضايا الأحوال الشخصية عبء كبير على المحاكم فى الفترة الأخيرة بسبب الكم الكبير من القضايا".
حملة أمهات تصنع المستحيل ترفض الاستضافة
بينما صرحت لمياء بسيونى مؤسس حملة أمهات تصنع المستحيل، أن الأمهات فى حالة خوف بسبب مشروعات القوانين المقدمة لانتزاع أو انتقاص الحضانة من الأمهات، وأنه كان من الأجدر والأحق لمقدمى تلك المشروعات، أن يبحثوا عن حل لمشاكل النفقات الزهيدة وسنوات التقاضى والنزول إلى أرض الواقع قاعات المحاكم وأماكن الرؤية.
وتساءلت لمياء بسيونى بقولها: "وأين هم من حالات احتجاز وخطف الأطفال من الطرف الغير حاضن، وابتزاز ومساومة الأم للتنازل عن حقوقها وحقوق الصغير"، مؤكدة أن حملة أمهات تصنع المستحيل، ترفض وبشدة الاستضافة أو الاصطحاب، أى كان المسمى دون موافقة الحاضنة والمحضون، وكذلك تعديل سن الحضانة بل تتطالب الحملة بارتفاع سن الحضانة ليصبح 18 عاما، وذلك ليتطابق مع الدستور.