الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:39 م

مشايخ القبائل فى شمال سيناء وجنوبها فى حوار خاص.. القبيلة تعود لأداء مهامها والمضايف تفتح أبوابها للمناسبات.. ويؤكدون: الحرب على الإرهاب عرفتنا تضحيات الآباء وما فعلناه فى الـ10 سنوات بطولة أخرى

مشايخ القبائل فى شمال سيناء وجنوبها فى حوار خاص.. القبيلة تعود لأداء مهامها والمضايف تفتح أبوابها للمناسبات.. ويؤكدون: الحرب على الإرهاب عرفتنا تضحيات الآباء وما فعلناه فى الـ10 سنوات بطولة أخرى أهالى سيناء - صورة أرشيفية
الخميس، 25 أبريل 2024 03:00 م
كتب زكى القاضى
- "قوة ومكانة شيوخ القبائل بندعمها ونعززها وهندعمها بشكل أكبر، مش بس فى سيناء ولكن فى الغربية هنعمل كده وفى الجنوبية بنعمل كده كمان».. الرئيس عبدالفتاح السيسى
 
فى تلك الذكرى العظيمة حرصنا على محاورة مشايخ القبائل وأهالى سيناء، وهم شخصيات معتزة بأنفسها، ويعلمون قيمة بلدهم، حتى لو اختلف مستواهم التعليمى أو الاجتماعى أو الجغرافى، حتى وإن لم يكن البعض منهم مفوها، لكن الرواية ناطقة بكل التفاصيل، سواء كان ذلك على مستوى جنوب سيناء أو شمالها، بل إن أحد الحضور حينما تحدثنا معه كان فى مأدبة غداء بفرح بالشيخ زويد فجاءت المقابلة حول الفرح وتفاصيله، فاستغرب قائلًا: «هل تلك المقابلة الصحفية حول تحرير سيناء أم أفراح سيناء، وكان ردى عليه بشكل واضح عن أرض سيناء سواء كانت فى رحلة التحرير أو رحلة الفرح والاطمئنان».
 
«نصيحتى للسادات أن يكون واقعيًا فنحن نعيش فى عالم الواقع، ولا نستطيع أن نبنى شيئًا عن الأمانى والتخيلات، والواقع أنكم مهزومون، فلا تطلبوا ما يطلبه المنتصر، فكيف وأنكم فى موقف المهزوم أن تملوا شروطكم على الطرف الآخر».. كسينجر مستشار الأمن القومى الأمريكى قبل حرب أكتوبر
 
يقول الشيخ شعبان جبلى من قبيلة الجبالية بسانت كاترين فى محافظة جنوب سيناء، أنه وأهله يحرسون الدير منذ مئات السنين «جدود الجدود»، مؤكدًا أن قيمة الأرض غالية للغاية لدى أهالى سيناء، فقيمتها هى قيمة الوطن، وهو يقول ذلك دائمًا لابنتيه، وحول دور القبائل، يؤكد أن شيخ القبيلة أو العمدة فى بعض التقسيمات ما زال له دور كبير فى الجلسات العرفية، وفى الأحكام فى القضايا ذات الطابع المحلى والاجتماعى.
 
ويتحدث شعبان جبلى حول والده الذى يحرس الدير منذ أكثر من 70 عامًا، وهو فى مهمته المتوارثة، ويعلم يقينًا أن المنطقة التى يحرسها ذات أثر دينى عظيم، وهى جزء من بناء مستقبل السياحة فى مصر، مؤكدًا أن السياحة باب رزق واسع للملايين ويمكنها أن تغير شكل مصر كليًا، لذلك فالمشروع الجديد للدولة المصرية المتعلق بالتجلى الأعظم سيكون فاتحة خير كبيرة على الكل.
 
«لقد نصحت المتعبين من كثرة الأشغال وجلبة المدن أن يتنزهوا فى سيناء، وهى بلد عربى محضة يعيش الإنسان فيها على الفطرة كأنه معاصر لإبراهيم وموسى وله عقل الشيوخ وقلب الأطفال».. نعوم شقير موسوعة سيناء
 
فى اتصال هاتفى مع الشيخ عارف مسلم، شيخ قبيلة العكور، كان يصادف تواجده فى فرح ومأدبة غداء بمنطقة الشيخ زويد، وكان ذلك وقت الظهر تقريبًا، فجاء الحديث حول شكل الفرح فى شمال سيناء، وأكد الشيخ عارف أن يوم الفرح تجرى فيه مأدبة غداء عامرة كل حسب طاقته، ويتم ذبح الذبائح وإقامة الولائم للضيوف فى المقعدة أو خارج المنزل حسب عدد الحضور.
 
الشيخ ما هى بالجوخة... ولا بكبر العباية يا بنية
الشيخة كب القهاوى.. زى العيون الروية
الشيخة جر المناسف «الأكل».. فى السنين الروية
«من التراث البدوى»
 
ويؤكد الشيخ عارف مسلم أن العروس تذهب لمنزل زوجها بملابسها فقط، ويتحمل العريس كل التفاصيل فى المنزل، ويتحدث الشيخ عارف حول شكل الفرح الذى يبدأ بيوم قبلها كل فى منزله - العريس والعروسة -، ثم يأتى يوم الفرح ويأخذها العريس لمنزله وإن كان به طاقة يتم عقد فرح فى مكان مخصص لذلك، وللشيخ عارف مثل معظم المشايخ سيرة ممتدة فى سيرة الأبطال، فوالده من المجاهدين فى سيناء، أى الذين عملوا مع الجيش المصرى وقت الحرب منذ عام 1956 وحتى نصر أكتوبر وما بعدها، وكذلك عمه من المجاهدين فى سيناء.
 
«ولما كان طريق الخطر الخارجى البرى إلى مصر هو الشام أساسا، وكانت سيناء تحتل النقطة الحرجة بين ضلعى الشام ومصر اللذين يكونان وحدة استراتيجية واحدة، فقد أصبحت طريق الحرب تماما، إنها معبر أرضى، جسر استراتيجى عبرت عليه الجيوش منذ فجر التاريخ.. ومن هنا فسيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الاطلاق».. الدكتور جمال حمدان - كتاب شخصية مصر
 
الشيخ عارف يواصل حديثه، مؤكدًا أن تلك السيرة ممتدة ومتصلة حتى الآن، وفى حرب مصر الأخيرة ضد الإرهاب كانت القبيلة موجودة ضمن قبائل سيناء المتحدة فى مواجهة الإرهاب وقدمت القبائل مئات الشهداء لحماية مصر وأرضها.
 
ويتذكر الشيخ جيدًا قول والده المجاهد، حيث كان يقول دائمًا له: «الله فوق، والوطن تحت»، لذلك فهو يحدثنى وقت الظهيرة ويستكمل اليوم حتى وقت الفرح، قائلًا «قلبى اطمأن وقلب أهلى وقبيلتى بعد الانتهاء من تطهير سيناء من الإرهاب والإرهابيين».
 
«تعتبر سيناء أرض المتناقضات، فهى أكثر بقاع العالم تعرضا للهجمات منذ بدء التاريخ».. اللواء فؤاد حسين - كتاب شبه جزيرة سيناء المقدسة
 
الشيخ فريج سالم حسن، شيخ قبيلة الحويطات، يؤكد أن الأرض عرض، ولذلك فقبائل سيناء سواء فى الشمال والجنوب وكذلك كل المنتمين للقبائل عمومًا يؤمنون بأن الأرض شرف ولا بد من حمايتها، ولذلك فالدور مستمر للقبائل فى سيناء لأن ذلك الامتداد يحمى الوطن كله، ويحافظ على الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن الوضع فى سيناء الآن ممتاز للغاية، ورحلة البناء بدأت منذ سنوات بشكل حقيقى ومستدام.
 
ويقول الشيخ فريج سالم، أن للقبائل ومشايخها دورا رئيسيا فى المنطقة التى تعيش فيها كل قبيلة، فهناك رأى يتم الأخذ به، وكذلك هناك جلسات وقعدات يتسامر فيها أبناء القبيلة ويتناقشون، كما أنهم يحاسبون من يقترب من دائرة الخطأ، مشيرًا فى الوقت نفسه أن الجلسات العرفية لها وضعها الخاص والحكم فيها يأتى بتقريب وجهات النظر فى البداية ثم التزام الكل بالحكم المنطوق لأن هناك دستور عرفى بين القبائل وبعضها، وفى كل قبيلة بداخلها كذلك.
 
«ذهبت للقاء بعض المشايخ، فاختلفوا فيما بينهم على من يضيفه، وكل منهم يريد ضيافته، فذهبوا لشيخ القبيلة ليحكم بينهما وحكم لصالح واحد منهما، وذلك لأن المضيف لا يجلس يأكل؛ بل يقف يخدم الناس حتى ينتهوا وذهب بالأكل للنساء فى الخيم أيضًا.. نعوم شقير - تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
 
من قبيلة الدواغرة، يقول النائب سلامة سالم الرقيعى، وابن من أبناء بئر العبد بشمال سيناء، أن قبيلته استشهد منها 16 شهيدًا خلال الفترة الماضية، وهى تضحية فى سبيل الله والوطن وبنفوس راضية، مشيرًا إلى أن القبائل السيناوية لم تتراجع يومًا عن دعم الدولة، والبناء فى شبابها فى نفس الوقت، قائلًا: «القبائل هم حراس الحدود المدنيين».
 
ويؤكد الشيخ سلامة الرقيعى، أن القبائل كانت حائط صد كبيرا، وضحوا بكل ما يمتلكون فى سبيل استعادة الأرض، ولذلك فالأجيال الجديدة التى لم تر ما فعله أجدادهم وجدوا أنفسهم فى حرب ضد الإرهاب، لذلك كانت القصة تعاد مرة أخرى بين الأجداد والأبناء، واستعاد الأبناء والشباب سيرة جدودهم التى كان يسمعون عنها.
 
ويوضح الشيخ سلامة أن المعايشة فى الواقع للبطولة جعل الأمر مختلف، بل أنه يذهب للقول بأن الحرب عن الإرهاب قربت الناس أكثر للقبيلة وأصبح فيها تماسك أكبر وأعلى، وجعل الشباب يلتفون حول قبيلتهم ويقفون فى صف مؤسسات الدولة وأجهزتها، نظرًا للمعاناة الكبيرة والاستهداف الذى تم من العناصر الإرهابية.
 
«الحق أن قلبى تمزق وأنا أشاهد خط بارليف المدمر، وكنت أختلس النظر إليه، من المؤكد أن هذا اللقاء لم يتحقق إلا بعد نجاح المصريين فى عبور القناة عام 1973، ولكن الثمن الذى دفعناه كان باهظًا للغاية».. عيزر وايزمان وزير دفاع إسرائيل السابق
 
من جهته قال سليمان محمد سليمان من قبيلة السواركة بشمال سيناء، أن الدنيا أصبحت أكثر أمانًا فى تلك الأيام، وثقتنا كبيرة فى الله سبحانه وتعالى والقوات المسلحة المصرية، مؤكدًا أن شقيقه الأكبر تم استهدافه فى شمال سيناء، وشقيقه الأصغر عيد محمد سليمان كذلك، قائلًا: «احنا بيت كنا واقفين مع البلد وده واجب علينا»، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى أن الحرب ضد الإرهاب هى نفسها حربنا ضد الاحتلال، ووقفة القبائل مع الدولة مستمر ومتصل طول الوقت.
 
«هناك عدو ما يشكك فى الماضى بطريقة ما فى مصرية سيناء، ويطمع فيها بصورة وأخرى سواء بالضم أو السلخ أو العزل وغير ذلك مثل البيع والشراء».. جمال حمدان - سيناء فى الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا
 
فيما يؤكد يوسف سليمان شيخ قبيلة الترابين بجنوب سيناء، وابن المجاهد سليمان حامد أحد الأبطال الذين قاموا بمهام عظيمة لصالح القوات المسلحة المصرية وقت حرب أكتوبر وما قبلها، وكان يعمل خلف خطوط العدو، بل وهناك كثير من أفراد العائلة والقبيلة كانوا ضمن المجاهدين فى سيناء، كما شارك الشيخ يوسف سليمان نفس فى معاونة القوات المسلحة فى الحرب ضد الارهاب.
 
ويوضح سليمان أن الاحتلال الإسرائيلى وقتها كان يتعامل مع المجاهدين باعتبارهم جزءا من القوات المسلحة وكان يعذبهم ويأسرهم، وكان المجاهدين وأهالى سيناء عمومًا يعلمون قيمة مصر والوطن لذلك كانوا فى صف الدولة المصرية، وهو الأمر الذى نقله المشايخ وكبار رجال القبائل للشباب، ولذلك جاء الشباب فى المقدمة المساندة للدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب، كما كان الجدود فى صف الجيش فى حربه ضد الاحتلال.

 


الأكثر قراءة



print