أطماع لم تمحوها سنوات من الهزائم والانبطاح طالت عصابة الصهيونية على يد خير أجناد الأرض، الجيش المصرى الذى سطر ملحمة فى الدفاع عن أرض شبه جزيرة سيناء قبل 42 عاما، تخضبت رمال سيناء بدماءئه، ونجحت مصر فى طرد عدو إسرائيلى متغطرس حتى آخر جندى، مهزوم مدحور لكن ظل يراوده حلم العودة البائد، وكان هدفا استراتيجيا له طيلة السنوات الماضية.
وتمر السنوات ويفشل العدو الإسرائيلى فى فرض مخطط خبيث على مصر عبر مخطط الفوضى تارة والإرهاب تارة أخري، ومع استراتيجية النفس الطويل، وخلال العدوان الإسرائيلى الغاشم أكتوبر 2023، وجد العدو ضالته وبعد أن كان مخطط التهجير القسرى حبيس الأدراج، خرج إلى النور وأفصحت عنه أفواه بنى صهيون فى وسائل الإعلام الإسرائيلية.
يشمل المخطط تهجير قسرى لنحو 2 مليون شخص من أهل غزة فى فلسطين، ومن خلاله حاول العدو الزج بأرض الفيروز مجددا للصراع العربي- الإسرائيلى، ومن ثم السيطرة مجددا عليها عبر استكمال باقى المخطط من اشعال الحرب مع الفصائل المستوطنة فى سيناء وتوجيها ضربات لها "فى الأراضى المصرية" بحجج معدة مسبقا، لكن القيادة المصرية الرشيدة ومنذ الوهلة الأولى قطعت الطريق على العدو الإسرائيلى وقرأت المشهد جيدا، رسمت خطوط حمراء للعدو ووقفت له بالمرصاد.
أدوات مصرية لإجهاض المخطط
وخلال العدوان على غزة خاضت الدولة المصرية معارك عديدة وتمسكت بأدوات عديدة فى جعبتها لإجهاض المخطط، ومن بين هذه الأدوات هى اكتساب تأييد دولى عريض رافض للمخطط، عبر إقامة القمم العالمية من بينها قمة القاهرة للسلام 2023، فى أكتوبر 2023، وجاءت القمة الإسلامية العربية المشتركة فى الرياض نوفمبر 2023 لتؤكد الموقف العربى الإسلامى الموحد، الرافض لسياسة تهجير الفلسطينيين من غزة، باعتبار التهجير " خط أحمر"، ونجحت فى إيجاد اصطفاف عربي إسلامى مؤيد للموقف المصرى ومتفهم للحفاظ على الأمن القومى المصرى. وخلا أكثر من مناسة وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مراراً على أن مصر لم ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، مؤكداً أن مصر أيضا لن تتهاون فى حماية أمنها القومى.
كما نجحت مصر فى أن تضع أمام كيان الاحتلال الإسرائيلى خارطة طريق تعيد القضية للمسار السياسي، بديلا قانونيا عن مخطط التهجير، تستهدف فى إحدى مراحلها، البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
التنمية الشاملة سلاح مصر الاستراتيجي
وينبغى القول أنه منذ سنوات قرأت القيادة المصرية قبح نوايا بنى صهيون، فبخلاف المعارك الدبلوماسية، ومنذ تسعينيات القرن الماضى، قامت بتدشين تنمية شاملة متكاملة فى سيناء كسلاح استراتيجي تمسكت به فى وجه المخطط الإسرائيلى، بالتوازى مع الحفاظ على هذه البقعة الغالية، عبر ضخ الاستثمارات الحكومية في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية السنوية، وذلك لتنفيذ مشروعات في مجالات مياه الشرب والصرف والزراعة والري والتعليم والنقل وغيرها.
وزادت الرقعة الزراعية بحوالي 500 ألف فدان في ترعة السلام وما يحيط بها، وتم إعادة المساحة الزراعية التي فقدتها مصر بعد 2011 من خلال استصلاح أراضٍ جديدة". وتبلغ جملة الاستثمارات الحكومية بخطة 2024/2023 لتنمية محافظة شمال سيناء نحو 6.5 مليار جنيه؛ تمول الخزانة العامة منها نحو 44.6% بقيمة 2.9 مليار جنيه.
وحظيت الجهود المصرية بإشادة العديد من المنظمات الدولية ووسائل الإعلام العالمية خلال السنوات الماضية، وذكرت الأمم المتحدة أن الاستثمارات العامة زادت بالبنية التحتية لمنطقة سيناء إلى جانب مشروعات النقل والإسكان، مما دعم من استقرار سيناء وتنميتها وانخفاض الحوادث الإرهابية بها. بينما سجلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية محطة بحر البقر فى شبه جزيرة سيناء كأكبر محطة معالجة فى العالم، وأشارت إلى انها تقدم مصدرًا هامًا لمياه الرى وحلًا فعالًا لدعم الزراعة بمنطقة سيناء.
وتناولت وكالة بلومبرج الأمريكية جهود مصر لتطوير البنية التحتية للموانئ التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والصناعات، وأشارت إلى عمل القيادة المصرية على صياغة سياسات مرنة للتعامل بصورة أفضل مع التحديات الاقتصادية المختلفة.
أما يونسيف، فقد تحدثت عن قيام مصر بتوسيع نطاق الدعم المقدم تحت قيادة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى المصرية فى مجال المياه والصرف الصحى والنظافة بمدارس سيناء، وذلك من خلال تحفيز مشروعات البنية التحتية للمياه والمساعدة فى الحفاظ على سلامة الطلاب وصحتهم لخلق بيئة تعليمية آمنة لجميع الطلاب.
وتطرق موقع المونيتور الأمريكى إلى تقديم مصر حوافز كبيرة فى إطار خطة وطنية شاملة لدعم تنمية واستقرار سيناء، والتى تنفق عليها المليارات للاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية، فضلًا عن قيام مصر ببناء مشروعات عديدة بمحافظة جنوب سيناء لإدارة المياه وحماية المحافظة من أخطار السيول، حيث تم إنشاء سدود وبحيرات صناعية وخزانات.
وأشارت الإيكونوميست أيضًا، إلى أن مصر تعمل على زيادة مساحة الأراضى الزراعية بوسط وشمال شبه جزيرة سيناء، مما أدى إلى بذل جهود عدة للاستفادة من المياه المعالجة، كما أوضحت أن مصر تتعاون بشكل وثيق مع الأمم المتحدة لتنفيذ أحدث طرق الرى وتعظيم الاستفادة من استخدامات المياه وتحسين المحاصيل الزراعية.
وأكدت مجموعة أكسفورد للأعمال، أن تشييد عدد من الأنفاق الجديدة ساعد على تسهيل الربط بين سيناء والعديد من محافظات مصر، فضلًا عن أن توسيع شبكة الطرق القومية الخاصة حسن بصورة كبيرة تقييم مصر العالمى بجودة الطرق.
كما شددت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، على دعم جهود مصر نحو تعزيز الاندماج الاقتصادى والاجتماعى للمجتمعات البدوية فى شمال سيناء بعد سنوات من محاربة الإرهاب، وأن تلك الجهود دعمت رفع مستوى المعيشة وتحسين الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية، وزيادة فرص الالتحاق بالجامعات الحكومية.