رسائل متضاربة وقرارات متشككة يتخذها الرئيس الأمريكى جو بايدن تظهر مدى توتر العلاقات مع حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وتكشف النفاق المتعمد والانحياز المستمر للجانب الإسرائيلى دون الأخذ فى الاعتبار حقوق الإنسان ومعاناة الفلسطينيين فى غزة.
الأزمة بدأت عندما اعلن البيت الأبيض منذ أيام تعليق شحنات من القنابل الأمريكية كانت فى طريقها إلى إسرائيل رفضا للتحركات الإسرائيلية فى رفح، الا أن اليوم تراجعت واشنطن عن قرارها وأعلنت حزمة جديدة من الأسلحة والذخيرة لتل ابيب تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار، وهو ما كشفته صحيفة واشنطن بوست فى تقرير لها أن الولايات المتحدة لا تزال عازمة على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل رغم إيقاف شحنة تزن 2000 رطل الأسبوع الماضى، مشيرة إلى أن القرار بالمضى قدما فى تقديم أسلحة بقيمة تتجاوز مليار دولار لإسرائيل يزيد التوترات بشأن رفح الفلسطينية.
كشف مسئولون للصحيفة، أن صفقات الأسلحة تسمح بنقل محتمل بقيمة 700 مليون دولار من ذخيرة الدبابات، و500 مليون دولار من المركبات التكتيكية، و60 مليون دولار من قذائف الهاون، وقال احد المسئولين: إدارة بايدن اخطرت لجان الكونجرس بشكل غير رسمى انها تخطط للمضى قدما فى صفقات أسلحة تتجاوز مليار دولار.
وأوضح مسؤول أمريكى لواشنطن بوست أن عمليات نقل الأسلحة تسير كما هو مقرر وأشار إلى تصريحات مستشار الأمن القومى جيك سوليفان الاثنين بأن الولايات المتحدة تواصل إرسال المساعدة العسكرية.
ويقول منتقدون أن قرار بايدن بالمضى فى تقديم حزمة الأسلحة يقوض جهود واشنطن لتقييد الأعمال العسكرية الإسرائيلية فى لبنان وغزة، حيث تضغط من أجل اتباع نهج أكثر تحديدا.
وعلى الرغم من أن شحنات أحدث الأسلحة لن تصل قريبا، إلا أن المنتقدين يقولون أن المضى قدما فى تقديمها يبعث برسالة إلى القادة الإسرائيليين، بما فى ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مفادها أنهم يمكنهم تحدى التحذيرات الأمريكية بشأن غزو رفح ولا داعى للقلق بشأن قيام الولايات المتحدة بتجديد إرسال الذخائر فى وقت لاحق.
من جانبه انتقد السيناتور كريس فان هولين (الديمقراطى من ولاية ماريلاند)، وهو حليف للبيت الأبيض، القرار قائلا: لا ينبغى لنا أن نمضى قدمًا فى أى عمليات نقل إضافية للأسلحة الهجومية، حتى تتلقى الولايات المتحدة تأكيدات واضحة من حكومة نتنياهو بأن مخاوف الرئيس فيما يتعلق برفح تمت معالجتها، وتمت تلبية مطالبه بإيصال المساعدات الإنسانية، وأضاف: هذه الخطوة تقوض القرار السابق للرئيس -فى إشارة إلى وقف شحنات قنابل - ولا ينبغى المضى قدمًا.
ووفقا لبيزنس انسايدر، قرار بايدن بالمضى قدما فى إرسال الأسلحة لإسرائيل يمكن النظر اليه باعتباره محاولة لرأب الصدع بينه وبين نتنياهو ووقف الاتهامات بان الولايات المتحدة تشجع ايران وحماس، لكنها يمكن أن تأتى بنتائج عكسية.
قال سيث بيندر، الخبير فى مبيعات الأسلحة الأمريكية فى مركز الديمقراطية فى الشرق الأوسط، للصحيفة، إن التحول الواضح لبايدن يضعف نفوذه على نتنياهو، وأضاف: هذا مجرد مثال آخر على تشويه رسالتهم وتقويض أى قوة حقيقية وراء السيطرة.
واجه بايدن منذ فترة طويلة معضلة مع إسرائيل فمن ناحية، تعهد بدعم صارم لإسرائيل فى أعقاب عملية طوفان الأقصى، وبالفعل أرسلت الولايات المتحدة سفنا حربية إلى الساحل الإسرائيلى فى أكتوبر الماضى لردع الهجمات المحتملة من قبل حلفاء حماس.
وعندما ردت إيران فى إبريل على غارة إسرائيلية على قنصليتها، بأول هجوم مباشر على إسرائيل فى تاريخها، ساعدت القوات الأمريكية فى إسقاط مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية وقدمت الولايات المتحدة مبالغ ضخمة من المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ بداية الصراع، بما فى ذلك مبيعات الأسلحة التى أقرها الكونجرس والتى تقدر قيمتها بحوالى 250 مليون دولار.
لكن بايدن كان يائسًا أيضًا لمنع الحرب في غزة من التصاعد إلى صراع إقليمى أوسع يمكن أن يسحب الطاقة والموارد العسكرية الأمريكية فى وقت تكون فيه مستهلكة بالفعل، وفقا للصحيفة.
ومع استمرار الحرب في غزة وتزايد عدد القتلى من المدنيين، يواجه بايدن أيضا تكاليف محلية وسياسية متصاعدة لدعمه لإسرائيل وأوضح بايدن قائلا: "إننا لا نتخلى عن أمن إسرائيل، لكننا نبتعد عن قدرتها على شن حرب فى هذه المناطق".