234 يوما على حرب غزة، راح ضحيتها على يد جيش الاحتلال 36 ألفا و550 قتيلا، و82 ألفا و959 مصابا، منذ 7 أكتوبر الماضي، ولازال جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل على مدار 8 أشهر حرب الإبادة الجماعية التي يشنها برا وبحرا وجوا على قطاع غزة، فضلا عن وجود الآلاف من المفقودين تحت الأنقاض التي خلفتها أطنان من المتفجرات، تلك الحرب التي خلفت ورائها تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلية، كل مقاومات الحياة في قطاع غزة الفلسطيني، حتى أصبحت المدينة غير قابلة للحياة.
وعلى مدار هذه الحرب، التي تشهد تدميرا إسرائيليا ممنهجا، لمنشآت مدنية فلسطينية في غزة، وقتل الآلاف من المدنيين، مايزال الجدل مثارا، حول أين يقف القانون الدولي من هذا الصراع؟ خاصة بعد اعلان الجانب الفلسطيني الانضمام لدعوي جنوب إفريقيا أمام العدل الدولية خطوة هامة لفضح جرائم الاحتلال وتحقيق العدالة، ومشاركة فلسطين بقضية إبادة الفلسطينيين ستحدث زخمًا كبيرًا وتدفع دولًا للانضمام، وهى خطوة جريئة لفضح جرائم الاحتلال أمام العالم، باعتبار أن القانون الدولي ملزم لكافة الدول، بما في ذلك إسرائيل.
بعد مرور 234 يوما على حرب غزة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الآثار المترتبة على انضمام دولة فلسطين لدعوي جنوب إفريقيا أمام العدل الدولية، فمنذ اللحظات الأولى التي بدأت فيها الحرب في الـ7 من أكتوبر الماضي، سعت "تل أبيب" إلى تنفيذ "الإبادة الجماعية" ضد سكان القطاع المحاصر، ونسفت الأحياء السكنية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ودمرت كافة البنى التحتية وفجرت خطوط المياه والكهرباء وجرفت الشوارع والأراضي الزراعية، وحرقت مخازن الغذاء والدواء، كل ذلك بالإضافة إلى أطنان من المخلفات الحربية والمتفجرات التي لم تنفجر المتساقطة والمتروكة في شوارع القطاع، وسط تحذيرات دولية من انتشار الأمراض والأوبئة بسبب تراكم النفايات، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة، دون أدنى رحمة أو شفقة – بحسب الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي.
في البداية - انضمام فلسطين رسميًا للدعوى القضائية التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، للمطالبة بشأن الانتهاكات الجسيمة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، خطوة جيدة رغم تأخرها كثيرا، فقد أعلنت محكمة العدل الدولية في بيان رسمي تقدم فلسطين في 31 مايو الماضي بطلب للتدخل في القضية والانضمام إلى جانب جنوب إفريقيا، استنادًا لنص المادتين 62 و63 من النظام الأساسي للمحكمة، واللتين تسمحان لأي دولة طرف في اتفاقية أو معاهدة متعلقة بالنزاع بالتدخل فيه إذا رأت أن لها مصلحة قانونية قد تتأثر بالقرار – وفقا لـ"مهران".
فلسطين تنضم لدعوي جنوب إفريقيا أمام العدل الدولية
والحقيقة فإن قرار فلسطين بالتدخل في هذه القضية التاريخية، خطوة هامة وجريئة على طريق تدويل القضية الفلسطينية وفضح الممارسات الإسرائيلية أمام أعلى هيئة قضائية أممية، بما يعزز الجهود الرامية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، حيث أن هذه القضية تستند بالأساس إلى مخالفة إسرائيل لالتزاماتها وفقًا لاتفاقية منع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وهي انتهاكات ترتكبها إسرائيل بشكل ممنهج في الأراضي الفلسطينية المحتلة – هكذا يقول الخبير القانوني الدولى.
ومن المتوقع أن تُحدث مشاركة فلسطين في هذه القضية زخمًا كبيرًا، وأن تدفع دولًا أخرى للانضمام إليها، لا سيما الدول العربية التي طالما أكدت على مركزية القضية الفلسطينية، حيث سيشكل حكم المحكمة حال صدوره لصالح الشعب الفلسطيني سندًا قانونيًا قويًا لمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للامتثال لقواعد القانون الدولي، وفى الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها فلسطين للمحاكم والهيئات القضائية الدولية للدفاع عن حقوقها، حيث سبق لها الانضمام للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015، وتقديم إحالة للمدعية العامة في حينه حول الجرائم المرتكبة في الأراضي المحتلة، الأمر الذي أسفر عن فتح تحقيق رسمي حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المنسوبة لإسرائيل – طبقا لـ"مهران".
والهدف فضح جرائم الاحتلال وتحقيق العدالة
ورغم الزامية قرارات وأحكام محكمة العدل الدولية إلا أنها تفتقد لسلطة تنفيذية يمكن أن تنفذها في ظل تراخي مجلس الأمن والدعم الأمريكي اللا محدود واستخدام حق الفيتو لعرقلة تمرير أي قرار، فيجب التأكيد على أن هذه الأحكام باعتبارها صادرة عن أعلى سلطة قضائية دولية فإنها تشكل دليلًا دامغًا على انتهاك إسرائيل لأحكام القانون الدولي، وهو ما قد يفتح الباب لتحركات لاحقة من جانب مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو المنظمات الحقوقية لممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل – الكلام لـ"مهران".
وشدد أستاذ القانون على أن اللجوء للقضاء الدولي وتفعيل المسار القانوني، هو خيار استراتيجي ومكمل للكفاح الفلسطيني على كافة الأصعدة من أجل نيل الحقوق المشروعة في الحرية والاستقلال وإن طال الزمن معتبرًا أن انضمام فلسطين لهذه القضية التاريخية هو رسالة قوية للمجتمع الدولي بأنه لن يهدأ الفلسطينيون حتى ينالوا حقوقهم والعدالة كاملةً.