"هل القانون الدولى الذى عجز عن حماية الفلسطينين يستطيع حماية الإعلامية قصواء الخلالى من الحملة الشرسة الممنهجة الأمريكية؟".. السؤال الأكثر تداولا خلال تلك الساعات، حيث لم تتوقف مبادرات الدعم للإعلامية قصواء الخلالى من مختلف الأوساط والمؤسسات والهيئات والأحزاب، منذ خروج الإعلامية عن صمتها، لتكشف تعرضها لحملات من حسابات إلكترونية تستهدفها وبرنامجها "فى المساء مع قصواء"، والذى تبثه على الهواء، قناة "سى. بى. سى".
الإعلامية قصواء الخلالى تعرضت لحملات كشفت عنها مؤخرا جاءتها عبر منصات التواصل الاجتماعى ورسائل التهديد عبر الهاتف، ويرجع أغلبها إلى جهات موالية للموقف الإسرائيلي، وتتعمد تكرار مهاجمة الأصوات الصحفية المصرية والعربية، التى تتبنى الموقف والحق الفلسطيني، وتعضد الدور المصرى فى حمايته ودعمه، وكانت قصواء قد أكدت تعرضها لهذه الهجمات منذ أكثر من 6 أشهر، وأن أشكالها تعددت، مثل اجتزاء تصريحاتها وتصريحات ضيوف برنامجها من قبل بعض جهات الإعلام الأمريكى الموالى لإسرائيل، كل ذلك بسبب موقفها الداعم والمؤثر للقضية الفلسطينية.
استهداف قصواء الخلالي لدعمها فلسطين انتهاك صارخ لحرية الإعلام
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على موقف القانون الدولى والمعاهدات والمواثيق الدولية من حرية الرأى والتعبير ، خاصة وأن قصواء الخلالى كشفت من خلال بيان لها أن الحملة الشرسة الممنهجة ضدها وإعداد برنامجها، مصدرها جماعات الضغط الأمريكية ذات الولاءات الصهيونية الداعمة لإسرائيل فى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدأت آثار هذه الحملة الممنهجة بعد انسحاب متحدث الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط على الهواء من برنامجها للمرة الثانية، بعد سؤالها عن وصفهم الشعب والمقاومة الفلسطينية بالإرهابيين، ورفضهم وصف سلوك إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى الأعزل بالإرهاب أو الإبادة، أما المرة الأولى فكانت حول مصير الأطفال الفلسطينيين المشردين - بحسب الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية.
في البداية – ندين بشدة الحملة الممنهجة التي تتعرض لها الإعلامية قصواء الخلالي من قبل وسائل إعلام ومراكز بحثية أمريكية، بسبب مواقفها الشجاعة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وفضح انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، معتبرًا إياها استهدافًا سافرًا لحرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب المواثيق الدولية، خاصة وأن الإجراءات القمعية التي طالت قصواء وفريقها، من حجب لبث برنامجها وإغلاق لصفحاتها على مواقع التواصل، فضلًا عن حملات التشويه والتحريض ضدها والتهديد بالعنف، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الأممية التي تحمي الصحفيين وتكفل حقهم بنقل الحقيقة دون قيود أو مضايقات – وفقا لـ"مهران".
البروفيسور ريتشارد إبستين
والقانون الدولي يجرم تقييد حق التعبير
كما أن حرية الرأي والتعبير تُعد حقًا أساسيًا نصت عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، حيث أنها تشمل حرية الصحافة والإعلام في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، كما أن الإتفاقية الدولية الخاصة بسلامة الصحفيين والمهنيين الإعلاميين الآخرين واستقلاليتهم، والإعلانات المشتركة لآليات الأمم المتحدة حول حرية التعبير والإنترنت، قد أكدا على حظر أي رقابة مسبقة أو حجب لمحتوى إعلامي على شبكة الإنترنت إلا وفقًا لمعايير صارمة للغاية تستهدف الصالح العام، كحالات التحريض على العنف والكراهية بين الأشخاص والمجتمعات، وهو ما لا ينطبق بحال على عمل إعلامية محترفة تنقل معاناة شعب يرزح تحت نير الاحتلال – الكلام لـ"مهران".
وفى الحقيقة التضييق على عمل قصواء الخلالي وحجب صوتها لمجرد تبنيها لرواية حقوقية تفضح جرائم الاحتلال، يعكس ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع حقوق الإنسان الفلسطيني، ويؤكد تغلغل النفوذ الصهيوني في الفضاء الإعلامي الأمريكي، بما يتنافى مع المبادئ الديمقراطية المزعومة وحيادية العمل الصحفي، ويجب الإشارة إلى القرار الأممي الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع عام 2017، حول سلامة الصحفيين والمسألة الإفلات من العقاب، والذي دعا الدول لمنع أعمال العنف والاعتداء والتهديد والترهيب ضد الصحفيين والعاملين في وسائط الإعلام، أيًا كان شكلها وبأي وسيلة ترتكب، سواء كان ذلك في سياق النزاع أو في غيره – طبقا لأستاذ القانون الدولى.
وحرية الرأي وتداول المعلومات تدخل ضمن حقوق الإنسان
الهجمة على قصواء الخلالي بسبب تغطية الانتهاكات في فلسطين، تشكل سابقة خطيرة ونموذجًا مقلقًا لتكميم الأفواه التي تنتقد سياسات الاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمه، وهو ما يهدد مستقبل حرية الإعلام عمومًا في ظل فرض رقابة فكرية على المحتوى غير المرغوب فيه، كما إن مبادئ الأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والتي أقرها مجلس حقوق الإنسان عام 2011، تفرض على الشركات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي مسؤولية احترام حقوق الإنسان وتوخي الشفافية في سياسات المحتوى والإشراف المعمول بها، وتوفير آليات تظلم فعالة عند وقوع انتهاكات مرتبطة بعملياتها – هكذا يقول "مهران".
منصات التواصل الاجتماعي العالمية مثل فيسبوك وانستجرام ويوتيوب، بالتراجع فورًا عن إغلاق حسابات قصواء الخلالي وإعادة محتواها المحجوب، استنادًا لمعايير حرية التعبير الدولية، ووفقًا لسياسات النشر المعلنة لديها، والتي تسمح بنقد الممارسات الحكومية والفصائل السياسية طالما لم تحرض على العنف، فلابد من دعوة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، خاصة اليونسكو ولجنة حماية الصحفيين، للتدخل والتنديد بما حدث لحماية قصواء من الملاحقة والعقاب جراء ممارستها لحقها المشروع بحرية الرأي والتعبير، وتوفير الحماية اللازمة لها لمواصلة عملها الإعلامي دون أي تهديدات أو تضييقات – بحسب "مهران".
وخبير يجيب عن الأسئلة الشائكة
كما شدد الخبير الدولي في ختام تصريحاته علي ضرورة تكاتف الجهود لتعزيز البيئة الآمنة والممكنة للصحفيين والإعلاميين، بما يضمن حقهم بالوصول للمعلومات ونشر الحقائق دون أي قيود أو اعتبارات سوى ضميرهم المهني وأخلاقيات العمل الصحفي، مهما كانت الضغوط والاستهدافات من جهات لا تروق لها كلمة
يشار إلى أن قصواء كشفت ما تتعرض له طوال الشهور الماضية من حجب بث برنامجها إلكترونيًا، وإغلاق صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، وحجب وتشويش على فقرة الضيف الأمريكي، تبعها حذف بعض الحلقات، ولكنها نجحت فى إعادة البث مرة أخرى، واستعادة المنصات الإلكترونية الشخصية، وكذلك الخاصة بالبرنامج، ولكن المسألة لم تنته هنا، فقد أعقب ذلك تعرضها لحملات ممنهجة من حسابات إلكترونية، استهدفتها وبرنامجها وفريق التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي، وشملت الهواتف واتخذ بعضها هيئة رسائل تهديد، وذلك كله ردا على تبنى البرنامج الموقف والحق الفلسطيني، وتعضيد الدور المصرى فى حمايته ودعمه. والهدف دوما كان إرهابها وإسكاتها.
الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية
مراكز الضغط الصهيونية الإسرائيلية فى أمريكا
قصواء الخلالى أكدت أن من أبرز الجهات التى تولتها بالتشهير والاجتزاء المتعمد لتصريحاتها وتصريحات ضيوف برنامجها، كان معهد MEMRI أو معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام، والذى يضم أبرز السياسيين الأمريكيين والوزراء الإسرائيليين السابقين، ومعه مجموعات بحثية أمريكية تتبع مراكز الضغط الصهيونية الإسرائيلية فى أمريكا، وتجتمع هذه الجهات على استهداف الصحافة الداعمة للقضية الفلسطينية، وكان MEMRI قد استهدفها بحثيًا، وقام بعمل تحليل محتوى "تحريضى موجّه"، وتحليل مضمون لخطابها الإعلامى فى حلقات من برنامجها "فى المساء مع قصواء" عبر موقعه الصحفى والتحليلي. ووصفها بصاحبة خطاب "كراهية إسرائيل والعنصرية ضد الصهيونية"، وبأنها تدعم ما وصفه بـ "الإرهاب الفلسطيني" وفقا لتعبير المركز، وتؤيده، وتروج للمقاومة الفلسطينية إعلاميًا.
كما كشفت الخلالى عن مقال تحريضى عنيف شديد اللهجة، كتبه البروفيسور ريتشارد إبستين، أحد أبرز القانونيين الأمريكيين، وحمل عنوان "العدالة غير المتماثلة فى غزة"، وأورد فيه أن إسرائيل لها الحق فى كل ما يجرى دفاعًا عن نفسها، وعلى العالم أن يدعمها، مهاجما الموقف المصري، الذى يرفض تهجير الفلسطينيين، حتى لا تتاح الفرصة لإسرائيل لاجتياح رفح وغزة كاملة، ومعلنًا رفضه لبرنامج قصواء وشخصها، مستعينًا بمقاطع من خطابها الإعلامي، وذاكرًا اسمها وشخصها كنموذج للصحفيين المصريين المؤيدين للشعب الفلسطيني، والمحرّضين ضد إسرائيل، والرافضين للتهجير، وأعلن رفض كل هذا، ملوّحًا فى ختام مقاله بضرورة حماية أمريكا لإسرائيل من كل هؤلاء، فى إشارة إلى قصواء الخلالى وزملائها من الإعلاميين المصريين والعرب.
قصواء الخلالى ألحقت هذا كله بإعلان احتجاجها على هذا السلوك التحريضي، وهذه الممارسات الإرهابية، ضدها وضد الإعلام المصرى والعربي، وأقرنت الخلالى رفضها بتقديمها شكوى لنقابة الصحفيين المصريين، ونقابة الإعلاميين المصريين، وهيئة الاستعلامات المصرية، والاتحاد الدولى للصحفيين، واتحاد الصحفيين الأمريكيين، كما تقدمت بخطاب احتجاج رسمى وقانونى للسفارة الأمريكية، وطالبت الخلالى جميع الصحفيين والإعلاميين والباحثين المصريين بالتضامن سويًا وعدم الخضوع لأى شكل من أشكال الإرهاب والترهيب، واستمرار تقديم الدعم للموقف الصامد للشعب وللصحافة الفلسطينية التى نقلت الصورة الحقيقية إلى العالم.