يستعد ملايين الأمريكيين، وأخرين حول العالم، لمشاهدة المواجهة الأولى بين جو بايدن ودونالد ترامب، المرشحين الديمقراطى والجمهورى المفترضين فى سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وذلك بانعقاد المناظرة الأولى بينهما مساء الخميس المقبل.
وتعد هذه المناظرة بين ترامب وبايدن اللقاء الأول بين الرئيس الحالى وسلفه منذ عام 2020 عندما تنافسا أيضا فى السباق الرئاسى فى هذا العام والذى انتهى بفوز بايدن. ومن المقرر إجراء مناظرة أخرى بينهما فى سبتمبر المقبل.
وقبيل كل انتخابات رئاسية فى الولايات المتحدة، تعقد عادة ثلاث مناظرات تلفزيونية بين المرشحين الأساسيين، يكون اثنان منهم عن الاقتصاد والرعاية الصحية والشئون الداخلية، والثالثة عن السياسة الخارجية. كما تعقد مناظرة مماثلة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس لمناقشة القضايا الداخلية والخارجية. فى عام 2020، أجريت مناظرتين فقط بين ترامب وبايدن أثارا كثير من الجدل وقتها.
فكرة المناظرة نفسها تعود لسنوات كثيرة سابقة، فقد بدأت أولى المناظرات فى عام 1858 عندما عقدت سبع مناظرات بين أبراهام لينكولن والسناتور ستيفين دوجلاس فى إطار سباقهما على مقعد مجلس الشيوخ، وكان بدون وسيط يدير المناظرة، وقامت على أساس أن يلقى كل واحدا منهما خطابا مدته ساعة، ثم يكون لكل مرشح فرصة ساعة ونصف لتقديم الحجج، ثم ينهى المرشح الأول المناظرة برد يستمر نصف ساعة. وفاز دوجلاس بعد ذلك بمقعد مجلس الشيوخ قبل أن يترك كليهما مرة أخرى فى انتخابات الرئاسة عام 1860 وساعدتهما المناظرات على تحديد موقفيهما فى الانتخابات، لكنهما لم يلتقيا خلال الحملة.
لكن أول مناظرة رئاسية يتم بثها تلفزيونيا فى الولايات المتحدة كانت فى عام 1960 بين نائب الرئيس الجمهورى ريتشارد نيكسون والمرشح الديمراطى جون كينيدى، حيث أدرك الشعب الأمريكى مدى أهمية التلفزيون فى التعرف على المرشحين وبرامجهم وسياساتهم وحتى مظهرهم. وشاهد هذه المناظرة 66 مليون أمريكى، أى ما يقرب من ثلث سكان الولايات المتحدة.. وتعرفوا فيها على الشاب اليافع جون كيندى الذى بدا واثقا من نفسه وثابتا فى الوقت الذى كان فيه نيكسون غير مرتاح وغير قادر على مواجهة خصمه. وفاز كينيدى فى هذه الانتخابات بفارق ضئيل.
وتوقفت المناظرات حتى عام 1976، ثم عادت مرة أخرى عندما تناظر جيرالد فورد، نائب نيكسون الذى خلفه فى الحكم عقب استقالته على خلفية فضيحة وترجيت، فى مواجهة حاكم ولاية جورجيا الديمقراطى جيمى كارتر..وفى الانتخابات التى جرت هذا العام، فاز كارتر على فورد.. وقال المحللون حينئذ أن فُورد هزم بسبب هفوته فى تلك المناظرة التى قال فيها أن الاتحاد السوفيتى لن يهيمن على دول أوروبا الشرقية ما دام رئيسا للولايات المتحدة.
وفى عام 1980، واجه كارتر فى مسعاه للفوز بفترة رئاسية ثانية المرشح الجمهورى رونالد ريجان.. ولم يكن ريجان مرشحا عاديا بل كان ممثلا سبق له المشاركة فى عدد من أفلام هوليود، واستعان المرشح الجديد بمهاراته التمثيلية واعتياده الوقوف أمام الكاميرات، حيث توجه للأمريكيين قائلا " هل تشعرون أنكم أفضل مما كنتم عليه قبل أربع سنوات". كما وقع كارتر فى خطأ حيث قال خلال المناظرة، "كنت أتناقش مع ابنتى إيمى صباح اليوم وسألتها عن أهم قضية، فقالت إنه سباق التسلح النووى مع روسيا"، الأمر الذى جعله يبدو ضعيفا فى مواجهة الشيوعية.
فى عام 1984، خاض كارتر مناظرة أخرى أمام منافسه عن الحزب الديمقراطى والتر مونديان الذى حاول استغلال كبر سنه، حيث كان يبلغ من العمر 73 عاما ليضعف من موقفه.. حينها رد قائلا: " لن استغل شباب خصمى وخبرته المحدودة لأسباب سياسية".
فى عام 1992، لم تكن المناظرة الرئاسية عادية، فلم تقتصر على مرشحى الحزبين الكبيرين الجمهورى والديمقراطى جورج بوش "الأب" وبيل كلينتون، بل شارك فيها المرشح المستقل روس بيرو.. ورغم أن كلينتون استطاع أن يهيمن على المناظرة بأسلوبه وسعيه لمخاطبة الجمهور والحديث عن التغيير والمستقبل، إلا أن بيرو استطاع أن يحقق نجاحا وظهورا وأضحا وحصد 19% من الأصوات كأكبر نسبة يحققها مرشح مستقل.
وفى عام 2012، خاض الرئيس باراك أوباما ثلاث مناظرات أمام منافسه الجمهورى ميت رومنى، واستطاع رومنى فى أولها أن يتفوق على خصمه خاصة فى الحديث عن الاقتصاد لكن أوباما سرعان ما استعاد توازنه فى المناظرتين الأخرتين واستطاع التفوق فيهما.