مؤشرات التغيير الحكومي تكشف أن حركة المحافظين المنتظرة، "كبيرة وموسعة" في ضوء زيادة نسبة الشباب والسيدات، انطلاقا من التحرك الجاد في ملف التمكين، الذي تتبناه الدولة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمرأة والشباب، بجانب تجديد دماء عدد من المحافظات وإعادة ترتيب الأوراق لتعزيز القدرة على تنفيذ أجندة الحكومة.
وعلى الرغم من عدم وجود نص دستورى يحدد سبل اختيار أو تعديل المحافظين، إلا أن قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1969، قد نص في المادة 43، أنه بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية يعد المحافظون مستقيلون بقوة القانون، نظراً لأنهم يمارسون اختصاصاتهم بموجب ولاية الرئيس، التي تنتهي حتما بانتهاء مدة ولايته، إلا أنه بعد حلف الرئيس السيسي لليمين الدستورية أمام مجلس النواب أبريل الماضي، فإن المحافظين في المقعد التنفيذي كانوا يمارسون أعمالهم، حتى لا يكون هناك فراغ في الأجهزة التنفيذية، واستمروا في أداء وتسيير أعمالهم.
صلاحيات كاملة للمحافظين الجدد لتنفيذ سياسات الدولة
حركة التغيير المنتظرة خلال الساعات المقبلة، تأتي استكمال للصيغة القانونية لتمكين المحافظين من أداء أعمالهم بصورة قانونية ومباشرة والحصول على كافة الصلاحيات القانونية والإدارية لمباشرة أعمالهم، في ظل الصلاحيات التي يعطيها لهم قانون الإدارة المحلية، خاصة المادة 26، التي تصل لحد أن المحافظ يُعد ممثلاً لرئيس الجمهورية بالمحافظة، ويتولى الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة ويكون مسئولاً عن كفالة الأمن الغذائي ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي والصناعي بالمحافظة.
التطور التاريخي للوحدات الإدارية للدولة
الدولة المصرية تمارس الإدارة بمفهومها الحديث منذ سنوات طويلة، ولديها مؤسسات راسخة كشاهد على التطور الإداري والقانوني في مختلف القطاعات، وقد تكونت الوحدات الإدارية بشكلها الحديث منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، وجاء أول قرار بقانون شامل حول جميع الوحدات الإدارية رقم 124 لسنة 1960، وقد تناول المشاركة الشعبية لأول مرة، وحدد هيكل الإدارة المحلية على ثلاثة مستويات، المحافظة، والمدينة، والقرية، وتم تشكيل مجلس مشترك من التنفيذيين والشعبيين يرأسه "رئيس" بالتعيين، ووكيل المجلس من الشعبيين، الذي يحل محل الرئيس، ويمارس اختصاصاته أثناء غيابه، بالإضافة إلى تحديد اختصاصات ومهام محددة لتلك المجالس، وقد تم تعديل هذا القرار بقانون 7 مرات، أولها في عام 1971، حين صدر قرار بقانون رقم 57 لسنة 1971، وكان بداية فصل التشكيل التنفيذي عن التشكيل الشعبي، بعدما تقرر إنشاء المجالس الشعبية المحلية على مستوى المحافظات فقط، برئاسة أمين عام الاتحاد الاشتراكي ولجنة تنفيذية برئاسة المحافظ.
أما صدور القانون رقم 52 لسنة 1975 كان بمثابة انفتاح كبير على الديمقراطية، حيث نص على إنشاء مجالس شعبية محلية منتخبة بشكل مباشر على جميع مستويات الإدارة المحلية في القرية والحي والمدينة والمركز والمحافظة، ليفصل بين المجالس المحلية واللجان التنفيذية، ونظم انتخاب المجالس المحلية على كافة المستويات، وحدد اختصاصات المجالس المحلية واللجان التنفيذية بشكل أوضح مما كانت عليه في السابق، وفي عام 1979 صدر قانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية الحالي، حيث تم إلغاء مسمى المجالس الشعبية المحلية وجعله "المجالس المحلية"، وألغي مسمى اللجان التنفيذية لوحدات الإدارة المحلية ليكون "المجالس التنفيذية".
وهذا القانون عدل فيما بعد أكثر من عشر مرات وهو الذي ظل معمولا به في مصر حتى أعقاب 25 يناير 2011.
اختصاصات المحافظين وحدود عملهم
وقد حدد مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد المنتظر إقراره، صلاحيات واختصاصات واسعة للمحافظين، في ضوء التوجه لتطبيق نظام اللامركزية إعمالاً لأحكام الدستور، التي أكدت أن المحافظ يمثل السلطة التنفيذية بالمحافظة، ويُراقب تنفيذ السياسة العامة للدولة، ومرافق الخدمات والإنتاج في نطاق المحافظة، وإنفاذ قوانين وأنظمة الحوكمة، ويكون مسئولا عن الأخلاق والقيم العامة وعن حماية حقوق الإنسان، ومسئولا عن الأمن يعاونه في ذلك مدير الأمن، في إطار السياسة التي تضعها وزارة الداخلية، ويلتزم مدير الأمن بإخطاره فورا بالحوادث ذات الأهمية الخاصة، لاتخاذ التدابير اللازمة في هذا الشأن بالاتفاق بينهما، وعلى المحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة، وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، ويتولى المحافظ مراقبة وتنسيق أعمال جميع المرافق العامة، وفروع الوزارات التي لم تنقل اختصاصاتها للوحدات المحلية، عدا الجهات والهيئات القضائية والجهات المعاونة لها، والجهات التابعة للقوات المسلحة ووزارة الإنتاج الحربي، وكذلك تنسيق أعمال هذه المرافق مع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص الأجهزة المحلية، وفقاً لهذا القانون، ويتولى إبداء الملاحظات واقتراح الحلول اللازمة في شأن الإنتاج وحسن الأداء، كما يتولى بالنسبة لجميع المرافق التدابير الملائمة لحماية أمنها، ويكون للمحافظ السلطة المقررة للوزير بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس إدارات الهيئات العامة والشركات القابضة التي تتولى مرافق عامة للخدمات في نطاق المحافظة.
ويشير مشروع قانون الإدارة المحلية إلى أن المحافظ يتولى مراقبة عدالة توزيع الموارد وتحقيق التنمية المتوازنة في نطاق المحافظة، وله الاعتراض على أي قرار تتخذه الأجهزة المحلية يحول دون تحقيق ذلك على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية، وتقديم مقترحات للوزير المختص بالإدارة المحلية بكيفية تحسين أداء الأجهزة المحلية في قطاع أو أكثر، واتخاذ جميع الإجراءات التي تكفل الرقابة على أعمال الأجهزة المحلية، والتأكد من توافر المعلومات والبيانات اللازمة لمتابعة وتقييم المشروعات التي تنفذها الأجهزة المحلية بالمحافظة، وإتاحة هذه البيانات والمعلومات للأجهزة المركزية والمحلية المعنية بالمتابعة والتقييم، إلى جانب التفتيش على الأجهزة التنفيذية للوحدات المحلية في نطاق المحافظة والمرافق الخاضعة لإشرافها، وله أن يكلف بإجراء هذا التفتيش أجهزة الرقابة المختصة أو من يختاره من الفنيين والإداريين المختصين من الموظفين المدنيين بالمحافظة على النحو المبين في هذا القانون ولائحته التنفيذية، وكذلك العمل على جذب الاستثمار الخاص اللازم لتحقيق النمو المستدام، وتوفير فرص العمل اللائق والمنتج في إطار خطة التنمية المحلية المتكاملة للمحافظة ومن خلال العمل مع الأجهزة التنفيذية المعنية لإزالة كافة المعوقات التي تواجه المستثمرين.