إسرائيل منعت وأوقفت قهرا دورة الحياة الطبيعية للرياضة الفلسطينية.. عدد شهداء الرياضة الفلسطينيين تجاوز الـ350 شهيدا ومئات الجرحى ومبتورى الأطراف والمعتقلين
من رحم المعاناة يولد الأمل، ورغم أن ما يعانيه قطاع غزة والأراضى الفلسطينية منذ ما يقرب من 11 شهرا يفوق الخيال، جراء حرب وحشية يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى، فإن أبطال فلسطين ما زالوا يتشبثون بالأمل، ورغم الصعوبات نجد علم فلسطين يرفرف عاليا فى عاصمة النور باريس مع انطلاق دورة الألعاب الأولمبية، حيث استطاع 8 لاعبين الصعود والمشاركة متخطين كل الحواجز، مؤكدين أنهم ما زالوا على قيد الحياة، تجسيدا لمقولة الكاتب الفلسطينى محمود درويش «ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة، لم نحلم بأشياء عصية، نحن أحياء وباقون.. وللحلم بقية».
تلك المشاركة هى استثنائية بكل المقاييس، كما وصفها جبريل الرجوب، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية فى حواره لـ«برلمانى»، التى تمثل رسالة صمود وتكريس للهوية الوطنية، وإيصال الرسالة السامية للرياضة الفلسطينية التى تعكس حجم المعاناة والألم التى يعانيها الإنسان الفلسطينى.
عدّد «الرجوب» كم المعاناة التى تتلقاها الرياضة الفلسطينية على يد الاحتلال، من حرمان ومنع الاحتلال للرياضيين الفلسطينيين من حقهم القانونى والإنسانى فى ممارسة الرياضة وحرية التنقل والحركة وتطوير الإمكانات خاصة بالقدس، هذا بخلاف قتل واعتقال الرياضيين الفلسطينيين، وتدمير المنشآت والمرافق الرياضية، حيث بلغ عدد الرياضيين الشهداء خلال الحرب 350 شهيدا.
وعلى مدار الشهور الماضية، تقدم «الرجوب» بطلب للفيفا لمنع مشاركة إسرائيل فى أولمبياد باريس بعد انتهاكها الواضح لقواعد الرياضة العالمية، وهو الأمر الذى سبق أن تم تنفيذه ضد جنوب أفريقيا عام 1961 بسبب سياسة الفصل العنصرى، ويوغسلافيا عام 1992 بسبب حرب البلقان، ومؤخرا فى 2022 روسيا بسبب أوكرانيا، إلا أن القرار صدر بتأجيل البت فى تعليق مشاركة تل أبيب بالمسابقات الدولية لأغسطس المقبل، وقال «الرجوب»: إن الجهود ما زالت سارية مع كل المعنيين للانتصار للشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة.
كما أعتبر أن صعود المنتخب الوطنى لتصفيات كأس العالم هو إنجاز تاريخى استطاع الفريق تحقيقه، ورغم حجم المعاناة المباشرة أو انعكاسات ما يجرى على شعبهم وأهاليهم ومقدراتهم جسدوا أعظم درجات الإصرار والتحدى والنبل فى أدائهم وانتمائهم.
كيف ترى أولمبياد باريس التى ستنطلق خلال الساعات المقبلة بمشاركة أبطال فلسطينيين؟
نرى ونؤمن بأن أولمبياد باريس 2024 هى من أهم المحطات والمحافل التى توجد فيها فلسطين من بوابة الجدارة والاستحقاق الرياضى والوطنى والأخلاقى، وبما يمثله ذلك من رسالة صمود وتحد للشعب العربى الفلسطينى، وتكريس للهوية الوطنية وإيصال الرسالة السامية للرياضة الفلسطينية، التى تعكس حجم المعاناة والألم الذى يعانيه الإنسان الفلسطينى من قبل الاحتلال الفاشى، وفى سبيل نيل حقوقه العادلة، وتجليات قيم الشموخ والكبرياء والأنفة التى يمثلها ويعبر عنها اللاعبة واللاعب الفلسطينى متسلحين بالإرادة وصدق الانتماء لقضية شعبهم وصيانة تضحياته.
ما تعليقك على مشاركة دولة الاحتلال فى البطولة رغم حرب الإبادة المستمرة لقرابة 11 شهرا على قطاع غزة؟
مشاركة دولة الاحتلال فى هذا المحفل، هذا الأمر من عدمه هو يرسم موقفا صريحا وواضحا من قبل العالم والمنظومة الرياضية الدولية والقارية، واستنادا إلى معايير التزام وتطبيق القوانين واللوائح الرياضية الدولية فى مقدمتها الميثاق الأولمبى، والمواثيق والعهود الإنسانية والأخلاقية الأممية الملزمة، وعدم النظر إليها بتمييز وتحيز وازدواجية فى التطبيق، خاصة فى ظل ما نعايشه منذ قرابة 76 عاما من الاحتلال، وما يشهده العالم أجمع من حرب إبادة جماعية لشعبنا فى غزة والضفة والقدس، وعلى مدار أكثر من عشرة شهور، وهو ما نسعى جاهدين مع كل الأشقاء والأصدقاء لتفعيله بقوة والضغط للالتزام به وعلى قاعدة إثبات التزامنا واحترامنا المطلق بذلك.
هل سنرى العلم الفلسطينى يرفع خلال دورة ألعاب باريس.. وكيف ستشارك؟
رغم أن مشاركتنا متواضعة بـ8 لاعبين فى 6 ألعاب أولمبية ويمثلون الطيف والنسيج الفلسطينى الوطنى المتكامل، فهى أعظم وقعا وأثرا وتأثيرا مقارنة مع الآخرين مقارنة مع مشاركة هذا الاحتلال، وسيرتفع علم فلسطين شامخا من قبل لاعبة ولاعب هم رمز للرياضة الفلسطينية، واللاعبة أصلها من غزة الشامخة.
لو لم تكن الحرب فكم عدد الرياضيين الفلسطينيين الذين كان من المقرر مشاركتهم فى أولمبياد باريس؟
عدد اللاعبين الذين كان من الممكن مشاركتهم بالأولمبياد لو لم تقع حرب الإبادة بحق شعبنا ربما سيكون أضعافا، حيث إن الأمر أساسا منوط بنتائج مشاركات قارية ودولية وأرقام وتصنيف فنى للألعاب الفردية والجماعية، نحن حرمنا من القدرة على خوضها بسبب هذه الحرب الشاملة.
قلت إن هناك انتهاكا إسرائيليا للميثاق الأولمبى الذى يعد مجموعة من القواعد التى تنظم الألعاب الأولمبية..ما التحركات التى قمت بها لمنع مشاركة إسرائيل.. وهل وجدت استجابة دولية؟
نحن ومن موقع التزامنا بالقوانين والميثاق الأولمبى ومسؤولياتنا تجاه حركتنا الرياضية الفلسطينية وحقوقنا المشروعة، لم ندخر وسيلة نظامية وقانونية إلا واستثمرناها فى هذا السياق، ومن خلال التنسيق والتعاون مع الأشقاء والأصدقاء، وبهدف الضغط على مختلف المرجعيات ذات العلاقة لتطبيق القوانين والمواثيق الرياضية، سواء على صعيد الأولمبياد 2024 خاصة أو حركة ودورات النشاط الرياضى المستدام، وحقنا المصان، والخلاص مما نعايشه من ممارسات إجرامية بحقنا، ولن نعدم الإرادة والأمل بأن نحقق الاستجابة اللازمة.
ما موقف فرنسا والفيفيا من دعوتك.. وما تفاصيل لقاءاتك بالمسؤولين فى هذا الشأن؟
كل الجهات والمنظمات الدولية خاصة دولة فرنسا والفيفا متعاطفون معنا ومتفهمون لاستحقاقاتنا ومعاناتنا ومطالبنا القانونية والإنسانية والأخلاقية، ولكن المعالجات والمواقف الرسمية تعتمد على عناصر كثيرة وذات حساسية، وإن لم نقتنع بذلك، ونعلم يقينا بأن الأمور لا تنتهى بالضربة القاضية، فهذا واقع واعتبارات لا تقتصر فقط على القوانين والمواثيق الرياضية والأخلاقية!
هل ترى فى قرار الفيفا تأجيل النظر فى طلبكم باستبعاد إسرائيل من المنافسات الدولية تسويفا للقضية؟
لن نفقد الأمل، واتصالاتنا مستمرة مع كل ذى علاقة بالأمر، وسيكون لنا لقاءات مهمة مع كل من له علاقة من أركان المنظومة الرياضية القارية والدولية، وكذلك ممثلو الدولة الفرنسية خلال الأولمبياد المقام.كيف ردت تل أبيب على جهودك لعرقلة مشاركتها فى الأولمبياد؟
دولة الاحتلال وعديد أركانها السياسيين يعبرون وبمختلف الوسائل الفاضحة عن حالة من الجنون والسعار والاستقواء والعنصرية بحقنا، ولا يدخرون وسيلة للتهديد والوعيد، خاصة أن هذا الاحتلال تجلت فضائح جرائمه وعقيدته الفاشية النازية للعالم أجمع، وبالنسبة لنا فمن لم ترهبه السجون والطائرات وصنوف العذاب لا يضيره نباح الكلاب.
ما هى رسالتك للفرق المشاركة فى الألمبياد والرياضيين حول العالم لدعم فلسطين؟
رسالتنا للجميع بالتوفيق، وأن تكون أخلاقيات ومبادئ الميثاق الأولمبى وحقوق الإنسان واحترامها والتزام تطبيقها وعدم الازدواجية هى البوصلة للجميع.
حدثنا عن مشاركة المنتخب الوطنى الفلسطينى فى تصفيات كأس العالم؟
تعد مشاركتنا الحالية فى المرحلة الأخيرة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم حدثا استثنائيا وتاريخيا غير مسبوق، وليس ذلك للبعد الفنى أو الوطنى، والرسالة السامية التى يمثلها منتخب فلسطين «الفدائى» على الدوام، وإنما لترافق هذا الإنجاز مع ما يعانيه شعبنا والوطن من حرب همجية هجينة أقل ما يقال عنها إنها إبادة جماعية شاملة، وتعكس إرادة وإصرارا وعظمة لصمود وشموخ قل نظيره على بنى الإنسان، وإصرارا على انتزاع الحق.
كيف أثرت الحرب على معنويات وتدريبات المنتخب؟
اللاعبون فى المنتخب ليسوا قطعا من الصخر، ولكنهم وبكل ارتباطاتهم الاجتماعية والإنسانية ورغم حجم المعاناة المباشرة أو انعكاسات ما يجرى على شعبهم وأهاليهم ومقدراتهم جسدوا أعظم درجات الإصرار والتحدى والنبل فى أدائهم وانتمائهم، وبكل الأحوال لا يمكن أن ينتفى عنهم الأثر البالغ فى الأداء، سواء لسبب ضرر مباشر أو غير مباشر نتيجة الحرب.
أعلنت استضافة مدينة القدس مباراة المنتخب الأولى فى الدور الثالث من تصفيات بطولة كأس العالم 2026.. ما دلالة ذلك ورسالته للعالم؟
رسالة اللعب على ملعبنا البيتى ذات مغزى ورسائل متعددة، خاصة أن ملعبنا البيتى هو أحد رموزنا الوطنية وعنصر إثبات قدرتنا المميزة، وحقنا بتنظيم الأحداث الكبرى، وحق جماهيرنا فى معايشة لعب منتخباتها الفدائية وأبنائهم على أرض الواقع ومن المدرجات.
هل سيحضر جيان إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم المباراة؟
تلقينا وعدا من رئيس الاتحاد الدولى «الفيفا» بالحضور، ونسعى لذلك ومعه العديد من الشخصيات وممثلى المنظومة الرياضية الدولية من الأصدقاء والأشقاء.
كم عدد شهداء الرياضة حتى اللحظة؟
تجاوز عدد الشهداء من الحركة الرياضية الفلسطينية حتى الآن ونتيجة الحرب الدائرة أكثر من 350 شهيدا، بما فيهم لاعبون وفنيون وأعضاء ورؤساء اتحادات وأندية، علاوة على مئات الجرحى ومبتورى الأطراف، ومثلهم من المعتقلين.