يواصل اليمين المتطرف، احتجاجاته في عدد من مناطق بريطانيا، كرد فعل على جريمة ارتكبها شخص من أصول مهاجرة، وهو ما بات يقلق الحكومة العمالية الجديدة، ويدفعها نحو تعزيز قوات الشرطة وتسليحها بأدوات جديدة ودعم استخباراتي، كي "تضرب بيد من حديد" كل من يتجاوز حدود القانون في التظاهر السلمي، ويعتدي على الناس أو الممتلكات العامة والخاصة.
الاحتجاجات تفجرت بعد عملية طعن وقعت في مدينة ساوثبورت شمال غرب بريطانيا، ارتكبها شاب يبلغ من العمر 17 عاماً، بعدما اقتحم مركزاً لتعليم الأطفال الرقص، وقتل 3 فتيات وجرح 6 أطفال آخرين، إضافة إلى رجل وامرأة حاولا حماية الصغار فلقيا نصيبهما من طعنات الشخص الذي ينحدر من أصول رواندية، اسمه أكسل موجانوا روداكوبانا.
ولم تفصح الشرطة في البداية عن هوية القاتل، ما أشعل غضب الشارع بعدما انتشرت شائعات أنه مهاجر مسلم جاء بزورق عام 2023، وهي معلومة كاذبة لكنها وجدت طريقها إلى الانتشار، ما جعل اليمين الشعبوي يستغلها في التحريض ضد المهاجرين، وسرعان ما تعرّض مسجد ساوثبورت لهجوم من ملثمين اشتبكوا مع قوات الشرطة عندما حاولت حماية المصلين.
ولم ينته الأمر هنا، فقد اتسعت دائرة الاحتجاجات إلى مدن ومناطق عدة، وباتت تُنظّم كل يوم. واجتمع رئيس الوزراء كير ستارمر مع قادة الشرطة وطالبهم بضرب "المشاغبين" بيد من حديد، فيما تصاعدت مخاوف المسلمين بعد رسائل تهديد، استدعت من مساجد كثيرة زيادة إجراءات الأمن، ودعوة أبناء الجالية إلى الحرص والحذر.
وقال وزير مجلس الوزراء نيك توماس سيموندز إن الحكومة مستعدة لاحتمالات مختلفة خلال العطلة الأسبوعية، لكنه لم يعلق على معلومات استخباراتية محددة.
وأضاف أن جزءا من استراتيجية الحكومة هو ضمان تعامل نظام العدالة الجنائية مع الجناة بشكل سريع.
وكان رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر قد قال فى اجتماع مجموعة كوبرا الوزارية للطوارئ أن الشرطة بحاجة لأن تظل فى حالة تأهب عال.
ووجه ستارمر الشكر للشرطة ولنظام العدالة الجنائية فى ثال اجتماع طارئ يعقده منذ اندلاع أعمال العنف.
وقال ستارمر أيضا إنه لا شك فى أن مستويات التواجد الشرطى فى الأماكن الصحيحة والعدالة السريعة فى الاسبوع الماضى، بما فى ذلك صدور أحكام، كانت بمثابة ردع للاضطراب.
وتم سجن ما لا يقل من 12 شخصا أمس الخميس، لدورهم فى أحداث الشغب على مدار الأيام العشرة الماضية، مع توقعات بإرسال المزيد إلى السجن اليوم، بعضهم فى بث مباشر على التلفزيون.
وحتى الآن، تم اعتقال 483 ردا على الاضطرابات العنيفة عبر بريطانيا بعد طعن ثلاث فتيات صغيرات فى ثاوث بورت الاثنين من الأسبوع الماضى.
وستصدر الأحكام ضد المتهمين فى محكمة التاج بليدز بتهم التحرش العنصرى ونشر مواد مكتوبة تهدف إلى إثارة الكراهية الدينية. وسيتم نظر القضايا فى محاكم التاج عبر البلاد، بما فى ذلك فى نيوكاسل وتيسايد وليفربول وشيفيلد ولندن الداخلية.
وفى ليلة الأربعاء، أدت عملية شرطية كبرى وإقبال كبير من المتظاهرين المناهضين إلى فشل أغلبية الاحتجاجات التى خطط لها اليمين المتطرف. ومع ذلك، قال رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر إنه من المهم ألا تتقاعس الشرطة عن معالجة الفوضى، وقالت إيفيت كوبر، وزيرة الداهلية إنها تتوقع أن تتحمل شركات التواصل الاجتماعى المسئولية عن الاحتجاجات العنيفة المنظمة عبر الإنترنت.
وعلى الرغم من القبض على العديد من مثيرى الشغب وتوجيه الاتهامات لهم، إلا أن صحيفة التليجراف قالت أن العديد من هؤلاء المسجونين لأقل من ثلاث سنوات سيتم إطلاق سراحهم مبكرا بموجب خطة حكومة العمال لمعالجة أزمة السجون والاكتظاظ فيها.
وتم اعتقال أحد أعضاء المجالس المحلية عن حزب العمال وتعليق عضويته من الحزب بعد أن دعا إلى قطع أعناق مثيرى الشغب خلال مظاهرة.
من ناحية أخرى، قال صادق خان، عمدة لندن، إنه كسياسى يعلن أنه مسلم فى بريطانيا لم يعد فى أمان، فى أعقاب أحداث الشغب والعنف من قبل اليمين المتطرف فى البلاد على مدار الأيام الماضية.
وقال خان إنه شعر بالانزعاج من أحداث الأسبوع الماضى، وأنه كان حزينا لأن الجيل الذى ينتمى إليه أبنائه قد شعر بالفزع.
وفى مقابلة مع صحيفة الجارديان، سئل خان عما إذا كان يشعر بالأمان كسياسى مسلم، أجاب قائلا: من الواضح إننى لست آمنا، ولهذا السبب أحظى بحماية الشرطة.
وتعرض عمدة لندن لتهديدات بالقتل منذ انتخابه عام 2016، وقال من قبل أن لديه فريق من 15 من ضباط الشرطة يحافظون على سلامته على مدار الساعة.
وأضاف خان فى تصريحاته قائلا: من الصعب تفسير التموجات عندما يتم استهدافك بسبب دينك أو لون بشرتك ولا يمكنك تغيير أى من هذه الأشياء. وسواء كنت ترى أعمال عنف جسدية تحدث فى الشمال الغربى أو الشمال الشرقى، فإنك تشعر بها فى لندن. وتابع أن ما يحزنه هو أن جيل أطفاله لم يختبروا قط ما مر به. ولأول مرة، شعروا بالخوف. وقال: " كنت أعتقد أننى سأكون الجيل الأخير الذى يشعر بالخوف، لمجرد أننى أنا. وهذا يحطم قلبى".