لا حديث يعلو خلال هذه الساعات على محاولة اغتيال مجرم الحرب الذى يحاول جر المنطقة للنار ولحرب إقليمية، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو التطور الأمني الذى وصفه - مراقبون – بالخطير، إثر استهدافه في منزله بمدينة قيساريا، بطائرة مسيرة قادمة من لبنان، جاء ذلك الهجوم في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله، أثار تساؤلات حول قدرة الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
حادث محاولة اغتيال نتنياهو وقع صباح يوم السبت، عندما انطلقت ثلاث طائرات مسيرة من لبنان، حيث نجحت اثنتان منها في الوصول إلى الأجواء الإسرائيلية، بينما تمكنت الدفاعات الجوية من اعتراض الأولى والثانية، واصطدمت الثالثة بشكل مباشر بمنزل نتنياهو في قيساريا، وهو منزل يقضي فيه إجازاته مع أسرته – وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كانت الطائرة المسيرة محملة بمتفجرات وأحدثت دمارًا في المنزل المستهدف.
دبلوماسية الطائرات المسيرة.. تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على دبلوماسية الطائرات المسيرة التي من شأنها أن تُعيد رسم خارطة الشرق الأوسط، حيث تُعد الطائرات المسيرة أو الطائرات بدون طيار (Drones) واحدة من أهم التطورات التكنولوجية في العصر الحديث، فقد أصبحت هذه الطائرات عنصراً مهماً في السياسة الدولية ودبلوماسية الدول، حيث شهد العقدين الأخيرين زيادة كبيرة في استخدامها في مجالات متعددة مثل الاستطلاع، العمليات الحربية، والمهمات الإنسانية، لتصبح وسيلة جديدة للتأثير الدبلوماسي على الساحة الدولية – بحسب الدكتور اثير هلال الدليمي، أستاذ القانون الدولي العام، والمتخصص في الأمن السيبراني.
مفهوم دبلوماسية الطائرات المسيرة
في البداية - دبلوماسية الطائرات المسيرة تشير إلى استخدام الطائرات بدون طيار كأداة دبلوماسية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدولة، فقد تختلف استخدامات هذه الطائرات حسب نوع الدول، فبعضها يستخدمها لأغراض عسكرية واستراتيجية بينما تستخدمها أخرى لأغراض مدنية وإنسانية، يُمكن تقسيم هذه الدبلوماسية إلى ثلاثة محاور رئيسية – وفقا لـ"الدليمى":
1- القوة الصلبة (Hard Power): استخدام الطائرات المسيرة لأغراض عسكرية وللقيام بضربات محددة، والاستطلاع في مناطق الصراع.
2- القوة الناعمة (Soft Power): استخدام الطائرات المسيرة في عمليات الإغاثة، المساعدة الإنسانية، أو حتى في عرض القدرات التكنولوجية لتعزيز مكانة الدولة على المستوى العالمي.
3- القوة الذكية (Smart Power): الجمع بين القوة الصلبة والناعمة، حيث تستخدم الدولة الطائرات المسيرة لتقديم المساعدات الإنسانية في إطار النزاعات العسكرية، مما يعزز دورها كفاعل دولي مؤثر.
تطور الطائرات المسيرة واستخدامها الدبلوماسي
فعلى مدار السنوات الماضية، تطورت الطائرات المسيرة بشكل ملحوظ، ففي البداية اقتصر استخدامها على الأغراض العسكرية البحتة، لا سيما في عمليات الاستطلاع والمراقبة، ولكن مع الوقت توسع استخدامها ليشمل – الكلام لـ"الدليمى":
-عمليات الإغاثة الإنسانية: بعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الفيضانات، استخدمت بعض الدول طائرات مسيرة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى مناطق نائية.
-دعم الدول النامية: بدأت بعض الدول المتقدمة بتزويد الدول النامية بطائرات مسيرة لاستخدامها في الزراعة أو مراقبة البيئة، ما يعزز الروابط الدبلوماسية بين هذه الدول.
-مكافحة الإرهاب: حيث استخدمت بشكل واسع في أستهداف التنظيمات الإرهابية، ما أدى إلى تعزيز قوة الردع لديها على المستوى الدولي.
فوائد دبلوماسية الطائرات المسيرة
هناك العديد من الفوائد التي تحققها الدول من خلال دبلوماسية الطائرات المسيرة – هكذا يقول أستاذ القانون الدولى:
1-التأثير السياسي والعسكري: يمكن للدول أن تؤكد سيطرتها الإقليمية أو تردع التهديدات دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر.
2-خفض التكاليف والمخاطر: الطائرات المسيرة تقلل من الحاجة إلى إرسال الجنود أو الطائرات المأهولة، مما يخفض من التكاليف والمخاطر المرتبطة بالخسائر البشرية.
3-تعزيز القوة الناعمة: من خلال تقديم المساعدات الإنسانية عبر الطائرات المسيرة، تستطيع الدول تحسين صورتها على الساحة الدولية وتعزيز علاقاتها بالدول المتلقية.
4-التقدم التكنولوجي: تعكس الطائرات المسيرة المتطورة التفوق التكنولوجي للدولة، ما يعزز مكانتها الدبلوماسية ويجعلها قدوة للدول الأخرى.
تحديات دبلوماسية الطائرات المسيرة
رغم الفوائد الواضحة، تواجه دبلوماسية الطائرات المسيرة تحديات عديدة:
1-القوانين الدولية: لا يزال استخدام الطائرات المسيرة، خصوصاً في العمليات العسكرية، يثير تساؤلات حول مدى توافقه مع القانون الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالسيادة الوطنية وحقوق الإنسان.
2-مخاطر الانتشار: من الممكن أن تؤدي التكنولوجيا المتقدمة للطائرات المسيرة إلى انتشارها بين دول أو جهات غير حكومية، مما يعزز من مخاطر استخدامها في أعمال عدائية أو إرهابية.
3-الخصوصية وانتهاكات الحقوق: استخدام الطائرات المسيرة لمراقبة الأفراد أو التجمعات يثير قضايا أخلاقية حول الخصوصية واحترام حقوق الإنسان.
4-التوترات الدولية: قد يؤدي استخدام الطائرات المسيرة في مناطق النزاع إلى تصاعد التوترات بين الدول، خاصة إذا ما شعرت بعض الدول أنها مُستهدفة أو مُراقبة.
الطائرات المسيرة في الشرق الأوسط
أصبح الشرق الأوسط منطقة محورية في دبلوماسية الطائرات المسيرة، حيث تستخدم العديد من الدول في المنطقة الطائرات المسيرة لأغراض متعددة، من بينها:
1-المراقبة والضربات الجوية ضد الجماعات الإرهابية المسلحة: تُستخدم بشكل رئيسي في العمليات ضد الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش.
2-التجسس والاستطلاع: تُستخدم الطائرات المسيرة من قبل بعض الدول لمراقبة الحدود أو التأثير على الصراعات الإقليمية.
3-التسليح والردع: تُعتبر بعض الدول رائدة في تصنيع واستخدام الطائرات المسيرة، مما يضعهما في منافسة إقليمية وعالمية.
المستقبل والتوقعات:
وفى الأخير يؤكد "الدليمى": من المتوقع أن تستمر دبلوماسية الطائرات المسيرة في النمو مع التطور التكنولوجي المستمر وستصبح هذه الطائرات أكثر ذكاءً، وأكثر قدرة على أداء المهام المتنوعة بكفاءة أكبر، كما يُتوقع أن تلعب دوراً أكبر في السياسة الدولية، خاصة مع تزايد عدد الدول التي تسعى للحصول على هذه التكنولوجيا المتقدمة، وعلى المدى الطويل، قد تُصبح الطائرات المسيرة جزءاً لا يتجزأ من النظام الدبلوماسي الدولي، حيث سيصبح تبادل هذه التكنولوجيا وسيلة لتعزيز العلاقات أو ممارسة الضغوط السياسية.