أصدرت الدائرة الخامسة مدنى كلى – بمحكمة شرق إسكندرية الابتدائية – تصدت فيه للصورية في عقود البيع وإشكالياتها، وذلك بعد حرمان الأب لإبنه من الميراث، قضت ببطلان جميع هذه العقود ليرث الصغير في تركة والده من بعد حرمانه من ميراثه الشرعي.
الخلاصة:
تزوج الأب زوجة ثانية على أم أبناءه (الزوجة الأولى)، وأنجب طفلا وبعد وفاته أخرجوا عقود ببيع أبيهم لجميع أعيان التركة لهم وحدهم دون أخوهم الصغير وحرموه من الميراث، فتم رفع دعوى بصورية جميع تصرفات الأب بالبيع لأبناء زوجته الأولى بقصد حرمان ابن زوجته الثانية من الميراث، وقضت المحكمة ببطلان جميع هذه العقود ليرث الصغير في تركة والده من بعد حرمانه من ميراثه الشرعي.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 6341 لسنة 2023 مدنى كلى شرق الإسكندرية، لصالح المحامى مختار عادل، برئاسة المستشار محمد توفيق الضوى، وعضوية المستشارين محمود سامي أبو زهرة، ومحمد أحمد ناجي، وأمانة سر محمد الخياط.
الوقائع.. الأشقاء يحرمون شقيقهم الصغير من أبيهم من "الميراث"
تخلص وقائع الدعوى في أن المدعية بصفتها أقامت دعواها بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 27 نوفمبر 2023 معلنة قانوناً طلبت في ختامها الحكم بصورية التصرفات موضوع العقود:
1- عقد البيع المؤرخ 1 سبتمبر 2018 الصادر عن مورث الخصوم الصالح المدعي عليهم ماعدا الأخير "حمزة" ببيع الشقة نموذج " بالدور الأرضي يمين الصاعد بالعقار الكائن برج "....." بشارع "......".
2- عقد البيع المؤرخ 1 ديسمبر 2018 الصادر عن مورث الخصوم لصالح المدعى عليهم ببيع قطعة أرض صحراوية مستصلحة ومنزرعة وعليها مباني وبها ألات زراعية بمساحة 118 فدان و 14 قيراط كائنة بعد حوالي 2 كيلو متر من خارج الزمام بناحية الخطاطبة - مركز السادات - محافظة المنوفية.
3- عقد البيع المؤرخ 14 يناير 2019 الصادر عن مورث الخصوم الصالح المدعي عليهم ماعدا الأخير "حمزة" ببيع قطعة أرض فضاء حيز عمراني مساحتها 8,5 قيراط كائنة بناحية عزبة الثلاثين طريق مدرسة الشهيد أحمد حمدي - خورشيد البحرية - قسم ثالث المنتزة.
4- عقد تخارج من شركة توصية بسيطة مؤرخ 1 مايو 2012 بموجبة تخارج مورث الخصوم بصفته الولي الطبيعي عن المدعي من شركة اسمها التجاري "....وشركاه" وسمتها التجارية "شركة...للمقاولات الهندسية"، وعرضها عموم التركيبات الصناعية، وذلك صورية نسبية بطريق التستر كونها تخفي تصرفا آخر حقيقته وصية مضافة لما بعد الموت، والزام المدعي عليهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
والدة الصغير تقيم دعوى صورية عقود البيع
وذلك على سند من قول أن نجل المدعية والمدعي عليهم هم ورثة المرحوم "م. ع" المتوفي بتاريخ 19 مايو 2020 وحيث أن المدعي حال طلبه نصيبة الشرعي في أعيان تركة والده، فوجئ بإدعاء المدعي عليهم بتملكهم أعيان التركة بموجب عقود بيع صادره لهم عن مورثهم وهي عقد بيع شقة المؤرخ 1 سبتمبر 2018 - عقد بيع أرض زراعية المؤرخ 1 ديسمبر 2018 – عقد بيع أرض فضاء حيز عمراني المؤرخ 14 يناير 2019 - عقد تخارج من شركة توصية بسيطة مؤرخ 1 مايو 2012 بموجبة تخارج مورث الخصوم بصفته الولي الطبيعي عن المدعي من شركة اسمها التجاري ".... وشركاه" وسمتها التجارية "شركة... للمقاولات الهندسية"، وكان الغرض من هذه التصرفات هو التحايل على أحكام الأرث بقصد الإضرار بحقوق نجل المدعية في أعيان تركة والده كونها تصرفات صورية بطريق التستر تخفي تصرف آخر حقيقته وصية مضافة لما بعد الموت، ومن ثم أقامت دعواها بغية القضاء له بما سلف من طلبات، وقدمت سندا لدعواها حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من العقود المطعون بصوريتها، صورة قيد وفاء مورث الخصوم في 19 مايو 2020 وصورة من اعلام ورثته، وصورة من قرار تعين المدعية وصية على نجلها "م".
"أم الصغير" تؤكد أن العقود حُررت بالتحايل والغش
وفى تلك الأثناء - تداول نظر الدعوى بالجلسات أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حضر خلالها المدعي بوكيل محام، وبجلسة 31 يناير 2023 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي عناصر على نحو ما ورد بالمنطوق فإليه تخيل المحكمة لعدم التكرار، وبجلسة التحقيق المحددة مثل المدعي بسابق ممثله، ومثل المدعي عليه الثاني بوكيل محام، وطلب أجل لاتخاذ اجراءات الرد فمكنته المحكمة من ذلك، وقررت المحكمة أنهاء إجراءات التحقيق، وبجلسة 20 مارس 2024 قررت المحكمة وقف الدعوى لحين الفصل في طلب الرد.
المحكمة تُحيل الدعوى للتحقيق
وبجلسة 20 مارس 2024 قضت محكمة استئناف الأسكندرية في طلب الرد بقبولة شكلا، وباثبات تنازل طالب الرد عن طلبة، وحيث أعيد تداول الدعوى أمام ذات المحكمة الراهنة ومثلت المدعية بسابق ممثلها، وطلبت أعادة الدعوى للتحقيق كما مثل المدعي عليه الثاني بسابق ممثله، ودفع باعتبار القانوني، كما جحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعية لعقود البيع المؤرخة 1 سبتمبر 2018، 1 ديسمبر 2018، 15 يناير 2019 وعقد التخارج المؤرخ 1 مايو 2012.
وبجلسة 29 مايو 2024 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق الإثبات، ونفي عناصر على نحو ما ورد بالمنطوق فإليه تحيل المحكمة لعدم التكرار، وبجلسة التحقيق المحددة مثل المدعي والمدعي عليه الثاني بسابق ممثله، وقرر وكيل المدعي أنه معه شاهدين كل من "عمرو. ح"، و"الشيماء. ع"، واللذان شهدا بأن والد المدعى عليه كان يمتلك العقارات والأطيان محل عقود البيع المؤرخة بالتواريخ سابقة الذكر وعقد التخارج المؤرخ 1 مايو 2012 وذلك حتى وفاته، وأن تلك العقود في عقود صورية قام بها مورث المدعي والمدعي عليه بغرض حرمان المدعي من الميراث، وذلك لوجود خلاف بين والد المدعي وبين والدته وحدوث طلاق بينهما.
أُم الصغير تؤكد: المدعي عليهم لم يسددوا ثمة مبالغ نظير ذلك البيع
وأضافوا بأن المدعي عليهم لم يسددوا ثمة مبالغ نظير ذلك البيع وأن تلك العقود لم تظهر سوى بعد وفاء مورثهم وأن مورثهم كان هو واضع يده على جميع تلك الأملاك حتى وفاته، وطلب وكيل المدعى عليه الثاني أجل للشهود، وقررت المحكمة أنهاء أجراءت التحقيق، وحيث أعيد تداول الدعوى بالجلسات ومثل طرفيها بسابق ممثلهم، وقدم وكيل المدعي حافظة مستندات، كما قدم وكيل المدعي عليه الثاني 3 حوافظ مستندات ومذكرتين بدفاعة طالعتهم المحكمة، وآلمت بهم وبجلسة المرافعة الأخيرة، قررت المحكمة حجز الدعوي للحكم، وحددت جلسة اليوم للنطق به وإيداع مسودته.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث أنه عن دفع وكيل المدعي عليه الثاني باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم الإعلان في الميعاد القانوني، فلما كان الثابت للمحكمة أن المدعي عليه قد أودع صحيفة الدعوى قلم الكتاب بتاريخ 27 نوفمبر 2023 وتم إعلان المدعى عليهم بجهة الإدارة بتاريخ 5 ديسمبر 2023 وبالبريد المسجل بتاريخ 6 نوفمبر 2013، ومن ثم يكون الإعلان بالدعوى تم في الميعاد القانوني ولا يغاير من ذلك دفع وكيل المدعي عليه الثاني بارتداد البريد المسجل إذا أن المدعي عليه الثاني قد مثل بوكيل بالجلسات، ومن ثم تحقق علمه اليقيني بالدعوى، ويكون ذلك الدفع على غير محل وتلفت عنه المحكمة.
وتضيف "المحكمة": وحيث أنه عن جحد وكيل المدعى عليه الثاني الصور الضوئية المقدمة من المدعية العقود البيع موضوع الطعن بصوريتها، فلما كان الثابت للمحكمة أن المدعي عليه الثاني قد ناقش موضوع تلك العقود بالجلسات، ومن ثم تلتفت المحكمة عن ذلك الدفع وحيث أنه عن دفع وكيل المدعي عليه الثاني بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها في الدعاوي أرقام 378 لسنة 2019 مدني كلى واستئنافها رقمي 6629 و6786 لسنة 77 قضائية، وكذا الدعوى رقم 2004 لسنة 2020 مدني كلي واستئنافها رقم 395 لسنة 79 قضائية، فلما كان الثابت للمحكمة من مطالعة تلك الأحكام أنها عن موضوع آخر ليس ذات موضوع الدعوى الراهنة، ومن ثم يكون دفع المدعى عليه جاء على غير سند من الواقع والقانون، وترفضه المحكمة ايردا بالأسباب دون المنطوق، وحيث أن المحكمة تمهيدا لقضائها تشير إلى أن عقد التخارج محل الطعن بالصورية من المدعي هو صحة تاريخه 2 يناير 2020، وذلك على نحو ما قدمه المدعي عليه من أوراق في الدعوى، وليس كما ذكرت المدعية 1 مايو 2012 وتمضي المحكمة في نظر الدعوى في ضوء التاريخ الصحيح للعقد .
وحيث أنه عن موضوع الدعوى
تقول "المحكمة": فإنه ولما كان من المقرر بنص المادة 150 من القانون المدني، إذ نصت على: "1-إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين، 2 - أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقاً للعرف الجاري في المعاملات".
القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية
وبحسب "المحكمة": ونصت المادة 915 منه على أن: " تسري على الوصية أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها"، ونصت المادة 917 منه على أنه: "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الإنتفاع بها مدى حياته اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك"، ونصت المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية على أن: "الوصية تصرف في التركة مضافا الي ما بعد الموت"، ومن المقرر بنص المادة 37 من القانون السالف أنه: " تصح الوصية بالثلث للوارث و غيره، و تنفذ من غير إجازة الورثة ونصح بما زاد على الثلث، و لا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى، وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه".
رأى محكمة النقض في الأزمة
واستشهدت المحكمة بعدة أحكام لمحكمة النقض أبرزها الطعن المقيد برقم 419 لسنة 42 قضائية، والذى جاء في حيثياته: من المقرر في قضاء النقض أنه يشترط لتطبيق القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني أن يكون المورث في تصرفه الوارث قد احتفظ بحيازة العين المبيعة واحتفظ بحقه في الانتفاع بها وأن يكون احتفاظه بالأمرين معاً طيلة حياته إلا أن ذلك لا يحول دون حق المحكمة المقرر بالمادة 101 من قانون الإثبات في استنباط القرائن القضائية التي يقررها القانون وأن تستند إليها في إثبات ما يجوز إثباته بشهادة الشهود.
لما كان ذلك - وكان تصرف المورث تصرفاً صورياً يخفى وصية افتناتا منه على قواعد الميرات المقررة بالقانون إضراراً بوارث آخر يعتبر من الغير بالنسبة لهذا التصرف، فيجوز له إثبات صورتيه وأنه في حقيقته وصية بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود والقرائن القضائية، وكان الحكم المطعون فيه قد استنبط من أقوال شاهدي المطعون ضدهن أن تصرف مورثهن إلى القاصر المشمول بوصاية الطاعنة وهو عقد البيع المؤرخ 15 سبتمبر 1967 عقد غير منجز ولم يدفع له ثمن وينطوي على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت وكانت هذه القرينة القضائية التي استنبطها الحكم قد أحاطت بعناصر الوصية من كونها تبرعاً غير منجز ومضافاً إلى ما بعد الموت فإنها تكون كافية لحمل قضائه دون ما حاجة إلى القرينة القانونية المنصوص عليها في المادة 17 من القانون المدني".
والمحكمة تنصف الصغير بالصورية في عقود البيع
وعلى هدى ما تقدم - وبإنزال ما سلف من نصوص قانونية ومبادئ قضائية على الواقعة مدار التقاضي وكان مرام المدعي من اقامة دعواه، ووفقا التكييف القانوني الصحيح هو القضاء ببطلان عقد بيع شقة المؤرخ 1 سبتمبر 2018 عقد بيع أرض زراعية المؤرخ 1 ديسمبر 2018 وعقد بیع أرض فضاء حيز عمراني المؤرخ 14 يناير 2019، 4- عقد تخارج من شركة توصية بسيطة مؤرخ 1 فبراير 2020 لصوريتهم واعتبارهم في حقيقتهم وصية لكون البائع مورث لطرفي التداعي واحتفاظ المورث بحيازة المبيع وانتفاعه بالمبيع مدى حياته، مما يباح التصرف وإثبات صحة ما يدعوة بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا ومنها البينة والقرائن وشهادة الشهود.
على نحو ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض وآراء الفقه سالفة البيان - وقد أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق لإثبات صورية عقود البيع سندا التداعي، واستمعت لشاهدي المدعي، واللذان شهدا بأن والد المدعي عليه كان يمتلك العقارات والأطيان محل عقود البيع المطعون بصوريتهم، وذلك حتى وفاته وأن تلك العقود هي عقود صورية قام بها مورث المدعي والمدعي عليهم بغرض حرمان المدعي من الميراث، وذلك لوجود خلاف بين مورث المدعي وبين والدته وحدوث طلاق بينهما، وأضافوا بأن المدعى عليهم لم يسددوا ثمة مبالغ نظير ذلك البيع، وأن تلك العقود لم تظهر سوى بعد وفاة مورثهم، وأن مورثهم كان هو واضع يده على جميع تلك الأملاك حتى وفاته.
واستطردت "المحكمة": وهي الأقوال و الشهادة التي تطمئن إليها المحكمة الأمر الذي يستقر معه في يقين المحكمة أن البيع المزعوم ليس إلا تصرفا صوريا غير حقيقي لإحتفاظ البائع مورث أطراف التداعي بحيازة المبيع وانتقاعه بالمبيع مدى حياته، كما أنه لم يكن بيعا لقاء ثمن وإنما كان تصرف بغير عوض، ومن ثم تعتبر المحكمة ذلك التصرف مضافا إلى ما بعد الموت وتنفذ عليه أحكام الوصية إعمالا للقرينة القانونية المقررة بالمادة 917 من القانون المدني لعدم قيام دليل يخالف ذلك، ومن ثم يكون طلب المدعي قد جاء على سند صحيح من الواقع والقانون وجدير بالإجابة وهو ما تقضي به المحكمة، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق، وحيث إنه عن المصاريف شاملة أتعاب المحاماة، فإن المحكمة تلزم بها المدعى عليهم عملاً بنص المادة 184/1 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمادة 187/1 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون 10 لسنة2002.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: ببطلان عقود البيع سند الدعوي وهي عقد بيع شقه المؤرخ 1 سبتمبر 2018 وعقد بيع أرض زراعية المؤرخ 1 ديسمبر 2018 وعقد بيع أرض فضاء حيز عمراني المؤرخ 14 يناير 2019 وعقد تخارج من شركة توصية بسيطة مؤرخ 1 فبراير 2020 لصوريتهم واعتبارهم في حقيقتهما وصية، والزمت المدعي عليهم بالمصروفات والخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب.