الخميس، 14 نوفمبر 2024 02:39 م

ثنائية التفاوض الإقليمى تضع نتنياهو فى ورطة.. دعم واشنطن لدور مصر وقطر فى وقف إطلاق النار يعزز قرارات قمة الرياض.. بيان البيت الأبيض يعكس نجاعة الدبلوماسية المصرية فى إدارة الملفات الإقليمية عبر الشراكات

ثنائية التفاوض الإقليمى تضع نتنياهو فى ورطة.. دعم واشنطن لدور مصر وقطر فى وقف إطلاق النار يعزز قرارات قمة الرياض.. بيان البيت الأبيض يعكس نجاعة الدبلوماسية المصرية فى إدارة الملفات الإقليمية عبر الشراكات الرئيس السيسى وأمير قطر
الأربعاء، 13 نوفمبر 2024 08:00 م
بيشوى رمزى
حالة من الزخم تحظى بها الجهود التي تبذلها كلا من مصر وقطر، للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ربما تجلت في أبهى صورها، في القرارات التي آلت إليها القمة العربية الإسلامية، والتي تضمنت دعما صريحا لتلك الجهود، بينما جاء البيان الأخير الصادر عن البيت الأبيض، في هذا الإطار، ليساهم بصورة كبيرة في تعزيز الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية، وعلى رأسها مصر، في إدارة الأزمات المرتبطة بمحيطها الجغرافي، في ضوء ما نجحت في تحقيقه منذ بداية العدوان على القطاع من توافقات دولية، ساهمت بصورة كبيرة ليس فقط في تقويض خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإنما أيضا في وضع المزيد من الأعباء على كاهل داعميه في المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة.
 
ولعل ثلاثية التفاوض حول وقف إطلاق النار، والتي تجمع بين القاهرة والدوحة ومعهما واشنطن، هي مزيج بين نهجين اعتمدتهما الدولة المصرية، خلال السنوات العشرة الماضية، أحدهما ذات نطاق ثلاثي، يقوم على تجاوز الأبعاد الثنائية في إدارة العلاقات الدولية، من خلال شراكات متعددة من شأنها تعزيز التعاون وحل الأزمات، وهو ما سبق وأن اعتمدته مصر في مشاهد سابقة، منها ثلاثيتها مع اليونان وقبرص، لتعزيز التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وكذلك ثلاثيتها مع الأردن والعراق، وما ترتب عليهما من إعادة ترتيب البنية الإقليمية، عبر حزمة من المصالحات بين القوى الرئيسية، ساهمت في تحقيق قدر من الاستقرار بدا مزعجا لحكومة نتنياهو، ليضع نصب عينيه إعادة استنساخ المشهد الفوضوي مجددا بالشرق الأوسط، عبر العدوان على غزة، ثم توسيع نطاق المعركة ليشمل دولا أخرى.
 
 
بينما يقوم النهج الآخر، والذي يرتبط بصورة أكبر بالقضية الفلسطينية، على الثنائيات الإقليمية، عبر التعاون مع دولة قطر، لتحقيق وقف إطلاق النار في القطاع المحاصر منذ أكثر من عام بالقصف والجوع، وهو ما تعتمده القاهرة في مشاهد أخرى، منها ثنائيتها مع الأردن في إدارة الملف السياسي المرتبط بحل الدولتين، وهو ما ارتكزت عليه الدولة المصرية منذ اليوم الأول للعدوان، بالإضافة إلى الوضع الخاص بالمقدسات الدينية، والتي تحظى بالرعاية الهاشمية، بالإضافة إلى ثنائيتها مع المملكة العربية السعودية، في حشد المجتمع الدولي، لدعم الشرعية الدولية، القائمة على حل الدولتين، وهو ما يبدو في دبلوماسية القمم، التي انطلقت من "القاهرة للسلام" ذات الصبغة العالمية، ومنها إلى الصيغة العربية الإسلامية، في جدة ثم مؤخرا في الرياض.
 
 
الدعم الأمريكي للجهود المصرية القطرية، يعكس دعما كبيرا من الإدارة الحاكمة في واشنطن لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار، وهو الأمر الذي يمثل في جوهره ضغطا على نتنياهو وحكومته، والتي تسعى إلى مواصلة القتال على كافة الجبهات، ليس فقط باعتبارها شريكا في العملية التفاوضية، وإنما أيضا في ظل رغبتها العارمة، لتحقيق قدر من الإنجاز قبل انتهاء ولايتها بعد ما يزيد قليلا عن شهرين، وهو ما من شأنه فرض معطيات جديدة على الإدارة المقبلة برئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والتي تعهدت بإنهاء الحرب.
 
 
ويعد توقيت إعلان الدعم الأمريكي للجهود المصرية القطرية، فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، بمثابة تأييد ضمني لما أسفرت عنه القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الرياض، قبل يومين، والتي تضمنت دعوات صريحة بمعاقبة الاحتلال ومسؤوليه، منها تجميد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة، بالإضافة إلى استصدار أوامر اعتقال بشأن المتورطين في جرائم الإبادة في غزة، وهي الأمر التي تخرج في جوهرها عن سلطة واشنطن، فتجميد العضوية يتطلب موافقة أغلبية أعضاء الأمم المتحدة، دون تدخل من مجلس الأمن، بينما تأتي أوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية والتي لا تضم واشنطن في عضويتها.
 
 
الموقف الأمريكي لا يعني التخلي عن تل أبيب، في ضوء ثوابت الدبلوماسية الأمريكية، وإنما يحمل في طياته مسارات مهمة، أبرزها محاولة تقديم مساهمة جادة في إنهاء الحرب قبل الخروج من السلطة، بينما في مسار آخر يمثل استجابة لنداء قطاع كبير من الشارع لوضع نهاية للصراع، في حين يمثل، في مسار ثالث محاولة للاحتفاظ بقدر من النفوذ الأمريكي في القضية المركزية بالشرق الأوسط عبر موقف أكثر اعتدالا، خاصة مع صعود قوى جديدة تسعى لتحل محلها في إدارة القضية.

الأكثر قراءة



print