لم تعد ضغوط الفشل فى الحرب وحدها هى التى تحاصر رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، بل إنه أصبح مطاردا داخليا وخارجيا، ففى الوقت الذى يواجه فيه نتنياهو ضغوطا داخلية بمحاكمته فى قضايا فساد تهدد مستقبله السياسى، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه هو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة.
ووصفت الأوساط السياسية الدولية قرار المحكمة الجنائية بـ"التاريخى"، وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن مثل هذا القرار كان من المفترض أن يوحد الصف الإسرائيلى المنقسم بشدة لكنه زاد من الضغوط على حكومته المتطرفة بشدة، ما دفعهم للتحرك باتجاه المزيد من الإقالات بهدف إسكات الأصوات المعارضة لهم فى الحكومة.
وتابعت الصحيفة أن الائتلاف الحاكم يسعى لاستغلال فرصة الحكم والارتباك الموجود فى الشارع الإسرائيلى من أجل تعزيز سلطة نتنياهو، من خلال إقالة المدعى العام الإسرائيلى ورئيس أركان جيش الاحتلال ورئيس جهاز الأمن الداخلى "الشاباك" مع إحياء خطط الإصلاح القضائى الذى أثار الغضب الشعبى من قبل ضد نتنياهو.
وتابعت أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية تعنى أن نتنياهو معرض لخطر الاعتقال إذا سافر إلى أى من الدول الأعضاء فى المحكمة، والتى تشمل معظم الدول الأوروبية بالإضافة إلى العديد من الدول فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وتعزز الشعور بالعزلة الدولية المتزايدة لإسرائيل.
ويواجه نتنياهو داخليا اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة فى قضية، واتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة فى قضيتين أخريين، ويخضع للمحاكمة داخل إسرائيل منذ أكثر من عام، وأشارت فايننشال تايمز إلى أن نتنياهو يواجه مخاطر أخرى، حيث من المقرر أن يدلى بشهادته فى محاكمة فساد أوائل الشهر المقبل، كما تورط مكتبه فى فضيحة تتعلق بتحقيق حول ما إذا كان مستشاره الإعلامى ومساعدين مقربين آخرين قد سرقوا وثائق استخباراتية سرية مزورة وتسريبها إلى الصحافة الأجنبية فى محاولة لتقويض الاحتجاجات على المحتجزين، وقد وجهت لائحة اتهام إلى أحد مساعديه يوم الخميس الماضى.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، طلب تأجيل الإدلاء بشهادته فى محاكمته لمدة أسبوعين. وذلك بعد أن طلب بالفعل بداية الشهر تأجيل شهادته المقررة يوم 2 ديسمبر ولم تستجب المحكمة لطلبه.
وفى الطلب الحالى، يطلب محامى نتنياهو تأجيل موعد الشهادة بعد 15 يومًا من الموعد المحدد إلى 17 ديسمبر، وبحسب المحامى فإن "الدفاع غير جاهز ولن يقوم بمهمة الاستعداد لبدء مرافعة الدفاع فى الثانى من ديسمبر المقبل".
كما أوضح محامى نتنياهو أن إصدار مذكرات الاعتقال فى لاهاى ضد نتنياهو أضر بالتحضيرات اللازمة. "وبطبيعة الحال، تسبب هذا الحادث فى إلغاء عدد من الاجتماعات التحضيرية".
وبدأت اتهامات نتنياهو بالفساد منذ عام 2020، والتهم الموجهة إليه تشمل الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، وهى قضايا أثرت على شعبيته رغم نجاحه فى البقاء فى السلطة لفترة طويلة، وفى الشهر المقبل، من المقرر أن يدلى نتنياهو بشهادته بعد أن رفضت المحكمة طلبه الأخير بتأجيل الجلسة، حيث زعم أن انشغاله بإدارة الحرب حال دون استعداده للدفاع عن نفسه. وهذا التأجيل المتكرر أثار انتقادات واسعة، حيث يتهمه خصومه السياسيون بامتداد الصراع فى غزة عمدًا لتأجيل يوم المثول أمام المحكمة.
وفى الطلب السابق، ادعى محامو الدفاع أن الوضع الأمنى وسط الحرب المتعددة الجبهات جعل من المستحيل تجهيز رئيس الوزراء للإدلاء بشهادته أمام المحكمة، وعارض ممثلوا الادعاء الطلب، وقالوا أنه من المصلحة العامة أن تنتهى المحاكمة فى أسرع وقت ممكن.
ولم يعتلى نتنياهو حتى الآن على منصة الشهود، رغم أنه ظهر أمام المحكمة فى عدد قليل من المناسبات. وباعتباره المتهم الرئيسى، من المقرر أن يكون نتنياهو أول شخص يواجه الاستجواب المضاد حيث يقدم الدفاع شهوده فى القضايا الثلاث.
وواجهت المحاكمة انتقادات بسبب بطء وتيرة الإجراءات. وكما هى الحال الآن، يُنظر إلى الإجراءات، بما فى ذلك الاستئنافات المحتملة، على أنها من غير المرجح أن تنتهى قبل عامى 2028 و2029.