تضمنت مواد العقوبات بمشروع قانون تنظيم المسؤولية الطبية وسلامة المريض، الذى وافقت عليه لجنة الصحة بمجلس النواب، عقوبات لكل من يهين بالإشارة أو القول أو التهديد أحد مقدمي الخدمة أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها، وكل من يتلف عمدًا شيئًا من المنشآت أو محتوياتها، أو تعدى على أحد مقدمي الخدمة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها.
مواد العقوبات بقانون المسئولية الطبية جاءت كالتالي: الفصل الخامس: العقوبات: مادة (23): "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب على الأفعال المبينة في المواد التالية بالعقوبات المنصوص عليها فيها"، والمادة (24): "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه، كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد أحد مقدمي الخدمة أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها".
3 مواد تتصدر مشروع قانون المسئولية الطبية
وكذا مادة (25): "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه، كل من أتلف عمدًا شيئًا من المنشآت أو محتوياتها، أو تعدى على أحد مقدمي الخدمة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها، فإذا حصل الإتلاف أو التعدي باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وفي جميع الأحوال، يحكم على الجاني بدفع قيمة ما أتلفه".
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على عقوبة إهانة مقدمي الخدمة الطبية في مشروع قانون المسئولية الطبية الجديد، وعدد من الخوط الحمراء الواجبة فى تعديلات المسئولية الطبية، فضلا عن التعليق على استبدال عقوبة الحبس بالغرامة فى قانون المسئولية الطبية، حيث اتجهت الهمم القانونية و التشريعية بفلسفة حميدة لوضع سياج حول حقوق وواجبات كلًا من متلقي الخدمة الطبية و مقدميها – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض بدر جمال عمران.
تغليظ عقوبة إهانة مقدمي الخدمة الطبية
في البداية - وافق مجلس الشيوخ على مشروع القانون و الذي تضمن فيما تضمنه عقوبة إهانة مقدمي الخدمة الطبية في المادة 24 منه: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة آلاف جنيه كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد أحد مقدمي الخدمة أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها"، وإن كان هذا النص يصادف ذات الفلسفة العقابية الواردة بقانون العقوبات لحماية الموظف العمومي ورجال الضبط والمكلفين بالخدمة العمومية – وفقا لـ"عمران".
فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 133 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والمعدل مقدار الغرامة الوارد به بالقانون رقم 29 لسنة 1982 على إنه: "من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد موظفًا عموميًا أو أحد رجال الضبط أو أي إنسان مكلف بخدمة عمومية أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه..."، وتلك المصادفة بين مقدار العقوبتين لا يتماشى مع مقدار القيمة محل الحماية والتي لا تتمثل في شخص المجني عليه فقط بل قيمة دوره في المجتمع – الكلام لـ"عمران".
تشريعات عقابية سابقة
وهناك تشريعات عقابية سابقة تحمي قيمة مماثلة للخدمات الطبية، وهي قيمة العدالة والقائمين على تحقيقها، حيث كان المشرع في عام 1983 فطن لهذا الأمر حين أصدر القانون رقم 17 لسنة 1983 ونص في المادة 54 منه على إنه: "يعاقب كل من تعدى على محام أو إهانة بالإشارة أو القول أو التهديد بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة" – هكذا يقول "عمران".
والعقوبة المقررة هي الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون العقوبات سالف الإشارة والتي نصت على أنه: "..فإذا وقعت الإهانة على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها و كان ذلك أثناء إنعقاد الجلسة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه"، وفي ضوء تلك التشريعات المستقرة ينتظر الأطباء والتمريض وكافة مقدمي الخدمات الطبية حماية قانونية تتماشى مع قيمة العمل المقدم من جانبهم ومقدار الالتزام المفترض في القانون و الواقع، وخاصة وأن الفرصة لا تزال قائمة في إطار النقاش المجتمعي الذي يجري حاليًا والذي يشمل كافة أطياف المجتمع وفي صدارتهم السادة المخاطبين بالقانون – طبقا لـ"عمران".
تعليقاً على استبدال عقوبة الحبس بالغرامة فى قانون المسئولية الطبية
وبالنسبة للتعليق على استبدال عقوبة الحبس بالغرامة فى قانون المسئولية الطبية، فقد خرج علينا مشروع قانون المسئولية الطبية باستبدال عقوبة الحبس فى الخطأ الطبى الوارد حدوثة بعقوبة الغرامة من 100 ألف جنيه وحتى مليون جنيه، والذى لا يعرفه البعض أن حكم الغرامة هو عقوبة جنائية واجبة النفاذ ولا يوقف تنفيذها استئناف الحكم، وذلك طبقاً لنص المادة 463 من قانون الإجراءات الجنائية الحالى، أى أن الطبيب فى حالة صدور حكم بالغرامة قدرها 500 ألف جنيه (على سبيل المثال) يصبح ملزماً بدفعها على الفور.
ويحق لإدارة تنفيذ الأحكام التوجه لمحل إقامة الطبيب أو محل عمله لمطالبته بسداد الغرامة، وفى حالة امتناعه عن السداد يرفع الأمر للنيابة العامة والتى تصدر قرارها بضبط وإحضار الطبيب واصدار أمر بتنفيذ عقوبة الإكراه البدنى (الحبس) بواقع يوم عن كل خمسة جنيهات وبحد أقصى 3 أشهر، علماً بأن تنفيذ عقوبة الإكراه البدنى (الحبس) لا تسقط سداد الغرامة، ويمكن استبدال عقوبة الحبس البسيط بالخدمة العامة لمدة تنفيذ العقوبة.
كيفية محاكمة الطبيب
ولا يستلزم المشرع حضور الطبيب إلى المحكمة لحضور الجلسات بشخصه، ويحق له توكيل المحامى للحضور نيابة عنه أمام محكمة أول درجة وأمام الاستئناف، إلا أنه يحق للقاضى طلب حضور الطبيب بشخصه أمام المحكمة لسماع أقواله فى الواقعة ولا يحق للطبيب الامتناع عن الحضور ، وفى حالة الحضور الشخصى وعدم قيام الطبيب بسداد الغرامة يحق للقاضى التحفظ على الطبيب وإلزامه بأن يسدد مبلغ الغرامة المحكوم عليه به وبهذا لن يستطع الطبيب الخروج من المحكمة إلا بعد سداد الغرامة المقضى بها أو يقدم طلب بتقسيط الغرامة او طلب استبدال العقوبة بالخدمة العامة.
كما أن امتناع الطبيب عن سداد مبلغ الغرامة المحكوم به يستحيل عليه تجديد رخصة القيادة أو رخصة تسيير المركبات أو استصدار بطاقة الرقم القومى أو السفر خارج البلاد إلا بعد سداد تلك الغرامة للدولة، ولذلك لا بديل عن إلغاء عقوبة الغرامة فى الخطأ الطبى الوارد حدوثه والاكتفاء بالتعويض للمريض.
خطوط حمراء واجبة فى تعديلات المسئولية الطبية:
فقد أعلن أيهاب الطاهر، الأمين العام الأسبق لنقابة الأطباء، عن خطوط حمراء واجبة فى تعديلات المسئولية الطبية، تتمثل في التالى:
أولا: تعديل تعريف الخطأ الجسيم (الذى عقوبته حبس وغرامة)، ليكون علمى وغير قابل للتأويل، وإلغاء العبارات المطاطة (مثل الإهمال – الرعونة – عدم الاحتراز)، فيجب أن يكون تعريف الإهمال الجسيم (الجريمة الطبية) هو وقوع ضرر نتيجة أحد الأسباب الحصرية الآتية: ممارسة المهنة بشكل متعمد خارج نطاق الترخيص فى غير حالات الطوارئ، أو تعمد الإيذاء، أو العمل تحت تأثير مسكرأو مخدر، أو استخدام طرق علاجية تجريبية فى غير حالات التجارب السريرية بضوابطها المعتمدة، أو العمل بالمخالفة لقوانين الدولة.
ثانيا: يجب إلغاء أى غرامات كعقوبة على الخطأ الطبى الوارد حيث أن الخطأ الطبى ليس جريمة بل هو خطأ مهنى وارد حدوثه بالعالم كله عند ممارسة مهنة الطب على أن يتم تعويض المتضرر من صندوق التعويضات بالكامل.
ثالثا: ضرورة إلغاء المادة 23 التى تنص على "مع عدم الاخلال بأى عقوبة أشد بأى قانون آخر"، واستبدالها بالآتى:
1- وضع عبارة "مع عدم الاخلال بأى عقوبة أشد" بصدر المادة الخاصة بعقوبات الاعتداء على الأطباء والمنشآت.
2- وضع عبارة "مع عدم الاخلال بأى عقوبة أشد" بصدر المادة الخاصة بعقوبات الإهمال الجسيم (الجريمة الطبية) بشرط تعديل تعريف الإهمال الجسيم ليكون حصريا طبقا للمذكور سابقا.
3- عدم وضع هذه العبارة فى فقرة عقوبات الأخطاء الطبية، حيث أن الخطأ الطبى يجب أن يعامل بموجب قانون المسئولية الطبية فقط لأنه ليس جريمة.
رابعا: تكون لجنة المسئولية الطبية هى الخبير الفنى (الوحيد) لدى جهات التحقيق وتحال إليها جميع الشكاوى، ولا يبدأ التحقيق مع الطبيب إلا بعد صدور تقرير اللجنة الذى يجب أن يتضمن رؤيتها إما بانتفاء المسئولية أو وجود خطأ طبى أو وجود إهمال جسيم (جريمة طبية).
خامسا: تكون إدارة المنشأة هى المسئولة عن ضمان تجهيزها وكفاءتها للإجراء الطبى.
سادسا: يجب تشديد العقوبات الموقعة على المعتدين على المنشآت الطبية ومقدمى الخدمة، ليكون هناك رادع حقيقى.