مع دخول اليوم الرابع لوقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، تتواصل قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح في مشهد يعكس تضامنًا عالميًا مع الشعب الفلسطيني، ومئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الضرورية تتجه نحو القطاع في سيل لاينقطع، محملة بالأغذية، الأدوية، الأغطية، الكرافانات، والحمامات المتنقلة الجاهزة، هذه الجهود تسعى لتخفيف معاناة الأهالي الذين يعيشون تحت وطأة الأوضاع الصعبة.
في مدينة العريش، التي أصبحت مركزًا محوريًا لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، تُدار عمليات تنسيق دقيقة داخل ثلاثة مواقع لوجستية وجمركية... هناك، يعمل المتطوعون بلا كلل على فرز المساعدات وتجهيزها للنقل، ويقول أحد المتطوعين: "كل دقيقة تُحدث فرقًا.. نحن هنا لإرسال رسالة أمل ودعم لإخواننا في غزة".
تبدأ رحلة المساعدات من مراكز التجميع في العريش، حيث يتم تحميل الشاحنات بالإمدادات، ثم تنطلق في رحلة تمتد لنحو 45 كيلومترًا وصولًا إلى منطقة التوقف اللوجستية على مقربة من معبر رفح، وهناك يشرف الهلال الأحمر المصري على تنسيق دخول الشاحنات، بالتعاون مع ممثلي الجهات المانحة لها، لضمان إيصال المساعدات بفعالية وسلامة، وحركة الشاحنات التي لا تتوقف، تعكس تضافر الجهود المحلية والدولية.
وليد محمد، سائق شاحنة من المنصورة، يقول: "أشعر بالفخر لأنني جزء من هذه الجهود الإنسانية، أنقل مساعدات تابعة للصليب الأحمر من العريش إلى غزة، واستئناف العمل بعد وقف إطلاق النار يعطيني شعورًا بالرضا والإنجاز".
وفي موقع آخر، تقول متطوعة تابعة للهلال الأحمر تعمل في فرز المساعدات: "العمل هنا مرهق ولكنه يحمل قيمة إنسانية عظيمة، نحن نسعى لإيصال رسالة تضامن قبل أن تكون مجرد مساعدات مادية".
المساعدات التي تُنقل إلى غزة تشمل مواد غذائية متنوعة كالأغذية المحفوظة والمعلبة، العصائر، الألبان، الدقيق، والبقوليات، بالإضافة إلى ذلك، تشمل المساعدات أغطية، ملابس، أدوات نظافة، أدوات منزلية، وأدوية، كما تم نقل كرافانات وحمامات متنقلة جاهزة لتلبية الاحتياجات الأساسية للعائلات المتضررة.
هذه المساعدات تأتي من جهات متعددة، تشمل الأمم المتحدة، الأونروا، برنامج الغذاء العالمي، والصليب الأحمر، ومن دول مثل الإمارات، السعودية، الكويت، الصين، والهند، وغيرها في مشهد يعكس تضامنًا عربيًا وعالميًا مع الشعب الفلسطيني.
قال مسؤول في الهلال الأحمر المصري: "نحن ملتزمون بتقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في هذه الأوقات الصعبة، هناك تنسيق مستمر مع كافة الجهات لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بأسرع وقت ممكن". وأضاف "إنه تم نشر الفرق التابعة للهلال الأحمر من الشباب على مدار الساعة يعملون في مواقع متفرقة ما بين فرق تستقبل المساعدات المحلية القادمة من مصر، وفرق تستقبل مساعدات دولية تصل عبر مطار العريش وميناء العريش".
وأشار المصدر إلى أن كل هذه المساعدات يعيد المتطوعون فرزها وتجهيزها في مقرات لوجستية مخصصة في العريش، ومنها تنقل على الشاحنات إلى معبر رفح ترافقها فرق الهلال الأحمر وصولًا للمنطقة اللوجستية في رفح، ومنها لمعبر رفح لتبدأ رحلة دخول فلسطين وتسليمها للهلال الأحمر الفلسطيني.
لم تقتصر الجهود على المساعدات الدولية؛ فقد ساهم المواطنون المصريون بكرمهم من خلال التبرعات التي أشرفت عليها الجمعيات الأهلية بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري. وهذا الدور يعكس عمق التكافل الاجتماعي بين الشعبين المصري والفلسطيني.
عند بوابة معبر رفح، يتجمع ممثلو الجهات المانحة مع الهلال الأحمر المصري لمتابعة سير العمل، كل شاحنة تعبر تحمل رسالة أمل تعكس التضامن الدولي مع أهالي غزة... يقول أحد المسؤولين: "هذا العمل لا يعكس فقط تقديم المساعدات، بل أيضًا رسالة إنسانية تجمع العالم تحت مظلة التضامن".
أكد اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن المحافظة تقوم بدور رئيسي في تسهيل العمليات اللوجستية، وقال: "نحن نقدم كافة التسهيلات لضمان نجاح هذه المهمة الإنسانية التي تعكس التزامنا تجاه أشقائنا في غزة".
هذه الجهود الإنسانية الكبيرة في تعزيز حركة إمداد غزة بالمساعدات توازيها الجهود لاستقبال المصابين والجرحى من غزة عبر معبر رفح، لتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم في المستشفيات المصرية في شمال سيناء أو باقي محافظات مصر، حيث يتواصل تجهيز المستشفيات بكافة المستلزمات الطبية الضرورية. ويشمل ذلك توفير غرف الطوارئ، والأدوية، والمعدات الطبية المتقدمة، بالإضافة إلى فرق طبية متخصصة في علاج الحالات الحرجة.
كما تم تنسيق الجهود بين وزارة الصحة المصرية والهلال الأحمر المصري لضمان تقديم أفضل مستوى من الرعاية. وتم تجهيز سيارات إسعاف مجهزة بكافة الإمكانيات اللازمة لنقل المصابين من معبر رفح إلى المستشفيات المصرية بسرعة وكفاءة، كما تم تعزيز الطواقم الطبية العاملة في المناطق الحدودية بشكل مستمر، وتدريبها على التعامل مع الحالات الطارئة والحرجة.